قبل نحو ٧ أعوام ظهر نبات غير مألوف رؤيته كثيرًا فى مصر، ذو أوراق كثيفة بيضاوية الشكل، تشبه أوراق الزيتون، لكنها جلدية الملمس ومغطاة بطبقة من الشمع، كان ذلك على أرض قاحلة غير مأهولة بالسكان، واقعة فى عمق صحراء جنوب مدينة العلمين تسمى «المُغرة».

وقتها لم يكن يعرف الكثيرون بهذا النبات «الجوجوبا»، ولم يتخيل أحد أن هذه الأرض غير مهيأة للزراعة، فذلك النبات البرى تصل دورة حياته إلى ١٠٠ عام وربما تتجاوز الـ ٢٠٠ عام، وتعطى بذوره زيتًا نقيًا فريدًا بنسبة تزيد على ٤٠٪، من وزن النبات، وفقًا لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.

كما أنه يستقر بشكل أساسى بالمناطق الصحراوية ولا حاجة لمياه كثيرة لزراعته، حيث يُروى بالتقطير من ١٢ إلى ١٥ مرة فقط فى العام، وتتحمل شجرته الناضجة عدم الرى لعام كامل، ويتناسب تمامُا مع الموارد المائية فى مصر.

ولا يرفض الجوجوبا أيضًا الرى بمياه الصرف الصحى المعالج، التى يبلغ كميتها ٥.٢٣ مليار متر مكعب، بجانب أنه يحتاج لكميات قليلة من الأسمدة العضوية، ويتحمل درجات عالية من الملوحة، لذا استطاع مواجهة مناخ أرض المُغرة القاسى والمتغير، كذلك المياه التى بلغت ملوحتها من ٥٠٠٠ إلى ٩٠٠٠ جزء من المليون.

كما يعد محصول الجوجوبا والمسمى بالذهب الأخضر، نباتًا ذا جدوى اقتصادية عالية كما أنه صديق للبيئة، حيث يطلق الفدان الواحد ١٥٠ طن أكسجين فى العام، ويمتص ٢٢ طنًا من ثانى أكسيد الكربون.

ولأن الظروف المناخية وطبيعة الأرض فى مصر ترحب بالجوجوبا على هذا النحو، فتقل تكلفة إنتاجه نحو ٥٠٪، مقارنة بدول أخرى، وفى المقابل يدر أموالًا جيدة، فيبلغ متوسط إنتاج الفدان الواحد من ٨٠٠ كيلو إلى طن، وتمثل مخلفاته أيضًا علفًا غنيًا، لاحتوائها على ٣٠ ٪ من البروتين ويدخل زيته فى العديد من الصناعات.

ولعل أهم استخدامات زيته فى الوقود، فنبات الجوجوبا يمكنه توليد وقود تزيد قدرته على الاحتراق عن السولار بمقدار ٧٪، وفى نفس الوقت ينتج عوادم أقل، كما يحافظ على الموتور والمحركات لفترة أطول.

بدأت مصر زراعة «ذهب الصحراء»، أو كما يعرف بنبات الجوجوبا، فى عدة محافظات ومواقع، لتحقيق العديد من المميزات، حيث ينتج الجوجوبا أغلى زيت فى العالم، وهو «زيت الطائرات»، فضلًا عن استخدام الإنتاج فى عدة صناعات، وتحقيق مكاسب اقتصادية وبيئية متعددة، حسبما كشف مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء فى تقرير معلوماتى، تحت عنوان أشجار الجوجابا الذهب الأخضر فى مصر.

ودشنت مصر أكبر مشتل جوجوبا فى الشرق الأوسط فى نجع باريس بمحافظة الوادى الجديد منذ نحو عام، بغرض إنتاج زيوت الطائرات، وهو المشروع الذى أقيم على نحو ١٥ ألف فدان بتكلفة نحو ٧٥٠ مليون جنيه، ويستهدف أيضًا زراعة ٣ آلاف فدان من الذهب الأخضر بالبحر الأحمر باستخدام مياه الصرف المعالج بالتعاون مع المحافظة وهيئة تنمية الصعيد، وهو المشروع الذى تم الانتهاء من زراعة ١٠٠٠ فدان فيه، وجار العمل على المرحلة الثانية بإجمالي ٢٠٠٠ فدان.

وتبلغ إنتاجية الفدان الواحد من نبات الجوجوبا، نحو ٢٠٠ كجم حسب ما كشفت تجربة زراعته بمنطق وادى النطرون، وهو المشروع الذى تم حصاده لـ ٣ مواسم حتى الآن مع استمرارية عمله، ويُجرى أيضًا زراعة «الذهب الأخضر»، فى غابة سرابيوم بنطاق محافظة الإسماعيلية، ضمن مشروع لزراعة عدة أنواع من الأشجار على مساحة ٥٠٠ فدان، يبلغ حصة النبات منها ٦٪، من مساحة المشروع.

لا يحتاج نبات الجوجوبا إلى رش وقائى نظرًا لمحدودية إصابته بالحشرات والأمراض مع إمكانية تخزين إنتاجيته لفترات زمنية طويلة، وتستخدم مخلفاته كـ «علف»، يحتوى ٣٠٪، منه على البروتين كما يتلاءم مناخ مصر الصحراوى مع زراعته.

ويدخل زيت الذهب الأخضر، فى صناعة المستحضرات الطبية ومنتجات أخرى مثل الأعلاف والسماد والصابون والأحبار والبلاستيك، وتضم الصناعات الطبية المستفيدة منه، المسكنات ومستحضرات التجميل والأدوية الخافضة للحرارة وعلاج الالتهابات والجروح، ويبلغ حجم الزيت النقى فى الجوجوبا، نحو ٤٠٪، من وزن النبات، ويلعب هذا النبات دورًا مهما فى مكافحة آثار التصحر وتحسين جودة التربة.

يواجه العالم قصورًا دائمًا فى المحاصيل الزيتية عامة والزيوت الطبية والتجميلية خاصة، حيث إن نسبة الاكتفاء الذاتى من الزيوت فى مصر ١٠إلى ١٣٪، ويمكن تخزين زيت الجوجوبا لسنوات طويلة دون أن يتزنخ، ويمكن بيع المحصول فور نضجه أو تخزينه لسنوات، كما يمكن الانتظار لشهور لجنى المحصول بعد نضجه.

ويعد الجوجوبا منتجًا تصديريًا فى المقام الأول ولا تنجح زراعته إلا فى أماكن معينة بين خطى عرض ٢٣ و٣٥ شمالا، ومصر أهم المناطق لانخفاض تكلفة الإنتاج، كما أنه غير مكلف فى استخراج الزيت فيمكننا الحصول على ٩٠٪ من الزيت فى العصرة الأولى على البارد والباقى بواسطة المذيبات الكيميائية، ويتميز بسهولة النقل والتخزين بالنسبة للبذور أو الزيت.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الجوجوبا الذهب الاخضر زيت الجوجوبا مصر زراعة الجوجوبا البيئة الاستدامة نبات الجوجوبا المحاصيل الزيتية مصر الجديدة مشاريع زراعية صناعة المستحضرات الطبية مستحضرات التجميل فوائد زيت الجوجوبا مكافحة التصحر تحسين التربة الإنتاج الزراعي في مصر الزراعة في الوادي الجديد صناعة الأعلاف إنتاج الوقود الحيوي معالجة المياه الزراعة المستدامة استهلاك الطاقة الصناعة البيئية تقنيات الزراعة الحديثة نبات الجوجوبا الذهب الأخضر فى مصر نبات ا

إقرأ أيضاً:

بديل غذائي.. أشياء أخرى تؤكل في الأشجار غير الفاكهة والثمار

لم تعد فكرة الطهي لتهيئة الطعام قاصرة على الثمار والخضراوات، بل بات هناك اتجاه جديد لطهي أجزاء معينة من الأشجار صالحة لذلك كبديل غذائي مهم.

ويمكن الاستعانة بالعديد من أوراق الشجر وزهورها الصالحة للأكل والتي من شأنها أن تضيف مذاقا للأطعمة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

وتقول فيكتوريا لورينتس، وهي خبيرة ألمانية في النباتات البرية ومؤلفة كتاب الطبخ، "الأشجار اللذيذة" الصادر باللغة الألمانية، إن "الأشجار الحمضية هي الأشجار المثالية كبداية، لأن أوراقها وزهورها لها نكهة جوزية خفيفة".

وبالإضافة إلى الأشجار الحمضية، فإن الأوراق والإبر الموجودة في أشجار الزان والصنوبر واللاركس والتنوب الفضي، تعتبر كلها اختيارات ممكنة أيضا.

غير أنه لا يمكن تناول أغلب الأشجار النفضية (الأشجار التي تسقط أوراقها خلال فصل الخريف) إلا خلال فترة قصيرة من الوقت، بحسب ما تقوله لورينتس التي نشأت في ميونيخ. 

وتوضح لورينتس أن طعم أوراق أشجار الزان والقيقب، لا يكون لذيذا إلا عندما تخرج من براعمها، حيث أنها تصير بعد ذلك أكثر صلابة ومرارة.

ومن الممكن استخدام الصنوبريات طوال العام، ويعتبر الاستثناء الوحيد هو أشجار اللاركس، وهي الشجرة الصنوبرية الوحيدة التي تفقد إبرها في الشتاء.

وتعتبر الصنوبريات مسؤولة بشكل عام عن روائح الحمضيات: حيث تذكرنا شجرة التنوب الفضي مثلا باليوسفي، والتنوب دوجلاس بالبرتقال.

أما اللاركس والتنوب فتكون أكثر شبها بالليمون، بينما تصف لورينتس رائحة الصنوبر بأنها "أقرب إلى الفلفل بعض الشيء".

وهناك فرق بين أشجار الحمضيات الصيفية والشتوية، وكلاهما طعمه جيد.

من ناحية أخرى، تصف لورينتس رائحة أوراق أشجار الزان الصغيرة بأنها حامضة مثل قشر التفاح، وتوصي باستخدامها كإضافة للسلطات.

وتقصد لوريتنس بأشجار الزان، أشجار الزان النحاسية، وهو نوع ينمو في البساتين، ويكون طويل جدا وله لحاء ناعم وجذوع مستقيمة.

وتقول لورينتس: "لا يجب حصاد الأغصان والفروع بالكامل، كما أنه يجب جمع كل شيء بكميات معقولة، دون أن يتسبب ذلك في إلحاق ضرر بالشجرة".

وفي هذا الشأن، ينصح أوتمار ديتس مؤلف كتاب "أشجارنا وشجيراتنا الصالحة للأكل" الصادر باللغة الألمانية، بالبدء بأجزاء صغيرة، ولكن لسبب آخر، وهو أن "أي شخص يقدم على تناول أوراق الأشجار أو إبرها لأول مرة، يكون غير معتاد على الطعم البري بعد، ولا سيما المواد المرة".

مقالات مشابهة

  • وزير التعليم العالي يبحث دعم مركز أبحاث النبات والطب التكميلي مع وفد من الزاوية
  • وزير التعليم العالي يبحث تعزيز دعم مركز أبحاث النبات والطب التكميلي
  • الكيلو بـ 60 جنيه .. سر ارتفاع أسعار الليمون بالأسواق | وهذا موعد انخفاضه
  • «السعيطي» يبحث سبل دعم «مركز أبحاث النبات والطب التكميلي»
  • أجزاء الأشجار مميزة في طهي الطعام
  • شاهد | مأساة غزة تدخل العام الجديد
  • بديل غذائي.. أشياء أخرى تؤكل في الأشجار غير الفاكهة والثمار
  • آلاف المواطنين يتوافدون إلى مول مصر للاحتفال بليلة رأس السنة
  • شجرة الكريسماس و بابا نويل .. شاهد أجواء احتفالات رأس السنة في شبرا مصر
  • بغداديون يعلقون أمنيات العام الجديد على أشجار الزينة (صور)