إيكونوميست: نظام الأسد يواجه تحديات غير مسبوقة وحلفاؤه عاجزون عن دعمه
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
قالت مجلة بريطانية إن نظام بشار الأسد يواجه تحديات غير مسبوقة بعد التقدم الكبير والسريع لقوات المعارضة بعدة مناطق، وعجز حلفائه عن تقديم الدعم المطلوب له كما في السابق.
وأضافت مجلة إيكونوميست في تقرير لها أن نظام الدكتاتور الأسد احتاج إلى 4 سنوات لاستعادة حلب بعد سقوط جزء منها بيد المعارضة عام 2012، في حين سيطرت عليها المعارضة الآن في أقل من 4 أيام.
وتابعت "أربع سنوات هي المدة التي استغرقها بشار الأسد، الديكتاتور السوري، لاستعادة حلب بعد سقوط جزء من المدينة في أيدي المتمردين في عام 2012.
وأردفت المجلة "في 27 نوفمبر، شن المتمردون هجومًا مفاجئًا في شمال غرب سوريا. وبحلول ليلة 29 نوفمبر، كانوا ينشرون صورًا لأنفسهم في القلعة القديمة في قلب حلب. والآن أصبحت معظم ثاني أكبر مدينة في سوريا تحت سيطرتهم. لقد كانت هزيمة ساحقة: يبدو أن جيش الأسد قد تراجع ببساطة.
كانت الخطوط الأمامية في الحرب الأهلية السورية، التي بدأت في عام 2011 بقمع الأسد الوحشي للاحتجاجات ضد نظامه وأسفرت منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص ونزوح حوالي 13 مليونًا، مجمدة إلى حد كبير منذ عام 2020.
كانت قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، وهي ميليشيا كردية في الغالب مدعومة من أمريكا، تدير الشمال الشرقي، بينما تحكم الفصائل المتحالفة مع تركيا شريحة من الشمال الغربي. كانت بقية البلاد عبارة عن دولة متبقية للأسد، والتي سيطر عليها بمساعدة من روسيا وإيران. وقد أبقى اتفاق هش بين روسيا وتركيا هذه الخطوط ثابتة.
تضيف المجلة "لم يعد الأمر كذلك. يقود الهجوم على حلب هيئة تحرير الشام (HTS)، وهي جماعة تابعة لتنظيم القاعدة انفصلت عن الجماعة الجهادية في عام 2017. كما انضم الجيش الوطني السوري - الذي على الرغم من اسمه، هو وكيل تركي - إلى المعركة. إلى جانب تقدمهم إلى حلب، استولى المتمردون على سراقب، وهي بلدة استراتيجية تقع على جانبي الطريق السريع الرئيسي من الشمال إلى الجنوب من دمشق. وهذا سيجعل من الصعب على الأسد تسليم التعزيزات. في غضون ذلك، تحاول قوات سوريا الديمقراطية على الجانب الشرقي من حلب توسيع أراضيها".
وقالت "لم يكن التوقيت مصادفة. عندما استعاد الأسد حلب في عام 2016، كان في حاجة إلى الكثير من المساعدة. قدمت روسيا القوة الجوية، وجاءت آلاف القوات البرية من حزب الله، الميليشيا الشيعية اللبنانية، ومجموعة من الجماعات الأخرى المدعومة من إيران. لا يمكنه الاعتماد على مثل هذه المساعدة هذه المرة. لقد تعرض حزب الله لضربة قاسية بسبب عام من الحرب مع إسرائيل: فقد خسر معظم قياداته وما يقدر بنحو 4000 مقاتل. كما فقدت إيران العديد من كبار قادتها في سوريا بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية.
وبشأن روسيا قالت المجلة البريطانية "أما موسكو فقد سحبت آلاف القوات من سوريا بعد غزوها لأوكرانيا في عام 2022. كما تشعر بالإحباط إزاء رفض الأسد التصالح مع رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي. وبدت تصريحاتها الرسمية غير مبالية تقريبا مع اقتراب المتمردين من حلب.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: "نحن نؤيد قيام السلطات السورية بإعادة النظام إلى المنطقة واستعادة النظام الدستوري في أقرب وقت ممكن".
ورجحت المجلة أن حلفاء الأسد لن يتخلوا عنه تماما. على سبيل المثال، لا تزال روسيا تحتفظ بطائرات حربية في حميميم، وهي قاعدة جوية بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط السوري، على الرغم من تقلص عددها. لكنها لا تستطيع تقديم نفس المساعدة التي قدمتها قبل عقد من الزمان.
تشير إلى أن الجيش السوري أصبح مجوفًا بسبب سنوات من الحرب والفساد والانهيار الاقتصادي. والعديد من المجندين لديهم القليل من الدافع للدفاع عن النظام - ومن هنا جاء الانهيار السريع في حلب. ولكن على الرغم من هذا، فإن هيئة تحرير الشام لا تزال لديها وحدات شبه كفؤة مزودة بموالين سيدافعون عن دمشق، العاصمة، ومعقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد على طول الساحل. وعلى الأقل في الوقت الحالي، من المرجح أن يركز النظام على محاولة الاحتفاظ بتلك الأراضي بدلاً من استعادة ما فقده.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فی عام
إقرأ أيضاً:
اللغز الأوكراني في سوريا
لفت انتباهي في الأونة الأخيرة زيارة وزير خارجية أوكرانيا الجديد أندريه سيبيغا – السفير السابق في تركيا – لسورية ، ولقائه رئيس هيئة تحرير الشام أحمد الشرع ، و اهتمامه أيضا بالشأن اللبناني ، فاعتقدت للوهلة الأولى بأن الحرب الأوكرانية مع روسيا ، و التي بدأت من طرف ” كييف ” العاصمة عام 2014 و بالتعاون مع حلف ” الناتو ” المعادي لروسيا ، و بجهد بريطاني و أمريكي و ألماني و غربي ،واستمرت ثماني سنوات بداية و راح ضحيتها أكثر من 14 الف قتيلا وسط المكون الأوكراني و الروسي المشترك و شرد غيرهم بهدف ضم الشرق الأوكراني قسرا ،ثم تواصلت أكثر من عامين 2022/2025 ، انتهت فعلا ،و بأن دولة ” كييف ” بعد خسران أوكرانيا و إلى الأبد أقاليم ( القرم ، و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك – مخزون الفحم العالمي -، و زاباروجا و خيرسون ) ، و بعد تقدم روسيا عسكريا في ميادين القتال تجاه نهر الدنيبر مرورا بمدينتي خاركوف و أوديسا ، أصبحت عظمى وفقا لخطة النصر التي صممها الغرب لها وفشلت ، وليست روسيا الأتحادية العظمى المنتصرة بعد تحريكها لعمليتها العسكرية الخاصة بتاريخ 24 شباط 2022 وحتى الان وبتفوق ملاحظ ، والتي هي إستباقية ، و دفاعية ، و تحريرية ،و بأن نظام ” كييف ” بقيادة فلاديمير زيلينسكي ، الممثل الأن لغرب أوكرانيا ، و للتيار البنديري المتطرف ،و المرتهن لبلاده أوكرانيا حسب تصوره للولايات المتحدة الأمريكية و لبريطانيا و لعموم الغرب ، أصبح متفرغا لأنقاذ دول الشرق الشرق الأوسط ، ومنها سوريا و لبنان من الجوع و الفقر و البطالة و التشرد .و مواصلة نظام زيلينسكي لحربه مع روسيا كما أعتقد لن توصله لنصر و لا لسلام ،وما عليه إلا أن يقبل بسلام الأمر الواقع و يبتعد عن مخططات الغرب الأمريكي الذي حذر منها الرئيس فلاديمير بوتين مؤخرا . ووقف ضخ الغاز الروسي تجاه أوروبا عبر أوكرانيا رسالة روسية جديدة تستحق التوقف عندها .
و كمحلل سياسي إقليمي و دولي ، و بتواضع ، أستطيع أن أشتم رائحة التوجيه الأمريكي خاصة لنظام ” كييف ” و عبر المنصات السياسية ، و اللوجستية للتحرك إلى الخارج ،و الاصطياد في المياه العكرة السورية و اللبنانية بداية بعد اندلاع الحدث السوري مؤخرا بتاريخ 8 ديسيمبر 2024 بوصول هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع – إلى دمشق و اسقاط نظام الأسد ،و الهدف المشترك الأمريكي و الغربي و الأوكراني الممثل للعاصمة ” كييف ” هو الأضرار بسمعة روسيا في سوريا تحديدا و في المنطقة ،و العمل معا على اقتلاع قاعديتها العسكريتين ” طرطوس و حميميم” المتواجدتين في الأراضي السورية منذ عامي 1971 و2015 بالأضافة إلى قوات ” فاغنر ” الأمنية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع الروسية إلى جانب الجيش الروسي ، و الأهم التحريض على اجتثاث الحضور الروسي بالكامل من الأراضي السورية على غرار ماجرى وسط العاصمة ” كييف ” بعد التخلص من الرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يونوكوفيج عبر انقلاب ” كييف ” الدموي عام 2014 ،وبهدف تقريب ” الناتو ” من أوكرانيا .و تصريحات وزير خارجية غرب أوكرانيا – سيبيغا – في دمشق أكدت ذلك ،وطالبت أكثر بكشف ( جرائم روسيا ؟! ) في سوريا ، و التي منها قضية ( البراميل) المتفجرة ،التي ثبت بأنها مجرد خدعة إعلامية و سياسية نوضحهها هنا ، إلى جانب جرائم نظام بشار الأسد المتشعبة ، المالية ، و الأخلاقية ، و على مستوى السجون و التي هي حقيقة مقابل تزويد سوريا الحديثة بكميات كبيرة من القمح تبدأ ب 500 طن .
وتحركات أمريكا و نظام ” كييف ” تجاه سوريا و لبنان مستغربة حقا ، و تصدير الحرب الأوكرانية إلى المنطقة العربية مستغرب أيضا .
تمتلك سوريا في المقابل ،وحسب منصة ( ببيوليش ريفيو) ، 1,6 طن من القمح ،و مساحة سوريا أكثر من 185 كلم2 ، تشكل الأراضي الزراعية منها 6,5 مليون هكتار ، و المواطن السوري مهني و معطاء ،و قادر على انتاج مادة القمح من وسط بلاده بوفرة كبيرة ،وهو غير محتاج للتزود بها من الخارج ، اللهم إذا كان ذلك مؤقتا الان بسبب الفترة الانتقالية الحرجه من مرحلة نظام الأسد لمرحلة إعادة البناء و على مستوى الدستور و الانتخابات والتي تمتد حسب تصريح حديث للشرع زعيم هيئة تحرير الشام إلى 4 سنوات قادمة مع الحاجة للأنتقال أيضا من الثورة إلى الحياة المدنية ، وهاهو الشرع يلتقي بشرائح شبابية سورية مختلفة لكي يقنع الشارع السوري بتوجه نظام ” تحرير الشام ” تجاه الاستقرار وإعادة البناء وعدم الاصطدام مع الداخل خاصة و مع الخارج أيضا ،و ابعاد شبح الأرهاب الذي يلاحق نظام سوريا الجديد ، و الذي هو مجرد إشاعات و فوبيا مبرمجة من الإقليم و الخارج تلاحق كل قادم جديد ، حيث ثبت عدم ارتباط سلطة دمشق الحالية بتنظيم القاعدة و داعش الارهابي .
الجهود الروسية في إنقاذ سوريا كانت دائما ملاحظة منذ الزمن السوفيتي عبر إسناد نظام حافظ الأسد بالسلاح اللازم لتحرير الجولان – الهضبة العربية السورية عام 1973 و بالتعاون مع مصر و الأردن ، ولم تتدخل روسيا في تفاصيل سلوك الأسد الأب أنذاك ، ووقفت مع سوريا بشار الأسد وحمت نظامه من السقوط مبكرا ،و في عام 2015 أنقذت سوريا من السقوط المتجدد عبر سحب سلاحها الكيميائي بالتعاون مع أمريكيا ومن خلال جلسات ( جنيف ) ،ولم تستهدف روسيا المواطنين السوريين يوما ، لكن الأخطاء في المعارك تقع وتسجل على أنها مقصودة . وحاربت روسيا الأرهاب الذي غزا سوريا تزمنا مع ربيعها السوري و العربي ، و هو الذي قدم إليها من 80 دولة ، وتعداد سوريا إزداد و لم ينقص ، وهو الان تجاوز 29 مليون سوري ، و لم تتدخل روسيا في تفاصيل سلوك سوريا الأسد الأبن مجددا ، و قررت حمايته و أسرته عبر اللجوء الإنساني ،و أصبح المطلوب من روسيا اليوم الموازنة و الانتباه لقضايا الشعب السوري الذي تعرض لمظلمة كبيرة من قبل نظامه الهارب تجاهها وفي مقدمتها أمواله المنهوبة.
وروسيا هي من صممت في مجلس الأمن المادة 2245 الداعية لمرحلة إنتقالية في سوريا ،و لأنتخابات رئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة، ولتقريب المعارضة من سلطة دمشق ،وهو التوجه القانوني الذي رفضه بشار الأسد . وعاقبت الثورة السورية الحديثة حافظ الأسد على مجزرة حماة عام 1982 بتدمير ضريحه في القرداحة ،و عاقبت بشار الأسد على إهماله لسوريا و جيشها ونهبها ،وعلى توسيع رقع السجون وعنفها وفي مقدمتها ( صيدنايا ) بتحطيم تماثيله و تماثيل والده وبهدم نظامه . و من المتوقع أن يشكل تاريخ 20 يناير 2025 بقدوم دونالد ترمب إنقلابا في السياسة الأمريكية يلغي الحروب وفي مقدمتها الأوكرانية و في غزة ، و يذهب للسلام و التنمية الشاملة . وجهد تشاوري لمستشار ( الكرملين ) للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف مع القيادة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع أفضى إلى الإعلان عن علاقة ثابته لسوريا مع الدولة الروسية وصفت من قبل الشرع بأنها ستكون طويلة و استراتيجية ،وهو ما أعلنه سيرجي لافروف بعد ذلك لاحقا ، الأمر الذي يدحض توجه أمريكا – بايدن و ” كييف ” بتحريض سلطة دمشق الجديدة للتخلص من الحضور الروسي الهام لها .
ومقارنة بسيطة هنا لو احتاجت سوريا مجددا للسلاح الدفاعي ،والتي هي بحاجة إليه فعلا ، فإنها لن تجد غير روسيا مصدرا له ،وتلاشى الدور الايراني كما نلاحظ ،و المعروف هو بأن أمريكا تخشى تسليح سوريا لضمان أمن إسرائيل ،وستبقى إسرائيل تضغط بهذا الأتجاه.
د. حسام العتوم – وكالة عمون الإخبارية