نظمت جامعة صنعاء اليوم ندوة فكرية بعنوان “ذكرى خروج المحتل البريطاني.. دروس لطرد الاحتلال الجديد”.

وتناولت الندوة التي حضرها نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا الدكتور إبراهيم لقمان، وأمين عام الجامعة اسكندر المقالح، والأمين العام المساعد خالد الشامي، وعمداء الكليات، أربع أوراق عمل، استعرضت الأولى المقدمة من رئيس جامعة البيضاء الدكتور أحمد العرامي “سياسات الاحتلال البريطاني لتغيير الهوية في جنوب اليمن المحتل”.

وأكد الدكتور العرامي أن فترة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن 1839 ـ 1967م، شهدت سياسات متعمدة لتغيير الهوية اليمنية ثقافياً ودينياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً بهدف تعزيز سيطرة الاحتلال وضمان استمرار النفوذ البريطاني في المنطقة.

وأشار إلى أن بريطانيا احتلت ميناء عدن في 1839 بعد مواجهات مع سكان المنطقة، تمكن البريطانيون من التمركز في عدن كموقع استراتيجي على طريق التجارة بين الهند وأوروبا والذي يعتبر حجر الزاوية للإمبراطورية البريطانية التي كانت تعتبر عدن نقطة تموين السفن وربط بريطانيا بالهند والدول المحتلة في الشرق .

ولفت إلى أن الاحتلال البريطاني عمد إلى سياسة تفريغ السكان الأصليين من بعض المنطقة واستخدمت عملة أجنبية من الهند وشرق أفريقيا مما أدى إلى تغير التركيبة السكانية في عدن، وتم تحويل الأراضي الزراعية إلى قواعد عسكرية مما أضعف الاقتصاد المحلي المعتمد على الزراعة.

وأوضح الدكتور العرامي أن الاحتلال عمد إلى فرض اللغة الإنجليزية كلغة رسمية في المؤسسات الحكومية والتعليم مما همش اللغة العربية واضعف استخدامها في الحياة العامة وأنشأ مدارس لتعليم مناهجها وفق النموذج البريطاني مع التركيز على تغيير الهوية الثقافية اليمنية وإضعاف الهوية العربية والإسلامية وتقليص التعليم الديني والحد من الأنشطة الثقافية التي ترتبط بالهوية الإسلامية .

وتطرق إلى دور الاحتلال في زرع النزاعات بين القبائل من خلال دعم بعض الزعماء القبليين ضد الآخرين في محاولة لتفكيك المجتمع، وإنشاء كيانات سياسية صغيرة” محميات” تحت مسمى مشيخات وسلطنات تكون تحت سيطرتها مما منع تشكيل كيان موحد للجنوب اليمني، وعمل على تقسيم المجتمع إلى طبقات.

وأكد رئيس جامعة البيضاء ان الاحتلال البريطاني استنزف الموارد الاقتصادية لعدن كميناء رئيسي لخدمة مصالحه التجارية والعسكرية، وتم استخدام عدن كقاعدة لإعادة تموين السفن البريطانية وكذا إجبار السكان المحليين على العمل لديه مقابل أجور منخفضة.

وعرّج على دور الاحتلال في القمع السياسي والتأثير الديني مما أدى إلى إضعاف الهوية الوطنية الموحدة وخلق انقسامات داخلية بين القبائل والمناطق المختلفة، وتنمية فوارق طبقية من خلال ترسيخ الفجوة بين السكان المحليين والنخب المرتبطة بها، إضافة إلى الإرث الكبير الذي خلفه الاحتلال في الجنوب بعد الاستقلال وجعله في حالة من الانقسام السياسي والاجتماعي الذي أثر على الوحدة اليمنية لاحقاً.

وتناولت الورقة الثانية المقدمة من الدكتور عبد الحكيم الهجري “الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن دراسة تاريخية للمخاطر ودور المقاومة الشعبية ومقارنته بالاحتلال الجديد”، فيما استعرضت الورقة الثالثة المقدمة من الباحث أنس القاضي “دور الـ30 من نوفمبر ..التحديات السياسية والاستقلال الناجز”، وتطرقت الورقة الرابعة المقدمة من مسؤول ملتقى الطالب الجامعي مصطفى شاري إلى “سياسات الاحتلال البريطاني في استهداف الهوية اليمنية” .

واستعرضت الأوراق الخلفية التاريخية للاحتلال البريطاني لجنوب اليمني والأسباب والدوافع ووسائل السيطرة وممارسات الاحتلال في الاستغلال الاقتصادي وتغيير الهوية الثقافية والقمع السياسي، واستمرارية المؤامرات والأسباب التي أدت إلى طول أمد الاحتلال، وشواهد تاريخية تثبت أن مسالمة المحتل لا تحقق الاستقلال.

وأكد المشاركون أن التفاوض مع المحتل يؤدي إلى استمراره لفترة أطول ويستخدم الوقت لتثبيت وجوده، لافتين إلى أن التجربة أثبتت أن الكفاح والمقاومة والجهاد المسلح هو الطريق الوحيد لطرق المحتل ونيل السيادة الوطنية.

ودعوا إلى الاستفادة من دروس التاريخ لمواجهة الاحتلال الجديد في الجنوب اليمني وفي مقدمتها تعزيز الوحدة الإسلامية، وتوحيد الصفوف بين القوى الوطنية، لمقاومة المحتل ورفض كل أشكال التبعية للمحتل سواءً كانت عسكرية أو سياسية أو ثقافية والتركيز على بناء دولة قوية قادرة على مواجهة التحديات الخارجية وتحقيق السيادة.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي الاحتلال البریطانی الاحتلال فی المقدمة من

إقرأ أيضاً:

السبب وراء تصدُّر شيوخ السوشيال ميديا المشهد الديني.. الدكتور علي جمعة يُوضح

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، على سؤال حول ظاهرة شيوع المتكلمين في الدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، الذين ربما لم يتلقوا التعليم الديني الصحيح في الأزهر أو على يد مشايخ معتمدين، نلاحظ أن هناك إقبالاً كبيراً على هؤلاء الذين يطلقون فتاوى وأحكاماً دينية عبر الإنترنت، بينما في المقابل نجد علماء أفنوا أعمارهم في تخصصات علمية رفيعة مثل علم الحديث، وعلم الكلام، وعلم الفقه، وعلم التفسير، ورغم ذلك لا نجد نفس الإقبال عليهم، فما العوامل التي قد تفسر هذه الظاهرة؟.

وقال عضو هيئة كبار العلماء ومفتي مصر الأسبق، خلال بودكاست "مع نور الدين"، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، أن علاج ظاهرة شيوع المتكلمين في الدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي يتطلب الغوص في أسبابها وتاريخها، لافتا إلى أن هذا يحتاج إلى استعراض الخلفية التاريخية لهذه الظاهرة التي ارتبطت بالفترة التي شهدت الاحتلال الإنجليزي لمصر في أوائل القرن العشرين، في تلك الفترة كان هناك هم كبير لدى العلماء لحل مشكلة الإسلام والخلافة التي كانت على وشك الانهيار، وظهر في هذا المقام العديد من العلماء مثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وغيرهم، الذين حملوا هم الأمة الإسلامية في تلك الفترة التاريخية الحرجة.

وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن السلطان عبد الحميد انتهى عام 1908، بينما كان الإنجليز في مصر والفرنسيون في الجزائر، والعراق محتل من قبل الإنجليز، وسوريا ولبنان محتلين من قبل فرنسا، موضحا أن الاستعمار كان يعتبر حالة مقيدة، حيث يشعر الإنسان أنه محتل من قِبل الغير، وهذا وضع غير مقبول على كافة الأصعدة سواء دولياً أو قانونياً أو دينياً أو اجتماعياً، وأن هذا الشعور بالاحتلال كان يدفع الشعوب إلى إعادة ترتيب أولوياتها، وكان الهدف الأول في تلك المرحلة هو التخلص من الاستعمار، قبل أي شيء آخر.

وتابع الدكتور علي جمعة أنه في عام 1919 حدثت ثورة في مصر، وكذلك في عام 1916 وقعت الثورة العربية الكبرى، حيث حاول الشريف حسين تصحيح أوضاع الدولة التركية، مضيفا أن في عام 1924 حدث انهيار الخلافة العثمانية، فبدأت محاولات جديدة في مصر لإحياء الخلافة مرة أخرى. وعُقد مؤتمر الخلافة في عام 1925 في مصر، وكان الهدف منه أن تكون مصر هي التي تحمل الخلافة، ولكن التدخلات الأجنبية قد أثرت بشكل سلبي في هذه المحاولات، وبالتالي فشلت تلك المبادرات، وهذه الأوضاع المشحونة جعلت الناس يبحثون عن حلول بديلة لا علاقة لها بالعلم الشرعي، بل تركزت جهودهم في التخلص من الاحتلال.

وأوضح أن مؤتمر الخلافة الذي عقد في الهند عام 1926، حيث حضر فيه علماء من جميع أنحاء العالم الإسلامي لم يتناول الموضوعات الحقيقية التي كانت تؤرق الأمة في تلك الفترة، بل كان يركز على ما لا علاقة له بالمصائب التي كانت الأمة تمر بها، مثل انهيار الدولة العثمانية وتفتتها، بل بدأ تطبيق اتفاقية سايكس بيكو في عام 1916 بشكل تدريجي، مما أسفر عن تغييرات جذرية في شكل النظام السياسي للدول العربية، وأن هذه التحولات أدت إلى حالة من الفوضى الفكرية في الأمة الإسلامية، حيث كان التركيز في تلك الفترة على التخلص من الاستعمار بشكل مباشر دون الاهتمام الحقيقي بالعلم.

وأشار الدكتور علي جمعة إلى دور الشيخ محمد رشيد رضا في إنشاء معهد المنار في ذلك الوقت، الذي كان يهدف إلى تدريب الدعاة على مواجهة الاحتلال، ولكن هذا المعهد جذب إليه أفرادًا لم يتلقوا التعليم الأزهرى التقليدي أو الأكاديمي المعتمد، مما أدى إلى ظهور فكر غير علمي في بعض الأحيان، حيث بدأ يتصدر بعض هؤلاء الدعاة العلم وهم بعيدون عن المناهج العلمية الأزهرية الرصينة التي كانت تأخذ وقتًا طويلًا وتلتزم بمنهجية دقيقة، مؤكدا أن هذا التدريس السريع دون اهتمام بالأبعاد العلمية السليمة أنتج جيلًا من المتصدرين للعلم دون تأصيل علمي حقيقي.

وأضاف الدكتور علي جمعة أن هذه المحاولات من الشيخ رشيد رضا لتدريب الدعاة في فترة قصيرة وبدون اهتمام كافٍ بالجوانب العلمية أثرت بشكل سلبي على الفكر الديني، حيث لم تكن هذه المحاولات تركز على تعليم المتلقين بشكل عميق وإنما كانت تهدف إلى تعليمهم كيفية مقاومة الاحتلال وتحفيزهم بشكل سريع، ولكن ذلك تم على حساب الدراسات الأزهرية الرصينة التي كانت تأخذ وقتًا طويلاً في التحصيل وتتميز بالدقة والتمحيص العلمي.

وتابع أن هذه المحاولات لتدريب الأفراد على التدريس والحديث على المنابر في فترة قصيرة عبر "التيك أوي" أنتجت أفكارًا غريبة غير علمية، مثل تلك التي ظهرت من محمد أبو زيد الدمنهوري الذي ألف كتابًا بعنوان "العرفان في تفسير القرآن"، والذي أنكر فيه المعجزات والميراث والحدود وغيرها من الأمور الدينية الأساسية، مضيفا أن هذه الكتب كان لها تأثير ضار على الفكر الديني السليم، وأن الشيخ الذهبي في كتابه "التفسير والمفسرون" تحدث عن هذا الكتاب بشكل خاص واعتبره تفسيرًا ملحدًا للقرآن.

وأخيرًا، أشار الدكتور علي جمعة إلى أن محمد أبو زيد كان قد تعرض للعديد من القضايا القانونية نتيجة أفكاره الغريبة، حيث تم سحب الكتاب من الأسواق ولم يعد له أي وجود إلا في دار الكتب المصرية، واعتبر أنه مثال على التفسير غير الصحيح للقرآن، الذي ينقض كل الأسس التي قام عليها فهم الشريعة الإسلامية.

مقالات مشابهة

  • ما هي الورقة التي حذر “الحوثي” من تفعيلها ان مضت واشنطن في حماقتها 
  • السبب وراء تصدُّر شيوخ السوشيال ميديا المشهد الديني.. الدكتور علي جمعة يُوضح
  • مفتي الجمهورية: نواجه تحديات فكرية وثقافية تسعى لهدم القيم وتفكيك الأسرة
  • "آداب التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة" فى ندوة بجامعة أسيوط
  • في ذكرى الفاجعة.. زوايا النظر في ابادة الكورد الفيليين
  • تعزيز قيم المواطنة.. ندوة بجامعة كفر الشيخ .. صور
  • خروج الرتل الثاني لقوات سورية الديمقراطية من حلب
  • المجزرة في غزة.. تواطؤ عربي مع المحتل وليس خوفا من أمريكا
  • الهوية السودانية بين الغابة والصحراء (2/2)
  • مسافرو مجتمع الميم يعيدون التفكير في زيارة أمريكا بعد تغييرات الهوية الجنسية