أججتها الخلافات على الأموال والمناصب.. تزايد حدة الصراعات المسلحة بين القيادات الحوثية
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
توعد عبدالملك الحوثي زعيم المليشيا الإرهابية المدعومة من إيران بإحداث تغييرات جذرية شاملة في مؤسسات الدولة المختطفة، في محاولة منه لامتصاص حالة السخط والاحتقان الشعبي الذي يتصاعد ضد جماعته يوما بعد آخر والمتزامن مع موجة احتجاجات وتزايد وتيرة الصراع الداخلي في صفوف اجنحة المليشيا.
وأبدى زعيم المليشيا في آخر خطاب له بمناسبة ما تسمى (ذكرى استشهاد الامام زيد) مخاوفه من زيادة التصدع والانقسام وتوسع الخلافات بين اجنحة المليشيا التي تهدد بتفكك جبهتها الداخلية بالتعبير عن أمله "في أن يدرك الجميع أهمية العمل على تعزيز الاستقرار الداخلي وإفشال كل مؤامرات الأعداء لإثارة الفتن تحت عناوين متعددة اجتماعية وسياسية وغيرها" - حد قوله.
ولوح زعيم المليشيا بحرب اقليمية ودولية في حال عدم الاستجابة لمطالبها، مؤكدا رفضه بقاء حالة اللا حرب واللا سلم، وهو ما اعتبره مراقبون هروبا من أزمة داخلية تعيشها الجماعة مع استمرار احتجاجات المعلمين والمعلمات للاسبوع الرابع على التوالي ومطالبات للموظفين بصرف رواتبهم المنهوبة منذ ثمان سنوات.
وتعيش مليشيا الحوثي حالة واسعة من انهيار الثقة والتخوين المتبادل بين قادة اجنحة الجماعة وكبار الموالين لها من التيارات الحزبية والعسكرية والإعلامية الأخرى والتي انتقلت من حالة الحرب الصامتة الى العلن.
ومنذ مطلع اغسطس الجاري، نشرت مليشيا إيران الحوثية عشرات المقالات والتقارير في وسائلها الإعلامية في محاولة رأَب الصَّدْع بين اجنحتها المتصارعة، محذرة من الفتنة والمؤامرة والاختراق وتفكيك الجبهة الداخلية، في الوقت الذي يتبادل جناحاها الاتهامات بالفساد وصلت إلى مستوى تبادل الشتائم والسباب العلني والاختطاف والتصفيات الداخلية.
وخلال اليومين الماضيين، وجه الصحفي عابد المهذري مدير قناة "اللحظة" الحوثية المحسوبة على جناح رئيس ما يسمى المجلس السياسي التابع للمليشيا المدعو مهدي المشاط ومدير مكتبه القيادي البارز أحمد حامد المكنى "ابو محفوظ" سيلا من الشتائم اللفظية في برنامج متلفز على الناشطين التابعين لجناح القيادي البارز محمد علي الحوثي عضو ما يسمى المجلس السياسي التابع للحوثيين.
فيما رد جناح القيادي محمد علي الحوثي رئيس ما تسمى المنظومة العدلية المشرفة على جهاز القضاء عبر المحكمة الجزائية المتخصصة (غير دستورية) بأمانة العاصمة، بتكليف جهاز الأمن والمخابرات وكافة مأموري الضبط القضائي بالقبض على الناشط الحوثي "محمد حسين علي الجرموزي" المحسوب على جناح القيادي المشاط، بتهمة ما اسماها جريمة الإهانة العلنية للقضاء من خلال القول لموظف عام بسبب وظيفته القضائية، واستندت النيابة الحوثية بوقائع جارحة من خلال نشره مقاطع فيديو على الإنترنت بذلك.
واتسعت رقعة الصراعات الداخلية في صفوف اجنحة مليشيا الحوثي الإرهابية، بشكل لافت وملحوظ منذ مطلع شهر اغسطس الجاري، أسفر عنها مصرع العديد من القيادات والإطاحة بأخرى من مناصبها، في ظل احتدام مستمر للصراع.
وشهدت محافظات، صنعاء، وإب ومأرب خلال أسبوعين، 7 حوادث منفصلة بينها تصفيات بينية داخل مليشيا إيران الحوثية، مما يعكس حدة الصراع المحتدم بين أجنحة المليشيات خصوصا بين جناحي صعدة وصنعاء.
وشملت تلك الحوادث، 4 اغتيالات، واعتداء على قيادي واعتقاله في إب، ومحاصرة ثان بصنعاء، ونجاة ثالث من الموت المحقق ومقتل عدد من مرافقيه، ناهيك عن اقالات متبادلة بين المحسوبين على الجناحين واتهامات علنية متبادلة في صفوفها وصلت الى حد المحاكمة.
وفي آخر تلك الحوادث، أقدم مسلحون على نصب كمين للقيادي الحوثي "إبراهيم القشار" على خط الحتارش، شمالي صنعاء، وأطلقوا النار عليه، ما أدى إلى مقتله على الفور، والقشار كان مقرباً من القيادي الحوثي يحيى الشامي، والذي توفي هو ونجله زكريا في ظروف غامضة.
والجمعة 11 اغسطس الجاري، اعتدى مسلحون حوثيون على قيادي أمني حوثي يدعى "صخر صادق حمزة" المنتحل صفة مدير أمن مديرية مذيخرة والذي يعمل والده وكيلا للمحافظة، بعد اندلاع اشتباكات مسلحة بين فصائل حوثية في "مفرق ميتم" في شارع تعز بمديرية المشنة مدينة إب، على خلفية اتهامات لصخر حمزة بتهريب مطلوبين، وقام المسلحون باختطافه، وإيداعه سجنًا حوثيا في مركز المحافظة.
وبالتزامن، كشف القيادي الحوثي "إسماعيل الجرموزي"، عن قيام أطقم عسكرية من ما تسمى قوات الأمن الخاصة بمحاصرة منزله بصنعاء، منذ أيام، متهما وزير داخلية الحوثيين، عبدالكريم الحوثي، بارسال هذه الأطقم على الرغم ان نجله الوحيد "مجاهد" يقاتل في صفوف المليشيا منذ سبع سنوات.
وقال الجرموزي، الذي كان مُعيناً من المليشيا مديراً عاماً للمراجعة الداخلية بوزارة الأوقاف والإرشاد سابقًا، إن الأطقم العسكرية مدججة بالأسلحة، وبحوزتهم اوامر بالقبض القهري عليه، واصفا اياهم بـ"دولة الأوغاد"، على خلفية مطالبته برواتب الموظفين، وتسريبه وثائق تثبت الفساد المهول الذي تمارسه اجنحة داخل الجماعة.
والخميس 10 أغسطس، نجا بأعجوبة قيادي وشيخ قبلي موال لمليشيا الحوثي الإرهابية يدعى "نبيل حسين زوقم" ويكنى بـ"أبو حسين" من محاولة اغتيال من قبل مسلحين مجهولين اثناء مروره في شارع الستين وسط صنعاء، فيما اصيب عدد من مرافقيه والحقت اضرار بسيارته، قبل أن يلوذ الجناة بالفرار الى جهة مجهولة.
المليشيا الحوثية، حاولت تفنيد الحادثة على أنها شائعة، نافية وقوعها عبر تصريح أدلى به القيادي الحوثي "زوقم" للمركز الاعلام الأمني التابع لوزارة داخلية الحوثيين، إلا أن ما يؤكد وقوع الحادثة استحداثها عشرات نقاط التفتيش في صنعاء عقب الحادثة التي تأتي ضمن الصراعات البينية بين جناحي صعدة وصنعاء، حيث سبق ان وجه القيادي "زقوم" اتهامات علنية لقيادات حوثية بارزة في المجلس السياسي الاعلى التابع للمليشيا بالفساد.
وقبلها بيومين، اغتالت عناصر الأمن الوقائي التابع للحوثيين، في ساعات متأخرة من الليل، الشيخ القبلي حسن صالح الراعي، بعد تعقبه في مديرية بني الحارث شمالي صنعاء، ونقله بعد الحادث إلى مستشفى "يوني ماكس" التابع لاحد قيادات المليشيا، زاعمة ان سبب الحادثة إطلاق عيار ناري من سلاحه الشخصي أثناء قيامه بتنظيفه، في الوقت الذي نفى أقارب الضحية هذه المزاعم، مؤكدين انه تعرض لعملية اغتيال آثمة وضلوع قيادات حوثية في مقتله كان على خلاف معها.
وفي 4 أغسطس، أقدمت قيادات حوثية تنحدر من محافظة صعدة (معقل المليشيا الرئيس) على تصفية القيادي الميداني البارز المدعو "ناجي ضيف الله الأمير" المنحدر من محافظة مأرب بعد تصاعد خلافاتها معه بقصف تجمع له مع آخرين بالطيران المسير التابع لها في جبهة الجوبة، جنوبي مدينة مأرب، حيث رصدت المليشيا تحركات القيادي "الأمير" واستهدفته مستغلة اندلاع معارك عنيفة، بين المليشيات مع القوات الحكومية لتصوير حادث مقتله كأنها وقعت خلال المواجهات.
وجاء الحادث مع آخر مماثل في سياق الصراعات الميدانية بين اجنحة مليشيا الحوثي في جبهة مأرب، أودت بحياة القيادي "صالح شملول" المكنى "أبو صالح"، والمنحدر من مديرية المراشي بمحافظة الجوف، في اشتباكات مع قيادي حوثي آخر في جبهة رغوان شمالي غربي مأرب.
وسجل الصراع الداخلي الحوثي مؤخرا تطورا شمل إقالة عدد من قياداتها المحسوبين على جناح صنعاء وإب من مناصبهم لصالح جناح صعدة كان آخرها إقالة "ابو رداد المجهلي"، قائد ما تسمى النجدة بمحافظة صنعاء، و"محمد علي الشامي" مدير الوحدة التنفيذية لكبار المكلفين بمصلحة الضرائب الافتراضية بصنعاء.
وتزايدت الصراعات المسلحة بين القيادات الحوثية مع بروز أجنحة متعددة داخل المليشيا المدعومة من إيران. ويتسابق جناح صعدة من جهة وجناح صنعاء من جهة أخرى، في التصفيات والتخلص من القيادات المحسوبة على الجناح الآخر في سياق حملة تطهير متبادلة داخل المليشيات الحوثية، تصاعدت وتيرتها مع المفاوضات لاجنحة المليشيا المتعددة مع السعودية، وتعود دوافع غالبية تلك الصراعات للخلاف على المكرمات والأموال والمناصب والنفوذ والمنهوبات.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
الحوثي يتوعد واشنطن بالهزيمة والرد على هجماتها الأخيرة بصورة "موجعة"
توعدت جماعة الحوثي، بالرد على الهجمات الأمريكية الأخيرة على صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، في ظل نذر تصعيد جديد بالتزامن مع إعلان القيادة المركزية الأمريكية بدء عملية واسعة تستهدف الحوثيين في اليمن.
وأدان ما يسمى بـ "المجلس السياسي" أعلى سلطة بمناطق الحوثيين، في بيان له، "العدوان" الأمريكي السافر على العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات، معتبرا الهجمات "إسنادا للكيان الإسرائيلي".
وأكد أن "استهداف المدنيين يثبت العجز الامريكي في المواجهة، وأن هذا الاستهداف لن يثنينا عن موقفنا المساند لغزة بل سيجر الوضع إلى ما هو أشد وأنكى".
وقال البيان، إن "تأديب المعتدين على اليمن سيتم بصورة احترافية وموجعة"، مشيرا إلى أن "اليمن مقبرة الامبراطوريات على مدى التاريخ".
وجدد البيان، تأكيده أن "الأمريكي ومعه الكيان الصهيوني سيفشلان ويجران أذيال الخيبة والهزيمة كما حصل من قبل خلال معركة طوفان الأقصى".
ودعت الجماعة، المجتمع الدولي لـ "القيام بمسئولياته تجاه هذه الرعونة الأمريكية الإسرائيلية التي من شأنها فتح الباب واسعا أمام تطورات لا يقتصر أثرها على جهة معينة بل سيتأثر الجميع إن لم تتوقف هذه الرعونة وهذا الصلف الأمريكي الإسرائيلي".
ولفتت إلى أن الجماعة ستواصل دعم ومساندة فلسطين، واستمرار العمليات البحرية حتى رفع الحصار عن غزة، وادخال المساعدات، مؤكدة أن الغارات الأمريكية على اليمن "عودة لعسكرة البحر الأحمر وهي التهديد الفعلي للملاحة الدولية في المنطقة".
ويوم أمس، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جماعة الحوثي بإستخدام القوة المميتة والساحقة ضدهم، بالتزامن مع بدء عملية واسعة أطقتها المركزية الأمريكية ضد جماعة الحوثي التي عاودت تهديداتها للملاحة الدولية وإعلانها حظر مرور السفن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي
وقال الرئيس الأمريكي في بيان له، "اليوم، أمرتُ الجيش الأمريكي بشنِّ عملية عسكرية حاسمة وقوية ضد الإرهابيين الحوثيين في اليمن. لقد شنّوا حملةً متواصلة من القرصنة والعنف والإرهاب ضد السفن والطائرات المُسيّرة الأمريكية وغيرها".
وأكد أن الهجمات الحوثية المتواصلة كلفت الاقتصاد الأمريكي والعالمي مليارات الدولارات، وفي الوقت نفسه، عرّضت أرواحًا بريئة للخطر.
وتابع: "لن يتم التسامح مع هجوم الحوثيين على السفن الأمريكية. سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا. لقد خنق الحوثيون حركة الشحن في أحد أهم الممرات المائية في العالم، مما أدى إلى توقف مساحات شاسعة من التجارة العالمية، وهاجم المبدأ الأساسي لحرية الملاحة الذي تعتمد عليه التجارة الدولية".
وأردف: "ينفذ مقاتلونا الشجعان الآن هجمات جوية على قواعد الإرهابيين وقادتهم ودفاعاتهم الصاروخية لحماية الشحن الأمريكي والأصول الجوية والبحرية، واستعادة حرية الملاحة. لن تمنع أي قوة إرهابية السفن التجارية والبحرية الأمريكية من الإبحار بحرية في الممرات المائية في العالم".
وخاطب ترامب الحوثيين بالقول: "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، لقد انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءًا من اليوم. إذا لم يفعلوا ذلك، فسوف تمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل!".
كما خاطب الرئيس الأمريكي إيران الداعم الرئيسي للحوثيين بقوله: "يجب أن يتوقف دعم الإرهابيين الحوثيين فورًا! لا تهددوا الشعب الأمريكي، أو رئيسهم، الذي حصل على أحد أكبر التفويضات في تاريخ الرئاسة، أو ممرات الشحن العالمية. إذا فعلت ذلك، فاحذر، لأن أمريكا سوف تحملك المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطيفين في هذا الأمر!".
ومساء أمس، شنت مقاتلات أمريكية بريطانية، غارات جديدة على مواقع للحوثيين في صنعاء وصعدة في أول هجوم ضد الحوثيين بعد تصنيفهم "منظمة إرهابية".
وكشفت وسائل إعلام أمريكية، أن الغارات الجوية التي نفذتها مقاتلات أمريكية مساء السبت، جاءت بتوجيهات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واستهدفت مواقع تابعة لجماعة الحوثي، في صنعاء، في أول استهداف ميداني للحوثيين عقب تصنيفهم "منظمة إرهابية".
وذكرت نيويورك تايمز، إن الولايات المتحدة بدأت تنفيذ ضربات عسكرية ضد أهداف يسيطر عليها الحوثيون باليمن، وأنها جاءت بأوامر من ترامب، واستهدفت الرادارات والدفاعات الجوية وأنظمة الصواريخ والمسيرات
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن القصف الأمريكي في اليمن يهدف أيضا إلى إرسال إشارة تحذير لإيران، وأن استهداف ترسانة الحوثيين قد يستمر عدة أيام وقد يزداد نطاقه اعتمادا على ردهم.
ولفتت إلى وجود رغبة أمريكية، بحملة أقوى تفقد الحوثيين السيطرة على أجزاء من البلاد.
وأعلنت جماعة الحوثي مساء أمس، مقتل وإصابة 18 شخصا، بغارات أمريكية بريطانية استهدفت العاصمة اليمنية صنعاء.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحكومة الحوثيين (غير المعترف بها دوليا)، في بيان لها، إن 18 مدنيا قتلوا وأصيبوا "جراء غارات العدوان الأمريكي البريطاني مساء السبت على الأعيان المدنية في العاصمة صنعاء".
وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء السبت، إطلاق عملية واسعة ضد جماعة الحوثي في اليمن، في أول هجمات نوعية ضد الجماعة منذ بدء سريان تنفيذ تصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية".
وذكرت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان لها، إنها بدأت في 15 مارس/آذار الجاري، سلسلة من العمليات تتألف من ضربات دقيقة ضد أهداف الحوثيين المدعومين من إيران في جميع أنحاء اليمن للدفاع عن المصالح الأميركية، وردع الأعداء، واستعادة حرية الملاحة.