مع تواصل عروض الجمعة البيضاء للتخفيضات على الكثير من السلع وعلى رأسها الملابس وملحقاتها من الحقائب والأحذية وحتى الحلي، حذرت صحيفة بريطانية من تأثيرات الاستهلاك المتزايد للملابس على البيئة.


وأوضح توم كريسب، خبير الموضة المستدامة في جامعة فالموث، إلى أن النمو المستمر في صناعة الموضة ناتج عن منطق الرأسمالية، حيث تتطلب الشركات إنتاج المزيد من أجل ضمان عوائد لمستثمريها.

 

وهذا أدى إلى ظهور ما يسمى "التريندات الصغيرة" التي تدوم أيامًا قليلة فقط، وتحولت الملابس إلى سلعة رخيصة يُمكن التخلص منها بعد عدة مرات من استخدامها.

في ظل هذا التوسع السريع، أصبح العديد من المستهلكين بعيدين عن أصول ملابسهم، غير مدركين للظروف الاستغلالية التي تتيح الحصول على تلك الأسعار الرخيصة. 

في الحقيقة، سعر تيشيرت لا يتجاوز 2 جنيه إسترليني، يعكس الواقع الذي يعيش فيه العاملون في صناعة الملابس، الذين يتقاضون أجورًا ضئيلة وفي ظروف عمل قاسية، تصل في بعض الحالات إلى ما يشبه العبودية الحديثة.

على الرغم من زيادة الوعي بهذه القضايا، إلا أن سلوك المستهلكين لم يتغير بشكل كبير، إذ صرحت ليزي ريفيرا، خبيرة في مجال البيئة، إن الوعي البيئي أصبح في صميم النقاش، ولكن الأشخاص الذين يصنعون الملابس لا يزالون غائبين عن الصورة، والاستغلال مستمر.
علاوة على ذلك، أضاف كريسب أن صعود وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل تيك توك قد ساهم في تسريع الطلب على الملابس الجديدة، حيث يتم تنشيط رغبة المستهلكين في شراء المزيد من الملابس الجديدة بشكل مستمر.

ومن المشاكل البيئية الكبيرة المرتبطة بهذه الصناعة، هو الاستخدام الواسع للألياف الصناعية، وخاصة البوليستر، الذي يشكل 60% من الملابس الجديدة. يتم تصنيع البوليستر من النفط، وهو غير قابل للتحلل الحيوي، ويمكن أن يستغرق 200 عام لتتحلل. وعند غسله، يفرز البوليستر جزيئات بلاستيكية دقيقة تلوث البيئة.

ومع تزايد الملابس المهملة، غالبًا ما ينتهي بها المطاف في المكبات، حيث يُحرق 25% من النفايات العالمية للملابس.
في محاولات التبرع بالملابس المستعملة، تجد العديد من الجمعيات الخيرية نفسها غارقة في التبرعات، مما يؤدي إلى إرسال الفائض منها إلى الدول النامية، حيث يتم بيع بعضها بأسعار منخفضة أو إرساله مباشرة إلى المكبات، أصبحت غانا، على سبيل المثال، بمثابة "مكب" للملابس غير المرغوب فيها من العالم الغني، مما يخلق عبئًا بيئيًا كبيرًا.

على الرغم من أن سوق الأزياء المستعملة قد أصبح أكثر شعبية كبديل مستدام، إلا أن الكميات الهائلة من الملابس المهملة تجعلها حلًا غير كافٍ للمشكلة الأساسية المتمثلة في الإفراط في الاستهلاك. تظل صناعة الموضة السريعة تشكل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا كبيرًا، حيث يتم دفع تكاليف هذا النمو السريع على حساب كوكب الأرض وظروف العمالة في صناعة الملابس.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الملابس تخفيضات الجمعة البيضاء تخفيضات الجمعة البيضاء الملابس بأسعار مخفضة

إقرأ أيضاً:

“يوم الرحمتات”

دعوني أستعيد ذكرى قصيدة أثيرة لدي منذ سنوات شبابي المبكر..وهي قصيدة للشاعر بدر شاكر السياب بعنوان " الباب ما قرعته غير الريح" . يخاطب السياب في هذه القصيدة طيف أمه المتوفاة، بعد أن سمع قرع الريح على الباب ويتخيّل أن أمه هي من تقرع الباب.. حيث يقول في إحدى أبياتها:
الباب ما قرعته غير الريح
آه لعل روحا في الرياح هامت
تمر على المرافئ أو محطات القطار
لتُسائِل الغرباء عنيّ....
عن غريب أمس راح
يمشي على قدمين وهو اليوم يزحف في انكسار
هي روح أمي هزها الحب العميق..
منذ سنوات مبكرة كنت أعيش حجم الإحساس الذي تحمله هذه القصيدة، وأنا أعايش مرة فمرة إحساس الحزن والفقد وذكرى الأعزاء الذين يرحلون، والذين لن نلتقي بهم أبداً في هذه الفانية مرة أخرى.
يوم الجمعة الأخيرة من رمضان (الجمعة اليتيمة) هو بمثابة قرع الريح لذاكرتنا الحية بِصور أحبائنا الراحلين، الغائبين جسدا لكنهم حاضرون بيننا ومعنا حضورا طاغيا وباذخا في كل لمحة ونفَس.
ذهبت في يوم الجمعة اليتيمة من هذا العام على غير العادة مبكرا إلى السوق. هالني عندما وصلت السوق الزحام وكثرة المتسوقين في هذه الساعة المبكرة. تساءلت لمدة دقائق من أين أبدأ. أخيرا قررت أن أعرج ابتداء على محلات الجزارة، لاختار لحما جيدا يليق بهذه المناسبة. وقفت مترددا أمام أحد المحلات. كان صاحب المحل ينظر إلى متفحصا ملامحي وهو يدعوني بابتسامة ساحرة هزمت خجلي المتردد...هؤلاء الباعة لهم نظرة ثاقبة في الزبائن المحتملين حيث ينتقون بخبرة وفراسة ٍ سيكولوجية زبائنهم من بين العشرات من مرتادي السوق خاصة المترددين مثلي. فهم يتلقفونهم بأعين نسر ماكر قبل أن يفوقوا من ترددهم. تفحصت مجموعات اللحم المعروض مستنداً على خبرتي المزعومة. وهي خبرة رغم اعتزازي بها أفشل أن أنال بها الاعتراف من (أم العيال)، وهذا موضوع آخر سنناقشه فيما بعد. المهم دخلت المحل وبدأت في تفحص اللحم، واخترت حسب سمعت وقرأت، الأجزاء الأمامية -الكتف (يقولون إن أجود لحوم الضأن هي في الأجزاء الأمامية وتقل الجودة كلما ذهبت للخلف. عكس البقر فأجوده في الأطراف الخلفية..لذلك يتلذذ الناس بتذوق العِكَوْ( ذنب البقر). ابتسم الجزار شبه ابتسامة لسبب لم أدري كنهه عند اختياري للحكم.. ثم بدأ في توضيب اللحم وفق توجيهاتي(التي قد يرها هو لا داعي لها)..أكمل صاحب المحل التوضيب ووضع اللحم داخل الكيس. خرجت من المحل وأنا أحمد الله على الانتصار (وما أندر انتصاراتنا الحقيقية) الذي تكلل بإنجاز أهم مرحلة. خاصة ان اختياري تم وفق معلومات قديمة قالها يوما بشكل عابر بروفسير بيومي رحمه الله: الخواجات لا يختارون إلا اللحم ذي اللون اللؤلؤي..وهكذا حُقَّ لي أن أشعر بالرضا التام وأنا أحمل اختياري، لحما تم اختياره وفق المواصفات العالمية، موشَّى بلون لؤلؤي غير مزيف. أخيرا خرجت من محلات الجزارة يسوقني زهو كاذب، فحواه أن شراء اللحم هو الإنجاز الأعظم في هذه الغزوة المبكرة، وأن شراء باقي الأشياء هو مجرد (قزقزة) وشوية تشطيبات ليس إلا..شفتوا كيف؟.
لما عرجت على محلات التشاشة( لا أدري السر في التسمية- لكن خليها لمرة تانية) أدركت فعلا أن السوق لا يفهمه إلا من عمِل فيه. المهم حاولت أن أخرج من محلات بأسرع ما يمكن (فأنا لا أطيق أي نوع من أنواع الحصار حتى ولو كان لصالحي). كان علي هنا شراء المجموعة السحرية من البهارات التي يتوقف عليها طعم ونكهة ومذاق المرقة المبتغاة، وهي الكوكبة المتميزة التي لا يطيب طعم المرق والطعام عموما بدونهم. لذلك بدأت الشراء مباشرة دون تمييز أو تردد: الفلفل، جوزة الطيب، الهيل وأخواتهم من التوم والقرنفل والشمار والكسبرة –نسيت حاجة؟ أخشى أن أنسى فيجعلوني أرجع على وجه السرعة. خرجت من منطقة التشاشة وأنا أحمل البهارت العزيزة وبعضا من الرشح واحمرار العيون، واحتقان الجيوب الأنفية أما الجيوب الأخرى فلا عزاء لها.
الآن أنا على أعتاب الدخول إلى، منطقة العمليات الحقيقية، حيث زحام الحج ورمي الجمرات، وضيق الممرات...منطقة سوق الخضار هذه هي المنطقة الأشد إزعاجا. وهي منطقة تحتاج إلى تدريب من نوع خاص، وإلى إحساس جامد، يجب أن تكون فيه باردا كالثلج. أما إن كنت حساسا فسوف تفقد صبرك ويفشل إحساسك المتوَهَّم بأنك شخص راقي يتهادى في هذه المنطقة في زهوٍ وخيلاء. يسقط كذل ذلك عندما تخرق أذنيك نداءات الباعة المزعجة ورشقات أصواتهم وهم ينادون عليّ في إلحاح وقح لكي أشتري منهم ، خاصة من الباعة الذين يفترشون الأرض.
تذكرت وأنا أعيش هذا الضجيج بأنه يجب على أن أحاول أركز شوية حتى لا أنسى شيئا، فجميع الطلبات من هذه المنطقة مهمة وكل واحدة أهم من الأخرى ، فيجب ألا أنسى أي واحد منها فيقولون لكل منها أهميته في الطبخة (بالرغم من أنها قد تكون مجرد كومبارس، غير أساسي،يلا..وأنا حأفهم أكتر من الحكومة؟.
في مثل هذا اليوم كان شراء لوازم السلطة لوحدها يحتاج إلى صبر مثل صبر أيوب و إلى حنكة وخبرة في الشراء وإلا ... المهم بعد دقائق عديدة صُلتُ فيها يمنة ويسرى ومع جولات من الجدل والمفاصلات خرجت منتصرا وأنا أحمد الله.. شعرت بالارتياح وأنا أراجع الأكياس لأتأكد من شراء جميع الطلبات: الطماطم، البصل الأخضر، الجرجير، والشطة الخضراء والليمون والبصل الأبيض والباذنجان والفلفل الأخضر.
أخيرا عدت إلى البيت وانا في منتهى الفرح، ويسوقني إحساس خادع بالإنجاز، رغم التعب.
عند بداية العصر كانت أنحاء البيت تعبِق برائحة البهريز المميزة المعبأة برائحة التوم والبهارات التي أرهقتني.، ونكهة اللحم اللؤلؤي، معلنة عن قرب النضج المنتظر.
قبل ساعة من موعد الإفطار كانت حوالي سبعة صحون كبيرة وواسعة (حسب التقليد المتوارث) مرصوصة وممتلئة ومعبأة بحُب، في انتظار التوزيع. وما كنتم هناك لترون وأنا أنظر في بهجة وإحساس بالرضا التام منظر الأرز وهو يكلل هامة الصحون، تعلوه في جرأة قطع اللحم المحمر وهو يحيط بالمنطقة الاستراتيجية في الوسط وفي الأطراف، رغم مزاحمة وعناد سلطة الأسود التي كانت تقف شامخة في المنتصف مثل جبل البركل. ولا نامت أعين الجبناء...
عندما حان موعد الإفطار، كانت الصحون قد تم توزيعها، وبدأ الاسترخاء ما بعد الإفطار يدب في الأجسام، كنا على يقين من أن أحبابنا الراحلين كانوا حاضرين معنا، شهودا عدولا عند تناول أول بلحة وأول جرعة ماء، وعند أول دعوة. الحمد الله فقد ابتلت العروق وثبت الأجر وصعدت الدعوات إلى السماء.

mohabd505@gmail

د. محمد عبد الله الحسين  

مقالات مشابهة

  • تخفيضات تصل لـ 40%.. مواصلة فعاليات مبادرة «كلنا واحد» لمدة شهر إضافي
  • عبد السلام: اتفاقية الكويز بوابة صادرات الملابس المصرية للأسواق الأمريكية
  • "غرفة سوهاج": الصعيد جاهز للاستثمار في الملابس الجاهزة
  • رئيس الغرفة التجارية بسوهاج: الصعيد مؤهل لجذب الاستثمارات في قطاع الملابس الجاهزة
  • تجارية سوهاج: الرسوم الجمركية على الملابس فرصة لتعزيز صادرات مصر إلى السوق الأمريكي
  • “يوم الرحمتات”
  • رافينيا يثير الجدل في برشلونة بعد ضربه زميله تير شتيغن
  • المجلس التصديري: رسوم ترامب فرصة ذهبية لصادرات الملابس المصرية
  • الكونجرس الأمريكي يُقِر تمديد تخفيضات ترامب الضريبية لعام 2017
  • الحصيني: دخلنا موسم الحميمين.. وسكان هذه المناطق يمكنهم رفع الملابس الشتوية