مسقط- العُمانية

قفزت سلطنة عُمان 57 مركزًا في المؤشر العالمي للجودة الصادر من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو" في نوفمبر الجاري لتصل بذلك إلى المركز الـ60 عالميًّا من بين 155 دولة، والمركز الـ6 على مستوى الشرق الأوسط مقارنةً بالمركز الـ117 في الإصدار السابق.

وقال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة إن الوزارة تُولي اهتمامًا كبيرًا لقطاع المواصفات والمقاييس الذي يعد أحد القطاعات الرئيسة الممكنة للتجارة والصناعة والاستثمار، مشيرًا إلى أن هذا الإنجاز يعكس الأثر المباشر لمشروع تطوير المنظومة الوطنية للمواصفات والمقاييس الذي بدأ في مطلع عام 2022 واشتمل على 7 مبادرات أساسية أهمها المنصة الإلكترونية لخدمات التقييس منصة "حزم" التي تتضمن حزمة من خدمات المطابقة بالإضافة إلى تبسيط عدد من الخدمات التي تعنى بالمواصفات والمقاييس وتلبي متطلبات السوق المحلي للتاجر والمستهلك، وعدد من المبادرات الأخرى مثل نظام المطابقة العُماني وإنشاء مركز الاعتماد العُماني ومبادرة المواصفات تدعم الابتكار، وتنظيم الرقابة على المعادن الثمينة.

وأكد سعادته أن هذا التقدم في المؤشر جاء من خلال تطوير منظومة الجودة وتحفيز الابتكار وتسهيل عمليات التصدير والاستيراد والتقليل من الحواجز أمام التجارة الدولية؛ ما يدل على نجاح السياسات الوطنية في تحسين بيئة الأعمال وجلب الاستثمارات الأجنبية ويزيد من تنافسية المنتجات العُمانية على المستوى الدولي.

وأضاف سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن أن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار تعمل على الاستثمار في تدريب وتأهيل الكفاءات العُمانية في مجالات التقييس لضمان استمرارية التقدم وتحقيق مؤشرات أداء عالية وتطوير أنظمة رقمية تستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات التقييس؛ ما يُسرّع الإجراءات ويُقلل من الأخطاء البشرية ويوفر الوقت والموارد والاستمرار في مراجعة وتحديث السياسات وتطوير القوانين المتعلقة بالتقييس لتواكب متطلبات الأسواق الإقليمية والدولية وتعزز المنتجات العُمانية.

من جانبه، قال عماد بن خميس الشكيلي مدير عام المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار إن النتائج المحققة ثمرةُ تنفيذ المشروع الاستراتيجي لتطوير المنظومة الوطنية للمواصفات والمقاييس الذي يتماشى مع أولويات رؤية "عُمان 2040" وبرامج الخطة الخمسية العاشرة والجهود المشتركة التي شملت رقمنة خدمات التقييس وتطوير المختبرات الوطنية وتمكين مختبرات القطاع الخاص وتعزيز الإمكانات المترولوجية وتفعيل الشراكة مع القطاع الخاص.

وأوضح أن هناك عددًا من الفرص المخطط استغلالها في المرحلة المقبلة، من بينها تطوير المتجر الإلكتروني العُماني للمواصفات القياسية لجعلها أكثر سهولة في الوصول إليها، ما يحقق لسلطنة عُمان مشاركة أكثر فاعلية في اللجان الوطنية والإقليمية والدولية وبما يضمن أن تكون المواصفات القياسية متوافقة مع احتياجات السوق ومتطلبات الصناعة العُمانية، بالإضافة إلى توقيع عدد من مذكرات التفاهم ذات الأهمية لتسهم في رسم السياسات التجارية لدى سلطنة عُمان مع شركائها التجاريين من خلال توحيد المواصفات القياسية والاعترافات المتبادلة في شهادات المطابقة وعلامة الجودة.

وأشار إلى أن مشروع تطوير المنظومة الوطنية للمواصفات والمقاييس أولى اهتمامًا واضحًا بتعزيز المشاركة الفاعلة لسلطنة عُمان في الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية مثل منظمة التقييس الخليجية والمنظمة الدولية للتقييس واللجنة الدولية الكهروتقنية، وتتمع سلطنة عُمان بمكانة تسمح لها بالإسهام في جهود التقييس العالمية والاستفادة منها.

وقطعت سلطنة عُمان خطوات كبيرة في تعزيز منظومة المواصفات والمقاييس من خلال رقمنة العديد من خدمات التقييس بدءًا من خدمات تقويم المطابقة، حيث أطلقت في العام الماضي منصة إلكترونية موحدة لخدمات التقييس، وعملت على العديد من التحسينات في قطاع المقاييس (المترولوجيا) المتعلقة بخطة تطوير نظام إدارة الجودة في المختبرات إلى جانب تحديث المختبر وتعزيزه بتقنيات قياس متقدمة.

وتواصل المديرية العامة للمواصفات والمقاييس بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العمل مع القطاعين العام والخاص والشركاء الدوليين لتعزيز ثقافة الشراكة من خلال مواءمة المواصفات القياسية الوطنية مع أفضل الممارسات الدولية، ووضع مواصفات قياسية عُمانية تخدم أهداف التنمية المستدامة وتحقق مؤشر الوزارة (المستهدف) في رؤية "عُمان 2040" والمتعلق برفع نسبة النمو في المواصفات القياسية.

 

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التجارة والصناعة وترویج الاستثمار للمواصفات والمقاییس المواصفات القیاسیة الع مانیة من خلال ع مانیة

إقرأ أيضاً:

قبور عُمانية بلا شواهد!

وعدتُ فـي نهاية مقال الأسبوع الماضي أن أسرد حكاية تدمير الإنجليز لقصر «بيت الحكم»؛ أحد أهم مفردات التاريخ العُماني فـي شرق أفريقيا، والذي كان يتوسط «بيت العجائب» و«بيت الساحل»، وقد دمره الإنجليز تدميرًا كاملًا بالفعل يوم 27 أغسطس 1896، فـي اعتداء سافِر حدث اعتراضًا على تسلّم السيد خالد بن برغش الحكم. وجراء هذا الاعتداء لم يحكم السيد خالد إلا ثلاثة أيام فقط، وكان مدفوعًا بقوة التأييد الشعبي الواسع له ومساندة قوة الحرس السلطاني التي خلفها له السلطان حمد بن ثويني. وتنقل الموسوعة العُمانية عن السيد خالد أنه كان «يرى فـي تسلط الإدارة الإنجليزية بحجة اتفاقية الحماية تدخلًا فـي سيادة الدولة لا يمكن الرضوخ له، وكان السلطان حمد بن ثويني مشجعًا له فـي تعميق توجهه المضاد للاستعمار من خلال إسناد بعض المهام القيادية إليه، ووجد أنه يتمتع بشعبية وطنية قوية بين العرب، وكان يظن أنّ الإدارة الإنجليزية سترضخ للإرادة الشعبية، وعندما اشتد على السلطان حمد بن ثويني مرض موته، أرسل إلى السيد خالد بألا يتأخر بعد وفاته عن ارتقاء العرش»، لكن الإنجليز كان لهم رأيٌ آخر، «فبعد انقضاء مهلة الأيام الثلاثة التي منحتها له سلطة الحماية للخروج من القصر بتاريخ 27 أغسطس 1896 وامتناعه عن ذلك، قصفت البوارج البريطانية «بيت الحكم» و«بيت العجائب» و«بيت الساحل»، مسجلة بذلك ما عُرف زورًا وبهتانًا بحادثة «أقصر حرب فـي التاريخ».

وفـي الواقع لم تكن تلك حربًا ولا هم يحزنون، وإنما كانت عدوانًا سافرًا -كما سبقت الإشارة- وتدخلًا فـي شؤون السلطنة، خرج بعدها السيد خالد بن برغش من أنقاض قصر الحكم بمساندة رئيس الحرس السلطاني الذي بقي مواليًا لسيده ومرابطًا معه، فاتجه به مباشرة إلى القنصلية الألمانية، ونقله الألمان إلى دار السلام التي كانت مستعمرة ألمانية وبقي هناك لاجئًا سياسيًّا، ماكثًا فـيها حتى نشوب الحرب العالمية الأولى، وعندما خسر الألمان الحرب عرضت عليه الإدارة الألمانية الانتقال والعيش فـي برلين إلا أنه رفض، فنفته بريطانيا إلى سيشل ثم جزيرة سانت هيلانة، ثم سمحت له الإدارة البريطانية بالعيش فـي ممباسا بعد تدخل واليها السيد علي بن سالم البوسعيدي، وبقي فـيها حتى وفاته عام 1927.

المحزن فـي حكاية تدمير «بيت الحكم» من قبل الإنجليز أنه لم يُعَد بناؤه بعد ذلك، وإنما حُوِّل إلى حديقة، على عكس «بيت الساحل» الذي رُمِّم وأجريت له بعض الإصلاحات.

على بعد خطوات من «بيت الساحل»، وفـي الباحة الداخلية، حيث نسير وراء دليلنا السياحي محمد، وجدنا المقبرة السلطانية مفتوحة فتوّجهنا إليها. من الجيد أن أذكِّر هنا أن هذه المقبرة أنشأها السيد سعيد بن سلطان لدفن المتوفـين من الأسرة البوسعيدية الحاكمة، وقد ظلّ أموات هذه الأسرة يُدفنون فـيها حتى انتهاء الحُكم العُماني عام 1964. سألتنا موظفة الاستقبال: هل أنتم ضيوف أم من أبناء البلد؟ فأجبناها أننا ضيوف، وقد كان سؤالها لأنّ رسوم تذكرة الدخول للضيوف تختلف عنها للمواطنين. وبعد أن دفعنا الرسوم المقررة أخذتنا هذه الموظفة فـي جولة داخل مبنى بجانب المقبرة، عبارة عن المعرض الوثائقي والتاريخي الدائم للمقبرة السلطانية بزنجبار، الذي هو من تنظيم هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية العُمانية، بعد إجرائها أعمال تحسينات وصيانة وترميم لتلك المقبرة، وبات فـيها أرشيف دائم يؤرخ لأسماء وتواريخ المدفونين فـيها. وقد أحسنت الهيئة بهذا الصنيع؛ فحالة المقبرة قبل الترميم كان يُرثى لها، وكلُّ الشواهد على القبور اختفت؛ بل إنّ الأمر الأسوأ أنها كانت مفتوحة ويدخلها العابثون، وسبق لي أن كتبتُ عن ذلك فـي أحد مقالاتي، غير أنّ المفاجأة السارّة هذه المرة، أنّ الفرق صار شاسعًا على الصعيد الإيجابي بالطبع.

تنقسم المقبرة إلى ثلاثة أجزاء، وتضم عددًا من القبور يصل عددها إلى سبعة وثمانين قبرًا، كما يتضمن الضريحُ الذي يقع فـي الركن الشمالي للمقبرة -وهو أبرز معلم فـيها- قبرَ السيد سعيد بن سلطان، إضافة إلى ثمانية قبور أخرى. شيَّد هذا الضريح السلطان ماجد بن سعيد تكريمًا لأبيه، حيث أرسل إلى الهند يطلب المهندسين والبنّائين والأحجار المناسبة وغير ذلك من مواد البناء، وأنفق فـي سبيل ذلك أموالًا كثيرة، فشرع فـي بناء مقام الضريح الذي ضمَّ فـيما بعد قبور السلاطين ماجد وبرغش وخليفة بن سعيد، الذين تولوا حكم زنجبار بعد وفاة أبيهم. ويحكي الشيخ سعيد بن علي المغيري فـي كتابه «جهينة الأخبار فـي تاريخ زنجبار» أنه عندما بلغ بناء القبة ارتفاعًا معينًا، اعترض المطاوعة (علماء الدين) على ذلك البناء وعدّوه منكرًا عظيمًا وأفتوا بعدم جواز البناء على القبور، فلم ير السيد ماجد بُدًّا من الانصياع لاعتراضات هؤلاء العلماء وأهمل البناء. «والذي يشاهد ذلك المقام اليوم يرى ذلك النحت البديع البادي فـي أعمدته، وتلك النقوش الفنية البارعة فـي بنيانه، ويتصور مقدار حسنه ونفاسته رغم أنه قديم ولم يكتمل، ويرى كم فقدت مدينة زنجبار جاذبية سياحية نتيجة إهمال ذلك التذكار على ضريح ذلك الرجل الجليل»، كما يقول المغيري.

وقد ذكرَتْ لنا موظفة أرشيف المقبرة أنّ جميع سلاطين زنجبار ابتداءً من السيد سعيد بن سلطان دُفنوا فـي تلك المقبرة عدا اثنين منهم هما: السلطان علي بن حمود الذي دفن فـي فرنسا، والسيد خالد بن برغش الذي دفن فـي ممباسا بكينيا حاليًّا، أما آخر السلاطين العُمانيين السلطان جمشيد بن عبدالله بن خليفة بن حارب فقد توفـي فـي الثلاثين من ديسمبر 2024، أي بعد انتهاء هذه الرحلة بنحو أسبوعين.

وفـي نهاية زيارتنا للمقبرة السلطانية، وجّهنا -أنا وسيف- ملاحظة لموظفة الاستقبال بأنّ القبور حتى الآن ليس بها شواهد، وإنما هناك شرحٌ مفصل لجهات المقبرة ولمن دفن فـيها. بل إنه حتى من دفن بجانب قبر السيد سعيد بن سلطان من أبنائه، لا توجد شواهد على قبورهم، وهم الذين تولوا السلطة من بعده. وبالطبع فإنّ وجود الشواهد على تلك القبور كان سيضيف بُعدًا معرفـيًّا للمقبرة، وما من شك لديّ أنّ الشواهد كانت موجودة، وربما كان الهرج والمرج الذي ساد بعيد الانقلاب هو ما أدى إلى اقتلاعها فـي إطار الحقد الأعمى على كلِّ ما هو عُماني فـي تلك الفترة العصيبة، التي حاول الانقلابيون خلالها طمس كلِّ شيء جميل يعود لفترة الحكم العُماني لزنجبار.

مقالات مشابهة

  • بسبب رسوم ترامب..تراجع قياسي للأسهم الأوروبية
  • أبو فاعور دعا الحكومة إلى دعم الصناعات المحلية
  • المدير العام التنفيذي لهيئة المواصفات والمقاييس يدشن العمل بالموقع الإلكتروني المحدث
  • تعلن وزارة الأقتصاد والصناعة والأستثمار والهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودةبالأخوة التجار “مستوردين ومصنعين”بسرعه التسجيل والتعامل عبر الخدمات الالكترونيه للهيئه اليمنيه للمواصفات والمقاييس وضبط الجوده”تسهيل” وفق التعلي
  • أسعار كيا سبورتاج موديل 2025 في السعودية وأبرز المواصفات .. صور
  • شبوة.. اتلاف 523 كرتونا من معجون الحناء الهندي منتهي الصلاحية
  • قبور عُمانية بلا شواهد!
  • تباطؤ وتيرة انكماش نشاط قطاع التصنيع في اليابان خلال فبراير
  • الكشف عن إدخال شحنة قمح فاسدة إلى عدن بعدرفضها في ميناء الحديدة
  • لقاء تشاوري لقيادة هيئة المواصفات وفروعها في المحافظات