كتب الدكتور هشام عثمان مقالا للرد على مقالي المعنون (إحدى تجليات ازمة اليسار السوداني). أشكر الزميل عثمان على اهتمامه بالرد الموضوعي. عكس من قصدتهم بالمقال، وهم من يكيلون السباب، ويكررون التهديد، ولا يردون على ما طرح من آراء وأفكار. وذكرت ان قوقل ذكرني بالمقال الذي سبق نشره، وصادف تذكير به، يوم هجومهم على بسبب المقالات.

وكانت مصادفة غير متوقعة. والغريب انني تعمدت وركزت على ايراد نصوص من وثائق معروفة، للتحدث عن تجارب ومواقف الحزب في التحالفات. واحتراما لطرح الزميل هشام عثمان سأرد على ما كتبه. ولكني لن الجأ لنفس أسلوبه، في تقديم عناوين بدون تحليل مركز. وهو نفس النقد الذي وجهته، سابقا، للزميل السر بابو. وقد سبق أن استخدم الزميل هشام ذلك في مقاله عن حزب المؤتمر السوداني، الذي كان مجرد رؤوس مواضيع، وليس نقدا متكاملا لأطروحات ومناهج وتنظيم حزب المؤتمر السوداني. وكان من الممكن، ببعض الجهد، ان يكون مقالا قيما وقراءة ناقدة لتجربة حزب سوداني.
سأنظم ردي على مقال الزميل هشام عثمان، بأسلوب أرى ان مفيدا للحوار. سأقوم بمناقشة كل فقرة من فقراته في مقال كامل، حتى تتضح رؤيتي، وطرحي بشكل يجعل القارئ في وضع أفضل لفهم قضايا الحوار الدائر. هذا المنهج يحترم عقل القارئ، مما يسهل عليه تحديد موقفه، مما هو مطروح. لن الجأ للهجوم الشخصي الذي كاله الزميل هشام عثمان لي.
جاء في الفقرة الأولي، من مقال الزميل هشام، ما يلي:
" ادعى الزيلعي أن الكاتب "السر بابو" يدعوه للخروج من الحزب وتأسيس حزب اشتراكي جديد، واصفًا ذلك بالدعوة للتصفية الفكرية والتنظيمية. ولكن، وفق لوائح الحزب الشيوعي منذ تأسيسه وحتى المؤتمر السادس، يحق للأقلية الاحتفاظ بآرائها مع الالتزام بقرارات الأغلبية، في إطار المركزية الديمقراطية التي تحكم عمل الحزب. دعوة "السر" ليست دعوة للتصفية بقدر ما هي تعبير عن موقف تنظيمي وفكري يرى أن أطروحات الزيلعي لا تنسجم مع خط الحزب الفكري والتنظيمي، وبالتالي فإن تأسيس إطار تنظيمي مستقل قد يكون أكثر توافقًا مع قناعاته."
أولا: انا لم أدع أو أخترع ذلك، ولكن هذا ما كتبه الزميل السر في مقالات مكتوبة ومنشورة.
ثانيا: لائحة الحزب تحدد الكيفية التي يحاسب بها عضو الحزب، وكيفية التحقيق معه، وتتدرج في العقوبات حتى يتقرر فصله كآخر إجراء.
ثالثا: هل الزميل السر هيئة حزبية ليقرر في الاسافير ان أترك الحزب؟
رابعا: نعم اللائحة تنص على قبول الأقلية برأي الأغلبية. لكن لم تقل يتم طرد الأقلية بسبب الآراء التي طرحتها.
خامسا: موضوع المركزية الديمقراطية يشكل أزمة حقيقية في كل الأحزاب الماركسية اللينينية، وأهو أهم أسباب جمودها، وعدم تجددها. لقد دعوت الزميل السر وكل من يدافعون عن المركزية الديمقراطية، للحوار حولها، لنعرف حقيقتها في الممارسة، وخطورتها على الصراع الفكري. والآن اكرر الدعوة لك للدخول في مناظرة علنية حول المركزية الديمقراطية.
سادسا: كتب الزميل هشام ان دعوتي لمغادرة الحزب هي (ليست تصفية بقدر ما هي تعبير عن موقف تنظيمي وفكري يرى ان اطروحات الزيلعي لا تنسجم مع خط الحزب الفكري والتنظيمي) متي قرر الحزب ان من يطرح رأينا مخالف عليه الخروج وتأسيس حزبه. واضيف لك احداث من تاريخ الحزب:
• نشر احمد سليمان، وهو عضو في اللجنة المركزية، مقالا في جريدة الأيام في شهر مارس 1968 يطرح فقيه رؤيته لنظام جديد يتأسس على انقلاب عسكري. رد عليه عبد الخالق محجوب في نفس الجريدة بمقال ينقد فيه طرح احمد سليمان، الذي ينظر للانقلاب العسكري. لم يطرد احمد سليمان من الحزب، بسبب ذلك المقال، ولم يطالبه أي شخص بتأسيس حزبه الخاص.
• دار نقاش، في شكل حوار علني، بين فاروق محمد أبراهيم وشريف الدشوني، حول المسألة الزراعية. نشرت تلك المقالات في جريدة أخبار الأسبوع في سنة 1970. وهما من قادة الحزب المعروفين. ولم تتم الدعوة لإبعاد أي منهما.
• هذه امثلة بعيدة وذكرتها كنماذج. ولكن في الفترة القريبة السابقة نشر الزميل عمار الباقر والزميل صديق التوم مقالات وتم نقدها على أساس انها لا تعبر عن الحزب. ولم يهددهما أي شخص بالطرد.
• طرح الزميل فتحي الفضل تصريحا للإعلام وبعده بيوم صدر موقف من الحزب يختلف عما قاله الزميل فتحي.
• تحدثت باسم الحزب عدة مرات ولم اطرح رأي الخاص، لان ما يطرح باسم الحزب هو رايه الرسمي، وانا ملتزم بذلك. اما في المنابر الخاصة يمكن طرح الرأي الخاص، وهو يعبر عمن طرحه فقط.
• كل دساتير الحزب تتحدث عن الصراع الفكري، ولكن في الممارسة العملية هناك من يسعى بحماس لتعطيل ذلك.
الأصرار على تضيق الواسع
ابتدرت قيادة الحزب الشيوعي مناقشة عامة، لم يسبق ان قام بها أي حزب سوداني. مناقشة عامة، علنية، شجاعة، لا توجد بها خطوط حمراء أو كوابح من أي نوع. وكتبت مئات المقالات، التي نقدت أسس النظرية، او التطبيق السوفيتي. أو تعرضت أيضا لتاريخ ومواقف الحزب الشيوعي السوداني. وكانت حوارا متميزا، لكن هناك جهد مستمر لإغلاق ذلك الباب، الذي هبت منه رياح التغيير. ولكن الحياة لن تتوقف والفكر لن يتجمد، وجوهر الديالكتيك هو التناقض والحركة. فما أصدق قول الفيلسوف الاغريقي هرقليطس: لا ينزل الرجل للنهر مرتين. وكانت كتاباته هي الأصل لمفهوم الصيرورة الفلسفي.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المرکزیة الدیمقراطیة هشام عثمان

إقرأ أيضاً:

حزب الله يثير الجدل: مستعدون للتخلي عن سلاحنا ولكن بشروط

صورة تعبيرية (وكالات)

في تطور مفاجئ، كشف مسؤول رفيع المستوى في حزب الله عن استعدادهم للدخول في محادثات حول مستقبل سلاحهم، وهو ما قد يمثل نقطة تحول كبيرة في العلاقة بين الحزب والحكومة اللبنانية، وكذلك في الديناميكيات السياسية في لبنان والمنطقة.

وقال المسؤول في تصريح لرويترز إن حزب الله على استعداد لمناقشة مسألة تخليه عن سلاحه مع الرئيس اللبناني ميشال عون، بشرط واحد: أن تنسحب إسرائيل من جنوب لبنان وأن توقف هجماتها الجوية على الأراضي اللبنانية.

اقرأ أيضاً لا تتخلص منه بعد الآن: ماء سلق البيض يحمل سرًّا صحيًا مدهشًا 9 أبريل، 2025 مبعوث ترامب يكشف عن شرط مفاجئ لإجراء محادثات مباشرة مع إيران في عمان 9 أبريل، 2025

هذا التصريح يمثل تغييرًا لافتًا في موقف حزب الله، الذي طالما تمسك بسلاحه كوسيلة للدفاع عن لبنان ضد التهديدات الإسرائيلية. ويعتبر هذا العرض بمثابة إشارة إلى احتمالية حدوث تحول في الاستراتيجية العسكرية والسياسية للحزب، وذلك في حال تحقق الشروط التي وضعها.

 

إشارة إلى حوار جاد:

وفقًا لمصادر سياسية لبنانية مطلعة، فإن الرئيس اللبناني جوزيف عون يخطط لبدء محادثات قريبة مع حزب الله بشأن مسألة سلاحه.

هذه المحادثات قد تمهد الطريق نحو حل وسط، حيث يسعى الرئيس عون إلى إيجاد توافق بين مختلف الأطراف اللبنانية حول مستقبل السلاح في البلاد.

 

الشرط الإسرائيلي: تحدي طويل الأمد:

ويرتبط موقف حزب الله بوجود إسرائيل كطرف رئيسي في أي تسوية سياسية أو أمنية. إذ يشترط الحزب انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وهو ما يعد مطلبًا قد يواجه صعوبات في تحقيقه نظرًا للطبيعة المعقدة للعلاقات الإسرائيلية اللبنانية. كما أن وقف الهجمات الإسرائيلية على لبنان قد يتطلب تغييرات في سياسة إسرائيل تجاه لبنان، وهو ما يبدو تحديًا إضافيًا في إطار المفاوضات المحتملة.

 

مستقبل غير مؤكد:

ورغم أن هذه المحادثات قد تمثل فرصة لتحقيق السلام والاستقرار في لبنان، إلا أن العديد من المحللين السياسيين يرون أن الطريق أمام التوصل إلى اتفاق شامل سيكون طويلاً ومعقدًا.

فبينما يسعى حزب الله إلى ضمان حماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية، يظل هناك قلق دولي ومحلي بشأن استمرار امتلاك الحزب لسلاحه خارج نطاق الدولة.

إذن، يبدو أن هذه المحادثات قد تكون نقطة تحول في العلاقة بين حزب الله والحكومة اللبنانية، وربما تمهد الطريق لتسوية تاريخية قد يكون لها آثار عميقة على مستقبل لبنان والمنطقة ككل.

مقالات مشابهة

  • حازم إمام: كان يجب بيع زيزو ولكن الزمالك خاف من الجماهير
  • إذاعة فرنسا: اتهامات بالفساد تطال مؤسسة "القرض الحسن" التابعة لحزب الله كشفت إذاعة فرنسا الدولية عن فضائح مالية جديدة تطال حزب الله، في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد الذي يشهده لبنان، لتضع مؤسسة "القرض
  • في بكركي... لقاء بحث وحوار عن ازمة القانون 515 المتعلق بالمدارس الخاصة
  • عبدالرحيم علي يعزي الزميل محمد الدوي في وفاة خاله
  • جدار طهران.. تقرير أمريكي يقارن تراجع إيران بسقوط الاتحاد السوفيتي
  • حيدر الغراوي: القطاعين العام والخاص شركاء بمعالجة ازمة السكن
  • حزب الله يثير الجدل: مستعدون للتخلي عن سلاحنا ولكن بشروط
  • فوضى توصيل الطعام.. ضغوط المواسم تكشف تحديات بالجودة والتنظيم والرقابة
  • الماتشا: المشروب الأخضر الذي يجتاح العالم ... ما السر وراء شعبيته؟
  • مؤسسة نظر ترى النور لتعزيز البحث العلمي وتجديد الفكر في المغرب