تنظيم والعياذ بالله
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
تنظيم والعياذ بالله
خالد فضل
عندما قال الأستاذ الشهيد محمود محمد طه إنّهم يفوقون سوء الظن العريض؛ اعتبرها البعض ضمن مفردات الذم السياسي والتناقض الفكري بين زعيم الجمهوريين وتلك الجماعة. خاصة وأنّه قالها في وقت مبكر، ولم يك السودانيون قد جربّوا عمليا سيطرة وهيمنة تلك الجماعة على مقاليد السلطة ومفاتيح الثروة في بلادهم.
تنظيم تبرأ منه أحد مؤسسيه؛ الراحل يسن عمر الإمام عندما قال قولته المشهورة بأنّه يخجل أن يقف أمام الناس ليقول إنّه منتم له، ولا يمكنه دعوة الناس إلى الإسلام في المساجد ولا يحثّ أحفاده للانضمام إليه. تُرى ما الذي عاشه وخبره الشيخ المرحوم من مخازي وانحطاط تلك الفئة حتى يصل لهذه الدرجة من التبرؤ؟ وما يزال في عامة الناس من له حسن ظن!
تنظيم يبرع أيمّا براعة في اشعال الفتن والنزاع وسط شعبه منذ ظهوره في الستينات من القرن الماضي، يغيّر طلاء واجهته كل حين بينما الأصل كما هو عارتبين عورته، شعاره حكمة ميكافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) ويرفع كتاب الله؛ القرآن على أسنة رماح الطمع والأنانية وشح الأنفس. أتذكرون بداية تفكيك الوحدة الوطنية على أيام الجمعية التأسيسية عقب ثورة أكتوبر 1964م عندما صرّح عرّابه المرحوم د. الترابي بأنه لا يجوز لغير المسلم تولي رئاسة الجمهورية في ظل ما كان يدعو له من دستور إسلامي وهو سجال دار بينه والمرحوم فيليب عباس غبوش حول تلك النقطة، يومها خرج الأب فيليب ومعه النواب غير المسلمين من الجنوب رافضين المشاركة في مداولات برلمان يسعى لتمزيق شعب البلاد على أسس دينية حسبما أفادوا حينها.
بعد أن صالحوا النميري في أواسط السبعينات، هجموا أولا على مظان الثروة فأسسوا البنوك تحت لافتة إسلامية، ثمّ أغاروا على الجيش بزراعة خلايا مليشياتهم فيه، ثمّ انقضوا على عماد البلاد، دستورها وقوانينها وبزعم الإسلام فتتوا الوحدة الوطنية ودمروا ميراث التعايش الوطني. وبعد أن استتب لهم أمر السلطة تماما بخدعة (اذهب للقصر رئيسا وساذهب للسجن حبيسا) أعملوا آلاتهم الصدئة في نشر السموم والجهالات، واشاعوا الذعر والرعب، وجاهدوا في سبيل الجاه والسلطة كما لم يجاهد من قبلهم جماعة في السودان، وبالنتيجة انشطر الشعب الواحد إلى بلدين.
ولمّا قال الشعب كلمته وثارت معظم فئاته ضدهم في ديسمبر، أسرّوا الضغينة واضمروا الانتقام، إذ كيف للشعب الذي أبادوه وقسموه وزجروه وعذبوه أن ينتفض ثائرا ضدهم، ويهتف هاتفه من الشباب (سودان بدون كيزان)! فجمعوا كل خبثهم وخبائثهم وتكالبوا على الثورة والثوار، فدبّروا مذبحة ساحة الاعتصام التي أثلجت صدر ناعقهم عبدالحي يوسف حين فطرت قلوب الأمهات، وفصّدت بالدموع خدود الشقيقات على شهيد ومفقود ومرمي في قاع النيل وبعض مغتصبات. فلما لم يرعو الشعب خططوا ونفّذوا إنقلاب 25أكتوبر2021م، ففاجأهم السيل المدني السلمي مشرعا الصدور لرصاص الغدر والخيانة والقذارة فكانوا في منشوراتهم على الوسائط يحصون الشهداء ويتلذذون بوصفهم (فطايس). فلم يجْدِ مكْرَهم لأن وصية الشهيد الأخيرة (اكتبوا على شاهد قبري حرية مدنية عدالة وسلام) فقرروا رمي كرتهم الأخير والأقذر؛ التدمير الكامل للبلاد وإفناء أكبر قدر من الشعب وتصفية أي ثائر بفرية التعاون مع العدو الذي صنعوه من قبل ليسندهم في ارتكاب الموبقات كلها، وعندما شعر (حمايتي) بالفخاخ التي تنصب، صار هو العدو الذي على الشعب (خالي الذهن) أن يحاربه انتقاما لتشرده ونهبه وقتله واغتصاب حرائره بوساطة مليشياته (الاشاوس سابقا) وأعضاء التنظيم بكل رزاية تحل بالناس مبتهجون، تكاد وسائطهم تزغرد نشوة لكل خبر انتهاك أو وجع مصيبة تحل بالناس في الخرطوم الجزيرة سنار كردفان ودارفور. ولسان حالهم يردد أيمّا انتهاك من جانب المليشيا في أي بقعة من السودان ستأتي نتيجته في مصب إعادة التمكين. هذه أخلاقهم التي تربّوا عليها؛ مصائب الشعب عندهم فوائد إعادة الألق والبريق لتنظيمهم – الكالح – كما أفتى شيخهم الموتور عبدالحي. وما يزال هناك من المرموقين في الأكاديميا على مستوى مدرجات الجامعات والتحليل ونشر الكتب والمقالات باللغتين العربية والإنجليزية من يحدثون الناس عن (مؤسسة الحداثة) التي يهزئ ضباطها وعلى الملأ؛ أمراء مليشيات التنظيم، وما تزال عندهم رمز عزة الدولة السودانية العبوب ولافتة كرامة لشعب منكوب والشيخ المأجور يفتي من استانبول!
الوسومالترابي الحركة الاسلامية السودان عبدالحي
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الترابي الحركة الاسلامية السودان عبدالحي
إقرأ أيضاً:
روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"
روشتة نبوية: "تعمل إيه لو شوفت حلم مفزع أو كابوس؟"، تعد الأحلام جزءًا من حياة الإنسان اليومية، قد تكون مصدرًا للراحة أو التوتر، في بعض الأحيان، يشعر المسلم بالقلق أو الخوف من بعض الأحلام المفزعة أو الكوابيس التي قد تؤثر عليه نفسيًا أو روحيًا. وفي الإسلام، قدم لنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم توجيهًا هامًا في كيفية التعامل مع هذه الأحلام، لتهدئة النفوس وحمايتها من تأثيراتها السلبية.
الأحلام في الإسلام: بين الخير والشرالأحلام في الإسلام تقسم إلى ثلاثة أنواع:1. الرؤيا الصادقة: وهي من الله سبحانه وتعالى، وهي تلك الأحلام التي تحمل رسائل طيبة أو بشارات خير.
2. أحلام من الشيطان: وهي الأحلام التي تثير الخوف والقلق وتكون محض تخيلات شيطانية تهدف إلى إزعاج المؤمن.
3. الأحلام الناتجة عن النفس: وهي ما تنشأ بسبب الضغوط النفسية أو الأفكار المزعجة التي يتعرض لها الشخص في حياته اليومية.
وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الرؤيا الصادقة من الله، والحلم من الشيطان» (رواه البخاري). هذا التوضيح يظهر أن الأحلام ليست جميعها سواء، وأن الإنسان يجب أن يكون واعيًا لهذا التمييز بين الأحلام الطيبة التي تريح القلب، والأخرى التي قد تأتي من الشيطان.
التوجيهات النبوية في التعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعةحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوف والهلع الذي قد ينتج عن الكوابيس، وأرشدنا إلى كيفية التعامل معها بما يبعث الطمأنينة في قلوب المؤمنين، ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي توضح كيف ينبغي للمسلم أن يتعامل مع الكوابيس والأحلام المفزعة:
1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأى أحدكم ما يكره، فليتعوذ بالله من الشيطان، وليستعذ من شرها، فإنها لا تضره» (رواه مسلم). وهذا يعني أن الاستعاذة بالله هي أولى خطوات التخلص من تأثير الأحلام المفزعة.
2. التغيير في النوم: أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تغيير وضعية النوم إذا حدثت كوابيس، فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا رأى أحدكم ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثًا، وليتعوذ بالله من الشيطان» (رواه البخاري)، تغيير وضعية النوم يمكن أن يكون خطوة عملية في التخلص من أثر الكوابيس.
3. الدعاء والذكر: الدعاء والتوجه إلى الله سبحانه وتعالى يعتبر من أقوى وسائل الحماية من الكوابيس، حيث يطمئن قلب المسلم ويشعر بالسلام الداخلي. ومن الأدعية المشروعة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «اللهم إني أعوذ بك من شر ما رأيت» (رواه مسلم).
4. التصدق والدعاء للمغفرة: في بعض الأحيان، قد تكون الكوابيس ناتجة عن الذنوب والمعاصي، لذا فإن الصدقة والدعاء بالاستغفار يمكن أن يساعدا في تطهير النفس. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام ولم يصب خيرًا فليستغفر الله، فإنا قد علمنا أن هذه الأحلام قد تكون من الشيطان» (رواه ابن ماجه).
5. الوضوء والصلاة: إذا شعر المسلم بأن ما رآه من أحلام مفزعة يزعجه أو يرهقه، فإن التوضؤ والصلاة تعتبر من أفضل الوسائل التي تبعث الطمأنينة والسكينة في القلب. الصلاة تجعل المسلم في حالة من الاستعاذة بالله وتدفع عنه وساوس الشيطان.
رسالة الإسلام في حماية النفس البشرية
يظهر من خلال التوجيهات النبوية أن الإسلام يعترف بتأثير الأحلام على النفس البشرية، ويعلمنا كيفية حماية أنفسنا من تأثيراتها السلبية. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلتجئ إليه في جميع الأحوال، سواء في الرؤيا الطيبة أو الأحلام المفزعة، وأن نأخذ بالأسباب التي تجعلنا في منأى عن شرور الشيطان وهمزاته.
إن تعاملنا مع الأحلام المفزعة أو الكوابيس يجب أن يكون وفقًا لما أرشدنا به ديننا الحنيف، من خلال الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والدعاء، والتغيير في وضعية النوم، والتوكل على الله. فالإسلام لا يقدم فقط التوجيهات الدينية في العبادة، بل يعزز السلام الداخلي والاطمئنان الروحي للمسلم، ليعيش في سلام نفسي بعون الله ورعايته.