هل يقبل الله توبة الملحد؟ دار الإفتاء تحدد الضوابط الشرعية
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
هل يقبل الله توبة الملحد؟ إن من ارتد عن الإسلام وألحد ثم تاب إلى الله تعالى، قبل الله -عز وجل توبته، فباب التوبة لكل من تاب، ومن المعلوم شرعًا أن التوبة من الكفر والمعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام، قال الله تعالى: «وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، فالتوبة من الكفر والذنوب واجبة، على المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عزَّ وجلَّ أن يتفضَّل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار.
قال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن خروج الشخص عن الديانة يترتب عليه أحكام ويحكم فيه القضاء، وليس مجرد الحديث باللسان خرجت ثم عدت، مشيراً إلى أن القاضي أصبح سلطة تفصل في مسألة الكفر والردة لأن الإنسان قد يظن في نفسه أنه خرج لفعل أو قول أو ما شابه ويكون هذا مغايراً لما يعتقده حقيقة.
وأوضح في تصريح له، أن أي شخص أذنب ذنبًا ثم رجع إلى الله فإن الله يقبله، وقد روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن قريب لها يسمى ابن جدعان وكان يفعل أشياء فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أينفعه ذلك، قال لا، فسألته أجاب -صلى الله عليه وسلم-: «أنه لم يقل له رب اغفر لي خطيئتي».
ويقول الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء: إن كل من تاب تقبل توبته، ولو ملأ الأرض ذنوباً، فلو تاب توبة نصوحة ولم يفعل بعدها طاعة غفر الله له"، مشدداً على أن التوبة تجب ما قبلها، ولن توفق للتوبة ما لم ييسرها الله لك فليس بالمهم عامل الزمن للتوبة بقدر التيسير إليها، فقد لا يجعل الله في قلبك ندم، وقد يجعل في غيرنا ذنباً بسيطاً يدفعه إلى التوبة والاستغفار كي يقبضه إليه وهو طاهر منه”.
رمضان عبدالمعز: قبول التوبة من رحمة الله بعبادههل المرض بعد المعصية عقاب إلهي حتى بعد التوبة؟ أمين الفتوى يكشف الحقيقةشروط التوبة
ذكر العلماء شروط للتوبة المقبولة على المرء أن يجتهد ليحصّلها كلها حتى يطمئنّ أن توبته قد قبلت، والشروط هي:
1- إخلاص النية لله تعالى من هذه التوبة، فلا تكن سعيًا لمرضاة أي أحد سواه.
2- الإقلاع عن الذنب وتركه نهائيًا.
3- الندم على إتيانه والوقوع فيه من قبل.
4-عقد العزم على عدم العودة إليه ثانية. الشروع بالتوبة والإقبال على الله تعالى قبل أن يغرغر الإنسان عند الموت.
5- أداء الحقوق إلى أصحابها إن كانت الذنوب والمعاصي متعلّقةً بالعباد، وبذل كل الوسع والطاقة في ذلك، فإن كانت التوبة من السرقة مثلًا فعلى العبد أن يردّ المسروقات إلى أصحابها، وإن كان ذلك صعبًا فعلى العبد أن يتصدّق بقيمة المسروقات.
باب التوبة مفتوحة إلا في وقتينإن الله تعالى حدد وقتين تقفل فيهما باب التوبة هما، الأول أن يغرغر الإنسان ومعنى يغرغر الإنسان، أى أن تصل روحه إلى الحلقوم، والثاني: عند خروج الشمس من المغرب،فعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.
إن من فضل الله تعالى وكرمه بعباده أنه يقبل التوبة منهم إذا تابوا إليه من المعاصي والذنوب التي اقترفوها، ويظل قبول التوبة واردًا حتى يدرك الإنسان العاصي الموت وتبلغ الروح الحلقوم، حينئذ لم تعد التوبة مقبولة، وهذا هو المقصود بالغرغرة الواردة في الحديث المسؤول عنه. وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى أيضًا بقوله: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» [النساء:18]. وعلى هذا فإن المقصود بالغرغرة بلوغ الروح الحلقوم.
غلق باب التوبة عند طلوع الشمس من مغربها وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»،وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» رواه مسلم (2703) .
وروى البخاري (4635) – واللفظ له -، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ».
التوبة إلى الله -تعالى- لها فضائل عديدةٌ، منها:
1-سببٌ لمحبة الله عزّ وجلّ؛ فإنّ الله يحبّ التوابين.
2- سببٌ للعفو عن السيئات وقبول الأعمال.
3- سببٌ للنجاة من النار ودخول الجنة.
4-سببٌ في فلاح العبد.
5- سببٌ لنيل رحمة الله ومغفرته.
6- سببٌ للأجر العظيم وتحقيق الإيمان.
7-سببٌ في كسب الحسنات بعد السيئات.
1- قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: «اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك
2- « اللهم إني أستغفرك لكل ذنب يعقب الحسرة، ويورث الندامة ويحبس الرزق ويرد الدعاء، اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت منه ثم عدت إليه، وأستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك، وأستغفرك من الذنوب التي لايطلع عليها.. أحد سواك ولا ينجيني منها أحد غيرك، ولا يسعها إلا حلمك وكرمك ولا ينجيني منها إلا عفوك».
3- « اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما أستطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوئ بذنبي فأغفر لي فأنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه توبة عبد ظالم لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا».
4- « ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا أصرًا كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وأعف عنا وأغفر لنا وأرحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الملحد المزيد المزيد صلى الله علیه وسلم رضی الله عنه الله تعالى التوبة من ى الله ع
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد الحرام: أحبُّ الخلق إلى الله من يشكره على النعم
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور ياسر بن راشد الدوسري، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام، في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام "إِنَّ مِنْ أعظم العبادات وأرجَاهَا، وأجلها وأسماهَا، عِبَادَةَ الشُّكْرِ، فَكم أسبغ الله علينا من نعمة، ومنّ علينا مِنْ مِنَّةٍ، وكشف عنَّا مِنْ كُرَبَةٍ، وَفَرَّجَ عَنَّا مِنْ نِعْمَةٍ، ولو كَشَفَ الله لنا الغطاء عن ألطافه وصنعه بنا لذابت قلوبنا محبة وشكرًا له وشوقًا إليه، فنعمه تترى علينا في كل حين، نتقلب فيها ممسين ومصبحين، {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، .
وأكد الدوسري، أن أحبُّ خَلْقِ اللهِ إلى الله من اتصف بصفة الشكر وداوم عليها، كما أن أبغض خَلْقِهِ إِليه مَنْ عَطَّلَهَا واتصف بضدها، وقدْ بَلَغَ مِنْ عِظَم منزلة الشكر أنَّ اللهَ تعالى سَمَّى نَفْسَهُ شَاكِرًا وَشَكُورًا، وَسَمَّى به الشَّاكِرِينَ، فَأَعْطَاهُمْ مِنْ وَصْفِهِ، وَسَمَّاهُمْ بِاسْمِهِ، وَحَسْبُكَ بِهَذَا مَحَبَّةٌ لِلشَّاكِرِينَ وَفَضْلًا، فالشكر ثوابه عظيم، وأجره عميم، قال العزيز العليم: { وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ } ، ولم يذكر الله في الآية جزاء الشكر ليدل ذلك على كثرته وعظمته.
وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الشكر أمان من العقوبات، ونجاة من المكروهات قالَ اللهُ عَزَّ وجلَّ : {مَا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا}، فَمَنْ ضَيَّعَ شُكر النعم حلَّتْ بِهِ النقم، ومن لم يُحاسب نفسه قبل يوم القيامة حل به الندم.
وذكر الدكتور الدوسري أن نصوص الوحيين دلت على أن الشكر يكون بالقلب واللسان والجوارح، فيظهر الشكر في القلب إقرارًا بالنعم وإيمانًا، ونسبتها لواهبها تفضلًا منه وإحسانًا، قال تعالى على لسان سليمان عليه السلام: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي } ، وقال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ» ، كما ظهر الشكر في اللسان حمدًا وثناء وتحدثًا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدَّثْ، ويظهر الشكر في الجوارح عبادة وطاعة واستعمالًا، فصرف النعم فيما يُرضي الله هو حقيقة الشكر وبرهانه، ويكون الشكر بتسخير النعم في تحقيق الفضائل، فكذلك يكون في التوفي والحذر من أن تكون النعم مطية للمعاصي والرذائل، فالمعاصي نار النعم تأكلها كما تأكل النارُ الحَطَبَ، وبذلك يعلم أنَّ الشكر الله هو الاعتراف بنعم الله، والتحدث بها، والاستعانة بها على طاعة المنعم دون معصيته، ولا بد أن يقترن هذا بالخضوع للمنعم ومحبته، فبهذه الأركان يكون الشكر تامًا.
وأضاف أن العبد مهما أطاع ربه وشكره، وتقرب إليه بأنواع القربات والطاعات، فلن يقوم بالشكر على الكمال والتمام؛ لأن شكره الله هو محض توفيق من الله، وكلما كان العبد أكثر شكرًا لربه فالله أكثر، وسيجزي الله الشاكرين، فاشكروا ربكم على ما حياكم من النعم، وأولاكم من المنن، ودفع عنكم من النقم، وخصكم بجميل العطايا والكرم، وإن أعظم الشكر هو الإيمان بالله تعالى، والمبادرة إلى عبادته وأداء فرائضه وواجباته، والبعد عن محرماته، قال تعالى: { بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ)، كما أن أعظم كفران النعم هو الكفر بالله، وترك فرائضه وواجباته، وفعل المعاصي.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام "إن النعم نوعان: مستمرة ومتجددة: فالنعم المستمرة شكرها يكون بالعبادات والطاعات، والنعم المتجددة شرع لها سجود الشكر، شكرًا الله عليها، وخضوعًا له وذلًا واعترافًا بفضله وإحسانه، وإِنَّ مِنَ النعم المتجددة ما يعيده الله تعالى على الأمة من مواسم الخيرات في الشهور والأيام، وها قد أظلكم شهر يغفل عنها كثير من الأنام، وهو شهر شعبان الذي ترفع فيه الأعمال، ومما ينبغي على المسلم في شهر شعبان المبادرة إلى قضاء ما فاته من شهر رمضان، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالت: كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ.
وبين أنَّ مِنَ النعم الكبرى، والمِنَن العظمى التي تستوجب منا الشكر والامتنان، ما أكرم الله به بلادنا من نعمة الإيمان والأمن والأمان، وما نعيشه في ربوعها مِنْ رَغدِ عيش وسعادة واطمئنان، في ظل قيادتنا الرشيدة، فنسأل الله تعالى أن يجزي ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، خير الجزاء وأعظمه وأوفاه، على ما تحققه بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية من نجاحات باهرة، وإنجازات ظاهرة، في جميع الميادين المحلية والإقليمية، والأصعدة الدولية والعالمية، فنسأل الله جل وعلا أن يحفظ على هذه البلاد عقيدتها وإيمانها وولاة أمرها، وأمنها ورخاءها واستقرارها، وأن يجعلها شامخة عزيزة إلى يوم الدين.