سلط الكاتب العراقي الأمريكي، فيصل سعيد المطر، الضوء على التنافس المتنامي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية على النفوذ ببلدان الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تخسر الآن على جبهات متعددة، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وذكر المطر، في مقال نشره بصحيفة "تليجراف" البريطانية وترجمه "الخليج الجديد"، أن عودة العلاقات مع إيران، وهي الدولة التي جعلت "الموت لأمريكا!" شعارا غير رسمي لها، يؤشر إلى أن الولايات المتحدة تخسر العلاقة مع دول الخليج، مشيرا إلى أن ما وصفه بـ "الانسحاب الكارثي" من أفغانستان أشار إلى أن أمريكا "لن تقف إلى جانب حلفائها".

وأضاف أن أكثر من ثلثي الشباب العربي في الشرق الأوسط يرون تركيا والصين كحليف قوي بالمنطقة، بينما تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز السابع بعد ألمانيا وفرنسا والهند.

وأشار إلى أن عدم الاستقرار في المنطقة هو القاعدة وليس الاستثناء، فمنذ سقوط الإمبراطورية العثمانية اعتمد الشرق الأوسط في كثير من الأحيان على لاعبين من القوى الأجنبية الرئيسية للمساعدة في الاستقرار المحلي، سواء كان ذلك من قبل الأتراك قبل الحرب العالمية الأولى أو تحالف منتصف القرن مع الولايات المتحدة، فيما تقدم الصين نفسها الآن كحليف آخر لتحقيق الاستقرار.

وتابع المطر: "لقد وصلنا إلى نقطة لا يعرف فيها أحد من سيكون بالقمة في النهاية: الصين أم الولايات المتحدة؟ إذا كانت جميع العوامل الأخرى متساوية، فمن الطبيعي أن تكون الأولوية للاتساق والاستقرار، وهذا شيء يمكن أن تقدمه الصين غير الديمقراطية. سواء أعجبك ذلك أم لا، فالديكتاتوريات تقدم اتساقًا لا يتزعزع، وإن كان غير أخلاقي".

وأوضح أن الأنظمة الاستبدادية تهتم بشيء واحد هو ترسيخ قوتها وتأثيرها، وأن الصين لم تدّع أبدًا أنها تحتل مكانة أخلاقية عالية، لكنها مهتمة بالتحالفات الاستراتيجية التي تفيدها.

واستطرد: "إن التشدق بالكلمات حول مفاهيم مثل حقوق الإنسان والديمقراطية تزامنا مع تقويض فرص المواطن الشرق-أوسطي العادي في عيش حياة آمنة ومزدهرة سيجعل عامة الناس في المنطقة لا يثقون بأمريكا".

اقرأ أيضاً

الشرق الأوسط والصين.. الفجوة بين أمريكا وحلفائها تتسع وتحليل يرصد خطوات الحل

وحذر المطر من الوصول غير المقيد لروسيا والصين إلى الثروة والموارد في أغنى منطقة نفطية في العالم، مشيرا إلى أن هذه المنطقة موطن لأكثر من 300 مليون شخص على استعداد للتطرف بسهولة ضد الغرب ومصالحه.

وشدد الكاتب على أن تحالف الولايات المتحدة مع دول الخليج "يستحق الحفاظ عليه"، مضيفا: "لا يمكننا أن نخدع أنفسنا بأن فك الارتباط عن العلاقات التي لا تزال في مصلحة الغرب فكرة جيدة. قد لا يكون النظام العالمي للولايات المتحدة مثاليًا، لكنه مرغوب فيه أكثر من النظام الصيني".

وتابع: "إن النظام الذي يتسامح مع الملايين من مسلمي الإيجور المحتجزين في المعسكرات أو المراقبة المستمرة عبر تكنولوجيا المراقبة، ليس ما يجب أن يقبله 300 مليون شخص في الشرق الأوسط. وبغض النظر عن الطريقة التي يختار بها قادة دول الخليج اصطفاف أنفسهم، لا تزال نسبة كبيرة من مواطنيهم تحتفظ بمنظور إيجابي تجاه العالم الغربي".

وأكد المطر أن مواطني دول مثل العراق يستحقون فرصة لإحداث تغيير إيجابي لأنفسهم، و"ستختفي هذه الفرصة تقريبًا مع قيام الطغاة بتشكيل روابط أقوى مع حكوماتهم" حسب تعبيره، مضيفا: "عندما تسحب الولايات المتحدة دعمها من مكان ما، فليس الحال على الإطلاق أن يظل الفراغ شاغراً، لا سيما عندما يتربص الممثلون الشائنون الذين كانوا ينتظرون بصبر فرصة الضرب".

وشدد الكاتب على ضرورة أن ترتقي الولايات المتحدة إلى مستوى التحدي وتستعيد مكانتها كقائدة للعالم الحر، خاصة أن المنافسين يقومون بملء الفجوات مع استمرارها في التنازل عن الأرض لخصومها، ما يمثل تحولًا ينذر بالتوجه نحو الأسوأ في البلدان النامية.

اقرأ أيضاً

أمريكا تحظر على شركاتها الاستثمار بالتكنولوجيا المتقدمة في الصين.. وبكين تحذر

المصدر | فيصل سعيد المطر/تليجراف - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الصين الولايات المتحدة السعودية الإمارات إيران الولایات المتحدة الشرق الأوسط إلى أن

إقرأ أيضاً:

فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط

د. عمرو محمد عباس محجوب

منذ ١٩٥٦ عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس وبدأ مشروعه الوطني في بناء السد العالي المائي للتحكم في الزراعة وتوسعها وزيادة الإنتاج الكهربائي وانجز الإصلاح الزراعي. حدث العدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ في قناة السويس وكانت اول مواجهة تحذيرية في وجه بناء الدولة المستقلة من اكبر الدول العالمية من إنجلترا وفرنسا واسرائيل. هذه الحرب كانت ايضاً تسليم وتسلم قيادة العالم لأمريكا التي تدخلت لإيقاف العدوان. وبدات الناصرية كنظرية ومنهج في الانتشار في العالم العربي وفي أنحاء العالم. وبدأت في إبراز القوة والقدرة من إنشاء الصناعات الثقيلة، الحديد والصلب،صناعة السيارات، الأدوات الكهربائية، الغزل والنسيج وصناعة الملابس، صناعة السكر والأسمنت، الثورة العلمية والأبحاث والدراسات، ثورة السينما والمسرح والاداب والفنون وغيرها وغيرها.

عندما نتحدث عن دول الرؤية التي استطاعت تحويل هزيمتها إلى نجاح واستقلال من ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وهكذا، فقد كانت مصر الناصرية احد هذه الدول. لكن الفرق بين تلك الدول التي وقعت تحت سيطرة الولايات المتحدة (في شكل وجود عسكري وتدخلات سياسية) لكن سمحت لها بالتطور العلمي والتكنولوجي ضمن السياق الامبريالي. هكذا نرى ان مصر تمت تصفية قدرتها وقوتها على ان تتطور وتصبح دولة زراعية صناعية مستقلة، وأصبح عليها فيتو ووضعت حولها كمية من الفخاخ والشراك من الإمبريالية والقوى الغربية واسرائيل ومن دول الخليج الغنية مع وجود التهديد الدائم من الاخوان المسلمين المتحالفين مع الإمبريالية واسرائيل.

في الشرق الأوسط ودولها التي ارادت النهوض من مصر، الجزائر، العراق، ليبيا، السودان وسوريا وايران كانت أسباب التدخلات والتعويق مختلفة عن باقي العالم. لكل الدول التي ارادت بناء دولتها المستقلة منذ الخمسينات تم زرع دولة وتنظيم. منذ نهايات القرن الثامن عشر بدات نقاشات إنشاء وطن اليهود، ١٩١٧ صدر وعد بلفور وفي ١٩٢٢ أسقطت الدولة العثمانية وفي ١٩٢٨ انشأ تنظيم الاخوان المسلمين تحت رعاية الإنجليز وفي ١٩٤٨ انشات دولة اسرائيل. هذه الدولة والتنظيم هي التي تقف ضد بناء أي دولة مستقلة تنموية وقد افشلت المشروع الناصري والمشروع البعثي وبدايات مشاريع أخرى.

في كل الدول التي رغبت في بناء الدولة والاستقلال في الشرق الأوسط فقد أصبحت تواجه اماً باسرائيل مباشرة في مصر، سوريا، لبنان، العراق، ايران او غير مباشر في ليبيا والسودان. وفي كل الدول تم إنشاء تنظيم الاخوان المسلمين لكي تعمل ضد بناء الدولة المستقلة، بل اثبتت أنها في السودان قد دمرت كل مأتم بنائه من سكك حديد ومشروع الجزيرة وخدمة مدنية وجيش وشرطة وفصلت الجنوب وغيرها.

منذ ١٩٧٩ بدات امريكا والغرب دعم المنظمات الجهادية في افغانستان واستمرت حتى الآن، وبالتعاون بين امريكا ونتنياهو تم وضع لستة السبعة دول التي يجب تدميرها عن طريق دعم الإسلام المتطرف والسياسي للتدخل. ومن محمد مرسي في مصر ومحمد الجولاني في سوريا فقد مدت يدها للكيان الصهيوني وجرت معها تنظيم حماس التي سحبها خالد مشعل - بعد استشهاد يحي السنوار وهنية- المتحالف مع الدول العربية المطبعة التي خلعت مفاهيم القوة البناء والتنمية والاستقلال.

لقد تغيرت موجبات الرؤية من العمل المفهومي إلى التخلص من أسباب الخزي والخذلان والتعويق التي زرعت في العالم العربي. ان الاتجاه العام الهابط للإمبريالية في اقتصادها وسياستها وهيمنتها (أي ضعف الأمة الأمريكية كما أشار بوتين كعامل مهم لقيام روسيا قوية)، عامل مشجع على العمل في تغيير معادلات وجود اسرائيل في فلسطين (٢٤٪؜ فقط في اسرائيل يرون إسرائيل قوية) ضعيفة او قابلة للعيش مع الفلسطينيين او نهايتها بالكامل. العامل الثاني هو اجتثاث تنظيم الاخوان المسلمين فكرياً وتنظيمياً واتحاد الشعوب حول موقفها. جزء من هذا هو تفكيك الظاهرة الأردوغانية التي بنت مجدها وقوتها من تبني تنظيمات الاخوان المسلمين وضخت فيها أموالها المنهوبة تحت دعاوي اعادة الإمبراطورية العثمانية.

Dr. Amr M A Mahgoub
omem99@gmail.com
whatsapp: +249911777842  

مقالات مشابهة

  • مدمنة حرب..الصين: حروب أمريكا في العراق وسوريا وأفغانستان غير شرعية
  • العالم يتغير بعد الحرب الأوكرانية: أوروبا قد تخسر أمريكا.. والصين تربح روسيا
  • الصين تحث أمريكا على التوقف عن إشعال الأزمة الأوكرانية
  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • الصين تنتقد أمريكا بسبب جوانتانامو
  • الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون
  • أمريكا: باكستان تطور صاروخا يستطيع ضرب الولايات المتحدة
  • مخطط تقسيم الشرق الأوسط
  • إسرائيل وخطة الهيمنة على الشرق الأوسط