أمرت النيابة الإدارية برئاسة المستشار عبدالراضي صديق رئيس هيئة النيابة الإدارية، بإحالة طبيبة مقيمة بمستشفى كفر الدوار العام إلى المحاكمة التأديبية العاجلة.

ورصد مركز الإعلام والرصد مقطع فيديو تم بثه على عدد من منصات التواصل الاجتماعي، ظهرت فيه سيدة - تزعم أنّها طبيبة أمراض نساء وتوليد - تروي فيه عددًا من الوقائع لحالات من السيدات المترددات عليها لتوقيع الكشف الطبي عليهن، بما يشكل انتهاكًا لحقوق المريضات ويخالف آداب ممارسة مهنة الطب والأصول الطبية المتعارف عليها.

بلاغ لوحدة شؤون المرأة

وبإبلاغ وحدة شؤون المرأة وحقوق الإنسان وذوي الإعاقة بما تم رصده، بادرت الوحدة بفحص الواقعة وتبيّن أنّ المذكورة تعمل طبيبة بمستشفى كفر الدوار العام، وجرى إحالتها إلى النيابة المختصة لمباشرة التحقيق العاجل.

لجنة لفحص الواقعة

وخلال التحقيقات التي باشرها الحسن يحيى الصياد – وكيل النيابة، بإشراف المستشار عاطف الشواربي – مدير النيابة، أمرت النيابة بتشكيل لجنة من مديرية الشؤون الصحية في البحيرة لفحص الواقعة، وعاينت النيابة مقر عمل المتهمة بالمستشفى برفقة اللجنة المشكلة، واطلعت وتحفظت على سجلات قسم النساء والتوليد وسجلات قسم الأطفال والحَضَّانات، ودفاتر قسم الاستقبال ووارد تقارير الشرطة، وسلمتها للجنة المشكلة بأمر النيابة لإعداد التقرير الفني.

واستمعت النيابة خلال التحقيقات لأقوال عددٍ من المسؤولين بمديرية الشؤون الصحية بمحافظة البحيرة، شَمَلَت مُدير إدارة العلاج الحر، ومُدير الزمالة المصرية، ومُدير إدارة الرعاية الحرجة والعاجلة ورئيس اللجنة المشكلة للفحص.

كما استمعت النيابة لأقوال مُدير إدارة العلاج الحر بالإدارة الصحية بكفر الدوار، فضلا عن مخاطبة عددٍ من الجهات شملت إدارة العلاج الحر بالإسكندرية، إدارة العلاج الحر بالبحيرة، الأمانة العامة للجنة العليا للتخصصات الطبية – الزمالة المصرية، وتكليفها بتقديم إفادات حول درجة المذكورة العلمية ومدى أحقيتها في العمل كأخصائية نساء وتوليد بالعيادات والمستشفيات الخاصة، وكلفت النيابة قسم البحث الجنائي بمركز شرطة كفر الدوار بإجراء التحريات حول عمل الطبيبة المذكورة بعدد من العيادات الخاصة.

المخالفات المنسوبة للطبيبة 

وكشفت التحقيقات عن أنّ الطبيبة المذكورة - وبوصفها موظفًا عامًا – خالفت أحكام قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية ومدونة السلوك الوظيفي، بأن ارتكبت عددًا من المخالفات التأديبية والمسلكية تمثلت فيما يلي.

- نشر مقطع فيديو على صفحتها الشخصية على فيسبوك تضمن انتهاكًا لحقوق المريضات بأن أفشت بيانات طبية سرية لبعض المرضى، والتي كانت قد اطَّلعت عليها بحكم وظيفتها بالمستشفى دون حصولها على إذن أو تصريح مسبق من المرضى وجهة عملها.

- نشر شائعات كاذبة بأن عممت دون سند حالات فردية اطَّلعت عليها بمناسبة عملها بالمستشفى متعلقة بوجود حالات أطفال مجهولة النسب بحضَّانة مستشفى كفر الدوار العام على نحو يوحى بكثرة تلك الحالات بالمخالفة للحقيقة، وإسقاط الأفعال على عموم الشعب المصري مستخدمة خطاب تحريضي ضد النساء والفتيات ووصمهن أخلاقيًا بادعاء انتشار حالات حمل الفتيات القُصَّر دون علم ذويهم، وطلبها من الأزواج والآباء إجراء تحليل البصمة الوراثية DNA للتحقق من صحة نسب أبنائهم.

- كتابة منشور عبر صفحتها على فيسبوك، سخرت فيه من الآلام المبرحة لإحدى الحالات المرضية لسيدة وقعت الكشف الطبي عليها بعد حضورها للمستشفى بسبب ما وصفته بتعدي زوجها عليها باستخدام مادة حارقة، والتي تشكل جريمة جنائية تستوجب الإبلاغ عنها للسلطات المعنية، بما يشكل مخالفة لأحكام القانون وقَسًم ممارسة المهنة ولائحتها.

- إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بنشر عدة منشورات على صفحتها على فيسبوك مُستخدمة عبارات وألفاظ ودلالات تحط من قدر الآخرين بما لا يليق بمهنتها كطبيبة وعملها كموظف عام، مستغلة في ذلك المعلومات التي تحصلت عليها بحكم وظيفتها بهدف تحقيق نسب مشاهدة والترويج للعيادات التي تعمل بها بالمخالفة للقانون.

- ادعائها صفة أخصائية نساء وتوليد واستخدام الصفة في الدعاية لها على صفحات التواصل الاجتماعي، ومزاولتها للعمل بإحدى المستشفيات الخاصة وعدد من العيادات الخاصة بمحافظتي البحيرة والإسكندرية رغم عدم اجتيازها لفترة الزمالة اللازمة للتخصص والمقدرة قانونًا بمدة 5 سنوات.

- التعليق على حكم قضائي صادر ضد مريضة ناظرتها، مستهينة بالعقوبة الصادرة قبلها بما يشكل خلطًا لا يجوز بين أحكامها الأخلاقية الشخصية وواجبها المهني وقَسَم ممارسة المهنة ولائحتها، ومخالفة لمفهوم العقوبة الجنائية والغرض منها.

- امتناعها عن تقديم الرعاية الطبية اللازمة لإسعاف سيدة تعرضت لحالة فقدان للوعي على مدخل العيادة التي تعمل بها رغم استغاثة الأهالي بها لإسعافها، بما يشكل تقاعسًا جسيمًا عن التزامها كطبيبة بموجب نصوص الدستور والقانون، وخلطًا لا يجوز بين أحكامها الأخلاقية الشخصية وبين واجبها المهني ومخالفة لقَسَم ممارسة مهنة الطب ولائحتها.

مخالفات جسيمة

وفي ضوء ما كشفت عنه التحقيقات من مخالفات جسيمة ارتكبتها المتهمة غير مكترثة بما تفرضه عليها الوظيفة العامة عمومًا ومهنة الطب خصوصًا، من وجوب التحلي بطيب الخصال، واحترام القسم الذي أدته لممارسة المهنة، فانشغلت بالتقصي والتحري عن عورات الناس، ونصبت نفسها قاضيًا أخلاقيًا على مريضاتها من النساء والفتيات ممن لجئن إليها يلتمسن الشفاء والعلاج، ضاربةً عرض الحائط بالقسم الذي أقسمته لممارسة هذه الرسالة المقدسة، والذي يفرض عليها حماية خصوصية المرضى وصون أسرارهم وتقديم العلاج وبذل الرعاية الطبية لهم دون تمييز بأي شكل من الأشكال، بل استغلت وظيفتها في التشهير بمريضاتها وانتهاك حقهن الدستوري في الخصوصية، واستخدمت وسائل التواصل الاجتماعي في بث الشائعات والتعميم الكاذب على مجتمع بأسره لتصمه بالانحلال الأخلاقي، مع استخدامها لغة وألفاظًا لا يجوز لها أن تصدر من موظفٍ عامٍ امتهن مهنة سامية كمهنة الطب.

مخالفة قوانين مهنة الطب 

وبيّنت التحقيقات أنّ ما اقترفته المتهمة من جرمٍ تعدى مخالفة القانون المحلي ولائحة ممارسة مهنة الطب، يشكل انتهاكًا صارخًا للحق في الخصوصية كحق من الحقوق الأساسية كَفَلَتهُ أحكام الدستور المصري، والمواثيق الدولية التي وقعت وصدَّقت عليها مصر، والتي تشمل «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية، الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان». وذلك بخلاف ما تشكله تلك الأفعال من جرائم جنائية محل تحقيق أمام النيابة العامة.

وبعرض نتائج التحقيقات على فرع الدعوى التأديبية بالبحيرة، وافق المستشار أحمد حسين - مدير الفرع، على مذكرة الفحص التي أعدها المستشار عبدالرؤوف الخويسكي بإحالة المتهمة المذكورة للمحاكمة التأديبية العاجلة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أحكام الدستور أحكام القانون أحكام قانون أحمد حسين إدارة العلاج الحر الأمانة العامة الإدارة الصحية التواصل الاجتماعی إدارة العلاج الحر کفر الدوار مهنة الطب بما یشکل

إقرأ أيضاً:

التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟

سيطر على الإسرائيليين منذ صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم سعي لمعرفة ليس فقط ما جرى وإنما أيضا لماذا جرى، وبالتالي أين كان الجيش الإسرائيلي.

وحسب افتتاحية "هآرتس" أول أمس الأحد، فإن تحقيقات الجيش بينت أن السبب الأساس "لتغيب الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر في غلاف غزة هو أن أسرة الاستخبارات -والجيش والشاباك على رأسها- لم تصدق أن بوسع حماس تنفيذ هجوم منسق لآلاف المخربين في أكثر من 100 نقطة اقتحام، وأن تنجح في كسر فرقة غزة والسيطرة على جزء كبير من المنطقة التي في مسؤوليتها".

وأشارت إلى أن 7 أكتوبر/تشرين الأول هو نتاج مفهوم سياسي مشوش يمكن وفقه "إدارة النزاع" وأن "حماس هي ذخر"، الى جانب خطأ استخباري بموجبه حماس لا تريد ولا تستطيع أن تنفذ هجوما بحجم كهذا، واستعداد دفاعي مشوش، والصلات الظرفية العميقة بين هذه الأضلاع الثلاثة لا يمكن البدء بحل لغزها من دون لجنة تحقيق رسمية.

وشكّل المفهوم السياسي المشوش ما اعتبر أهم الأسباب في بلورة ما عرف بالفشل المفهوماتي، والذي قاد إلى الاستخفاف بحماس من جهة وتفسير سلوكياتها ومواقفها بشكل خاطئ.

واعتبرت التحقيقات أن نقطة التحول الجوهرية كانت في إغفال المعاني الفعلية لانتخاب قيادة حماس في 2016، والتي فاز فيها يحيى السنوار بالمكانة القيادية العليا في غزة حين بدأ تنفيذ خطة الحرب ضد إسرائيل عمليا بهدف تدميرها أو على الأقل إلحاق أذى بليغ بها.

إعلان تحرك السنوار

"وجاء في تحقيقات الجيش أن "عملية الجرف الصامد انتهت بفهم السنوار أن خطة الهجوم لن تنجح إلا إذا بدأت بمفاجأة كاملة، وأن سيطرته وجماعته على غزة في أوائل عام 2017 تعزز هذا".

وأشار التحقيق أيضا إلى أنه "في عام 2017 بدأت احتجاجات جدية ضد حماس داخل غزة، وبالتالي تحرك السنوار نيابة عن المدنيين، وفي الوقت نفسه بدأت مظاهرات السياج ضد إسرائيل، والتي انتهت بالتوصل إلى تسوية، ولم تفهم المخابرات أن حماس بهذه الطريقة كانت تعوّد إسرائيل على تصور أنها تتجه نحو التسوية، في حين كانت خطة كسر الطوق في غزة تتشكل".

السنوار استخلص الدروس من عملية "الجرف الصامد" (الجزيرة)

وكانت حماس أنشأت بعد عملية الجرف الصامد في العام 2014 -ولأول مرة- قيادة عامة تضم قادة ألوية بقيادة محمد الضيف.

وفي الواقع، كان رئيس قسم العمليات الأول في حماس رائد سعد هو من وضع خطة الغزو البري من دون أي أنفاق على الإطلاق، بسبب بناء إسرائيل الجدار تحت الأرض.

وبعد عامين فقط وصلت هذه الخطة (سور أريحا) إلى انتباه شعبة الاستخبارات، ولكن تم التعامل معها على أنها مجرد فكرة بعيدة عن الواقع.

وبحسب هذه الخطة، جرى العمل على تشكيل كتائب النخبة، على أن يتم الانتهاء من تشكيل احتياطي لكل كتيبة في عام 2019.

وكشفت المعلومات الاستخباراتية التي خرجت من غزة خلال مناورات العام الماضي عن حجم الفشل الاستخباراتي، فمنذ عام 2017 تضمنت خطة الغزو الكيبوتسات والمستوطنات التي سيتم احتلالها، والخداع والاستيلاء على رموز القوة الإستراتيجية في الجنوب، مثل محطات الطاقة ومراكز الشرطة، والوصول إلى مدن مثل بئر السبع وأسدود والمجدل.

تقليص التدريبات

وبسبب تفشي كورونا قررت حماس تحويل الموارد من تدريبات النخبة إلى مكافحة الوباء، وخلال هذه الفترة زاد تقليص التدريبات تهدئة إسرائيل.

وكشفت المواد الاستخباراتية التي تم جمعها من غزة خلال العمليات ضد حماس خلال العام الماضي أن خطة "سور أريحا" شملت منذ عام 2016 آلاف المقاتلين في 6 كتائب لغزو إسرائيل.

وكشفت التحقيقات أن "هذه الخطة تم تجاهلها في عام 2019 في أحد تقييمات الوضع الاستخباراتي تحت إدراك أنها غير محتملة".

حماس عدلت إستراتيجيتها مع تفشي وباء كورونا (الجزيرة)

كما كشفت التحقيقات أن الخداع الإستراتيجي لحماس تكثف في العامين السابقين للحرب عندما عضت المنظمة الإرهابية شفتيها في جولات التصعيد مع إسرائيل وتركت "الجهاد الإسلامي" وحيدة في الميدان.

إعلان

وفي غزة، اعتقدوا في مايو/أيار 2022 أن هذا هو الوقت المناسب لإطلاق خطة الهجوم، وبالتالي ينبغي لحماس أن تبادر إلى التحرك لتحقيق أحد 3 أهداف، من الصغير إلى الكبير على الأقل: تغيير ميزان الردع مع إسرائيل، وتحرير الضفة الغربية، وتدمير إسرائيل كدولة إذا انضم الحلفاء بقيادة حزب الله إلى الهجوم.

وعموما، كل تصرفات حماس لم تثر شكوكا جدية لدى شعبة الاستخبارات ووحدة الأبحاث، ولم تنشأ في الإطار الاستخباري حالة تحاول التناقض مع التصورات القائمة.

وهذا ما خلق وهم اليقين وإدراكا زائفا للتفوق الاستخباراتي كجزء من الفهم في إسرائيل بأن أعداءنا أدنى، وأن وفرة المعلومات تجعل العدو "شفافا" أمامنا بالفعل، وهو ما خلق حقا شعورا بالزيف.

وبحسب التحقيقات، فإن سياسة إسرائيل في التفريق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس أدت إلى تقوية الحركة على مر السنين، بما في ذلك عبر تدفق الأموال القطرية إلى غزة والمساعدات الإنسانية.

وقد اختارت إسرائيل سياسة "إدارة الصراع" التي تهدف إلى الحفاظ على الواقع القائم، وبعبارة أخرى يمكن إيجاد فترات هدوء في ضوء الفهم بأن حماس ليست معنية بحرب واسعة النطاق ولا تستعد لها.

عنوان حماس

وتظهر التحقيقات العسكرية التي نشرت تحت عنوان "تصورات إسرائيل لقطاع غزة" أن المستوى السياسي أراد أن تبقى حماس عنوانا، وأن الجيش لم يبدِ في أي وقت اعتراضا على هذه السياسة.

ورأت أن هذا المفهوم إلى جانب مفهومي "إدارة الصراع" و"ردع حماس" ساهمت بشكل حاسم في النتائج القاتلة التي أسفر عنها هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، وأن هذه المفاهيم السياسية والعسكرية التي ترسخت على مدى سنوات تبين أنها كارثية.

لوحة تحمل نقشا بالعبرية يقول "فكر جيدا فيمن يستفيد من انقسامنا.. الوحدة الآن" مع صورة ليحيى السنوار (الفرنسية)

وفي نظر التحقيقات بدأت هذه التصورات تتشكل في بداية العقد الماضي، واشتدت حتى انفجرت صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

إعلان

وكان المفترق المركزي والمصيري -وفقا أيضا لتحقيقات أخرى أجريت في جيش الدفاع الإسرائيلي- هو عملية حارس الأسوار في مايو/أيار 2021، وعند هذه النقطة تباعدت الطرق التي رأى بها الجانبان الصراع: في إسرائيل كانوا مقتنعين بأن حماس تعرضت لضربة قاتلة، بما في ذلك أنفاقها القتالية (عملية الخداع الفاشلة للقيادة الجنوبية)، وكدليل على ذلك استنتجوا خطأ أنها رُدعت عن الانضمام إلى جولتي القتال اللتين دارتا بعد ذلك "الفجر" و"الدرع والسهم"، تاركة "الجهاد الإسلامي" وحيدة.

ولم تعترف إسرائيل بأن "حارس الأسوار" كانت بالنسبة لحماس المحرض الرئيسي لشن "حرب التحرير" من خلال جعل خطة الغزو -التي أطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "سور أريحا"- قابلة للتنفيذ.

وفي الخلفية، كان زعيم حماس يحيى السنوار متحمسا عندما رأى أنه نجح في توحيد الساحات حول قضية الحرم القدسي خلال مايو/أيار 2021، لم يقاتل سكان غزة فحسب، بل انتفض أيضا مواطنو إسرائيل العرب في العنف، كما اكتسبت قضية القوة العسكرية زخما في الدول العربية بالمنطقة.

لكن جذور الفشل -وفقا لتحقيقات الجيش- تكمن في النهج الإسرائيلي الذي اتبعته الحكومة منذ بداية العقد الماضي، والذي تجاوز رؤساء الأركان وحصل على دعمهم أيضا.

وقد تجلى هذا التوجه لأول مرة في عملية "عمود السحاب" في نوفمبر/تشرين الثاني 2012، وبلغ ذروته في الفرصة الأخيرة لهزيمة حماس في المناورة البرية بعملية الجرف الصامد في صيف عام 2014.

وكان القرار الإستراتيجي الذي وصل إلى الجيش من المستوى السياسي هو أن سحق حماس ليس الهدف، ويجب ردعها قدر الإمكان.

أنفاق التسلل

ويقول مصدر في الجيش الإسرائيلي "كانت عملية الجرف الصامد هي اللحظة التي أثير فيها السؤال لأول مرة بشأن ما إذا كان ينبغي هزيمة حماس، "وبعد ذلك صدرت التعليمات إلى الجيش الإسرائيلي بالتركيز فقط على إزالة التهديد المتمثل في أنفاق التسلل وإبقاء حماس في السلطة في غزة، وكان نجاح هذه العملية يقاس بمقدار الهدوء الذي جلبته حتى التصعيد التالي".

جنود إسرائيليون يدخلون نفقا تم اكتشافه بالقرب من الحدود مع غزة في أكتوبر 2013 (أسوشيتد برس)

وأدى ذلك على مر السنين إلى انتشار هذا النمط من الوعي والتغلغل، من أول ضباط البحث وجمع المعلومات في وحدة 8200 في إدارة المخابرات إلى آخر رجال الجيش النظاميين على حدود غزة.

وكل التوصيات الاستخباراتية والتفسيرات البديلة للعلامات التي تشير إلى الليلة بين 6 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اعتمدت على المفهوم نفسه.

إعلان

وعلى الأرض -وبحسب تحقيقات الجيش- تدهورت على مر السنين الطريقة التي تدافع بها القوات عن الحدود، إذ لم يشمل نظام الإنذار عند الفجر الذي يتم بموجبه رفع مستوى التأهب كل صباح جميع المقاتلين في المواقع كما كان الحال في الماضي.

وبالإضافة إلى ذلك، كان اعتماد القوات على العائق الجديد على الحدود وعلى المراقبة وعلى التكنولوجيا ضارا بها.

وكذلك الحال مع التسهيلات في الإجازات، ففي عطلات نهاية الأسبوع كان يتم تقليص القوات في القطاع حتى يتمكن المزيد من المقاتلين من الاستمتاع بالإجازة في منازلهم وكأن موقع ناحال عوز هو قاعدة كرياه في تل أبيب.

وعلى أي حال، فإن فكرة ردع حماس أدت إلى تقليص حجم الجيش على مدى العقد الماضي وتقليص مستمر في تدريب قوات الاحتياط على الأرض.

ويقول مصدر في جيش الدفاع الإسرائيلي "هذا فشل أكبر من حرب يوم الغفران، لأنه في تلك الحرب كان هناك إنذار مسبق، وكان هناك نقاش بشأن ما إذا كان ينبغي تعبئة قوات الاحتياط أم لا".

بلا اعتراض

ولم يعترض أحد في الجيش على هذا، كما يؤكد التحقيق أن هذا المفهوم كان يجري في دم كل ضابط كبير أو مسؤول بالجيش.

ويشير التحقيق إلى أن "النهج القيادي من القمة حتى طوال الأشهر التي سبقت الحرب كان التركيز على إيران، وتوسيع اتفاقيات أبراهام والحفاظ على دور السلطة الفلسطينية".

شيوع وهم أن حماس مردوعة أدى إلى تقليص حجم الجيش الإسرائيلي (الأوروبية)

ولخص التحقيق التوجه الإسرائيلي المتبع: من الجيد أن تبقى حماس عنوانا في غزة جزئيا لصعوبة إيجاد بديل لها، خاصة أن التهديدات من الضفة الغربية أكثر خطورة من تلك الموجودة في قطاع غزة.

وأضاف التحقيق "لم يكن هناك أي نقاش على الإطلاق بشأن إمكانية إنهاء الصراع أو استعادة السيطرة الإسرائيلية على قطاع غزة".

ونتيجة لهذا المفهوم لم يزد حجم القوات في فرقة غزة إلا بالكاد طوال عقد من الزمن، باستثناء قوة إضافية لتأمين أعمال بناء الجدار، وبلغ عدد السرايا التي تحرس 65 كيلومترا من الحدود مع قطاع غزة 14 سرية.

إعلان

وفي صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول دافع عنها 671 مقاتلا في مواجهة آلاف المقاتلين الذين اقتحموا الحدود، وتزامن ذلك -بحسب التحقيقات- مع زيادة بنسبة 40% في عدد الكتائب والسرايا الموجهة إلى فرقة يهودا والسامرة ابتداء من مارس/آذار 2022 "عملية كاسر الأمواج".

كما وصلت بعض التعزيزات إلى الضفة الغربية من احتياطي الطوارئ المخصص لغزة في الأيام التي سبقت 7 أكتوبر/تشرين الأول.

مقالات مشابهة

  • حسام موافي يحذر من آلام الكتف الأيسر: قد تنذر بأزمة في القلب.. فيديو
  • التحقيقات الإسرائيلية تكشف.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك في 7 أكتوبر؟
  • التحقيقات الإسرائيلية بفشل 7 أكتوبر.. كيف خدعت حماس الجيش والشاباك؟
  • شاهد | إعلام العدو الصهيوني: ما يُكشف في التحقيقات يُظهر عُشر الفشل فقط‍
  • المحيبس.. لعبة رمضان التي يجتمع عليها العراقيون (صور)
  • وصول دفعة جديدة من أطفال غزة المرضى إلى الأردن لتلقي العلاج
  • أحمد فهمي ضحية “رامز إيلون مصر”: تعهد واعتراف بالطلاق!
  • رئيس صندوق مكافحة السرطان الدكتور عبدالسلام المداني: الصندوق يُحدث نقلة نوعية بتوسيع خدماته العلاجية إلى سبع محافظات
  • توزيع أدوية ومستلزمات طبية لنزلاء الإصلاحيات المركزية بمحافظة البيضاء 
  • إسلام فوزي يواصل السخرية الكوميدية في استلام فوري عن نجوم دراما رمضان 2025