لحظات عصيبة يعيشها الفلسطينيون، ومن بينهم عائلة حمودة التي لا تزال محاصرة داخل منزلها في بلدة بيت لاهيا، الملاذ الأخير لأهالي شمال غزة، مع استمرار المجازر منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

واصفًا معاناة الفلسطينيين شمال غزة وسط الموت والجوع والرعب، قال أسامة حمودة أحد أفراد العائلة المحاصرة إن "جيش الاحتلال الإسرائيلي كثف في الليالي الماضية استهداف البلدة ومحيطها، وتقدمت الآليات صوب منازل المواطنين ومراكز الإيواء من أكثر من محور وغطت الطائرات المسيّرة والقناصة المنطقة بالنار لتستهدف كل هدف متحرك".

"إلى جانب ذلك، نفذت القوات الإسرائيلية عمليات نسف وتفجير طالت عددا من الشوارع بالبلدة، وتركت دمارا هائلا في منازل المواطنين والبنية التحتية، تكشّف مع بزوغ شمس الصباح وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية"، وفق حمودة.

وعن لحظات الرعب التي عاشها وعائلته مؤخرا، قال "لم نكن نتوقع أن ننجو بتلك الليلة ولا بأي شكل، كنا ننتظر اللحظة التي ينهار فيها البيت علينا، لكن عناية الله حفظتنا وما زلنا أحياء حتى هذا الوقت".

وخلال الأسابيع الماضية أجبر جيش الاحتلال الفلسطينيين في شمال القطاع على النزوح إلى خارج المحافظة، لكن من رفض الأوامر منهم اتجه إلى بيت لاهيا وهناك مكث النازحون في بعض مراكز الإيواء والمنازل.

ويعيش النازحون في بيت لاهيا أوضاعا كارثية بسبب قلة المياه والطعام والقصف الإسرائيلي المتصاعد ضدهم.

وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي بدأ جيش الاحتلال اجتياحا بريا لشمال غزة بذريعة "منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة"، في حين يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال شمالي القطاع وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجير سكانه.

الليالي المرعبة

وقال حمودة "رفضنا منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية النزوح من منزلنا رغم اقتراب الجيش والآليات منا أكثر من مرة والقصف المتواصل الذي تشتد وتيرته يوميا".

وأوضح المحاصر الفلسطيني "نعاني من نقص الماء والطعام وفوق كل ذلك ينتشر الموت في كل مكان، لأن الاحتلال يحاول دفعنا للخروج بأي ثمن لكي ينفذ مخططاته الاستيطانية".

وعن تكثيف إسرائيل استهداف الملاذ الأخير لأهالي الشمال، قال حمودة "الليالي السابقة كانت مختلفة، ولأول مرة ينتشر القناصة، وتتقدم الآليات بشكل مفاجئ من عدة محاور، وتنفّذ سلسلة عمليات نسف بالبلدة، وتتوغل في شوارع لم تدخلها من قبل".

حمودة أضاف أن أصعب عمليات التفجير كانت في محيط مدرسة عوني الحرثاني، التي كانت تستعمل كمركز إيواء خلال الحرب، قبل أن يتم إحراقها لأكثر من مرة خلال الاجتياح الحالي، كذلك تم تنفيذ تفجيرات في شوارع مشروع بيت لاهيا بشكل مكثف وتحولت هناك المنازل إلى ركام.

المعاناة نفسها يعيشها الشاب مؤمن قادوس، الذي نزح في مدرسة "أبو تمام" وسط بيت لاهيا.

وقال قادوس "اعتقدنا أكثر من مرة في الليالي الماضية أن الجيش سيقتحم علينا المدرسة لإجبارنا على النزوح أو اعتقالنا لأن أصوات الآليات كانت تقترب صوبنا بشكل كبير وكنا نسمعه بوضوح".

وأضاف أن الليالي السابقة كانت صعبة جدا ولم تخل فيها دقيقة من صوت قصف أو نسف أو إطلاق نار.

وفي معرض وصفه للحالة داخل مركز الإيواء الذي يقيم فيه، قال إنها "كارثية، والخوف ينتشر بكل مكان وبين النازحين، ومعظمهم نساء وأطفال".

وشدد "كنا نتوقع أن تنتهي العملية العسكرية في أسابيع معدودة كما سابقاتها، لكن مع اقتراب إنهاء شهرها الثاني، اشتدت الحالة صعوبة والموت يقترب أكثر من كل شخص صمد في شمال قطاع غزة".

مجازر لا تنتهي

لا تتوقف المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في شمال قطاع، والتي زادت خلال الأيام الماضية في بيت لاهيا الملاذ الأخير للنازحين بالمنطقة.

أبرز المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي خلال اليومين الماضيين كانت بحق عائلات: البابا، وأحمد، والأعرج.

ولم تتمكن أي طواقم طبية من الوصول للمنازل المستهدفة بسبب إخراج منظومة الطوارئ عن العمل في شمال قطاع غزة منذ أسابيع، وتدمير سيارات الإسعاف والدفاع المدني.

ووفق مصادر طبية تحدثت لمراسل الأناضول، فإن المجازر الإسرائيلية منذ الخميس إلى السبت، أسفرت عن استشهاد نحو 150 فلسطينيا، معظمهم سقطوا في بيت لاهيا.

ورغم عدم قدرة الطواقم الطبية على العمل في شمال قطاع غزة، يحاول بعض الشبان والأهالي التوجه صوب المنازل المستهدفة لمحاولة استخراج جثامين القتلى والمصابين ونقلهم للعلاج.

ومن بينهم، الشاب صائب يوسف، الذي وصل أكثر من منزل قصفه الجيش الإسرائيلي فوق رؤوس أهله في بلدة بيت لاهيا خلال الأيام الماضية.

وقال يوسف "نحاول قدر الإمكان استخراج الجثث والمصابين دون أي معدات، ونجحنا في مرات، وفي مرات كثيرة وقفنا عاجزين لا نتمكن من فعل أي شيء، رغم سماعنا لأصوات مواطنين أحياء يطلبون النجدة تحت الركام".

وأكد قائلا "كل منزل يقصف فيه عشرات النازحين وجميعهم يموتون لأنه لا يوجد وسيلة لإنقاذهم ولرفع الركام من فوقهم".

واختتم يوسف بالقول "لو توفرت إمكانيات لانتشال الضحايا سيكون عدد القتلى أقل من ذلك بكثير، لكن الاحتلال يتعمد زيادة أعداد الشهداء للانتقام ممن رفضوا النزوح وترك منازلهم".

وبدعم أميركي، تشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على قطاع غزة خلفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الملاذ الأخیر جیش الاحتلال فی شمال قطاع بیت لاهیا قطاع غزة شمال غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يرتكب مجازر ليلية في غزة ويستهدف خيمة للصحفيين في خان يونس (شاهد)

استشهد وأُصيب عشرات الفلسطينيين، بينهم أطفال ونساء، ليلة الاثنين، جراء غارات وقصف مدفعي مكثّف شنّه الاحتلال الإسرائيلي على مناطق شرقي مدن رفح وغزة وخان يونس، في قطاع غزة، فيما أُجبر الأهالي على مغادرة مناطق في دير البلح، بعد تلقيهم تهديدات عسكرية باستهدافها.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" باستشهاد 6 فلسطينيين، جلهم من الأطفال، وإصابة آخرين، إثر قصف طائرات الاحتلال منزلا في شارع الميكانيكية وسط خان يونس، جنوب القطاع.

اللحظات الأولى لقصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة عبد الهادي في خان يونس#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/UfLML1nbtb

الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) April 7, 2025
وفي غضون ذلك، قصفت مدفعية الاحتلال بشكل كثيف المناطق الشمالية الشرقية من مدينة رفح، ونسفت عددا من المباني بالمتفجرات، في حين استهدفت الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية مناطق شرق حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، ما أسفر عن إصابة عدد من الفلسطينيين.

وكان قد استُشهد 11 فلسطينيا، بينهم 9 أطفال، وأُصيب آخرون بجروح متفاوتة، في وقت سابق من مساء الأحد، جراء غارات وقصف مدفعي للاحتلال استهدف حي التفاح في مدينة غزة.

وفي السياق ذاته، أنذرت سلطات الاحتلال مئات الفلسطينيين في أحياء الصحابة، والسماح، والعودة، والزوايدة، والصلاح، بمدينة دير البلح، بضرورة إخلائها الفوري والتوجّه جنوبا نحو مراكز الإيواء المعروفة في منطقة المواصي، تمهيدا لقصفها.

فيما أفادت قناة الجزيرة بقصف طائرات إسرائيلية خيمة للصحفيين بجوار مجمع ناصر الطبي في خان يونس، مما أسفر عن استشهاد شخصين أحدهما الصحفي حلمي الفقعاوي، وإصابة 6 صحفيين آخرين بينهم مصور قناة الجزيرة محمود عوض.

إظهار أخبار متعلقة



وقد التهمت النيران موقع الخيمة، ولم يتمكن الشبان الحاضرون في محيطها من إنقاذ أحد المصابين من ألسنة النيران.

كما أفادت شبكة قدس الإخبارية، بإصابة الصحفي إيهاب البرديني في الدماغ في ذات القصف الذي استهدف خيمة الصحفيين.

تغطية صحفية: استشهاد الصحفي حلمي الفقعاوي والشاب يوسف الخزندار جراء قصف الاحتلال خيمة للصحفيين في مستشفى ناصر بمدينة خانيونس pic.twitter.com/KMWRe40wPs

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 7, 2025

الصحفي أحمد منصور والذي أصيب بجروح وحروق بليغة جراء قصف الاحتلال خيمة صحفيين بمستشفى ناصر في خانيونس pic.twitter.com/aQVc8MLLBq

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 7, 2025
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شنّت قوات الاحتلال عدوانا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 50,695 مواطنا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وإصابة 115,338 آخرين، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، وتعجز طواقم الإسعاف والإنقاذ عن الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يرتكب مجازر ليلية في غزة ويستهدف خيمة للصحفيين في خان يونس (شاهد)
  • يجب استهداف الأماكن التي تنطلق منها المسيّرات المعادية في أي دولة كانت
  • مصدر خاص ينفي ما نشره المجرم ترامب بشأن استهداف اجتماع لقيادات كانت تستعد لتنفيذ عمليات بحرية
  • الاحتلال يقصف تجمعا للفلسطينيين بمنطقة قيزان رشوان في خان يونس
  • محافظ شمال سيناء يوضح حقيقة بناء مدينة في رفح المصرية للفلسطينيين
  • جيش الاحتلال يكثف القصف المدفعي والجوي في غزة.. و"الحوثيون" يضربون يافا
  • أخبار التوك شو |محافظ شمال سيناء ينفى تجهيز رفح المصرية للفلسطينيين..إعلان عاجل من الأرصاد
  • عاجل | السيد القائد: العدو الإسرائيلي استأنف الإجرام منذ أكثر من نصف شهر بذات الوحشية والعدوانية التي كان عليها لمدة 15 شهرا
  • عاجل | السيد القائد: المنظمات الدولية تشهد على المجاعة في قطاع غزة ونفاد القمح والطحين من المخابز التي كانت توزع الخبر لأبناء الشعب الفلسطيني
  • نادي الأسير: الاحتلال اعتقل أكثر من 100 مواطن خلال الأسبوع الأخير من الضفة