الوطن:
2025-02-02@08:10:29 GMT

سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (5)

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

سامح فايز يكتب: الحرب الثقافية (5)

قد يظن بعض القراء أن كثرة الحديث عن توظيف تكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي فى الحروب الحديثة معناها خطر تلك المنصات فى المطلق وسوء ما تقدم من خدمات، وهو تفسير غير صحيح بالمرة، فالخطأ والصواب ثنائي لا يفترق فى توصيف أي معنى فى الحياة؛ بمعنى، قد نجد من يمارس مهنة الطب لإنقاذ جندي مصاب على الجبهة، وهناك طبيب آخر يمارس الطب بشكل غير شرعي لسرقة الأعضاء وبيعها فى السوق السوداء، وفى كلتا الحالتين دراسة الطب هي المشترك الأساسي، فهل معنى ذلك أن الطب كمهنة خطر على الأمن القومي؟!

نفس المسألة فى النظر إلى تكنولوجيا المعلومات ومنصات التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت ومؤخراً الذكاء الاصطناعي.

 

بيد أن تلك الوسائل إمكانياتها أكبر وأعمق، وتأثيرها أخطر سلباً وإيجاباً؛ فالطبيب الذى يمارس المهنة بشكل غير شرعي تقع جريمته على مجموعة من الأشخاص يمكن حصرهم، أما من يوظف الذكاء الاصطناعي فى اختراق عقول الناس وتحريكهم فى الاتجاه الذى يحقق مصالحه ويضر بمصلحة الوطن فهو يحقق ضرراً يصيب الملايين، وفى الوقت نفسه من الصعب تتبع الجاني أو العثور عليه بسهولة، هذا إن عُثر عليه فى الأساس!

فى مقال الأسبوع الماضي تحدثت عن تدشين 150 ألف مدونة أسسها شباب مصري على شبكات الإنترنت عام 2005، طبقاً لإحصائية صدرت عن المجلس الأعلى للثقافة عام 2009. 

تلك المدونات كانت متنفساً للشباب فى ظل محيط بيئي غير صحى وقاتل للحريات؛ ليس على المستوى الرسمي فقط، وإنما على المستوى الخاص أيضاً؛ فمؤسسات النشر الخاصة باتت تحت سيطرة مجموعات بعينها من المثقفين المتنفذين والمسيطرين على كل شيء. 

هنا لم يجد الشباب متنفساً سوى المدونات، والتي أخرجت لنا لاحقاً العديد من الكتابات الصادرة عن دور نشر مصرية شهيرة، وأخرجت لنا أيضاً أدباء وأديبات أصبح لهم أسماء معروفة فى عالم الكتابة، وخرج من تلك المدونات المئات من الصحفيين، وكُتاب السيناريو، والشعراء، وكُتاب القصة، ورجال السياسة. 

لكن فى نفس الوقت خرج من تلك المدونات آلاف المستخدمين ضد أوطانهم لأنهم لم يدركوا كيفية التعامل مع تلك الأشياء، وبات العمل على المدونة ساحة حرب ثقافية تقاتل فيها أجهزة مخابرات مختلفة للسيطرة على أكبر عدد من العقول.

المسألة نفسها تكررت مع منصات التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك وتويتر، ومن خلال توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبح من السهولة بمكان على إدارة فيس بوك أن تحصل على ما يفكر فيه المستخدم بأسهل الطرق، وتوظيف ذلك فى الترويج للمنتجات وبيعها والتربح من اختراق عقول المستخدمين، وأغلبنا لاحظ فى أكثر من مرة ظهور إعلانات عن أشياء كان يفكر فيها ولم يخاطب أحداً فيها بالمرة، أو ربما تحدّث خلال «الماسينجر» أو مكالمة هاتفية قبل دقائق ثم فوجئ بالإعلان يقتحم عليه بروفايل فيس بوك الشخصي.

وهنا أقول لك لا تسأل كثيراً، فما حدث هو فى الواقع مهمة تطبيقات الذكاء الاصطناعي، التي استطاع الغرب خلقها من خلال تدشين خلايا عصبية ذكية تشبه خلايا مخ الإنسان، ولا يزال العمل على تطويرها مستمرا. 

والهدف أن يصلوا بتلك الخلايا إلى المرحلة التي تطور فيها قدراتها العقلية دون الحاجة إلى تدخل بشرى، وهو الخطر الذى يخشاه الكثيرون؛ فمعنى قدرتها على تطوير ذكائها دون تدخل بشرى أنها ستصل فى مرحلة من المراحل إلى التفوق على الإنسان ذاته، وربما السيطرة والحكم، تلك المخاوف التي سخرنا منها كثيراً فى أفلام الخيال العلمي الغربية، لكنها لم تصبح مجرد خيال، وباتت حقيقة أو كادت!

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحرب الثقافية تكنولوجيا المعلومات منصات التواصل الاجتماعى الذكاء الاصطناعى الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

مؤتمر سوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي

أكد خبراء اقتصاديون ومتخصصون في سوق العمل أن التطورات المتسارعة في الذكاء الاصطناعي تعيد تشكيل المشهد الوظيفي عالميًا، ما يفرض تحديات وفرصًا جديدة تتطلب سياسات مرنة ومواكبة دائمة.
وأجمع المشاركون خلال جلسات النسخة الثانية من المؤتمر الدولي لسوق العمل، على أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا محوريًا في العديد من القطاعات.
أخبار متعلقة يوم الخميس.. حائل وطريف تسجلان أقل درجة حرارة في المملكةنجران.. إحباط تهريب 41 كيلوجرامًا من الحشيش المخدروأوضح الاقتصادي الصيني أندي شيه أن أثر الذكاء الاصطناعي على الوظائف لا يزال محدودًا، لكنه يحقق إنجازات اقتصادية كبيرة، لا سيما في مجالات التصنيع، الإعمار، والتعدين.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } مؤتمر سوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعيتحولات سوق العملوأكد أن قدرة الذكاء الاصطناعي على تنفيذ مهام تتجاوز قدرات البشر ستزداد مع تطور تقنياته، مشيرًا إلى أن انتشار الروبوتات في سوق العمل يعتمد على انخفاض تكلفتها، متوقعًا أن يؤدي ذلك إلى ظهور وظائف جديدة لا يمكن التنبؤ بها حاليًا.
وفي سياق متصل، ناقش البروفيسور كارل بينيديكت فراي من جامعة أكسفورد، دور الذكاء الاصطناعي في تقليل الفروقات الإنتاجية بين العاملين، مشيرًا إلى أن التقنيات الحديثة أسهمت في تحسين أداء الموظفين الجدد بشكل ملحوظ، وأن المعوقات اللغوية بدأت بالتلاشي بفضل تقنيات الترجمة الفورية، ما يوسع نطاق الفرص الوظيفية عالميًا.
وشهد المؤتمر نقاشات مكثفة حول كيفية تصميم سياسات مرنة تستجيب للتحولات المتسارعة في سوق العمل، بما يضمن تحقيق التوازن بين التقدم التقني واحتياجات القوى العاملة.

مقالات مشابهة

  • كيف يساعد الذكاء الاصطناعي في مكافحة الاتجار بالبشر؟
  • ديب سيك الصيني يهدد عرش الذكاء الاصطناعي الأمريكي
  • الذكاء الاصطناعي خطر محدق بالكتابة الصحفية
  • «غوغل» تكشف عن مزايا جديدة بـ«الذكاء الاصطناعي» في خرائطها
  • عادل الباز يكتب: سياسة ترمب تجاه السودان
  • الذكاء الاصطناعي أولوية وطنية
  • خير صديق (2).. سامح قاسم يكتب: "الحرب والسلام"..  ملحمة إنسانية عابرة للتاريخ
  • أوروبا تحظر نموذج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"
  • مؤتمر سوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي
  • حرب الذكاء الاصطناعي.. وأنظمة الغباء الصناعي!