باحث أمريكي مختص بعلم الخرائط: ما هي مساحة اليمن الحقيقية.. هل 555 ألف كيلومتر مربع أم 456 ألف؟

سلط باحث أمريكي الضوء على المساحة الجغرافية الحقيقية للجمهورية اليمنية والتي قال إنها ظلت نحو قرن من الزمان كمعلومات مضللة.

 

وقال الباحث بوريس المتخصص في الخرائط المتحركة في تقرير تحليلي مستندا على الصور وخرائط جوجل ووثائق قديمة نشرته منصة "سبستاك" وترجمه للعربية "الموقع بوست" هل سألت نفسك يومًا "ما هي مساحة اليمن؟

 

وأضاف "عندما تبحث عن مساحة اليمن الأرضية، تظهر النتيجة 550,000 كيلومتر مربع.

ومع ذلك، إذا قمت بقياسها من خلال الخرائط، فإن النتائج تظهر بين 452,000 و458,000 كيلومتر مربع (بما في ذلك الجزر).

 

وذكر أن المصادر التي تدعي أن مساحة اليمن 550,000 كيلومتر مربع لا تقدم الكثير من التفاصيل، فقط تذكر الحجم دون تفسير. يمكنك البحث في هذا الأمر.

 

نص التقرير:

 

لقد أثار هذا الأمر فضولي، فقمت بالبحث باستخدام محرك البحث جوجل عن مساحة اليمن، وها هو ذا، لم يكن يكذب. 555000 كيلومتر مربع كأول رد من محرك البحث جوجل بنفس الرقم المستخدم في ويكيبيديا.

 

 

أردت أن أرى ما الخطأ الذي حدث، وما إذا كان هذا الشخص على حق أم لا، لذا حاولت تكرار الحدود من خلال رسمها على خرائط محرك البحث جوجل. وصلت إلى نتيجة 456000 كيلومتر مربع.

 

لقد قمت بإدراج كافة الجزر، بما في ذلك جزيرة سقطرى، للتأكد من عدم تفويت أي شيء. لم يكن هناك أي احتمال لحدوث خطأ حدودي بسيط، حيث كانت المنطقة المفقودة بحجم ربع مساحة البلاد.

 

من أين جاءت 555 ألف كيلومتر مربع؟

 

إذن كيف نشأت المطالبة بالرقم 555؟ بمساعدة كتب محرك البحث جوجل، تمكنت من العثور على أقدم مرجع ممكن: هذا هو الكتاب الإحصائي السنوي الذي أصدره الجهاز المركزي للإحصاء في اليمن عام 1991م، وهو أول كتاب سنوي يُصدر بعد توحيد البلاد. وعندما قرأت الفقرة بعناية، لاحظت مشكلة بسيطة، وهي أن اليمن لا تمتد إلى خط العرض العشرين (20°) شمالاً. بل إن أقصى نقطة شمالاً من اليمن تقع بالضبط عند خط العرض التاسع عشر (19°)، وفقاً لاتفاقية الحدود مع المملكة العربية السعودية.

 

فماذا حدث هنا؟

 

قبل عام 2000م، لم تكن الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية محددة بوضوح. لذا، فمن المحتمل أن يكون أحد المسؤولين قد رسموا الحدود الشمالية بشكلً يمتد الى الخط العشرين (20°) لأغراض نشر الاكاذيب والإشاعات لزيادة مساحة البلاد بقدر الإمكان. وعندما أدخلت الحدود الجديدة على محرك البحث جوجل، بدا أن افتراضاتي قد نجحت. ونعم، تشمل هذه المنطقة صحراء الربع الخالي على الرغم مما يقوله النص.

 

من أين جاءت 527 ألف كيلومتر مربع؟

 

"حسنًا، إنها حالة من حالات استخدام ويكيبيديا لمصادر غير موثوقة، وهو أمر شائع جدًا بالفعل. بالتأكيد، لابد أن مصادر أخرى قد توصلت إلى ذلك بشكل صحيح؟" لذا قمت بالبحث في المصدر الأكثر ثقة: كتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والذي زعم أن مساحة اليمن تبلغ 527.968 كيلومترًا مربعًا.

 

 

ويمكن العثور على نفس الرقم في قاعدة بيانات البنك الدولي، وموقع الأمم المتحدة على الويب، بالإضافة إلى كتاب جغرافي قديم وجدته في خزانتي. لكنه لا يزال يختلف عن رقم خرائط محرك البحث جوجل. لماذا؟

 

تعمقت في الإصدارات السابقة من كتاب حقائق العالم الصادر عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووجدت الإصدارات الأقدم حيث ظهر الرقم في نسخة عام 1991م، أي بعد عام واحد بالضبط من توحيد اليمن.

 

بحثت في الطبعات السابقة ووجدت إدخالات منفصلة لشما وجنوب اليمن، حيث كان الرقم الأول 195000 كيلومتر مربع والثاني 332968 كيلومتر مربع. تم جمع الرقمين لتشكيل الحجم الإجمالي لليمن الموحد.

 

ولكن هل كانا صحيحين؟ لقد أدخلت الحدود المستخدمة في نص الكتاب في محرك البحث جوجل أرث (الأرضي)، أدهشني اكتشاف أن كلاهما لم يكن صحيحًا. كانت مساحة شمال اليمن 136000 كيلومتر مربع فقط، وكانت في جنوب اليمن 288000 كيلومتر مربع فقط. لم يكن هناك احتمال لحدوث خطأ بسيط في الحدود أو التقريب. كان كلاهما غير صحيحين تمامًا. ماذا كان يحدث هنا؟

 

حجم شمال اليمن

 

بدأت بشمال اليمن. كنت أبحث عن أقدم ذكر للرقم 195000 كيلومتر مربع فيما يتعلق بشمال اليمن. وبعد الكثير من البحث، وجدته - ووصفته طبعة عام 1964م من كتاب ستايتسمان (Statesman) السنوي بأنه 75000 ميل مربع (195000 كيلومتر مربع). أعطاني هذا تلميحًا للبحث عن المنطقة بالأميال المربعة. بعد بحث طويل بمساعدة كتب محرك البحث جوجل، وجدت أقدم ذكر.

 

 

وصفت طبعة عام 1904 من الموسوعة الدولية الجديدة حجم ولاية اليمن، إحدى ولايات الإمبراطورية العثمانية. وعندما أدخلت حدودها في برنامج محرك البحث جوجل إيرث (الأرضي)، وجدت أنها تتناسب تمامًا مع مساحة 195000 كيلومتر مربع.

 

وعلى الرغم من حقيقة أن اليمن الشمالي المستقل كان نصف مساحة الولاية، إلا أن كل كتاب حتى عام 1990م استمر في إظهار حجمه من المصدر الذي يعود إلى عام 1904م، وكرر ذلك دون أي تدقيق في الحقائق!

 

وقد ظهر الرقم في كل ذكر وجدته على الإنترنت متعلق بشمال اليمن، على الرغم من أنه يستند إلى كيان مختلف تمامًا.

 

حجم جنوب اليمن

 

وبعد توضيح هذه النقطة، بدأت البحث عن جنوب اليمن. فوجدت نمطًا غريبًا. فقد أظهرت كل المصادر حتى عام 1976م أن مساحة جنوب اليمن تبلغ 287 ألف كيلومتر مربع .

 

 

 

غيرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الرقم إلى 332 في عام 1986م. ثم قامت دائرة الموسوعة البريطانية المحدودة بتغييره في عام 1981م. ثم قامت الأمم المتحدة بتغييره في عام 1977م. فما الذي حدث في عام 1976م ليتسبب في مثل هذا التوسع المفاجئ؟

 

لم يتغير شيء في مساحة جنوب اليمن. وبعد بحث طويل، وجدت ما يلي: ومن بين الوثائق الأخرى كان هناك تقرير غامض أصدره البنك الدولي حول الوضع الاقتصادي في جنوب اليمن في أكتوبر عام 1976م.

 

في الصفحة 51 كان هناك جدول بمحافظات جنوب اليمن ومساحتها الإجمالية 338.100 كيلومتر مربع. استخدمت الخريطة الإدارية الواردة في الملحق بالتقرير وبرنامج محرك البحث جوجل إيرث (الأرضي) لحساب أحجامها على الخريطة عندما وجدت مشكلة.

 

العنصر السابع في القائمة، ثمود، لم تكن محافظة... بل كانت جزءًا من الإقليم الخامس كما يمكن رؤيته في الخريطة. وقد تم حساب مساحتها مرتين في الجدول مما أدى إلى مبالغة هائلة في تقدير مساحة جنوب اليمن. ومنذ ذلك الحين، كرر كل مصدر هذا الادعاء الخاطئ دون التحقق مرة أُخرى.

 

فكرة ختامية

 

باختصار، لسببين غير مرتبطين ببعضهما البعض، تم المبالغة في أحجام كل من شمال وجنوب اليمن، وخلال توحيدهما، قامت المصادر ببساطة بدمجهما لإنشاء حجم جديد أكثر دقة.

 

أتمنى أن أكون قد توصلت إلى كل ذلك؛ إن وصف الأمر بأنه محرج هو أقل من الحقيقة. لأنه على مدار مائة عام، لم يكلف أحد نفسه عناء التحقق من صحة الجداول الجغرافية. حتى أن كل إحصائية على الإنترنت تتضمن حجم الدولة... خاطئة.

 

لا، الكثافة السكانية في اليمن ليست 65/كم2 بل 75.

 

لم تكن اليمن الدولة رقم 49 من حيث عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بل هي الدولة رقم 54.

 

ولم تكن اليمن أيضاً "أكبر قليلا" من ضعف مساحة ولاية وايومنغ كما تدعي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية؛ بل إنها أصغر في الواقع.

 

في هذه المرحلة، لا أعرف كيف يمكن إصلاح خطأ بهذا الحجم. ربما يستطيع شخص ما يشاهد الفيديو الخاص بي أن يجعل هذه القصة مشهورة ويدفع كل هذه المؤسسات إلى تصحيح هذا الخطأ الذي يعود إلى قرن من الزمان؟ تخيلوا كم سيكون ذلك رائعًا.

 

 

المصدر: الموقع بوست