بوابة الوفد:
2025-03-06@09:23:26 GMT

«الحدس».. المعرفة العقلية المباشرة

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

 

هو الادراك المباشر لموضوع التفكير وهو أساس للبرهنة والاستدلال وهذا يسمي حدسًا عقليًا، فبالحدس ندرك حقائق التجربة كما ندرك الحقائق العقلية. فالحدس Intuition يعني قدرت الذات على معرفة الموضوع معرفة عقلية مباشرة دون أن يكون للتجربة والحواس أثر في ذلك. ومن هنا يمكن القول إن المعرفة الحدسية هي نوع من الفهم المباشر أو من المعرفة الكلية التي لا مجال لردها أو لتحليلها إلى عناصر أو الأجزاء المكونة لها.

كما أنه هو الحكم السريع المؤكد أو التنبؤ الغريزي بالوقائع والعلاقات المجردة. وعادة يقال هذا الشخص «يحدس» أي يقول شيئًا برأيه فنقله الفلاسفة إلى ما أرادوا من المعاني. لذلك فهو نوع من المعرفة المباشرة التي لا تحتاج الي برهان أو دليل ولا تحتاج بالتالي إلى طريقة التي تستخدم في إقامة البراهين كالقياس بأشكاله والاستدلال والاستنباط أو ما شابه ذلك. وكان «الحدس» في الفلسفة يعتبر شكلًا خاصًا من النشاط المعرفي. والسؤال الآن، كيف قدم لنا الفلاسفة هذا المصطلح؟

عزيزي القارئ تنوعت التعريفات التي قدمها الفلاسفة حول هذا المصطلح، وقلما خلت فلسفة أو خلا عصر من فلاسفة يجعلون الحدس في صلب نظريتهم. ولعل أقدم نموذج من الفلسفة التي تقوم على الحدس هو ما نجده في فلسفة أفلاطون (427 ق.م – 399 ق.م) والافلاطونية المحدثة بشكل خاص، أي تلك الفلسفات التي تماهي بين المعرفة وبين الفيض الالهي وإمكانية الإتصال المباشر بعالم العقول المنفصل عن عالم الإنسان. 

إلا أن الأمر بعد أفلاطون أختلف بعض الشيء، ففي فلسفة أرسطو (384 ق.م – 322 ق.م) لا نجد للحدس أهمية زائدة، وذلك لكون فلسفة أرسطو قائمة أساسًا على التجريد. لذلك يرتبط الحدس بذلك الجزء من الفلسفة الذي يتعلق بنظريه المعرفة، ولا وجود له خارج هذا الإطار. فالحدس إما أن يكون مضمون المعرفة، أو الأداة التي توصل إليهما. 

والحدس عند الإشراقيين، هو ارتقاء النفس الإنسانية الي المبادئ المادية حتى تصبح مرآة مجلوة تحاذي شطر الحق فتمتلئ من النور الإلهي الذي يغشاها، من دون أن تنحل فيه انحلالًا تامًا. وقال «الجرجاني» (740هـ / 1339م – 816هـ / 1413م) في تعريفاته للحدس، هو سرعة انتقال الذهن من المبادئ إلى المطلب. بينما قال «التهانوي» (1280 هـ / 1863م – 1362 هـ / 1943م) الحدس، هو تمثل المبادئ المرتبة في النفس دفعة من غير قصد واختيار سواء بعد طلب أولًا، فيحصل المطلوب، والمقصود بالحركة وسرعة الانتقال تمثل المعني في النفس دفعة واحدة كأنه وحي منها حي أو وميض البرق.

وأضاف الشيخ الإمام محمد عبده (1266هـ / 1849م – 1322هـ / 1905م) أن الحدس، هو الظن والتخمين. هذا هو الحدس في وضعه اللغوي وقد استعمله المصنف ههنا كما يستعمله أصل اللغة وهو غير الاستعمال الشائع في باب مواد الحجج، فإنه هناك سرعة انتقال الذهن من المجهول وهو يقين لا توهم وظن وتخمين. وقضاياه من مقدمات البرهان الموصل لليقين فلا يعقل أن يكون ظنًا وتوهمًا ثم يوصل الي اليقين.

كما يذكر الفيلسوف الفرنسي أندريه لالاند (1867م – 1899م) خمسة معان للحدس، وهم على النحو التالي:

(1) إدراك الحقيقة يتميز بالبداهة ويستعان به كأساس للاستدلال. 

(2) رؤية مباشرة لموضوع حاضر أمام الذهن ومدرك في حقيقته الفردية. 

(3) معرفة تجيء دفعه وبلا تصورات وهذا المعني وارد لدي ابن سيناء حيث يقول، فيمكن أن يكون الشخص من الناس مؤيد النفس بشده الصفاء وشدة الاتصال بالمبادئ العقلية إلى أن يستعمل حدسًا أعني قبولًا لإلهام العقل الفاعل.

(4) معرفة فريدة، منفردة بذاتها، قابلة للمقارنة بالغريزة وبالحسّ الجمالي، تكشف لنا عن الكائنات بذاتها، في مقابل المعرفة النظرية، العقلية والتحليلية التي تجعلنا نعرف الكائنات من الخارج.

(5) سرعة التهكم.

وبعد، لاحظنا صديقي القارئ أن «الحدس» في الاصطلاح الفلسفي له أكثر من تعريف بألفاظ شتى تشترك جميعها بمعنى واحد، فهو معرفة متكاملة مباشرة تضع المعارف إزاء موضوعه، ولا يرتبط الحدس بطريقة المعرفة القائمة على تجريد الصور أو المفاهيم العقلية من الصور الحسية، لذلك فالحدس يتعدى الصور الحدسية، وفي جملة واحدة «هو المقدرة على فهم الحقيقة مباشرة دون استدلال منطقي تمهيدي».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحدس

إقرأ أيضاً:

إيداع عامل المستشفى لبيان مدى سلامة قواه العقلية لاتهامه بالتعدي على طالبة بالزقازيق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قررت محكمة جنايات الزقازيق اليوم بإشراف المستشار محمد عبد الكريم عبد الرحمن رئيس المحكمة وعضوية المستشار الدكتور مصطفى بلاسي رئيسا بالمحكمة، والمستشارين أحمد سمير سليم وإسلام أحمد سرور رؤساء بالمحكمة وسكرتارية محمد فاروق أحمد غريب بإيداع عاملا بمستشفى الأمراض النفسية لمدة 45 يوما لبيان مدى سلامة قواه العقلية أثناء ارتكابه الواقعة المتهم فيها ومدى مسؤوليته عنها من الناحية الطبية لاتهامه بالتعدى على  طالبة بالطريق العام بدائرة قسم أول الزقازيق.

وكانت النيابة العامة قد إحالة المتهم "إسلام ع ع ش" 20 عاما عامل مقيم بمحافظة القاهرة للمحاكمة الجنائية بمحكمة جنايات الزقازيق في القضية رقم 13718 لسنة 2024 جنايات قسم أول الزقازيق المقيدة برقم 6898 لسنة 2024 كلي جنوب الزقازيق لاتهامه بالتعدى على  المجني عليها "ع ع" 20 عاما، طالبة بالطريق العام بدائرة قسم أول الزقازيق.

وجاء في أمر الإحالة أن المتهم تعدى جنسيا على المجنى عليها حال سيرها بالطريق العام بدائرة قسم أول الزقازيق على النحو المبين بالتحقيقات.

مقالات مشابهة

  • خطة إسرائيلية للسيطرة المباشرة على المساعدات التي تدخل غزة
  • 5 سنوات حبسا لـ”الزندة” وآخر لترويجهما المؤثرات العقلية باسطاوالي
  • معرفة المزاج من خلال الدجاجمزاج العراقي بين عهدين
  • معرفة المزاج من خلال الدجاج.. مزاج العراقي بين عهدين
  • مؤسسة دبي للمستقبل تتعاون مع مركز هامبورغ للذكاء الاصطناعي
  • إيداع عامل المستشفى لبيان مدى سلامة قواه العقلية لاتهامه بالتعدي على طالبة بالزقازيق
  • %92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي
  • فتاوى رمضان.. فلسفة زيادة الأجر والثواب في رمضان
  • 18 شهرا حبسا لعون أمن تورط في حيازة المؤثرات العقلية لبيعها في زرالدة
  • المجال المعرفي في برامج التعليم العالي