موقع النيلين:
2024-10-01@21:08:31 GMT

لماذا لم تتنازل بريطانيا عن دارفور لفرنسا ؟

تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT

لماذا لم تتنازل بريطانيا عن دارفور لفرنسا ؟


لماذا لم تتنازل بريطانيا عن دارفور لفرنسا ؟
لم أجد تفسيرا واضحا لإصرار بريطانيا لإبقاء دارفور داخل جغرافيا الحكم الثنائي من 1899م حتى 1916م.
لم تكن دارفور عريقة الإنضمام لحكمدارية سودان عهد ما قبل دولة المهدية ، فقد تم ضم دارفور لحكمدارية السودان في 1874م ولم تمض سبع سنوات حتى اندلعت الثورة المهدية في 1881م.


لم يحكم المصريون ولا السودانيون دارفور خلال السبع سنوات التي سبقت المهدية فقد تعاقب على حكمها نمساوي وإيطالي وألماني وجنسيات أوروبية ، وحده سلاتين الذي صار مشهورا.
وخلال هذه السنوات السبع لم تتوقف ثورات سلاطين الظل من الأسرة الحاكمة لاستعادة استقلال السلطنة ، وخلال دولة المهدية سالموا تحت تأثير الخطاب الديني ومع ذلك قاتلوا جيوش دولة المهدية في نزاعات الحدود أي أنهم حاولوا الجمع بين تبعية العاصمة في أم درمان والحفاظ على درجة من الاستقلال والسيادة على حدودهم التاريخية.
وخلال السنوات من 1883م حتى 1898م أتعبت دارفور الخليفة عبد الله أكثر من أية مكان آخر ومع إنطلاق أول رصاصات معركة كرري يوم 2 سبتمبر 1898م كان علي دينار يشق طريقه نحو الفاشر لاستعادة السلطنة وكانت القبائل قابلة للتسليم لأول أمير قادم من السلالة الحاكمة فكان علي دينار.
وخلال سنوات حكم علي دينار من 1899م حتى 1916م لم تحاول خرطوم الحكم الثنائي التدخل في شئون السلطنة ولم تقدم لها أية مساهمات تنموية ولا تعليمية وتركت أمرها لعلي دينار الغارق في صراعات لا تنتهي مع القبائل والسلطنات الجديدة التي انتهزت فرصة الضم في 1874م للبروز مثل سلطنة دار مساليت وحروب عديدة مع القبائل العربية.
اكتفت خرطوم الحكم الثنائي منه بإعلان التبعية ورفع علمي بريطانيا ومصر وربط سنوي متواضع.
وفي 1916م سيروا حملة قضت عليه وبعدها مباشرة حضر للفاشر أول مدير بريطاني ومن يومها حتى استقلال السودان في 1956م حكم البريطانيون دارفور وتركوها تسير أمورها كما كانت من خلال زعماء القبائل.
كانت فرنسا قد أكملت سيطرتها على جغرافيا تشاد الحالية وأفريقيا الوسطى وقضت على السلطنات التاريخية ، وداي ، باقرمي ، وغيرها ، وقضمت نصف مساحة دار مساليت وتبقى للمساليت النصف الذي ظل في السودان ليحمل اسم دار مساليت وليكون مقرا لسلطان المساليت.
كانت فرنسا راغبة وطامعة في دارفور ، وكانت فرنسا وبريطانيا تعلمان جيدا أن دارفور وتشاد متشاركتان في التركيبة السكانية إذ لا تكاد توجد قبيلة إلا ونصفها هنا ونصفها الآخر هناك وأن التماثل السكاني والثقافي بين دارفور وتشاد أكثر بكثير جدا منه بين دارفور وسودان الشريط النيلي الذي تعودت مكوناته على الخضوع لسلطة الحكم المركزي منذ أن حطم جيش إسماعيل باشا ممالكهم في 1821م.
الصراع بين الحق التاريخي في الأرض وترسيم دولة ما بعد الاستعمار في 1924م : المستوطنون الجدد والأجنبي في أرضه التاريخية !
لم يكن صعبا على بريطانيا وفرنسا الإتفاق على تتبيع دارفور لفرنسا ومن ثم تقرر فرنسا أن تشكل دارفور وتشاد وحدة سياسية واحدة تحت أي مسمى كان تختاره الإدارة الاستعمارية الفرنسية فإسم دولة تشاد نفسه مستحدث ، ربما كان اسم البحيرة ، نعم ، مثل جبل كينيا الذي صار إسم دولة صنعها البريطانيون في شرق أفريقيا.
لو فعلوا ذلك لما نشأت في المستقبل ظاهرة المستوطنون الجدد والمرتبطة بترسيم 1924م إذ كانت كل القبائل الكبرى أفريقية كانت أم عربية ستكون داخل نفس الكيان السياسي وكانوا سيكونون حملة نفس الجنسية.
في سودان الشريط النيلي ما كان أحد سيأبه أو يهتم وقتها 1924م بذلك القرار إن حدث فقد كان الوعي القومي لا يزال يحبو طفلا ولم يكن التعصب للحدود قد ظهر في الثقافة السياسية.
تخلى الإنجليز وقتها للحبشة عن بني شنقول ومساحتها أضعاف مساحة مثلث حلايب ودار مساليت ولم يشعر أحد ولم يحتج أحد.
وقايض الإنجليز الإيطاليين بمثلث سارا في ليبيا ولم يهتم أحد بذلك المثلث ومساحته خمسة أضعاف مساحة مثلث حلايب !!
كانت خلافات الزغاوة والعطاوة على الأرض شمال دارفور ستكون خلافات تحسم بقرارات إدارية من إنجمينا ولكن المجموعات التي ظلت تتحرك في أرضها التاريخية منذ أربعمائة سنة وجدت نفسها تصطدم ببرزخ مصنوع إسمه ترسيم حدود 1924م فأطلقوا عليها بين الجانبين لقب المستوطنون الجدد ودارت الصراعات والثأرات ووجدت حكومات الخرطوم نفسها متورطة في إشكالية مزمنة كان بإمكان متخذ القرار البريطاني والفرنسي إعفائها منها ومن تبعاتها من وقت مبكر جدا.
وأنطلق الصدام بين الحق التاريخي المستند على أسبقية الوجود في الأرض في حقبة من الزمن وحق العودة لأرض الأجداد بالجدار الزمني لاتفاقية بريطانيا وفرنسا بترسيم الحدود في 1924م.
فالعطاوي الذي سبق وجوده في أرض شمال كتم باعتراف بعض مؤرخي الزغاوة والذي اتجه غربا في حقبة سابقة جاءت اتفاقية 1924م لتجعله أجنبيا أو مستوطنا جديدا إذا عاد واتجه شرقا لنفس أرض الأجداد بعد 1924م ، وقس على ذلك العديد من الأمثلة.
وفي خضم تلك الصراعات وجدت الخرطوم نفسها تتورط في نزاعات خارج همومها وموروثاتها التاريخية والثقافية ولأية طرف كانت تنحاز الخرطوم فقد كانت تؤلب ضدها ضغائن أطراف مضادة في دوامة لا تنتهي.
حان الوقت لأن تفكر الخرطوم للتخارج من الدوامة التي ظلت تعصف بها وبالسودان وتكاد أن تذهب بريحها وريح السودان.
#كمال_حامد ????

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)

منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، تونا تركمان: أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى كارثة كبرى ونحن في حالة طوارئ ونحاول منع حدوث وفيات جماعية

وكالة الأناضول

** منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، تونا تركمان:
- أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى كارثة كبرى
- نحن في حالة طوارئ ونحاول منع حدوث وفيات جماعية
- يجب بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات
-آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعا
- أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية
-الكثير من السودانيين يكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميا
يواجه السودان تحديات هائلة جراء الحرب الأهلية والفيضانات وانتشار الأوبئة، وسط حاجته الملحة لمساعدات إنسانية وإغاثية ضخمة وعاجلة.

تونا تركمان، منسق الطوارئ في دارفور بمنظمة أطباء بلا حدود، سلط الضوء، في حديث للأناضول، على الأوضاع الانسانية المتدهورة في السودان.

وقال تركمان إن الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتصاعدة في المنطقة أدت إلى تفاقم "الأزمة الإنسانية وتدهور الوضع الصحي في البلاد".

وأوضح تركمان الذي يعمل في مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور السودانية، إن الأوضاع الإنسانية في هذه المنطقة "متردية"، محذرا من تزايد الهجمات الجوية عليها.

إلى جانب ذلك، فإن الفيضانات غير المسبوقة منذ ثمانينيات القرن الماضي والتي تشهدها دارفور تسببت بـ"عرقلة الجهود الإنسانية بشكل كبير"، وفق قوله.

واستكمل قائلا: "فرقنا تواجه صعوبات كبيرة في العمل ضمن المناطق التي تشهد اشتباكات نشطة".

وذكر أن دارفور واحدة من "أكثر المناطق تضررا بسبب نقص المساعدات الإنسانية، خاصة وأنها لم تحظَ بوصول القدر الكافي من مواد الإغاثة الأممية".

وعن أزمة النزوح في البلاد، أشار تركمان إلى تقارير الأمم المتحدة التي تحدثت عن نزوح نحو 11 مليون شخص بينهم مليونان فروا إلى دول مجاورة، فيما نزح البقية لمناطق مختلفة داخل السودان.

ولفت إلى أن مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، "محاصرة من قبل قوات الدعم السريع فيما تشهد معارك عنيفة".

ومنذ 10 مايو/ أيار الماضي، تشهد مدينة الفاشر اشتباكات بين الجيش و"الدعم السريع"، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لكل ولايات دارفور (غرب).

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع الملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وقرابة 10 ملايين نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة.

**أزمة متشابكة

وقال المسؤول في أطباء بلا حدود إن أكبر أزمة إنسانية في العالم والتي يشهدها السودان تحولت إلى "كارثة كبرى".

وأضاف إن الأزمة في السودان "متشابكة"، لافتا إلى أن العمليات الإغاثية الطارئة تواجه "تحديات ضخمة" في ظل "نظام صحي منهار بالكامل".

وعن تلك التحديات، قال تركمان إنهم يواجهون "مشاكل كبيرة جدا في توفير الإمدادات الطبية بسبب عدم قدرة موظفين دوليين وأمميين على الوصول للمناطق المنكوبة".

واستكمل قائلا: "ما زلنا ننتظر وصول شاحنات برنامج الأغذية العالمي إلى جنوب دارفور، لكنها لم تصل بعد".

وأشار إلى أن "المخاطر الأمنية والعوائق البيروقراطية أعاقت وصول مساعدات من الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى"، كانت منظمته تتوقع وصولها للسودان.

**الأوبئة والمجاعة

وعن انتشار الأوبئة، قال تركمان إن منظمته تكافح انتشار مرض "الملاريا" في جنوب دارفور.

وفيما يتعلق بالجهود المبذولة في إطار ذلك، قال إن مكافحة هذا المرض يتم عبر "إنشاء نقاط صحية متنقلة".

وأكد أن "الكوليرا" تفشى في 9 ولايات بالسودان، لافتا إلى "اتخاذ تدابير للسيطرة على الأوبئة"، دون ذكرها.

وحول تأثير الأزمة على الأطفال، قال تركمان إن "معدلات سوء التغذية بين الأطفال في جنوب دارفور تجاوزت حدود الطوارئ".

وتابع: "أزمة نقص الغذاء الحادة وصلت إلى مستويات كارثية (...) ونقص الغذاء يؤثر بشكل كبير على الأطفال".

وحذر من أن آلاف الأطفال يواجهون خطر الموت جوعا، لافتا إلى أن الكثير من السودانيين يكتفون بوجبة واحدة أو أقل يوميا.

وأشار إلى أن "حجم الأزمة الحقيقي غير ظاهر بوضوح لأن الوضع لم يتم تقديره بشكل كامل"، متابعا "نحن في حالة طوارئ، ونحاول منع حدوث وفيات جماعية".

وطالب المنظمات الإنسانية الدولية والأمم المتحدة والمتبرعين الدوليين بـ"بذل جهود عاجلة لإرسال كميات ضخمة من المساعدات للسودان".

وفي 7 سبتمبر/ أيلول الجاري، قال برنامج الأغذية العالمي في منشور على "إكس"، إن استمرار حرب السودان يُعرض نصف السكان للجوع الشديد، في أول مجاعة مؤكدة بالعالم منذ 2017.

ويبلغ عدد سكان السودان نحو 49.5 مليون نسمة، وفق أحدث التقديرات غير الرسمية.

**المستشفى التركي

قال تركمان إن المستشفى التركي بمدينة نيالا، والذي أنشأته الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا" بالتعاون مع الحكومة السودانية، ما زال يقدم خدماته.

وتابع إن الفريق الطبي الذي تلقى تدريبات من وزارة الصحة التركية (دون تحديد الفترة)، تمكن من "توفير الخدمات الطبية وتشغيل المستشفى طوال فترة الحرب".

ولفت إلى أن المستشفى كان يعمل في السابق بكوادر طبية قادمة من تركيا لكن اندلاع الحرب أعاق إرسال فرق طبية جديدة.

وأردف: "رغم كل التحديات، ما زال المستشفى يوفر خدمات الرعاية الصحية للمرضى والجرحى".

وفي ختام حديثه، أشار تركمان إلى التنسيق المستمر بين منظمته ووزارة الصحة التركية وسفارة أنقرة في الخرطوم لـ"تقديم الدعم والمساعدة" في المجال الإنساني بالسودان، قائلا إن هذا التعاون "مصدر فخر كبير لتركيا".

وعام 2014، افتتح المستشفى رسميا على يد البروفيسور أمر الله إشلر، نائب رئيس الوزراء التركي حينها، تحت إشراف "تيكا" بتكلفة بلغت 35 مليون دولار.

وتبلغ مساحة المستشفى التركي بنيالا 11 ألف متر مربع، كما يضم 150 سريرا، منها 46 سريرا للعناية المشددة، وثلاث غرف للعمليات، وقسمان للتوليد، وقسم للتصوير الشعاعي ومخبرا.  

مقالات مشابهة

  • المليشيا فى دارفور
  • ???? غضب الصحراء يكبد عصابات حميدتي خسائر فادحة في العتاد والجنود
  • قرار بتجميد الخدمة المدنية بولاية شرق دارفور
  • شهادة السيد نصر الله.. مفتاح للمعركة التاريخية أمام العدو الصهيوني
  • خالد بن محمد بن زايد ورئيس الوزراء القطري يؤكدان عمق العلاقات التاريخية بين البلدين
  • توصيات ملتقى دارفور
  • تفشي فيروس خطير في دولة أفريقية.. ما الإجراء الصارم الذي اتخذته؟
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان
  • الحرب والفيضانات والأوبئة.. ثالوث ينهش جسد السودان (تقرير)
  • مكتبة محمد بن راشد تبحر في «فن كتابة الرواية التاريخية»