مؤرخ أميركي: الإسرائيليون لا يفهمون الصراع ويعيشون وعيا زائفا
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية حوارا أجراه الصحفي إيتاي ماشياخ مع المؤرخ الأميركي الجنسية الفلسطيني الأصل رشيد الخالدي، تناول عددا من القضايا تمثل تحولا في طبيعة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومآلاته المحتملة.
وبدا الخالدي -الذي تقاعد من العمل أستاذا بجامعة كولومبيا الأميركية الشهر الماضي بعد 22 عاما- على قناعة بأن الإسرائيليين لا يفهمون هذا الصراع، لأنهم ببساطة يعيشون في ما يسميها "فقاعة الوعي الزائف".
ويُوصف الخالدي -وفق المحاور- بأنه أهم مفكر فلسطيني في جيله وأبرز مؤرخ على قيد الحياة لفلسطين، وأنه خليفة المفكر والناقد الأدبي الفلسطيني الأميركي الراحل إدوارد سعيد.
وفي كتابه "حرب المئة عام على فلسطين.. قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة" الذي نُشر في عام 2020 وصدر بنسخته العربية عن الدار العربية للعلوم ناشرون في 2021، ركز الخالدي على بعض الأحداث التي رأى أنها تمثل تحولا في الصراع على فلسطين.
وأشارت صحيفة هآرتس إلى أن الكتاب قفز بعد طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى قائمة صحيفة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعا، وظل مدرجا فيها على مدى 39 أسبوعا متتاليا تقريبا.
ويجادل الخالدي (67 عاما) بأن الحرب التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة ليست هي "11 سبتمبر/أيلول الإسرائيلية" -في تشبيه لهجمات تنظيم القاعدة على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001- كما أنها ليست نكبة جديدة.
ويضيف أن الطريقة الوحيدة لفهم الحرب المستعرة في قطاع غزة هي في سياق الصراع المستمر في فلسطين منذ قرن من الزمان.
بايدن مع بعض أفراد عائلته وهو يحمل نسخة من كتاب الخالدي "حرب المئة عام على فلسطين.. قصة الاستعمار الاستيطاني والمقاومة" (الفرنسية) "إسرائيليون أكثر من الإسرائيليين"وفي الفترة من 1991 إلى 1993، كان الخالدي مستشارا للوفد الفلسطيني في محادثات السلام في مدريد وواشنطن. ووفقا للحوار، فإنه أسهب في انتقاد الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في المفاوضات في كتاب سابق له بعنوان "وسطاء الخداع" في عام 2013، التي يرى أنها لم تؤدِّ إلا إلى جعل إمكانية تحقيق السلام أبعد مما هو متصور.
وهاجم الخالدي الولايات المتحدة قائلا إن الأميركيين "كانوا (خلال المفاوضات) إسرائيليين أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. فإذا تحدث الإسرائيليون عن الأمن، ينحني الأميركيون ويضربون رؤوسهم بالأرض".
الخالدي: الأميركيون كانوا خلال مفاوضات مدريد وواشنطن إسرائيليين أكثر من الإسرائيليين أنفسهم. فإذا تحدث الإسرائيليون عن الأمن، ينحني الأميركيون ويضربون رؤوسهم بالأرض".
لكنه خص الرئيس الأميركي جو بايدن بأعنف هجوم، إذ وصفه بأنه رأس حربة الدعاية الإسرائيلية (الهسبارا)، وأن موقفه كان الأكثر تطرفا حيث "يتكلم كما لو كان هو المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغري".
ورغم أن تلك الانتقادات للولايات المتحدة ودولة الاحتلال قد تبدو مزعجة للأذن الإسرائيلية -حسب تعبير ماشياخ- فإن الخالدي أثار حنق الجيل الأصغر سنا "والأكثر تشددا" من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين في أميركا الشمالية بردوده الدقيقة على الأحداث منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. ولكنه يؤكد أن هذا الأمر لا يهمه.
ومع أنه وصف هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل العام الماضي بأنه كان جريمة حرب، فهو يشعر اليوم بالغضب قائلا إنه تأثر بما حدث على كل المستويات.
وخلال الحوار الذي أُجري معه عبر الإنترنت في أواخر أكتوبر/تشرين الأول ومنتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال المحاور إن موافقة الخالدي على الحديث معه كانت من منطلق اهتمامه بإبقاء قناة التواصل مع الإسرائيليين مفتوحة وواضحة، معتبرا ذلك عنصرا أساسيا في الطريق إلى النصر.
ومن وجهة نظر الخالدي، فإن الإسرائيليين يعيشون في "فقاعة صغيرة من الوعي الزائف" الذي يصنعه لهم إعلامهم وسياسيوهم، ويقللون من درجة معرفة بقية العالم بما يجري في الواقع.
طنجرة الضغطوعن طوفان الأقصى، قال الخالدي إنه لم يكن يظن أن حركة حماس يمكن أن تشن مثل هذا الهجوم الضخم. وعزا الهجوم إلى الضغط المتواصل الذي يئن من وطأته الفلسطينيون طوال عقود من الزمن، وشبَّه ذلك بطنجرة الضغط، مضيفا أن الانفجار كان سيحدث إن عاجلا أو آجلا.
وذكر الخالدي أن من الواضح تماما أنه -وعلى امتداد الطيف السياسي الإسرائيلي بأكمله من أقصاه إلى أقصاه- لم يكن هناك قبول لفكرة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة ومستقلة تماما تمثل حق تقرير المصير.
الخالدي: لا يمكن لدولة ذات سيادة أن يكون سجل سكانها ومجالها الجوي ومواردها المائية تحت سيطرة قوة أجنبية، فهذه ليست سيادة.
وفي سؤاله بشأن المفاوضات، التي عُقدت في مدينة طابا المصرية عام 2001 ومدينة أنابوليس بولاية ماريلاند الأميركية عام 2007 والتي تطرقت إلى موضوع السيادة، قال المؤرخ الفلسطيني إنه لا يمكن لدولة ذات سيادة أن يكون سجل سكانها ومجالها الجوي ومواردها المائية تحت سيطرة قوة أجنبية، فهذه "ليست سيادة".
وطالت سهام نقده منظمة التحرير الفلسطينية التي يزعم أنها ابتعدت عن هدفها المعلن المتمثل في تحرير كل فلسطين. ولفت إلى أن الأمر انتهى بالمعارضين في المنظمة إلى الانضمام إلى حركتي حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وغيرهما.
وعن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل، قال الخالدي إنه لم يكن بإمكان الحركات الطلابية في أميركا تمرير مثل هذه القرارات في الحرم الجامعي قبل 20 عاما، لكن الأمر بات سهلا اليوم.
الخالدي: الإسرائيليون يتهمون كل من يجرؤ على التحدث عن هذه الإبادة الجماعية في غزة بمعاداة السامية "لأنهم لا يملكون حججا" (الجزيرة)ومضى إلى القول إن الإسرائيليين يتهمون كل من يجرؤ على التحدث عن هذه الإبادة الجماعية في قطاع غزة بمعاداة السامية "لأنهم لا يملكون حججا".
الناس ضاقوا ذرعا بفتحولكن ماذا عن دور الدين وتطلعات الفلسطينيين الإسلامية؟ يجيب المؤرخ أنه عندما كانت منظمة التحرير الفلسطينية في أوج مجدها، كان الإسلاميون في قمة ضعفهم، بل إن نشاطهم السياسي كاد يكون منعدما. ومع تغير الوضع، قال إنه يعرف أن مسيحيين في بيت لحم صوتوا لحماس في انتخابات 2006 "لأنهم ضاقوا ذرعا بحركة فتح".
وحول دور فلسطينيي الشتات، أعرب الخالدي عن اعتقاده بأنهم قد اندمجوا وتأقلموا تماما وفهموا الثقافة السياسية للبلدان التي يوجدون فيها، وسيكون لهم دور مهم في المستقبل.
وعن رأيه في الكفاح المسلح من منظور أخلاقي، أكد أن العنف يولد عنفا، واصفا عنف "المستعمِر" بأنه أشد من عنف "المستعمَر" بنحو 3 إلى 20 إلى 100 مرة.
ومن الناحية القانونية -يضيف الخالدي- يحق للشعوب التي ترزح تحت الاستعمار استخدام جميع الوسائل لتحريرها في حدود القانون الدولي الإنساني.
وبسؤاله عن إقامة حكومة فلسطينية في المنفى، قال إنه هناك حاجة لوجود قيادة في الخارج، على أن ينتهي الأمر في المستقبل بأن يكون بعضها في الخارج والآخر في الداخل.
وانتقد قرار الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات نقل القيادة الفلسطينية بأكملها إلى الخارج، واعتبره من بين الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها. وأشار إلى أن تلك الزعامات كانت في أمسّ الحاجة إلى مغادرة تونس وأماكن أخرى كانوا يقيمون فيها، وذلك بسبب "الخطأ" الذي ارتكبوه في دعم الرئيس العراقي صدام حسين في 1990-1991.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
لماذا تجاهل العراق الجانب الإنساني في قضية تسليم الخالدي؟
2 يناير، 2025
بغداد/المسلة: أثار تسليم العراق للمعارض الكويتي سلمان الخالدي إلى الكويت موجة واسعة من الغضب الشعبي والنقاشات الحادة، حيث اعتبر البعض الخطوة تعسفية وغير مدروسة، متسائلين عن مدى الالتزام بالجوانب الإنسانية والسياسية في مثل هذه القضايا الحساسة.
الخالدي، الذي كان قد اراد اللجوء في العراق، كان يأمل في أن يجد ملاذًا آمنًا بعيدًا عن الملاحقات القضائية الكويتية، إلا أن القرار العراقي أثار حفيظة العديد من الناشطين والسياسيين الذين رأوا أن التسليم تم دون مراعاة كافية للظروف المحيطة.
تحليل قانوني معقد
وفي هذا السياق، صرح الخبير القانوني علي التميمي بأن العراق، وفقًا للقوانين الدولية والمحلية، قد يكون موقفه سليمًا قانونيًا، حيث أشار إلى أن تسليم المطلوبين الجنائيين يتماشى مع اتفاقيات دولية، مثل اتفاقية الإنتربول لعام 1956. وأكد أن الخالدي ليس لاجئًا سياسيًا أو إنسانيًا وفق التصنيفات المعترف بها، بل مطلوب جنائيًا بأحكام قضائية صدرت بحقه قبل لجوئه إلى العراق.
التميمي أوضح أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة باللجوء، مثل اتفاقية عام 1951، تحظر تسليم اللاجئين السياسيين، لكنها لا تشمل المطلوبين في قضايا جنائية. وأضاف أن القانون العراقي رقم 51 لسنة 1971 يمنع تسليم اللاجئ السياسي إلا في حالات استثنائية، وهو ما لا ينطبق على حالة الخالدي وفق المعطيات القانونية.
وعلى الرغم من التبريرات القانونية، يرى منتقدو الخطوة أن الجانب الإنساني والسياسي كان يستوجب التروي وإجراء تحقيق معمق في ملف الخالدي قبل اتخاذ قرار التسليم. واعتبروا أن الإسراع في تسليمه قد يعكس ضغوطًا سياسية أو اتفاقات غير معلنة بين البلدين.
من جانب آخر، تصاعدت مطالبات داخلية بمراجعة سياسات العراق في التعامل مع اللاجئين والمعارضين السياسيين، لضمان التوازن بين الالتزامات الدولية والاعتبارات الإنسانية والوطنية.
تساؤلات شعبية وانتقادات واسعة
وعبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن استيائهم من القرار، حيث كتب أحدهم: “لماذا نمنح الأمان للاجئ ثم نسلمه؟ أين المصداقية؟”. بينما قال آخر: “إذا كان مذنبًا، لماذا لم يتم محاكمته داخل العراق؟ لماذا اللجوء إلى التسليم السريع؟”.
واعتبر ناشطون ان ما حدث، يخدش مصداقية الشعارات التي ترفع في العراق، سيما وان المعارض الكويتي زار المراقد الدينية المقدسة في كربلاء والنجف، وكان يعتقد انه سيجد فيها الأمن والأمان.
هذه القضية تسلط الضوء على تعقيدات التعامل مع ملفات اللجوء السياسي والإنساني في العراق، بين الالتزامات القانونية والدوافع السياسية، ما يفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول ممارسات الدولة في هذا المجال ومدى التزامها بحقوق الإنسان.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts