الجزيرة:
2025-02-02@08:49:35 GMT

هل اقترب فرقاء السودان من التوافق بعد مؤتمر مونترو؟

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

هل اقترب فرقاء السودان من التوافق بعد مؤتمر مونترو؟

بعد 3 جلسات حوار سابقة، انفضّت في سويسرا جلسة رابعة رتّبتها منظمة فرنسية لتقريب مواقف الفرقاء السودانيين بشأن حوار سوداني لإنهاء الأزمة المستمرة في بلادهم منذ نحو 19 شهرا، في حين يرى مراقبون أنها حققت تقدما محدودا بمشاركة قوى متنافرة لكن الوثيقة التي صدرت عنها لم تحمل جديدا.

واستضافت مدينة مونترو السويسرية حوارا غير رسمي بين قوى سودانية بدعوة من وزارة الخارجية السويسرية ومنظمة "برو ميدييشن" الفرنسية، بمشاركة غالب قيادات أحزاب تحالف القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، وفصائل من تحالف الكتلة الديمقراطية، وشخصيات مدنية، بينما قاطعته حركة تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي وحركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم وتحالف الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي والمؤتمر الشعبي برئاسة الأمين محمود.

وشارك من تحالف "تقدم" مريم الصادق المهدي نائبة رئيس حزب الأمة القومي وأخوها صديق الصادق مساعد رئيس الحزب، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، وممثل حزب البعث القومي كمال بولاد، ورئيس المكتب التنفيذي لحزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، ورئيس حركة تحرير السودان- المجلس الانتقالي، الهادي إدريس.

كما شارك من الكتلة الديقراطية جعفر الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، والأمين العام للتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية مبارك أردول.

ومن القوى الأخرى شارك رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي، وجمال عبد العال عن حزب المؤتمر الشعبي بزعامة علي الحاج، وسلوى آدم عن الحركة الشعبية – شمال التي يتزعمها مالك عقار، وإبراهيم آدم ممثل حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور وخالد جاويش رئيس الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة، وجعفر محمد الحسن عن الجبهة الشعبية بقيادة الأمين داؤود.

وشاركت في المؤتمر أيضا شخصيات وطنية شملت المحامي نبيل أديب، والسياسي الشفيع خضر، والسفير السابق نور الدين ساتي، وبكري الجاك، وسالي زكي.

توافق واختراق

واتفق المشاركون حسب الوثيقة -التي حصلت الجزيرة نت على نسخة منها- على مبادئ تهدف إلى حل الأزمة في البلاد، وأهمية تحقيق "وقف نار فوري في السودان لأغراض إنسانية وخلق بيئة ملائمة لإطلاق عملية سياسية"، كما أكدوا على ضرورة وجود "جيش موحد ومهني بعيد عن التأثيرات السياسية والحزبية".

وأكدت الوثيقة على وحدة السودان وإقامة دولة مدنية ديمقراطية "محايدة" تكون على نفس المسافة من الأديان والهويات والثقافات، كما دعت إلى إقامة نظام حكم فدرالي يعترف بحق الأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية.

وطالب المشاركون بعملية سلام شاملة وموحدة ومتزامنة تخاطب المسارات الإنسانية والعسكرية والأمنية والسياسية وغيرها، وتشكيل هيكل تنسيقي لضمان انسجام وتناسق وفعالية جميع المسارات المختلفة.

وقالت الوثيقة "يجب أن يفضي الحوار السوداني- السوداني إلى عملية سياسية تخاطب جذور الأزمة الوطنية، وأن يكون بإرادة سودانية ويمكن أن تتولى الجهات الإقليمية والدولية دور المسهل والميسّر".

كما اقترحت وثيقة مونترو عملية متكاملة للعدالة والعدالة الانتقالية لضمان المساءلة عن الجرائم التي وقعت منذ 30 يونيو/حزيران 1989، بما في ذلك تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، والجرائم المرتكبة في حرب 15 أبريل/نيسان 2023، وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير وإنهاء حالة اختطاف الدولة.

ويرى رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي أن حوار مونترو حقق اختراقا غير مسبوق و"نجاحا منقطع النظير" توحدت بموجبه قوي سياسية ومدنية وحركات مسلحة ذات وزن حول وثيقة شاملة لمواجهة الأزمة السياسية والإنسانية في السودان.

وفي حديث للجزيرة نت يعتقد المهدي أن وثيقة سويسرا لم تكن ممكنة لولا التحضير الذاتي لبعض القوى المشاركة، ومؤتمر القاهرة في يوليو/تموز الماضي الذي حقق مصالحة بين الفرقاء السياسيين بمختلف تحالفاتهم.

ويوضح أنهم أسمَوا الوثيقة اقتراحا وستكون مفتوحة لمساهمة وتمكين كل من لم يشارك بالانضمام للعملية السياسية حتي يتحقق أكبر إجماع وطني.

ويكشف المهدي أنه تم تشكيل لجنتين، الأولى للتواصل مع القوى الإقليمية والدولية لدعم حراك القوى المدنية التي ينبغي أن تشارك في الحوار من أجل السلام، والثانية للتحضير لمائدة مستديرة للقوى السياسية للتوافق على وثيقة دستورية وبرنامج للمرحلة الانتقالية بعد الحرب وتحديد آليات تشكيل حكومة مدنية تتسلم السلطة من العسكريين.

العربة أمام الحصان

في المقابل، انتقد نور الدائم طه مساعد رئيس حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي تشكيل لجنة مشتركة مع قوى حليفة لقوات الدعم السريع مما يعد تبرئة غير مباشرة لقوى مثّلت غطاء سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا لـ"مليشيا" ارتكبت جرائم وصلت إلى مستوى الإبادة الجماعية.

ويضيف طه للجزيرة نت أن غياب الإشارة الواضحة إلى انتهاكات قوات الدعم السريع، والاكتفاء بالحديث عن "أطراف"، يعكس ضمنيا مساواة بين الجيش و"مليشيا متورطة في الجرائم والانتهاكات وهي "رسالة سياسية تُضعف موقف المساءلة والمحاسبة".

ويرفض طه دمج المسارين الأمني والسياسي، حيث إن تقديم المسار السياسي على الأمني بمثابة وضع العربة أمام الحصان، لأن أي حوار شامل يتطلب تهيئة الأجواء أولًا، ويجب أن يتم داخل السودان.

وينتقد المتحدث أيضا عدم النص في الوثيقة على حوار شامل لا يقصي أحدا، واعتبر الإشارة المبهمة إلى كلمة "الشمول" دون تحديد الأطراف أو القضايا تُعد مدخلًا لممارسة الإقصاء.

وعن مخرجات مونترو يرى المحلل ورئيس تحرير صحيفة "إيلاف" خالد التجاني أن الوثيقة التي صدرت عن المؤتمر لم تحمل جديدا مختلفا، وأن المشاركين -وغالبيتهم كانوا حاضرين في مؤتمر القاهرة للقوى السودانية- لو كانوا جادين في البحث عن حل لاستكملوا ما تحقق من تقدم في القاهرة وليس البحث عن منبر جديد.

وينتقد المحلل في حديث للجزيرة نت ربط المسارين العسكري والسياسي، لأن الأزمة لها مساران الأول عسكري بين الجيش وقوة تابعة له تمردت عليه، والآخر حل الأزمة السياسية ورسم المستقبل السياسي وهو أمر يهم الشعب السوداني وليس نخبة غير مفوّضة تحاول فرض نفسها لإيجاد دور ومقاعد في السلطة بعد الحرب.

ويرى التجاني أن كل التجارب السابقة في السودان التي شهدت ربط المسارين العسكري والسياسي انتهت باقتسام السلطة بين العسكريين وحاملي السلاح وتهميش القوى السياسية ومنحها الفتات، كما أن بعض المشاركين في مؤتمر مونترو وهم أحزاب علي الحاج ومبارك الفاضل والميرغني كانوا جزءًا من نظام البشير الذي يطالبون بتفكيكه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حرکة تحریر السودان رئیس حزب

إقرأ أيضاً:

هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟

هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟

فيصل محمد صالح

شهدت الساحة السودانية تطورات كبيرة خلال الأسبوعين الماضيين، بخاصة على المستوى العسكري؛ إذ حققت قوات الجيش انتصارات كبيرة على «قوات الدعم السريع» في ولايتَي الجزيرة والخرطوم، تغيرت بسببها موازين القوى العسكرية.

بدأت قوات الجيش والمجموعات المتحالفة معها، ومنها قوات «درع السودان» بقيادة أبو عاقلة كيكل، و«كتائب البراء بن مالك» التابعة للحركة الإسلامية، وبعض كتائب القوات المشتركة لحركات دارفور المسلحة، هجومها الواسع لاستعادة مدينة ود مدني الاستراتيجية، عاصمة ولاية الجزيرة من محاور عدة، واستطاعت دخولها بسهولة تشبه احتلال «قوات الدعم السريع» لها قبل نحو عام.

كان المظهر المتكرر لكل المناطق التي استعاد الجيش السيطرة عليها، بما فيها مدينة ود مدني، هو تراجع «قوات الدعم السريع» وانسحابها قبل وصول قوات الجيش، بحيث لم تدر معارك كبيرة إلا في المحاور الخارجية عند تقدم قوات الجيش نحو المدينة، لكن عند وصوله للمدينة دخلها بشكل سريع وبلا مقاومة. هذا الانسحاب المتكرر لا يقلل من أهمية انتصار قوات الجيش، ولا يقلل من الهزيمة التي تلقتها «قوات الدعم السريع»؛ فالانسحاب لم يكن عملية طوعية، لكنه تم تحت وطأة هجوم قوات الجيش من محاور متعددة، والتأكد من الهزيمة المتوقعة.

تكرر السيناريو ذاته في بعض مناطق ولاية الخرطوم، حيث حقق الجيش انتصارات كبيرة في منطقة وسط الخرطوم بحري؛ إذ التقت القوات القادمة من شمال المدينة مع قوات «سلاح الإشارة» المتخندقة منذ بدء الحرب في ثكناتها على ضفاف النيل الأزرق، ثم انطلقت نحو القيادة العامة للقوات المسلحة ومنطقة وسط الخرطوم. ويمكن القول الآن إن كل منطقة وسط الخرطوم بحري صارت في قبضة القوات المسلحة، وكذلك أجزاء من منطقة وسط الخرطوم، وتبقت مناطق ومواقع محددة لن تصمد طويلاً في يد «قوات الدعم السريع». لكن ما سر الانهيار السريع لـ«قوات الدعم السريع»؟

السبب الأساسي له علاقة بالانتشار الواسع الذي تورطت فيه «قوات الدعم السريع»، بحيث لم تستطع تأمين المناطق التي تحتلها، وكان رهانها الأساسي، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023، هو افتقاد الجيش قوات مشاة قادرة على الحركة السريعة وحرب المدن بسيارات سريعة وخفيفة تلتف على المدرعات والدبابات البطيئة الحركة. نتيجة لهذا التفوق سيطرت «قوات الدعم السريع» خلال أيام على كل ولاية الخرطوم باستثناء مواقع عسكرية محدودة، ثم امتدت للسيطرة على ولاية الجزيرة، مثلما سيطرت على كل إقليم دارفور، عدا مدينة الفاشر، وأجزاء من ولاية كردفان.

في خلال هذه الفترة استوعبت قوات الجيش آلاف المقاتلين، كما حصلت على كميات كبيرة من الآليات والأسلحة، وسجلت تفوقاً كبيراً باستخدام سلاح الطيران بعد حصولها على طائرات حديثة من دول صديقة. ويبدو أن تفوق سلاح الطيران لعب الدور الأساسي في تحطيم قدرات «قوات الدعم السريع»، وفتح الطريق أمام قوات المشاة لتتقدم على جبهات عديدة.

الموقف الآن يقول إن قوات الجيش استعادت السيطرة على معظم محليات أم درمان، عدا الجزء الجنوبي حتى جبل أولياء، وكذلك الأمر في منطقة بحري، حيث لم تتبقَّ إلا منطقة شرق النيل، وتحتاج قوات الجيش لأيام قليلة لتبسط سيطرتها على منطقة وسط الخرطوم، وتتبقى الأحياء الجنوبية في يد «قوات الدعم السريع».

واقع الحال يقول إن بقاء «قوات الدعم السريع» في بعض مناطق ولايتَي الخرطوم والجزيرة لم يعد ممكناً، إلا إذا دفعت بمجموعات جديدة، وهذا لا يبدو ممكناً في الوقت الحالي. وبالتالي، فإن التركيز سيبقى على إقليم دارفور وبعض مناطق ولايات كردفان، وهو ما يبدو مطابقاً لتوقعات سابقة بأن تتركز قوات كل طرف في مناطق معينة ويبقى واقع تقسيم السودان ماثلاً، سواء تكونت حكومة موالية لـ«قوات الدعم السريع» أو لا.

هذه الانتصارات العسكرية على الأرض لا تتجاهل إمكانية الوصول لتسوية سياسية لإنهاء الحرب، بخاصة مع وصول دونالد ترمب لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وإعلانه أنه سيعمل لوقف كل الحروب، وبدأ بحرب غزة. تتوقع كل الأطراف ضغوطاً أميركية كبيرة خلال المرحلة القادمة لإنهاء الحرب، تشمل أطراف الحرب والدول الداعمة والممولة للحرب. لهذا تبدو هذه التحركات والانتصارات العسكرية مهمة لتعديل موازين القوى وتحسين المواقف التفاوضية، وقد نشهد خلال فترة قصيرة بدء جولات تفاوضية في منبر جدة أو منابر جديدة؛ فما بدأته الحرب ستكمله السياسة.

* نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط

الوسومأم درمان الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بحري فيصل محمد صالح

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء الفرنسي يعتزم إقرار الميزانية في التفاف على البرلمان
  • ندوة في ببروكسل: تشرذم القوى السياسية اليمنية يطيل الحرب ويعزز هيمنة الحوثيين
  • هل انقلبت موازين القوى في حرب السودان؟
  • لجان المقاومة بتنسيقية «تقدم»: تشكيل حكومة في ظل الحرب يعمّق الانقسام ويطيل أمد الأزمة
  • نزاع الشرعيّة بعد نزاع السلاح في السودان
  • القوى الشعبية والأحزاب السياسية يشاركون في الوقفة التضامنية أمام معبر رفح (شاهد)
  • القوى الشعبية والأحزاب السياسية يشاركون في الوقفة التضامنية أمام معبر رفح
  • إكسترا نيوز: القوى الشعبية والأحزاب السياسية يشاركون في وقفة رفض التهجير أمام معبر رفح
  • «إكسترا نيوز»: كل القوى السياسية تشارك في الوقفة التضامنية أمام معبر رفح
  • الورشة التحضيرية للعملية السياسية بعد الحرب: الفرص والتحديات أمام القوى المدنية