قالت دار الإفتاء المصرية أن حب الأوطان غريزة فطرية راعاها الشرع وأكد عليها، لذا أمر بالمحافظة على سلامة الأوطان بحيث يكون نابعًا من شعور الإنسان بالانتماء إليه وحنينه إلى المكان الذي ترعرع فيه وأصبحت له فيه ذكريات تربطه بمَن نشأ بينهم من أهل وأحباب.

 

مفهوم الوطن 

وضحت الإفتاء أن الوطن لغة هو المَنْزِلُ تقيم به، وهو مَوْطِنُ الإنسان ومحله، والجمع أَوْطان، وأَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها وأَماكنها التي تأْوي إليها.

ووَطَنَ بالمكان وأَوْطَنَ: أَقام. وأَوْطَنَهُ: اتخذه وَطَنًا، يقال: أَوْطَنَ فلانٌ أَرض كذا وكذا، أَي اتخذها محلًّا ومسْكَنًا يقيم فيها. 


فالوطن: هو الأرض التي يعيش عليها مجموعة من الناس وينتسبون إليها نسبة تشبه نسبتهم لآبائهم وأجدادهم وقبائلهم، فيقال: فلان بن فلان المصري نسبة إلى مصر، أو المكي نسبة إلى مكة المكرمة وهكذا، وحب الوطن معنًى فطري غريزي نابع من شعور الإنسان بالانتماء إليه وحنينه إلى المكان الذي ترعرع فيه وأصبحت له فيه ذكريات تربطه بمن نشأ بينهم من أهل وأحباب.

 


حب الأوطان فطرة الإنسان

وتابعت الإفتاء في بيانها عن حب الوطن، أنه غريزة جُبلت عليها النفس البشرية السوية، ولقد ضرب رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم أروع الأمثلة في حب الوطن؛ حيث تأسف على إخراجه من وطنه ومكان مولده (مكة المكرمة)؛ فعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج بمكة؛ حتى إذا كان بمكان قد سمَّاه قال: «وَالله إِنَّكَ لَخَيْرُ أَرْضِ الله وَأَحَبُّهُ إِلَى الله تَعَالَى، وَلَوْلَا أَنِّي كُنْتُ أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».

كما عبَّر صلى الله عليه وآله وسلم عن حنينه إلى هذا الوطن بنفس العبارة مرة أخرى، فقال وهو مشاهد أطلال مكة يوم الفتح: «وَاللهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللهِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».

وفي رواية ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمكة: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ» أخرجه الترمذي في "جامعه".

بل إنَّه صلى الله عليه وآله وسلم حينما هاجر إلى المدينة لم ينسَ مكة، بل زاد شوقه إليها، ودعا ربه أن يحبب إليه المدينة كما حبب إليه مكة، فجاء في الحديث "المتفق عليه" واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الافتاء المصرية حب الأوطان الوطن صلى الله علیه وآله وسلم

إقرأ أيضاً:

حكم ما يُسمى بـ"طلعة رجب" لتوزيع الصدقات عند المقابر

قالت دار الإفتاء المصرية إن الصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا». أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".

ومن المعلوم أن شهر رجب من الأشهر الحرم التي رغَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الناس في الإقبال على الطاعات فيها، وبالأخص ما يكون نفعه متعديًا؛ كالصدقات وإطعام الطعام.. ونحو ذلك.

فعن نُبَيْشَةَ رضي الله عنه، قال: نادى رجل وهو بِمِنًى فقال: يا رسول الله، إنا كنا نَعْتِرُ عَتِيرَةً في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: «اذْبَحُوا فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَطْعِمُوا». أخرجه النسائي في "سننه".

الصدقة
والصدقة عن الميِّت جائزة ومستحبة شرعًا ويصل ثوابها له، سواء أكان التصدق عن الميت في شهر رجب، أم في غيره من الشهور، وهي في رجب وغيره من الأوقات الفاضلة أرجى ثوابا.

وأوضحت الإفتاء أنه لا يوجد حرج في توزيع هذه الصدقات عند القبر أو في أي مكان يتوارد عليه المساكين والفقراء وذوو الحاجة؛ لأن الجواز يعمُّ جميع الأزمنة والأحوال والأماكن متى روعيت الضوابط والآداب، وليس ثمة دليلٍ شرعي يدل على تخصيص هذا الجواز، فقصره على زمن دون زمن، أو على حال دون حال، أو على مكان دون مكان يعدُّ تضييقًا لما وسَّعَه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

مشروعية الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه

أضافت الإفتاء أن من المقرَّر شرعًا جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها إليه؛ وقد وردت جملة من الأحاديث النبوية الشريفة تدلُّ على ذلك؛ منها: ما ورد عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ تَصَدَّقْ عَنْهَا» متفق عليه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه توفِّيت أمه وهو غائب عنها، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه البخاري.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهَلْ يُكَفِّرُ عَنْهُ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» أخرجه مسلم.

وقد أجمع الفقهاء على جواز الصدقة عن الميت ووصول ثوابها للمتوفَّى ولم يُعرف بينهم خلاف فيه.

قال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (20/ 27، ط. أوقاف المغرب): [أمَّا الصدقة عن الميت فمجتمع على جوازها لا خلاف بين العلماء فيها] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 323، ط. دار الفكر): [أجمع المسلمون على أنَّ الصدقة عن الميِّت تنفعه وتصله] اهـ.

وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (2/ 83، ط. الأميرية): [الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة؛ صلاة كان أو صوما أو حجًّا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار، إلى غير ذلك من جميع أنواع البر، ويصل ذلك إلى الميت وينفعه] اهـ.

حكم توزيع الصدقات عند زيارة المقابر على روح المتوفين في شهر رجب

أما بالنسبة لعادة بعض الناس في إخراج تلك الصدقة في زمان معين أو مكان محدد؛ وذلك نحو ما يفعله البعض من توزيع الصدقات في شهر رجب عند زيارة قبور الأقارب المتوفّين، وذلك بنية وهب ثواب إخراج الصدقة عند الميت، فهذا لا حرج فيه شرعًا، بشرط وصول ثواب هذه الصدقة إلى المقصودين.

والصدقة في الأيام والشهور الفاضلة مستحبة شرعًا، فقد روي عن محمد بن مَسْلَمَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".

وعن لقيط بن عامر رضي الله عنه أنَّه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إِنَّا كُنَّا نَذْبَحُ ذَبَائِحَ فِي رَجَبٍ فَنُطْعِمُ مَنْ جَاءَنَا، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا بَأْسَ» قال وكيع: لَا أَتْرُكُهَا أَبَدًا. أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار".
 

مقالات مشابهة

  • مدى مشروعية مقولة "خد الشر وراح"
  • الإفتاء: الأحاديث النبوية جاءت صريحةً في استحباب الذبح في رجب
  • حكم الشرع في "العتيرة" ذبيحة شهر رجب
  • حكم الصيام تطوعا في رجب وشعبان دون غيرهما
  • حكم دفع تكاليف الفرح للفقراء والمحتاجين
  • دار الإفتاء توضح الحكمة من قراءة سورة الإنسان في صلاة فجر الجمعة
  • حكم ما يُسمى بـ"طلعة رجب" لتوزيع الصدقات عند المقابر
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • ما أفضل دعاء بعد الوضوء؟.. 7 كلمات تفتح لك أبواب الجنة الثمانية
  • جمعة رجب