الأسبوع:
2025-03-10@12:31:37 GMT

هل تعود سوريا إلى سيناريوهات الفوضى؟

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

هل تعود سوريا إلى سيناريوهات الفوضى؟

على مدار أكثر من عقد من الزمان، تحولت سوريا من رمزٍ لتاريخ حضاري عريق إلى مسرحٍ لأكثر الحروب تعقيدًا وتشابكًا في العصر الحديث. وأصبحت الأزمة السورية نموذجًا صارخًا للصراعات الإقليمية والدولية التي تدفع الشعوب ثمنها الباهظ. في هذا السياق، برز موقف مصر، ممثلةً بوزارة الخارجية، الداعم للحكومة السورية في مواجهة الجماعات الإرهابية كموقفٍ عربي مهم يسعى للحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وإنقاذ الشعب السوري من استمرار معاناته.

سوريا: من أزمة داخلية إلى صراع دولي

حين بدأت الأزمة السورية في عام 2011، كانت تطلعات الشعب السوري تهدف إلى تحقيق الإصلاحات السياسية والاجتماعية التي تضمن له حياة كريمة. ولكن مع مرور الوقت، تحولت هذه الأزمة إلى صراع متعدد الأطراف، حيث دخلت قوى إقليمية ودولية إلى الساحة، مدفوعةً بمصالحها الاستراتيجية.

اليوم، أصبحت سوريا ميدانًا لتصفية الحسابات الدولية بين قوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، وقوى إقليمية مثل تركيا وإيران وإسرائيل. ولعل الأخطر في هذا المشهد أن الأطراف المتصارعة تستخدم الأراضي السورية كوقود لصراعاتها، في ظل غياب شبه كامل لأي اعتبار للدمار الذي يلحق بالسوريين، أو مستقبل هذا البلد الذي كان يُعرف يومًا بـ”قلب العروبة النابض”.

النار في حلب: عودة إلى الماضي المظلم؟

مدينة حلب، التي تحمل في ذاكرتها التاريخية إرثًا حضاريًا وثقافيًا عريقًا، تواجه اليوم موجة جديدة من الصراع. لم يمضِ وقت طويل منذ أن استعاد الجيش السوري السيطرة على المدينة بعد سنوات من المعارك الدامية، حتى عادت النيران لتشتعل فيها تحت شعار جديد، "جبهة تحرير الشام".

المشهد الحالي يثير مخاوف كثيرة من عودة سيناريوهات سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة التي عانت منها حلب وبقية المناطق السورية خلال حقبة "داعش"، يبدو أن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بأساليب وأطراف جديدة. وبينما تتصدر هذه الجماعات المشهد، يبقى السؤال الكبير: كيف تمكنت هذه المليشيات من دخول حلب بهذه السهولة؟ وهل هناك اتفاق دولي لتصفية حسابات على الأرض السورية؟

هل هو اتفاق دولي لتصفية الوجود الإيراني؟

من الواضح أن هناك قوى عالمية وإقليمية لديها مصلحة مباشرة في إعادة إشعال الصراع في سوريا. هناك حديث متزايد عن تحركات أمريكية-إسرائيلية-تركية تهدف إلى تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، في إطار صراع جيوسياسي يمتد من لبنان إلى العراق.

قد تكون هذه التطورات جزءًا من خطة أوسع لإضعاف النظام السوري، أو ربما حتى تقويض الوجود الإيراني الذي يُعتبر لاعبًا رئيسيًا في دعم الحكومة السورية. إلا أن النتيجة النهائية لهذه التحركات، كما يبدو، هي مزيد من الفوضى والتشريد والدمار للشعب السوري.

الثمن الباهظ: الأبرياء والمشردون

في ظل هذه الصراعات المتجددة، لا يمكن تجاهل الكارثة الإنسانية التي تعصف بسوريا. الملايين من السوريين يعيشون مأساة النزوح، حيث أُجبروا على ترك منازلهم ومدنهم والعيش في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة.

هؤلاء النازحون، ومعظمهم من الأطفال والنساء، يعيشون في ظروف لا تُحتمل، وسط نقص في الغذاء والماء والرعاية الصحية. وبينما تتصارع القوى الكبرى على النفوذ، تُدفن أحلام الأبرياء تحت أنقاض المباني المدمرة، ويُحكم على أجيال كاملة بأن تنشأ في ظل الحروب والدمار.

الشرق الأوسط: كتلة من الخراب

ما يحدث في سوريا ليس معزولًا عن بقية المنطقة. فالشرق الأوسط بأسره يعيش حالة من عدم الاستقرار، حيث تنتقل الفوضى من بلد إلى آخر. من العراق الذي لم يتعافَ تمامًا من الاحتلال الأمريكي، إلى اليمن الذي دمرته الحرب الأهلية، وصولًا إلى لبنان الذي يرزح تحت وطأة الأزمات السياسية والاقتصادية، يبدو أن المنطقة قد تحولت إلى كتلة من الخراب.

أهداف إسرائيلية وأمريكية وراء الستار

من المستحيل تجاهل الأبعاد الاستراتيجية لهذه الصراعات. فمنذ سنوات، تعمل إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة على تقليص نفوذ إيران في المنطقة. استهداف قيادات “حزب الله” في لبنان، ومحاولات تقليص وجوده في سوريا، تعدّ جزءًا من هذا المشروع.

من الواضح أن هذه القوى ترى في استمرار الفوضى مصلحةً لها، حيث تُضعف خصومها الإقليميين، وتضمن تفوقها العسكري والسياسي في المنطقة. ولكن، ما يغيب عن هذه الحسابات هو المعاناة الإنسانية التي لا تنتهي، والتي يدفع ثمنها الأبرياء.

موقف مصر: رسالة إنقاذ؟

في ظل هذه التطورات، يُعتبر موقف مصر الداعم للحكومة السورية خطوة مهمة. مصر، التي طالما دعت إلى حل سياسي للأزمة السورية، تؤكد اليوم ضرورة التصدي للجماعات الإرهابية التي تهدد استقرار سوريا والمنطقة بأكملها.

هذا الموقف يُعبّر عن رؤية مصرية تدرك أن استمرار الفوضى في سوريا لن يقتصر تأثيره على هذا البلد، بل سيمتد ليطال أمن واستقرار الدول العربية كافة.

خاتمة: ألم بلا نهاية؟

إن ما يحدث في سوريا اليوم يعكس حالة من الألم الذي يبدو بلا نهاية. هذه الفوضى، التي يدفع ثمنها الأبرياء، تفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول مستقبل سوريا، ودور المجتمع الدولي في وضع حد لهذه المأساة.

هل سيشهد العالم تحركًا حقيقيًا لإنهاء الصراع، أم أن المصالح السياسية والاقتصادية ستظل هي المحرك الرئيسي للأحداث؟ وسط كل هذا الغموض، يبقى الأمل الوحيد هو في رحمة الله، وفي قدرة شعوب المنطقة على الصمود والتكاتف لتجاوز هذا الألم المستمر

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أزمة سوريا الصراع في سوريا حلب سوريا فی سوریا الذی ی

إقرأ أيضاً:

هل ثبت نبوءة مديرة الاستخبارات الأمريكية بشأن سوريا بعد أحداث الساحل؟

اعتبرت شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية، أن الاشتباكات الأخيرة في منطقة الساحل السوري وما تخللها من انتهاكات بحق مدنيين، يثبت نبوءة مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غارباد بشأن تبعات "التطرف والإرهاب" عقب سقوط نظام الأسد وتولي المعارضة الإسلامية زمام القيادة في سوريا.

وسلطت الشبكة الأمريكية الضوء على تصريحات سابقة لغارباد في مجلس الشيوخ، حيث قالت "لا أحب الأسد أو أي ديكتاتور. أنا فقط أكره القاعدة. أكره أن يتقرب قادتنا من المتطرفين الإسلاميين، ويطلقون عليهم اسم المتمردين".

وأضافت "الآن تسيطر هيئة تحرير الشام، وهي فرع من تنظيم القاعدة، على سوريا، بقيادة جهادي إسلامي رقص في الشوارع في الحادي عشر من أيلول /سبتمبر، وكان مسؤولا عن قتل العديد من الجنود الأمريكيين".


وخلال الأيام الأخيرة، شهدت محافظات اللاذقية وطرطوس الساحليتين توترات أمنية غير مسبوقة على وقع هجمات منسقة شنتها قوات موالية للنظام المخلوع، ما أسفر عن قتلى ومصابين في صفوف قوات الأمن العام والمدنيين.

ووثقت تقارير وقوع انتهاكات وإعدامات ميدانية طالت مدنيين في مناطق الاشتباك، ما دفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في ملف الانتهاكات بالإضافة إلى لجنة عليا للحفاظ على السلم الأهلي في البلاد.

ومساء الأحد، قال الشرع في ثاني كلمة له منذ بدء التطورات في الساحل السوري الخميس الماضي إن "المخاطر التي نواجهها اليوم ليست مجرد تهديدات عابرة، بل هي نتيجة مباشرة لمحاولات انتهازية من قبل قوى تسعى إلى إدامة الفوضى وتدمير ما تبقى من وطننا الحبيب".


وتابع بالقول "نجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام السابق ومن وراءهم من الجهات الخارجية (لم يسمها) خلق فتنة وجر بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها".

وشدد الرئيس السوري على أن "سوريا ستظل صامدة، ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية".

وأردف قائلا: "لن نتسامح مع فلول الأسد، الذين قاموا بارتكاب الجرائم ضد قوات جيشنا ومؤسسات الدولة، وهاجموا المستشفيات وقتلوا المدنيين الأبرياء، وبثوا الفوضى في المناطق الآمنة".

مقالات مشابهة

  • هل ثبت نبوءة مديرة الاستخبارات الأمريكية بشأن سوريا بعد أحداث الساحل؟
  • بطريرك أنطاكية: ما حدث في سوريا يُنذر بسواد الفوضى والإرهاب
  • أحمد الشرع: لن نسمح بجر سوريا إلى الفوضى أو الحرب الأهلية
  • الشرع: لن نسمح بجر سوريا إلى الفوضى أو الحرب الأهلية
  • الداخلية السورية: القبض على أحد قيادات النظام السابق ارتكب مجازر في حمص
  • بعد 13 عاما.. سوريا تعود لمنظمة التعاون الإسلامي
  • سوريا: الأمن العام يصادر أكثر من 200 آلية مسروقة في ظل تزايد الفوضى الأمنية
  • بعد 13 عامًا من التعليق.. سوريا تعود إلى منظمة التعاون الإسلامي
  • أحمد الشرع يتوعد فلول الأسد بسبب اشتباكات الساحل: سوريا لن تعود إلى الوراء
  • الرئيس الشرع: سوريا لن تعود إلى الوراء وسنبقى نلاحق فلول النظام الساقط