كوب 29 في أذربيجان.. آمال وفرص للمستقبل الاخضر
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
على مدار أسبوعين من الجلسات والاجتماعات واللقاءات المتواصلة في العاصمة الآذرية "باكو"، عقد مؤتمر الأطراف "كوب29" بحضور نحو 72، 000 مشارك من 196 دولة، بما في ذلك 80 رئيسا ونائب رئيس ورئيس وزراء. بينما تغيب الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترامب، بالإضافة إلى قادة روسيا والصين وفرنسا وألمانيا والمفوضية الأوروبية.
وعلى الرغم من ذلك فقد تميزت القمة بالتنظيم الرائع إلى جانب قدرة الدولة الآذرية على احتضان أكبر قمة للتعاطي مع مشكلات البيئة، وهنا يمكن قياس هذا النجاح من خلال ما تم إنجازه على ارض الواقع، حيث كان التكامل بين إجراءات الرعاية الصحية وقضايا المناخ. في باكو من خلال التأكيد على استخدام المبادئ التوجيهية لتمويل الحلول المناخية والصحية بوصفها إطار عمل، ومن ثم فإن "كوب 29" "مهد الطريق لحقبة تتكامل فيها الاعتبارات الصحية بسلاسة مع السياسات المناخية لتحقيق مستقبل يتسم بمزيد من الصحة والقدرة على المواجهة للجميع".
ومما نتج عن تلك القمة كذلك ما أعلنته المملكة المتحدة عن مساهمتها الجديدة المحددة على المستوى الوطني، وذلك برفع تعهدها السابق خفض انبعاثات الكربون بمقدار 68 في المئة، أي دون مستويات سنة 1990، قبل سنة 2030 إلى مستوى جديد يبلغ 81 في المئة في سنة 2035.
كما توصلت القمة إلى اتفاق في شأن أحكام المادة 6.4، التي تتيح لشركة في أي دولة تحقيق أرباح بخفض الانبعاثات محليا وبيع تلك الأرصدة لشركة أخرى في دولة أخرى. ورأت سجلات الكربون ذلك يساعد في التعاون بين القطاعين العام والخاص في هذا الموضوع ويُحسّن التمويل المناخي.
ومن خلال اعمال القمة ايضا جرى التوصل إلى اتفاق تاريخي يوفر تمويلاً سنوياً بقيمة 300 مليار دولار لصالح الدول النامية، التي كانت تطالب بمبالغ أكبر بكثير لمكافحة التغير المناخي. وقد وافقت الدول الفقيرة على هذا الالتزام المالي من الدول المتقدمة حتى عام 2035، في خطوة وصفت بأنها "أساس يمكن البناء عليه" من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش. ومع ذلك، لم يكن جميع المشاركين راضين عن الاتفاق. فقد نددت الهند بتجاهل مخاوفها خلال المفاوضات، مشيرة إلى أن القضايا التي تهمها لم تحظَ بالاهتمام الكافي.
وحثت أذربيجان الدول على مواصلة السعي، فيما حددت المسودة هدفاً أوسع لجمع 1.3 تريليون دولار في تمويل المناخ سنوياً بحلول عام 2035، بما يشمل التمويل من جميع المصادر العامة والخاصة. وخلال المفاوضات، طالب تحالف الدول النامية المعروف بـ "مجموعة 77" الذي يضم أكثر من 134 دولة، طالب الاتحاد الأوروبي واليابان والولايات المتحدة أن تُخصص ما لا يقل عن 500 مليار دولار سنوياً للمناخ بحلول 2030.
وفي الإطار ذاته أكدت المجموعة العربية أنها لن تقبل بأي نص يستهدف أي قطاعات محددة كالوقود الأحفوري"، بعد عام على اختتام مؤتمر "كوب 28" في دبي باتفاق حول التخلي التدريجي عن النفط والغاز والفحم.
وعن الموقف الإفريقي، فقد جاء منددا بموقف الدول الكبرى من مسألة الإلتزامات المالية، ذلك أن الالتزام بحشد مزيد من التمويل بحلول عام 2035 يعد ضعيف جداً ومتأخر جداً وغامض جداً من جهة تنفيذه". وفي هذا السياق اشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الى رغبته في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً، من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه"، داعياً الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء" عليه.
وفي ختام أعمال القمة اعتمد المؤتمر قواعد جديدة تتيح للدول الغنية تحقيق أهدافها المناخية من خلال تمويل مشاريع خضراء في دول أفريقيا وآسيا بدلاً من خفض انبعاثاتها الخاصة من الغازات الدفيئة. ويأتي هذا القرار الذي اتخذته الدول المجتمعة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في باكو بالكثير من التقدير والنجاح لأعمال القمة. حيث كانت أرصدة الكربون تستخدمها أساساً الشركات الراغبة في خفض انبعاثاتها، وهي سوق لا تلتزم بقواعد دولية وشهدت عديداً من الفضائح، لكن من الآن فصاعداً، ومن أجل تحقيق أهدافها المناخية الناشئة عن اتفاق باريس سوف تتمكن البلدان الغنية الملوثة من شراء أرصدة الكربون من خلال التوقيع على اتفاقات مباشرة مع بلدان نامية. وهذا الإجراء منصوص عليه في اتفاق باريس لعام 2015، وقرار في قمة كوب 29 يجعله ساري المفعول.
ويتعين على البلدان الغنية أن تمول أنشطة تعمل على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي في البلدان النامية: زراعة الأشجار أو استبدال مركبات كهربائية بالمركبات العاملة بالوقود أو الحد من استخدام الفحم. ويحسب هذا الخفض في الانبعاثات في البصمة الكربونية للدول الغنية الممولة للمشاريع.
واستباقاً للضوء الأخضر الذي كان متوقعاً في باكو تم التوقيع على 91 اتفاقاً ثنائياً معظمها من اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة لـ141 مشروعاً رائداً، وفق حصيلة وضعتها الأمم المتحدة حتى السابع من نوفمبر. وتعد سويسرا دولة رائدة في هذا الصدد، فقد وقعت مثلاً مع غانا اتفاقاً للحد من انبعاثات غاز الميثان الناتجة عن النفايات واتفاقاً مع تايلاند لتمويل حافلات كهربائية في بانكوك، وهو الاتفاق الوحيد الذي اكتمل تنفيذه حتى الآن.
انتهت أعمال قمة كوب 29 في باكو بأذربيجان وسط نجاح كبير في التنظيم والاستقبال والرعاية من قبل الرئيس إلهام علييف والقيادات الآذرية لكن تبقى الآمال معلقة على مدى استجابة الدول الكبرى على الوفاء بالتزاماتها وتعهداتها المالية في سبيل إنهاء التقلبات المناخية الناتجة عن التغير المناخي والانتقال الحقيقي للتنمية المستدامة على المستوى العالمي.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025.. الإمارات تقود تبني مفهوم المدن المستدامة
تقود دولة الإمارات، تبني مفهوم المدن المستدامة من خلال مجموعة من المشاريع التقدمية، مثل مدينة «مصدر»، وهي مركزٌ للتقنيات النظيفة والتصميم المستدام، ومطار زايد الدولي، الذي يقوم على بنية تحتية ذكية تعمل على تعزيز الكفاءة.
وقال محمد البريكي، المدير التنفيذي للتنمية المستدامة في مدينة «مصدر»، إن المدينة تتمتع بمكانة رائدة في مجال التنمية الحضرية المستدامة منذ أكثر من 15 عاماً، ما يعكس التزام دولة الإمارات ببناء مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
وأضاف أن التزام «مصدر» الراسخ بالابتكار والاستدامة يتجلى من خلال مجموعة من مشاريع الطاقة الخالية من الكربون وتلك المبتكرة مثل مجمّع مدينة «مصدر» و«ذا لينك».
وأشار إلى أن المنطقة الحرة في مدينة «مصدر» توفر بيئة سلسة لأنشطة الأعمال، بينما تعزز التجمعات الصناعية عالية التأثير، التعاون والابتكار على صعيد القطاعات الرئيسة، مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة وعلوم الحياة والتكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا الفضاء والتنقل الذكي، والقدرة على تمكين الشركات والمبتكرين لرسم ملامح مستقبل المدن المستدامة، وتحويل الأفكار إلى حلول على أرض الواقع.
وتبرز هذه التطورات على رأس برنامج القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025 التي تستضيفها شركة «مصدر» في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بين 14 و16 يناير، وذلك في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025.
وتسلّط القمة من خلال مؤتمرها ومعرضها المخصصين للمدن المستدامة الضوء على إمكانات المدن الذكية والتقدم الذي أحرزته المنطقة في مجال التنمية الحضرية، ويُعقد المؤتمر بالتزامن مع الاستثمارات الإقليمية النوعية في مجال المدن الذكية.
وأفادت مؤسسة الأبحاث «فروست آند سوليفان»، بأن دولة الإمارات والسعودية تعتزمان استثمار 50 مليار دولار في مشاريع المدن الذكية بحلول عام 2025؛ إذ تبحث المنطقة بصورة مستمرة عن حلول مبتكرة لإدارة موارد الطاقة بشكلٍ أفضل.
وتبرز أبوظبي بوصفها نموذجاً يُحتذى به في مجال الابتكار، فهي تطبّق نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ الذي وضعه برنامج «استدامة» الرائد في هذا المجال ومنهجيتها في تصميم المباني، اللذين يشكلان جزءاً محورياً من رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، وتندرج ضمن أفضل 10 مدن ذكية في مؤشر المدن الذكية لعام 2024، وهي المدينة الوحيدة المدرجة في القائمة من الشرق الأوسط.
وبدورها تحرص دبي، على أن تواكب أجندتها أحدث التطورات، وهو ما يتجلى في ممشى دبي، المبادرة الطموحة الرامية إلى تحويل الإمارة إلى وجهة فريدة للتنزه، من خلال شبكة متكاملة من الممرات الهادفة إلى زيادة حركة المشاة إلى 25% بحلول عام 2040.
ويسلط مؤتمر المدن المستدامة الضوء على مدينة «مصدر»، بالإضافة إلى المشاريع الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة، ومنها محطة نور أبوظبي، ومحطة براكة للطاقة النووية.
وقالت لين السباعي، المديرة العامة لشركة «آر إكس الشرق الأوسط»، ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل، إن مؤتمر المدن المستدامة يركز على استعراض أوجه التقدم المُحرز، بالتوازي مع تعزيز الابتكار وإرساء الشراكات اللازمة لإنشاء بيئات حضرية مصممة لمواجهة تحديات المستقبل، كما سيُجرى بحث مفصل يتناول الازدياد المستمر في استخدام التقنيات الذكية، سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي، في مجالات مثل رفع كفاءة استهلاك الطاقة، وإدارة النفايات على نحوٍ فعال، ووضع التصاميم المقاوِمة لتغيرات المناخ.
ويجمع المؤتمر قادة الحكومات، وخبراء تخطيط المدن، والمبتكرين في مجال التكنولوجيا، وخبراء الاستدامة، ورواد التنقل، والمبتكرين في القطاع الخاص لمناقشة سبل تحويل المدن من خلال الممارسات والتقنيات الذكية والمستدامة، وبحث دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تحقيق هذه الأهداف.