النووي الإيراني وذكريات ناجازاكي.. كيف تعيد القنبلة الشهيرة تحذيرات الحرب؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
في وقت تتصاعد فيه المخاوف حول التطور النووي والحروب الجارية حول العالم، وذلك بعد إعلان هيئة الرقابة النووية التابعة للأمم المتحدة أن إيران ستبدأ في تخصيب اليورانيوم بآلاف أجهزة الطرد المركزي في منشآتها، ما زاد من التوترات بشأن برنامج طهران الذي يخصب عند مستويات قريبة من درجة الأسلحة، بحسب «أسوشيتد برس»، يسترجع العالم أحداث الحرب العالمية الثانية، وخطر القنابل النووية بعد إلقاء قنبلة «الرجل البدين» على مدينة ناجازاكي، وإظهار القدرة التدميرية الهائلة للأسلحة النووية، فما القصة؟
القنبلة النووية «الرجل البدين»في صيف عام 1945، كانت الحرب العالمية الثانية تقترب من نهايتها، لكن ما لم يكن متوقعًا كان استخدام الأسلحة النووية فيها، ففي 6 أغسطس منذ نفس العام، ألقت الولايات المتحدة الأمريكية أول قنبلة ذرية على مدينة هيروشيما اليابانية، وتعرف هذه القنبلة بـ«الولد الصغير».
ثم في 9 أغسطس، دمَّرت قنبلة ثانية مدينة ناجازاكي، وكانت القنبلة التي أسقطت عليها تعرف باسم «الرجل البدين»، وكانت واحدة من أشرس الأسلحة النووية التي استخدمت في التاريخ الحربي.
تم تسمية القنبلة بـ«الرجل البدين» بسبب تصميمها المستدير الضخم، حيث كانت من نوع البلوتونيوم ذات التصميم المسمى بـ«القنبلة الانفجارية الكروية»، وكان طولها 3.3 متر وعرضها 1.5 متر، ويصل وزنها إلى حوالي 4670 كيلوجراما، وكانت أكثر ضخامة مقارنةً بقنبلة «الولد الصغير» التي ألقيت على هيروشيما، وفقًا لمؤلف مشروع مانهاتن.
تم تطوير «الرجل البدين» ضمن مشروع مانهاتن الأمريكي الذي استهدف إنتاج الأسلحة النووية أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت هذه القنبلة هي النسخة الثانية من الأسلحة النووية التي استخدمها الجيش الأمريكي في الحرب، بعد قنبلة «الولد الصغير».
وتم اختبار أول نسخة منها في 16 يوليو 1945، في موقع ترينيتي في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية، وأسفر الاختبار عن انفجار يعادل قوة تدميرية تقدر بحوالي 25 كيلو طن من مادة TNT، ما أظهر قدرة القنبلة التدميرية الهائلة.
قررت الولايات المتحدة الأمريكية استهداف ناجازاكي بعد فشل الهجوم على الهدف الأول وهي مدينة كوكورا، بسبب سوء الأحوال الجوية، فانطلقت القاذفة «بوكسكار» التي كانت تحمل القنبلة من جزيرة تينيان في المحيط الهادئ.
وفي صباح 9 أغسطس، انفجرت «الرجل البدين» في ناجازاكي، مما أسفر عن تدمير المدينة ومقتل ما يصل إلى 40 ألف شخص على الفور، بينما وصلت تقديرات الوفيات النهائية إلى 80 ألف شخص بسبب الإصابات الناتجة عن التلوث الإشعاعي وأمراضه، الذي كان سببًا رئيسيًا في الوفيات اللاحقة، حيث تعرض العديد من الأشخاص للأمراض السرطانية وتشوهات خلقية.
لا يزال استخدام الأسلحة النووية على هيروشيما وناجازاكي موضع جدل واسع حتى اليوم، إذ يرى البعض أن الهجوم على المدينتين كان ضروريًا لإنهاء الحرب سريعًا ومنع خسائر أكبر، في حين يرى آخرون أن استخدام القنبلة كان غير مبرر أخلاقيًا، وكان له تأثيرات مدمرة على اليابانيين، في الوقت الذي كان فيه البعض يعتقد أن اليابان كانت في طريقها للاستسلام.
وإن الهجومين على هيروشيما وناجازاكي يُعتبران نقطة تحول في السياسة العسكرية الدولية، حيث أديا إلى تكوين معاهدات ونظم رقابة على الأسلحة النووية مثل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية «NPT» التي تم توقيعها في عام 1968.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اليابان القنبلة النووية الأسلحة النووية الولايات المتحدة إيران الأسلحة النوویة
إقرأ أيضاً:
الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن!
الرجل السوداني البطل… والمرأة التي تدفع الثمن! لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعومة
في أرضٍ تُقاس فيها الفحولة بعدد الطلقات، والنضال بعدد اللايكات، يتكرر المشهد نفسه: رجال يتحدثون عن "تحرير الوطن"، بينما النساء يحررن الحياة من ركام الخراب. في السودان، البطولة ليست مجرد شجاعة، بل استعراض ذكوري تتراقص فيه البنادق، بينما تواصل النساء رقصة البقاء على الهامش، حاملاتٍ ما تبقى من البلاد فوق أكتافهن المتعبة.
"الشهيد… صورة فوتوشوب ثورية!"
لا شك أننا جميعًا تأثرنا بصور الشهداء التي تنتشر كالنار في الهشيم: وجوه مضاءة، ابتسامات خجولة، وكأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم ليتحولوا إلى أيقونات رقمية! لكن، هل تساءل أحد عن الأمهات اللواتي حملنَ هؤلاء الأبطال؟ عن النساء اللواتي دفعنَ الثمن قبل الرصاص وبعده؟ لا أحد يكتب عنهن، فالتاريخ – كما العادة – يهوى الأبطال، لكنه يتجاهل من صنعوهم!
"النساء… مقاومة خلف الكواليس"
بينما يعتلي الرجال المنصات الثورية، ويخطبون عن التضحية والنضال، تعمل النساء بصمت يُشبه المعجزة: يطهون طعامًا من لا شيء، يهربن الأطفال من الموت، ويحملن الوطن على ظهورهن دون أن ينتظرن تصفيقًا. لكن لا بأس، فالنضال كما يخبرنا "المنظرون"، هو فقط لمن يحملون السلاح، أما من يحملون الحياة… فهم مجرد تفاصيل!
"المجتمع الذي لا يكفّ عن معاقبة النساء"
إن نجت المرأة من الحرب، وجدت نفسها في معركة أخرى، حيث يتحول جسدها إلى محكمة، وشرفها إلى تهمة، وخياراتها إلى خيانة للأعراف. إن قاومت، اتُّهمت بالتمرد. إن سكتت، صارت مجرّد ضحية أخرى في أرشيف الظلم السوداني الممتلئ عن آخره.
"اغتصابٌ على هامش الحرب: سلاح الجبناء!"
عندما يعجز الذكور عن النصر، يقررون أن يجعلوا أجساد النساء ساحة للمعركة. في السودان، كما في كل حرب خاسرة، يُستخدم الاغتصاب كسلاح لإذلال المجتمعات، وكأن المرأة ليست سوى مرآة لشرف الرجل. المضحك المبكي أن ذات المجتمع الذي يبكي على "العار"، لا يبكي على النساء أنفسهن، بل على اسمه الذي تلطخ!
"الحركة النسوية؟ لنترك الرجال يقررون!"
ما إن تجرؤ امرأة على المطالبة بحقها، حتى يتزاحم حولها الرجال، كلٌّ بطريقته: "المناضل التقدمي" يخبرها أنه سيتحدث نيابة عنها، و"التقليدي المحافظ" يأمرها أن تعود للمطبخ. وبين هذا وذاك، تُواصل النساء نضالهن الحقيقي، بينما يمضي الرجال في صراعاتهم حول "من الذي يفهم المرأة أكثر!"
"الكرن: حين ترقص الأرض وترتعد الذكورة!"
في حفلات الكرن، حيث تتحدث الأجساد بلغة الأرض، تبدو النساء أكثر حريةً من أي وقت. لكن، ما إن ينتهي الاحتفال، حتى يعود الرجال إلى لعبتهم الأزلية: "من الأكثر فحولة؟". ربما لو أدركوا أن القوة ليست في البندقية، بل في الأرحام التي تُنجب الأبطال وتدفن الجبناء، لاختلفت معايير البطولة لديهم!
"هل الحرب حكر على من يطلق النار؟"
عندما يُقال إن الرجال "يحاربون"، فهم يفعلون ذلك بحمل البنادق، بينما النساء يحاربن باللحم والدم والدموع. في البيوت، في الأسواق، في المعسكرات، في الطرقات التي صارت أفخاخًا للأجساد الهشة. ومع ذلك، لا تُمنح المرأة صكوك البطولة، فهي مجرد "مرافقة"، مجرد ظلٍّ للحدث، مجرد تفصيلة ثانوية في رواية الرجال.
"أيها الرجال، تخيلوا يومًا بلا امرأة سودانية!"
تخيلوا صباحًا بلا أم تجهّز لكم الطعام رغم أنها لم تتذوق شيئًا.
تخيلوا شارعًا بلا امرأة تبيع الشاي، بلا أرملة تحفر في الأرض لتُخرج لأطفالها وجبة اليوم.
تخيلوا بيتًا بلا جدة تحكي الحكايات، بلا أخت تقف في صفوف الرغيف، بلا فتاةٍ تحمل حقيبة المدرسة رغم القهر.
تخيلوا وطنًا بلا امرأةٍ تشدّ الجراح وتجمع الحطام وتحوّل الخوف إلى أغنية صمود.
"خاتمة: متى تصبح المرأة مواطنة كاملة؟"
ربما عندما يكف الرجال عن اعتبارها مجرّد مرحلة انتقالية في نضالاتهم.
ربما عندما تُذكر النساء في كتب التاريخ كقائدات، وليس كمجرّد شهيدات وأمهات شهداء.
ربما عندما يُنظر إلى وجودها ليس كترف، بل كأساسٍ لوجود الوطن نفسه.
وحتى يحين ذلك اليوم، ستظل المرأة السودانية تحارب بصمت… بينما يستمر الرجال في صناعة الحروب والقصائد عن أنفسهم.
أنها لحظة صراحة قاسية مع النفس والي البطولة المزعمة أيضا.
zuhair.osman@aol.com