دولة المداحين فى صعيد الصــــــــعيد
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
أشاع المقربون أنه يعيش قصة حب مع فنانة مصرية شهيرة وادعى البعض أنه تقدم طالبا الزواج منها ورفضته فما كان منه إلا أن غنى أغنية «أشكرك»
لا شك أن وجود الصوفية وازدهارها فى جنوب مصر ساهم فى اعتدال تفكير المواطن هناك، فبات المجتمع عصيا على الاختراق، وكافحت الجماعات المتشددة كثيرة للمرور بين ثناياه لكنها لم تنجح أبدا.
يتميز أهل جنوب الصعيد بمحبتهم لآل البيت وأولياء الله الصالحين، لذا فى كل قرية ستجد ضريحا، وفى كل نجع ستجد زاوية، وفى كل بيت صورة لشيخهم المبارك، كما يتفاخر الناس هناك بموالدهم، فيؤرخون لحسابات الأيام بموالد الشيوخ، كأن يقول أحدهم، سنأتى لك زيارة فى ليلة مولانا أبو الحجاج، أو نلتقى فى مولد سيدى عبد الرحيم القناوى، وهكذا باتت تلك الأيام هى التقويم الرئيسى فى حياة القرى هناك، وهو ما جعل الموالد نفسها تأتى كليال مشهودة، يبذل فيها أهالى القرى ما لديهم لجلب أكبر المداحين والشيوخ.. فارتفعت بالتالى أسماء بعينها، وباتت ملء السمع هناك، مثل أحمد برين وعبد الحميد الرنان وجمال الإسناوى ومحمد العجوز وغيرهم.. وتميز كل مداح من هؤلاء بطريقته التى لا تشبه غيره، وله أيضا معجبون له، فبات لكل مداح طريقة وشعبية فى منطقة ما..
فى الأول من مايو سنة ٢٠١٠م كان أهل الصعيد على موعد مع الحزن حين وصلهم نبأ وفاة المداح الشهير محمد العجوز فى حادث مأساوى أودى بحياته وحياة اثنين من أفراد فرقته الغنائية.
تحديدا فى المسافة بين قريته بنى هلال ومدينة أسوان، وأثناء قيادته لسيارته، اصطدم المطرب المعروف بعمود كهرباء على جانب الطريق السريع، فوافته المنية هو ومن معه، لتضع هذه الحادثة نهاية لمشوار العجوز الطويل فى الغناء، وتصيب أهل تلك الأنحاء بالحزن الشديد على فقيدهم الغالى.
كمداح وعاشق لآل البيت اشتهر المنشد محمد العجوز فى جنوب الصعيد ككل، وسيشتهر فيما بعد فى كل مناطق الجمهورية، وساهم جمال صوته وقوته فى وصوله لكل مناطق الصعيد، فبات المنشد المفضل لأغلبهم، خاصة أن ظهوره اقترن من خلال المساجلات الغنائية بينه وبين المنشد والمداح العظيم «أحمد برين»، وأصدرا معا ألبومات عديدة تحتوى على هذا المعارك الغنائية، الأمر الذى ساهم فى شهرته، ومنحه الكثير من الاحترام.. كما أن بعض هذه الألبومات ما زالت تتردد لدى بعض عشاقها، يسمعونها كل فترة ويتحسرون على زمنها الجميل، مثل ألبوم «السفينة» الشهير، وألبوم «فرش وغطا» وغيرها، وهى التى جرى تسجيلها بمعرفة شركات إنتاج الكاسيت فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، وانتشرت انتشارا واسعا فى ذلك الحين.
خلال مسيرة هذا الفنان حدثت الكثير من التحولات، فالمتابع لإنتاجه الغنائى سيلمس لا محالة تأرجحه بين الحالة الصوفية الإنشادية، وحالة الوعظ المجتمعى، وأخيرا حالة العشق.. لم يكن يستقر على منهج بعينه، وهو ما يوضح الصراعات التى تشتعل بداخله إزاء الأمر.
فالعجوز مطرب صعيدى، لكنه يضع مطربى القاهرة نصب عينيه، مع إدراكه أن هناك اختلافًا كبيرًا ومسافات شاسعة بينه وبينهم، فهو ذلك المطرب الذى اتخذ من الجلباب والعمة علامة مميزة وشكلًا يظهر به فى حفلاته وعلى أغلفة الألبومات الغنائية، كما أن كلماته تنحو تجاه الجدية، وتناقش موضوعات كبيرة، أقلها ذات قيمة اجتماعية، إذا ما نحينا المديح جانبا.
بينما يظهر مطربو القاهرة بما يميزهم من ملابس وشكل يتناسب مع معيشتهم، ويلائم أكثر مشروعاتهم الغنائية، تلك المشاريع التى يعتبرها أهل الجنوب نوعا من الخلاعة والمياصة.
وهو ما جعله يعيش أزمة لا يشعر بها سوى المتتبعين لمساره الغنائى، لأنها تلقى بظلالها على ما يغنيه.
كما قلنا فإن رحلة العجوز شهدت الكثير من التحولات ساهمت فى تحوله لعلامة استفهام كبيرة عند المتابعين له، كما أبعدته من موقع الصدارة الشعبية التى ظل لفترة طويلة مسيطرا عليها.
مثله مثل من أراد بلح الشام وعنب اليمن فسعى للحصول على الاثنين فى نفس الوقت، فنتج عن ذلك خروجه خالى الوفاض، فلا استطاع أن يجنى هذا أو حتى يأكل ذاك.
ربما توقف فى فترة من الفترات أمام نفسه فى المرآة وسأل: ماذا ينقصنى لأكون مطربا مثل عمرو دياب أو حتى إيهاب توفيق؟.. ودعم هذا التساؤل فهمه الجيد للموسيقى وقوة الصوت لديه، لكنه تناسى اعتبارات أخرى، وهى أنه قطع بالفعل طريقا اختاره من قبل، والسير فى عكس الاتجاه قد يأتى بالندم، لأنه سيكون أشبه بالجنون، فكيف له أن يأتى بالشىء ثم يأتى بنقيضه؟.
ما نود قوله هو أن العجوز بعد أن قطع شوطا كبيرا فى الغناء كمداح وقوال صعيدى، إذا به فجأة يقرر أن يغير جلده، ويسلك طريق الأغانى الشبابية التى كانت سائدة فى أواخر القرن الماضى، ساعده على ذلك اكتشافه لأغنية غناها شاب مغمور تمتلك مقومات النجاح، لكن الشاب غناها وسط مجتمع ضيق، وهى أغنية «أشكرك»، فالتقى بكاتبها وهو شاب اسمه خالد رضوان وحصل منه على حقوق إصدارها، وأصدرها بالفعل فى ألبوم يحمل اسمها، وغناها بالطريقة الشبابية المعروفة، بل أدخل عليها أيضا مفردات أجنبية.. فبدا كما لو ارتد على لونه الغنائى، وبدت الناس تنظر إليه على أنه فقد وقاره، لكن هذا لا يمنع بالطبع من أنه حقق بعض الانتشار.
ولتكتمل الصورة أشاع المقربون من العجوز شائعة مفادها أن هناك قصة حب تربطه بفنانة مصرية شهيرة ظلت كثيرا دون زواج، ولو حتى من طرفه هو فقط، بل ادعى البعض أنه تقدم لها طالبا يدها للزواج لكنها رفضته، فما كان منه إلا أن غنى هذه الأغنية لها.. وليتم إكمال الموضوع رتب لظهور ألبوم ثانى اسمه «أرفضك»، وخرجت الشائعات أيضا تقول إنه قرر علاج نفسه من عشق هذه الفنانة، والاقتصاص لكرامته بهذا الألبوم، ليكون بمثابة إعلان للثأر منها.
الغريب أن العجوز الذى غنى فى بدايته أغنية للشيخ إبراهيم الدسوقى ولى الله الصالح، كأحد المجاذيب، غنى فى آخر أيامه أغنية «اكتبلى تنازل عن قلبك واكتبلك شيك»، كما غنى «زلمكة فى البنزينة» وقيل إنها أغنية دعائية أصدرها ليروج بها لمشروع البنزينة التى أقامها فى بلدته نجع هلال بإدفو على طريق مصر أسوان، ولكن للقدر تصاريفه، حيث إن وفاته كانت فى حادث طريق أودى بحياته حين كان يستقل سيارته «الزلمكة» فى طريقه لإحياء أحد الأفراح.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: محمد العجوز الأغنية الشبابية العشق الفرق الغنائية فنانة مصرية شهيرة قصة الحب رفض الزواج الشيخ إبراهيم الدسوقي حادث أسوان ثقافة الصعيد وهو ما
إقرأ أيضاً:
وزير البيئة جال في مدينة النبطية.. ماذا أعلن من هناك؟
جال وزير البيئة ناصر ياسين، في مدينة النبطية، في أول زيارة لمسؤول حكومي بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي، يرافقه مستشاره جواد سبيتي.واستقبلت ياسين محافظ النبطية هويدا الترك في غرفة ادارة الكوارث، بحضور رئيس اتحاد بلديات الشقيف الدكتور محمد جميل جابر حيث كان استعراض لأوضاع العائدين الى بلداتهم منازلهم، وضرورة مواكبتهم وتأمين الايواء لهم وخاصة ممن تدمرت منازلهم. بعد ذلك تفقد ياسين برفقة الترك وجابر مبنى بلدية النبطية المدمر، وقال: "الزيارة اليوم لتهنئة المحافظ الترك بالسلامة ورئيس الاتحاد وكل اعضاء ورؤوساء بلديات وموظفي محافظة النبطية بالسلامة بانتهاء هذه الحرب المدمرة وهذا العدوان والابادة التي تعرض لها لبنان والجنوب خلال 66 يوما، وبالتالي اليوم نقف في المكان الذي استشهد فيه رئيس بلدية النبطية الدكتور احمد كحيل ورفاقه وذلك اثناء تأديتهم لخدمة اهل النبطية الصامدين، ونترحم على اروح هؤلاء الشهداء وكل الشهداء الذين قضوا خلال هذا العدوان، ومن هنا نشدد على اهمية ان تعود الناس الى بلداتها ومنازلها، والانتصار الحقيقي عندما يعود اهالي الجنوب والنبطية والبقاع الغربي والهرمل والضاحية وبعلبك، وبالامس اظهرت الاحصاءات ان اكثر من 88 بالمئة من الاهالي عادوا الى بلداتهم وهذا هو الانتصار الحقيقي، ولكن الانتصار الثاني هو عندما نعيد بناء المؤسسات والمدارس والمنازل، ونشدد على بناء المؤسسات كالبلديات والمحافظة والصحة والبيئة والمياه وكل مؤسسة تابعة للدولة اللبنانية، وبالتأكيد تكون القوى الامنية هي الاساس في المرحلة المقبلة في عملية اعادة البناء، وبالاسبوع المقبل سنعيد اطلاق برنامح الاستجابة الى الحاجات الانسانية الذي كنا باشرنا فيه على مستوى كل لبنان لمساعدة الاهالي النازحين بالتعاون مع منظمات دولية شريكة ومع الكثير من الهيئات الانسانية، وسنعيد تصميمه وتصويب عمله ليعمل بشكل مكثف في منطقة الجنوب والنبطية وفي البقاع والهرمل، وسيكون لنا موعد يوم الاربعاء المقبل".
بدورها رحبت الترك بياسين في بلدته ومدينته النبطية معتبرة ان "الحضور الرسمي مهم جدا حتى يقف ويشخص احتياجات الناس، والوضع القائم وهو وضع صعب جراء العدوان الاسرائيلي، واكيد يمكن القول اننا وضعنا انفسنا على سكة الانطلاق، وبالتأكيد ان ارادة الناس هي الاساس وهي التي نراهن عليها دائما، واكيد صمودهم، ومن هنا نشدد على ان عودة الاهالي يجب ان تقترن بتوفر الخدمات ونحن بالتأكيد سنواكب كل ما يمكن عمله مع مؤسسات الدولة لنؤمن الاستجابة السريعة لتوفير الخدمات، وايضا لرعاية الدولة، والدولة دائما الى جانب الناس وسيكون هناك استجابة لاحتياجات الناس والايام المقبلة تترجم اقوالنا بأفعال".
كذلك، أثنى جابر على زيارة ياسين الى مدينته، آملاً أن تنطلق بأسرع وقت ورش إعادة الاعمار.
كما كانت جولة لياسين في الوسط التجاري المدمر، والتقى العديد من اصحاب المحال وتفقد المحال التي أعيد افتتاحها وهنأ اصحابها على "هذه البادرة السريعة".