صورة أطفال منطقة بيري أعادت للأذهان حرب 2003 التي شنتها حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، بمعاونة ما يعرف آنذاك بالجنجويد، وما نتج عنها من أحداث مأساوية أوصلته إلى المحكمة الجنائية

التغيير: شمال دارفور – تقرير

لم يكن الأطفال الذين اجتمعوا أمام المرأة المسنة، لتناول دقيق الذرة المطحون بـ”المرحاكة”، – حجران مقعران لطحن الحبوب – سوى مجموعة قليلة من آلاف الأطفال الذين يفتك بهم الجوع والمرض في إقليم دارفور بعد أن اضطروا إلى الفَرَار من منازلهم بسبب حرب 15 أبريل 2023″.

وفي صورة خاصة تحصلت عليها “التغيير”، يلتف الأطفال حول امرأة مسنة تقوم بطحن الذرة بـ”المرحاكة” “وتطعمهم الدقيق الناتج مباشرة -دون طهيه أو مزجه بإدام – لطرد الجوع الذي استقر في بطونهم.

إحكام الحصار

وكانت قوات الدعم السريع والمليشيات المتعاونة معها قد أحكمت حصارا على مناطق دار بيري بمحلية كتم في ولاية شمال دارفور منذ نحو ثلاثة أشهر.

صورة أطفال منطقة بيري أعادت للأذهان حرب 2003 التي شنتها حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير، بمعاونة ما يعرف آنذاك بالجنجويد، وما نتج عنها من أحداث مأساوية أوصلته إلى المحكمة الجنائية.

إذ يواجه البشير تهما تتعلق بجرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، بعد اعترافه بقتل أكثر من 300 ألف شخص في إقليم دارفور”.

وكانت قوات الدعم السريع والمليشيا المتعاونة قد أحرقت أكثر من 65 قرية في شمال دارفور وقتلت النساء والأطفال وشردت المواطنين مما اضطرهم للاحتماء بـ(كراكير) الجبال والأشجار خوفًا من “بشط الجنجويد” بحسب عضو لجنة طوارئ أنكا، ناصر محمد موسى عمر لـ”التغيير”.

لجأ سكان دار بيري لهذه الوسيلة البدائية للحفاظ على حياة الأطفال وكبار السن، بعد أن ضرب سوء التغذية أجزاء واسعة من إقليم دارفور بسبب تعثر دخول قوافل الإنسانية لبرنامَج الغذاء العالمي إلى الإقليم منذ بدء الحرب في 15 أبريل 2023″.

وتقول منظمة “أطباء بلا حدود” إنها رصدت في يناير الماضي أن طفلا واحدًا على الأقل في مخيم زمزم بشمال دارفور يموت كل ساعتين، وفي ظل شُح الطعام أو عدم توافر مياه نظيفة أو رعاية صحية، أصبحت الأمراض التي كان من الممكن علاجها من قبل تفتك بالمصابين بها حاليًا”.

واتهمت منظمات حقوقية  قوات الدعم السريع  بممارسة الاغتصاب الجماعي ضد نساء في منطقة بئر مزّة بولاية شمال دارفور، في  25 نوفمبر الماضي.

اغتصاب النساء

وقالت شبكة حقوق الإنسان والمناصرة من أجل الديمقراطية (هاند) إن المعلومات الأولية تشير إلى أن 21 امرأة من بينهن فتيات قاصرات ونساء مسنات تعرضن للاغتصاب الوحشي تحت تهديد السلاح على يد عناصر من قوات الدعم السريع.

وأكدت “هاند” في بيان أن الحادثة وقعت أثناء توجه الضحايا إلى مزارعهن لحصد المحاصيل، مما يبرز ليس فقط ضعف النازحين ولكن ايضاً المخاوف الأمنية الجسيمة في المنطقة.

 

استهداف ممنهج

تواصلت (التغيير) مع عدد من مستشاري الدعم السريع للاستفسار عن الحوادث التي تقع في ولاية شمال دارفور التي تتهم فيها قواتهم والمليشيا المتعاونة معها لكنهم لم يتسجيبوا لتساؤلات الصحيفة حتى وقت النشر.

وفي وقت سابق أقدم أطفال بإقليم دارفور للأكل من “مكب النفايات”، بسبب انعدام الغذاء مما تسبب في وفاة عدد منهم حسب الناطق الرسمي باسم النازحين واللاجئين آدم رجال في تصريح سابق لـ(التغيير).

وتفرض قوات الدعم السريع حصارا على مناطق دار بيرى منذ 3 أكتوبر 2024، ومنعت وصول الدواء والغذاء وأوقفت جميع القوافل التجارية التي كانت تغذي المناطق من الطينة وكتم”.

ويقول ناصر، “الدعم السريع أحرقت القرى والمشافي والمدارس والمرافق الخدمية، ونهبت الماشية وجميع ممتلكات المواطنين”.

وتقع مناطق دار بيري في الجزء الشمالي الغربي لولاية شمال دارفور وتبعد حوالي 160 كيلو مترا عن مدينة الفاشر وعن محلية كتم حوالي 65 كيلو مترا”.

ووصف عمر، ما يحدث لسكان تلك المناطق بالاستهداف الممنهج على الرغْم أنها لا توجد بها قوات عسكرية تابعة للجيش السوداني أو القوات المشتركة، أو مواطني دولة 56 وعناصر النظام البائد الذي يدعى الدعم السريع محاربتهم”.

واتهم عضو لجان أنكا، الدعم السريع بالسعي إلى إحداث تغيير ديموغرافي لجلب مواطنين جدد للسكن في تلك المناطق”.

وناشد المنظمات الدولية والمحلية بضرورة الضغط على قوات الدعم السريع والمليشيا المتعاونة معها لفك الحصار عن تلك المنطقة”.

حرق القرى

وحصلت “التغيير” على صور وفيديوهات خاصة تؤكد اقدام قوات الدعم السريع والمليشيا المتحالفة معها على حرق العشرات من القرى، في مشهد يعيد للأذهان عمليات الحرق التي حدثت إبان حرب 2003 “.

من جهتها قالت لجنة طوارئ أبناء أنكا (بمبي – حلف) إن قرى ومناطق أنكا بويا تشهد منذ ثلاثة أشهر هجمات متواصلة تشنها مليشيا الدعم السريع والجماعات الموالية لها”.

وأوضحت في بيان حصلت عليه (التغيير)، أن هذه الاعتداءات تعد واحدة من القضايا المسكوت عنها في سياق الحرب الذي تشنها “المليشيات الجنجويدية” ضد المدنيين”.

وأكدت أن “المليشيات” تواصل تنفيذ عملياتها الوحشية مستهدفة المدنيين العزل باستخدام استراتيجيات عسكرية وبكامل عتادها العسكري في ظل غياب تام لأي وجود عسكري في هذه المناطق”.

وأشارت إلى أن الدعم السريع ارتكب انتهاكات في حق المدنيين، وركز في القتل على النساء والأطفال، فـ”المليشيا” تستهدف السكان المحليين عبر عمليات قتل ممنهجة وبطرق وحشية، تشمل استهداف الأطفال والنساء والشيوخ دون أي اعتبارات إنسانية كما حدث في 2003″.

وقالت إن “المليشيا لم تكتفِ بتنفيذ الجرائم، بل تتفاخر علانية بتوثيق أعمالها الوحشية، مما يظهر مستوى غير مسبوق من التحدي للقوانين الدولية والإنسانية.

مناشدة المجتمع الدولي

وناشدت لجان الطوارئ المجتمع الدولي بالضغط لفرض عقوبات صارمة على “هذه المليشيات” ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم بموجب القانون الدولي”.

وشددت على ضرورة معاملة الحكومة السودانية لكل مناطق السودان بنفس القدر من الأهمية دون تمييز، سواء كانت في شمال كتم، الجزيرة، شندي أو الفاشر.

ولفتت إلى أن مناطق أنكا تحولت إلى مسرحٍ للمجازر والانتهاكات، حيث بات الوضع الإنساني كارثيًا مع تزايد أعداد النازحين وغياب الخدمات الأساسية، واستمرار معاناة الأهالي في ظل تجاهلٍ عالمي وإقليمي لمأساتهم.

وقالت لجنة الطوارئ “إذا استمرت هذه الانتهاكات دون تدخل حاسم، فإن الأوضاع ستتفاقم بشكل أكبر ما يستدعي وقفة جادة من كافة الجهات المعنية لوقف النزيف الإنساني الذي تعانيه المنطقة”.

 

الوسومالدعم السريع المجاعة بيري شمال دارفور

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع المجاعة بيري شمال دارفور

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع يعلن عبد اللطيف الأمين رئيساً للإدارة المدنية بالعاصمة الخرطوم

 

أعلنت قوات الدعم السريع إنتخاب نايل بابكر نايل رئيساً للمجلس التأسيس المدني بولاية الخرطوم.

الخرطوم _ التغيير

و قال بيان عممه إعلام قوات الدعم السريع إن مجلس التأسيس المدني بولاية الخرطوم انتخب في جلسة إجرائية نايل بابكر نايل رئيساً للمجلس وعبد اللطيف الأمين الحسن رئيسا للإدارة المدنية بالولاية.

يذكر أن الصحفي السوداني و القيادي بالدعم السريع  إبراهيم بقال سراج، كان  قد نصب نفسه والياً على ولاية الخرطوم بعد مباركة قيادات الدعم السريع حسبما زعم في مقطع فيديو سابق.

وطالب رئيس الإدارة المدنية الجديد لولاية الخرطوم المعيّن من الدعم السريع عبد اللطيف الحسن الفنيين والمهنيين والعاملين بولاية الخرطوم بالعودة الفورية للخرطوم وتحمل مسؤوليتهم وتقديم الخدمات للمواطنين، حاثاً المواطنين في الخرطوم على المناداة بوقف الحرب.

الإدارات المدنية

و كانت قد أعلنت «قوات الدعم السريع» تأسيس إدارة مدنية لولاية الجزيرة في وسط السودان، مكونة من 31 عضواً، ويترأسها صديق أحمد، انتخبه ما يعرف بالمجلس التأسيس المدني رئيساً للإدارة المدنية بولاية الجزيرة.

و بذات الخطوات شكلت قوات الدعم السريع أيضاً إدارة مدنية في ولاية جنوب دارفور، برئاسة محمد أحمد حسن، الذي أعلن عن تشكيل هياكل حكومة مدنية بالولاية تكونت من عشرة وزارات، وتم تشكيل إدارة مدنية أيضاً في ولاية شرق دارفور.

الوسومالإدارة المدنية الدعم السريع بقال نايلْ ولاية الخرطوم

مقالات مشابهة

  • يوسف عزت المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي”.. جميع المناطق التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع شكلت إدارتها المدنية الحركة الإسلامية
  • اليونيسف: أطفال السودان يعانون من الجوع وسوء التغذية والأمراض
  • السودان...قصف للدعم السريع على أم درمان ونزوح في ولاية النيل الأزرق
  • وكالة أممية: أطفال السودان يعانون من الجوع وسوء التغذية والأمراض  
  • تحرك جديد بالكونغرس الأميركي ضد الدعم السريع في السودان
  • الدعم السريع يعلن عبد اللطيف الأمين رئيساً للإدارة المدنية بالعاصمة الخرطوم
  • «القاهرة الإخبارية»: 70 شهيدا في مجزرتين للاحتلال الإسرائيلي بشمال غزة
  • الجيش السوداني يصد هجوما من "الدعم السريع" بسرب طائرات مسيرة على مطار مروي
  • قال أنه قام بإيقاف هجوم من قواته على مناطق تنتشر فيها الحركات المسلحة.. قائد الدعم السريع بغرب دارفور يدعو إلى حوار بين الدعم السريع والحركات المسلحة لوقف القتال بينهم