لبنان ٢٤:
2025-01-04@03:57:25 GMT
من قرى جنوب لبنان.. كيف بدا مشهد العودة؟
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
في اليوم الرابع لوقف إطلاق النار، تبدو شوارع جنوب لبنان أقل زحمة من الأيام الأولى لوقف إطلاق النار، باستثناء مداخل المدن الرئيسيّة كصيدا وصور، وداخل البلدات الجنوبيّة.
وعلى طول الخط الجنوبي، من صيدا وحتّى القرى الحدوديّة، يطغى مشهد الدمار. يخفت قليلاً في الساحل ليعود ويرتفع كلما اقتربنا من القرى الحدودية.
سنبقى في قرانا حتّى لو نصبنا خيمة
تقول زينب بكري، من بلدة صديقين الجنوبيّة (قضاء صور): "ما زلنا غير قادرين على تصديق أننا عدنا إلى هنا، رغم الدمار والخسارات الكبرى؛ إذ خسرنا أحباباً كثيرين".
وتضيف لـ"الشرق الأوسط": "وصلنا إلى قريتنا يوم أمس، قدِمنا من بيروت، حيث كنا نازحين، أنا وكل أفراد عائلتي، المكونة من 6 أشخاص. ووجدت أن منزلي قد دمرته إسرائيل، بكيت حينها، لكنني عشت الحزن ونقيضه، فأنا هنا موجودة في قريتي وقد انتهت الحرب؛ أتمنى ألّا تتكرر مرة أخرى، حتّى لو نصبنا خيمة وسكنا فيها أفضل من العيش في غير مكان".
ليست مجرد أماكن نملكها
ومثل بكري، عائلات كثيرة، خسرت منازل نشأت وترعرعت فيها، وشكّلت ذكرياتها الأولى وتفاصيل حياتها، تقول إحدى سكان البلدة، التي صودف مرورها في المكان: "هي ليست مجرد أماكن نملكها؛ بل تسكن فينا وليس العكس، لنا فيها ذكريات طفولتنا، وملامح وجه أبي الذي فقدناه قبل أعوام قليلة، وصبر أمي، وأشياء كثيرة لا ندركها إلّا بعد خسارات كهذه".
في هذه البلدة (صديقين)، لا يمكن وصف حجم الدمار، غالبية المباني تحولت إلى ركام. ينتشر أهالي البلدة على جوانب الطرقات، لا حول لهم ولا قوة، يواسون بعضهم بعضاً في خساراتهم، ويتبادلون التهنئة بالعودة، أو بالنجاة من الحرب، كما يحلو للبعض تسميتها. أصحاب المتاجر والمصالح أيضاً، يقفون أمام أرزاقهم المدمرة، قلة قليلة من تلك التي لم تبعثرها الغارات الإسرائيلية، اختار أصحابها ترتيبها، تحضيراً لإعادة افتتاحها في وقت قريب.
خساراتنا كبيرة
في بلدة كفرا الجنوبيّة، المحاذية لها، يبدو مشهد الدمار أقل وطأة، تقول عبير: "عدنا أخيراً بعد نزوح دام 66 يوماً، إلى حيث نشأنا وترعرعنا، لا مقومات الآن للحياة، لكننا متمسكون بالبقاء".
تروي عبير لـ"الشرق الأوسط" كيف قضت أكثر من 9 ساعات وهي في طريقها من زغرتا (حيث نزحت في شمال لبنان)، إلى بلدتها كفرا، وتقول: "وصلنا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، في نفس اليوم الذي أعلن فيه قرار وقف إطلاق النار، كنا قد انتظرناه طويلاً، لا سيّما منذ زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى لبنان".
وتضيف: "فرحت بالخبر حينها، لكنني بكيت بشدة حين وصلت إلى الجنوب، وتحديداً إلى مدينة صور، إذ شاهدت حجم الدمار الهائل، بعض القرى التي مررنا بها، أضعت فيها الطريق؛ فلا معالم واضحة ولا أسماء أماكن اعتدنا زيارتها قبل نشوب العدوان، ولا كلمات تصف مشاعرنا، ما نعرفه أننا كنا في كابوس والآن باتت لحظة الحقيقة، خساراتنا كبيرة".
وعن تفاصيل الليلة الأولى، تقول: "يومها لم أتمكن من النوم، قضيناها في منزل شقيقتي، أنا ووالديّ وشقيقي، فمنزلنا غير صالح للسكن، عُدنا في اليوم التالي، لا كهرباء ولا مياه ولا إنترنت ولا متاجر مفتوحة في المكان، ولا حتّى تغطية للشبكة في هواتفنا تمكننا من الاتصال والتواصل مع من نحتاج، لكننا رتبنا أمورنا ومكثنا في الطابق السفلي، كونه الأقل تضرراً بين الطوابق".
المسيرات الإسرائيلية لا تفارقنا
تُكمل حديثها، فتُخبرنا عن صوت المسيرات الذي أعاد إلى ذاكرتها حال الحرب التي عاشها الناس منذ ما قبل العدوان، أيّ منذ السابع من تشرين الأول 2023، "عادت الزنانة فوق رؤوسنا، لم تفارقنا طوال اليوم الأول لعودتنا، لكننا اعتدنا سماعها" إضافة إلى صوت الطائرات الحربيّة التي تخرق الأجواء بين الحين والآخر.
أما عن المخاوف، فتقول: "في اليوم الأول للعودة، سمعنا صوت الغارات الإسرائيلية، لم ترعبنا، لكننا نخاف من نشوب الحرب مع إسرائيل مرة أخرى، لنخوض تجربة النزوح البشعة التي لا نريدها أبداً". وتختم: "اليوم نشعر بالامتنان من عودتنا، أكثر من أيّ وقت مضى، لا نريد الحرب، ولا نريد أن يموت لنا عزيز، هي خسارات لا تعوض".
على مقربة منها، بلدة ياطر الحدوديّة، التي حذّر الجيش الإسرائيليّ أهلها من العودة إليها، لكن رغم ذلك، يأتي الناس إليها لتفقد منازلهم المتضررة بمعظمها، وكذلك فعل غالبية أبناء القرى العشر التي شملها التحذير.
ولم تتمكن عائلات كثيرة، من أبناء القرى الأمامية، من العودة إلى منازلهم، تقول منى ابنة بلدة حولا التي تبرز فيها مشاهد الحرب الطاحنة، لـ"الشرق الأوسط": "أشعر بالأسى والحزن. بالأمس كنت في حال يرثى لها، لقد حُرق منزلي في حولا، فقدت ذكريات عائلتي وأطفالي، ولا شيء يمكن أن يعيدها لنا".
وتضيف: "منزلي في كفررمان (النبطية) متضرر أيضاً، سنبقى الآن حيث نزحنا منذ بدء العدوان في عرمون إلى أن نتمكن من العودة إلى منزلنا".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
إذا لم تنجح هدنة الـ60 يوماً.. هل يستطيع حزب الله العودة إلى الحرب؟
وسط استمرار الخروقات الإسرائيليّة بشكل يوميّ لاتّفاق وقف إطلاق النار، من حيث تفجير المنازل في البلدات الجنوبيّة ومنع المواطنين من العودة إلى قراهم وبيوتهم، وشنّ الغارات واستهداف المدنيين بطائرات مسيّرة، وسقوط عشرات الشهداء والجرحى منذ الإعلان عن هدنة الـ60 يوماً، خرج نائب رئيس المجلس السياسيّ في "حزب الله" محمود قماطي ليُعلن أنّ "الحزب" ليس بوارد التهاون بعد انقضاء مهلة الشهرين، وأنّه مستعدّ للعودة إلى المعارك إنّ بقيت إسرائيل تحتلّ أراضٍ لبنانيّة.وقد أوحت إسرائيل في العديد من المناسبات أنّها قد تُبقي قوّاتها في الأراضي اللبنانيّة حتّى بعد انتهاء مهلة الـ60 يوماً، ما يُعدّ خرقاً كبيراً لاتّفاق وقف إطلاق النار، ويُفجّر الوضع الأمنيّ من جديد على الحدود الجنوبيّة، ويدفع "حزب الله" إلى العودة إلى الحرب. فـ"الحزب" ظلّ حتّى آخر لحظة من المعارك لديه قدرات على إطلاق الصواريخ نحو الأراضي المحتلة، وتمكّن من منع الجيش الإسرائيليّ من التوغل في العمق اللبنانيّ، علماً أنّ الطائرات الحربيّة المُعاديّة كانت تُراقب الأجواء اللبنانيّة والسوريّة طوال النهار، وكانت تستهدف أيّ سيارة أو قافلة تشكّ في أنّها تنقل أسلحة إلى "المُقاومة".
وعلى الرغم من أنّ "حزب الله" لم يعدّ يستطيع خوض حربٍ طويلة كما في السابق، بسبب عدّة عوامل أساسيّة أهمّها تشديد الداخل اللبنانيّ على التمسّك باتّفاق وقف إطلاق النار وبالإتّصالات الديبلوماسيّة وبالقرارات الدوليّة وفي مُقدّمتها الـ1701، إضافة إلى سقوط نظام بشار الأسد الداعم الأبرز لـ"محور المُقاومة"، وانسحاب الحرس الثوريّ الإيرانيّ من سوريا، واستهداف إسرائيل لمصانع إنتاج الصواريخ السوريّة التي كانت مصدراً مهمّاً جدّاً لتسليح "الحزب" وخصوصاً بترسانة "فادي"، غير أنّ محللين عسكريين يعتبرون أنّ "قوّة الرضوان" وغيرها من كتائب "حزب الله" قادرة على استئناف الحرب، أقلّه دفاعاً عن لبنان، وعبر إطلاق القذائف باتّجاه المستوطنات الإسرائيليّة والمدن الكُبرى.
ويُشير المحللون عينهم إلى أنّ إسرائيل عرضت مقاطع فيديو عديدة لضبطها أسلحة كثيرة لـ"حزب الله"، معظمها صواريخ مُوجّهة و"كورنيت"، لكّنهم يُوضحون في المقابل، أنّ العدوّ لم يستطع من وضع يده على الصواريخ الثقيلة، ولا حتّى تمكّن الوصول إلى أنفاق "الحزب" الرئيسيّة مثل منشأة "عماد 4"، التي تحتوي على أبرز أسلحة "المُقاومة" من صواريخ باليستيّة وبعيدة المدى، كذلك على الطائرات المسيّرة الإيرانيّة المتطوّرة.
ويقول المحللون العسكريّون إنّ بقاء إسرائيل داخل الأراضي اللبنانيّة بعد انتهاء مهلة الشهرين يُعطي شرعيّة لمُقاومة العدوّ، كون الأخير سيُصبح قوّة مُحتلة أمام المُجتمع الدوليّ والعربيّ، وستظهر حكومة بنيامين نتنياهو أنّها هي التي خرقت إتّفاق وقف إطلاق النار، وأنّ "حزب الله" يُدافع عن الأراضي اللبنانيّة بهدف إعادة تثبيت الهدنة، وانسحاب الجيش الإسرائيليّ من الجنوب، كيّ يستطيع الجيش الإنتشار وتطبيق القرار 1701 وفرض الأمن والإستقرار على الحدود الجنوبيّة.
ويُؤكّد المحللون أنّ "حزب الله" قادر على العودة إلى حربٍ غير طويلة، لكّنه لا يزال يُعوّل على جهود الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي الديبلوماسيّة، وعلى زيارة الموفدين الغربيين إلى لبنان، كيّ تنسحب إسرائيل من الجنوب في مهلة الشهرين المُحدّدة في اتّفاق وقف إطلاق النار، لأنّه يُفضّل إعادة تنظيم صفوفه وعدم جرّ بيئته المُتعبة إلى مُواجهة جديدة مع العدوّ، بينما بدأ بصرف الأموال لإعمار ما تدمّر.
ويختم المحللون بالقول إنّ "الحزب" يُفضّل الإستمرار بمرحلة ما بعد الحرب وليس العودة إليها، غير أنّ الكرّة في ملعب تل أبيب، وهي وحدها قادرة على إشعال المنطقة من جديد، أو اعتماد التهدئة عبر احترام الإتّفاقات والقرارات الدوليّة. المصدر: خاص "لبنان 24"