ماذا وراء عودة الصراع في سوريا؟.. خبراء يجيبون
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
شهدت سوريا خلال الأيام الأخيرة تطورات عسكرية متسارعة، مع تحقيق هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) وفصائل مدعومة إقليميًا تقدمًا كبيرًا في مدينة حلب، شمال البلاد.
ووفقًا لتقارير ميدانية، تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على أجزاء واسعة من المدينة بعد هجوم مباغت استهدف مواقع الجيش السوري في شمال وشمال غرب البلاد، ما يُعد أكبر تقدم للمسلحين منذ سنوات.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات المعارضة دخلت أحياء جنوبية وغربية من حلب دون مقاومة تُذكر، حيث انسحبت قوات الجيش السوري من مواقعها.
كما وصلت الفصائل إلى قلعة حلب التاريخية، أحد أبرز معالم المدينة، دون اشتباكات كبيرة، ما أثار حالة من الذعر بين السكان المحليين الذين يخشون تجدد أعمال العنف.
نزوح الآلاف وتصاعد الأزمة الإنسانيةعلى خلفية المعارك، نزح أكثر من 14 ألف شخص من مناطق الاشتباكات، نصفهم من الأطفال، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وأعرب ديفيد كاردن، نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، عن قلقه البالغ إزاء الوضع في شمال غرب سوريا، قائلًا:"الهجمات المتواصلة أودت بحياة ما لا يقل عن 27 مدنيًا، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثماني سنوات"، مشددًا على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية بموجب القانون الدولي الإنساني.
تحديات دولية واستحقاقات محليةتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه سوريا تحديات سياسية وأمنية متزايدة، في ظل استمرار التوترات بين الأطراف المحلية والدولية، ومن المرجح أن تُلقي هذه الأزمة بظلالها على أي جهود دولية لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
تصعيد خطير في سوريا وتحركات إقليمية مثيرة للجدل
قال الباحث في العلاقات الدولية، عمرو حسين، إن التصعيد العسكري الأخير في سوريا يعود إلى رفض دمشق عقد أي لقاء بين الرئيسين السوري والتركي إلا بشرط انسحاب الجيش التركي من جميع الأراضي السورية في شمال البلاد.
أضاف حسين في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الجانب التركي رفض هذا الشرط، رغم الجهود الروسية والإيرانية المكثفة للتقريب بين الطرفين، موضحًا أن هذا التوتر مكّن الجماعات المسلحة من استغلال الوضع الراهن، حيث شنت هجمات واسعة على إدلب وحلب، في محاولة للضغط على الحكومة السورية للموافقة على وضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية.
مؤامرات دولية وتصعيد الإرهابوأشار حسين إلى أن سوريا تواجه مخططًا كبيرًا يستهدف زعزعة استقرارها، موضحًا أن الغارات الإسرائيلية اليومية على دمشق واللاذقية ومناطق أخرى تأتي ضمن سياق مؤامرة أوسع تشهدها سوريا منذ عام 2011، مؤكدًا أن هذه التطورات، بالتزامن مع الهجمات المسلحة في شمال البلاد، تُنذر بمرحلة جديدة من تصاعد الإرهاب، الذي قد يمتد إلى العراق، لا سيما مع نشاط جماعات إرهابية مثل النصرة والقاعدة وداعش.
ودعا الباحث في العلاقات الدولية إلى ضرورة تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمواجهة هذه التحديات، لضمان استقرار سوريا والعراق ومنع عودة الإرهاب بقوة إلى المنطقة.
من جانبه، أوضح طلعت طه، المتخصص في الشؤون الدولية، أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة بقيادة بنيامين نتنياهو تهدف إلى إعادة ترتيب توازنات القوى في المنطقة، مشيرًا إلى أن الهدنة التي وقعتها إسرائيل لم تكن هدية للمنطقة، بل خطوة استراتيجية لتحضير إسرائيل لمواجهة أي تهديد مستقبلي.
وأضاف طه في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن نتنياهو استغل الهدنة لتوجيه تحذيرات علنية للرئيس السوري بشار الأسد، مهددًا برد عسكري إذا استمر النظام السوري في دعم المقاومة، لافتًا إلى أن إسرائيل تعمل على استثمار جميع السيناريوهات؛ فإذا انهزمت المقاومة، تضعف أحد محاور التهديد، وإذا انتصرت، تنشغل بالصراع داخل الأراضي السورية.
وكشف طه أن إسرائيل وقّعت صفقة أسلحة مع الولايات المتحدة بقيمة 650 مليون دولار لتحديث أسطولها الجوي الذي تعرض للإرهاق بسبب العمليات المتكررة في سوريا ولبنان، مؤكدًا أن نتنياهو يهدف من خلال هذه الخطوة إلى تعزيز موقعه كقوة إقليمية لا يمكن تهديدها، مع طمأنة الداخل الإسرائيلي بقدرته على ضمان أمنهم.
وأشار طه إلى أن الصراع في سوريا يمثل جزءًا من خطة إسرائيلية أوسع لتأمين حدودها من جميع الاتجاهات، مستفيدًا من الدعم الأمريكي المستمر. وبيّن أن نتنياهو يطمح لتحقيق أهداف توسعية تشمل السيطرة الكاملة على القدس، وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وربما ضم أراضٍ إضافية لتعزيز المشروع الصهيوني على حساب حقوق الفلسطينيين.
اختتم المتخصص في الشؤون الدولية، في تصريحاته بالإشارة إلى أن التحركات الإسرائيلية تهدف إلى توجيه رسائل طمأنة للداخل الإسرائيلي، مع التأكيد على أن إسرائيل لن تتهاون مع أي تهديد خارجي.
وشدد على أن هذه السياسات التصعيدية قد تؤدي إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة، ما يتطلب استجابة إقليمية ودولية سريعة لمنع تفاقم الأوضاع.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سوريا اخبار سوريا اخبار سوريا الان تحرير الشام فی سوریا فی شمال إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد اقتراب المعارك من حلب.. ماذا تعرف عن فصائل المعارضة في شمال غربي سوريا؟
لا تزال المعارك متواصلة بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام والمليشيات الإيرانية الموالية له على محاور القتال في ريفي حلب وإدلب شمال غربي سوريا، في أكبر تحرك عسكري تقوده المعارضة منذ سنوات.
ومع تواصل البيانات التي تصدرها فصائل المعارضة المنضوية تحت ما يسمى بـ"إدارة العمليات العسكرية" حول اتساع رقعة سيطرتها واقترابها من مشارف مدينة حلب، فإن الأضواء تعود للتوجه إلى الفصائل المسلحة العاملة في مناطق شمال غربي سوريا.
وتاليا استعراض لأبرز هذا الفصائل:
◼ هيئة تحرير الشام (HTS)
تعد من أبرز وأكبر الفصائل المعارضة المسلحة في شمال غربي سوريا، وخصوصا في محافظة إدلب ومحيطها، وقد تطورت الهيئة عبر عدة مراحل وتحولات، وأصبحت واحدة من اللاعبين الرئيسيين بين فصائل المعارضة.
وتأسست الهيئة في كانون الثاني /يناير عام 2017 نتيجة اندماج عدد من الفصائل في كيان واحد وهي فصائل جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا)، وحركة نور الدين الزنكي (انسحبت لاحقا)، وجيش السنة، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين.
وتعد جبهة فتح الشام، التي تتبع نهجا سلفيا جهاديا إلا أنها تشدد على عدم امتلاكها أي علاقات خارجية بعد قطع علاقاتها بتنظيم "القاعدة" حين كانت تعرف بـ"جبهة النصرة" عام 2016، المكون المسيطر على "هيئة تحرير الشام"، التي يتزعمها أبو محمد الجولاني.
واتخذت الهيئة التي تبسط سيطرتها على إدلب، العديد من الخطوات من أجل التخفيف من مظاهر التشدد بغية تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي والمحلي.
تدير الهيئة معظم محافظة إدلب وأجزاء من ريف حلب واللاذقية وحماة، وتدير مناطق سيطرتها عبر مؤسسات مدنية وعسكرية، مثل "حكومة الإنقاذ"، التي تُعد ذراعها السياسي.
◼ الجيش الوطني السوري (SNA)
يعد من أبرز فصائل المعارضة ويتبع إلى ما يعرف بالحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا، حيث يتمركز بالفعل في المناطق التي تقع تحت النفوذ التركي في شمال وشمال غربي سوريا.
تأسس الجيش في عام 2019 بهدف توحيد الفصائل المسلحة المعارضة وتنظيمها في كيان عسكري واحد يتبع للحكومة السورية المؤقتة، وهو يُعتبر الذراع العسكري الرئيسي للمعارضة السورية المدعومة من تركيا.
ويتألف الجيش من ثلاث فيالق تضم مجموعة من الفصائل المسلحة التي كانت تنشط في ريف حلب وإدلب ومناطق أخرى في الشمال السوري.
يسيطر الجيش الوطني السوري على عدة مناطق رئيسية، خاصة في الشمال السوري، وتتمركز قواته في المناطق التي تم السيطرة عليها بعد تنفيذ عمليات تركية في الأراضي السورية، وهي مناطق "درع الفرات" (تشمل مدن مثل جرابلس، الباب، وأعزاز) ومنطقة "غصن الزيتون" (تشمل عفرين والمناطق المحيطة بها)، ومنطقة "نبع السلام" (تشمل رأس العين وتل أبيض).
ويعتمد الجيش الوطني بشكل كبير على تركيا في الدعم المالي والعسكري واللوجستي، كما تشارك القوات التركية في العمليات مع الجيش الوطني وتوفر له التدريب والتسليح.
◼ فصائل صغيرة
يوجد العديد من الفصائل الأخرى في شمال غربي سوريا إلا أنها تعد صغيرة جدا بالمقارنة مع "هيئة تحرير الشام" و"الجيش الوطني السوري"، كما تشير تقارير إلى اضمحلال العديد من هذه الفصائل خلال السنوات الأخيرة بسبب خلافات وصراعات داخلية، سواء أيديولوجية أو حول النفوذ.