تثير علاقة الكنيسة بالملحدين تساؤلات متعددة، خاصة مع انطلاق البعض من فكرة أن الكنيسة كمؤسسة دينية تنظر بعين الريبة أو الرفض لهم، لكن الحقيقة تحمل أبعادًا أكثر تعقيدًا.

وتقوم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمواجهة تيار الإلحاد بما يعرف خدمة اللاهوت الدفاعى، حيث تم إعداد مجموعة من الخدام المتميزين لدرء الخطر، والتعامل معه بطرق مناسبة، وإنشاء برنامج توعية دينية خاصة لسن الشباب، بالإضافة لتقديم الردود المناسبة لكافة الاعتراضات التى تثار من آن لآخر.

وفى تصريحات سابقة لبابا الفاتيكان، فرانسيس، أكد أن الكنيسة الكاثوليكية لا ترفض أحدًا، وأن الله يحب الجميع بغض النظر عن معتقداتهم، وشدد على أهمية قبول الآخر والعيش فى سلام، مؤكدًا أن الإيمان ليس سببًا لإقصاء من لا يؤمن.

ويقول الأب أنجيلوس، كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بالظاهر: إن الكنيسة تقبل الملحدين ضمن فقه الخطاه، ونحتويهم ونساعدهم فى الرجوع إلى الله، وتابع: بعض الأشخاص يمارسون أفعال الملحدين وهم مؤمنون، مثل عدم الصلاة والصوم وعدم حضور القداسات وعدم القيام بالممارسات الروحية، هذا يؤدى إلى الإلحاد الفكرى، والشخص يفكر إن ربنا مش موجود، ولو شخص أبوه قاسى أو ظالم أو أو....إلخ فإنه يتعامل مع الله على أنه الأب الأكبر ويقوم بعمل إسقاط صورة الأب المشوه فى الأرض على صورة الله، ويبدأ ينكر وجوده ويتعامل معها بتجاهل، وهذا أهم سبب من أسباب الإلحاد.

وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«الفجر» أن الكنيسة تواجه الإلحاد بالتوعية والمحاضرات ووسائل الإيضاح، وأحيانا تقوم بتنظيم مؤتمرات خاصة للحديث عن هذا الموضوع، وتسعى بكل الجهد لإعادة المخطئين عن هذا الطريق الخاطئ، وبالطبع يأخذ الأمر وقتًا، وبالاحتواء تأتى النتائج طيبة، مشيرا إلى أن الكنيسة لديها فى أسقفية الشباب قسم اللاهوت الدفاعى، ومن ضمن مهامه مقاومة الإلحاد.

وأكد القس متى بديع، كاهن بأسقفية الشباب، أن الإلحاد فى اللغة اليونانيّة القديمة كانت صفة atheos وتعنى «دون الآلهة «أو» قلة الاعتقاد فى الآلهة». موضحًا أن الإلحاد فى معناه الشامل هو غياب الاعتقاد فى وجود الآلهة. ويتضمّن هذا التعريف أولئك الذين يؤكّدون بأنّه ليس هناك آلهة على الإطلاق، وأولئك الذين ليس لديهم اتجاه واضح حول وجود الآلهة من عدمه.

وأشار إلى أن الإلحاد له أسباب كثيرة، منها فلسفية نابعة من التحليل المنطقى والاستنتاج العلمى التى حسب وصف الملحدين تشير إلى انعدام الأدلة والبراهين على وجود الخالق الأعظم، وفكرة الشر أو الشيطان وكونها منافية لقدرة الخالق، وهناك أسباب شخصية مصدرها قناعة شخص معين أن حياته ستكون أفضل دون الدين، حسب مقاييس شخصية أو مقاييس فرضت عليه من المجتمع الذى يعيش فيه أو نتيجة تأثره بمجتمع ملحد يعتبره أكثر تحضرًا وتقدمًا، ويستشهد هذا التيار عادة بالحروب والمآسى التى حدثت وتحدث بسبب الدين.

وهناك أسباب نفسية، مثل الكآبة أو اضطرابات الشخصية، وهناك أسباب تاريخية بسبب التناقض فى رواية أحداث معينة فى كتب دينية مختلفة، وهناك أيضًا أسباب سياسية مثل الثورات التى حرمت أو منعت الأديان، مثل الثورة الشيوعية فى روسيا والتى امتد أثرها إلى أوروبا الشرقية ودول أخرى.

وقال الأب موريس، كاهن كنيسة العائلة المقدسة بالزيتون فى تصريحات خاصة لـ«الفجر»، إن الإلحاد ليس وليد العصر، وهناك تاريخ طويل للإلحاد، ولكل عصر له نمط وشكل متميز ومختلف للتعبير عن الإلحاد، وذلك حتى لا نلوم أبناء جيلنا، وكأنهم الوحيدون الذين اخترعوا الإلحاد.

وتابع: الإلحاد موقف متخذ من قبل البعض، وليس بالضرورة أن يكون الإلحاد معناه إنكار وجود الله، ويوجد معنى أوسع للالحاد وهو عدم الاعتقاد واللامبالاة الدينية معًا، كما أنه يوجد أنواع من الإلحاد، وأضاف أن الكنيسة الكاثوليكية لا تستطيع أن تغلق أبوابها أمام المختلفين معها فى الرأى والعقيدة، وكذلك الخطاة والأشرار. فالكنيسة هى بيت الرحمة، وهى مستشفى لعلاج الداء والأمراض المختلفة. والكنيسة هى أم ومعلمة تحتوى جميع أبنائها مع اختلاف أجناسهم وآرائهم وأعراقهم وعائداتهم وتقاليدهم.

وقال: إن عجز الإنسان عن إيجاد إجابات واضحة عن تساؤلاته الوجودية والحياتية، يضعه فى حالة عداوة وخصومة مع الله بلا مبرر، ويصاب الإنسان بخيبات أمل فى الله، وتزداد هذه الخيبة لأن الله لا يلبى مطالبنا، والصراع العقلى الذى يجد فيه الشخص ذاته فى حالة تضاد بين الله والطبيعة.

وأوضح أن ظاهرة الإلحاد ظاهرة صحية ومهمة جدًا وفرصة ذهبية لتصحيح المفاهيم المغلوطة والمشوهة عن الحياة والوجود، وفرصة للمعرفة الحقيقية لرحمة الله والمحبة، وفرصة لتعميق الإيمان السطحى.

من جانبه أكد القس رفعت فكرى، أمين عام مشارك بمجلس كنائس الشرق الأوسط، أن القيم الدينية تقلل الشرور، مشيرًا إلى أن بعض الأشخاص تبحث عن الله ولديها أسئلة وشكوك، فهم ليسو ملحدين لأنها تسأل، وهناك نوع ثانى فى رحلة بحث عن الله، وثالث لا يدرى شيئًا إن كان الله موجودًا أم لا، ورابع وهو الإلحاد الأخلاقى ويوجد بين المؤمنين، فيأمنون بوجود الله ولكن هناك سرق ونهب وزنى وقتل، وهنا يأتى دور الخطاب الدينى، الذى يوضح أن التدين والعبادة والصوم والصلاة، كلها أمور ليست شكلية فقط، فالدين سلوك وحياة.

وأكد القس رفعت فكرى فى تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن دور الكنيسة هنا أن تعمل حوارًا مع كل الناس دون هجوم وتتبنى مبدأ الحوار دون إدانة، مشيرًا إلى أن الناس تبتعد عن الله لأنهم يشاهدون أن خدام الكنيسة ليسوا قدوة، وبعض الناس يلجأون إلى مواقع خاطئة فى السوشيال ميديا، ومن وجهة نظرهم يتعارض النص الدينى مع العلم والكنيسة، وربما يرون أن الخطاب الدينى فى وادٍ والواقع فى وادٍ ثانٍ، وكل ذلك أسباب مختلفة كفيلة بإبعاد الناس عن الله.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الكنيست الإلحاد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الكنيسة الكاثوليكية بابا الفاتيكان التوعية الدينية قسيس الإلحاد الفكري أسباب الإلحاد الأسئلة الوجودية العلم والدين البحث عن الله الحوار الديني أن الکنیسة فى تصریحات عن الله

إقرأ أيضاً:

وزير الصحة الروسي يعلن عن تقنية جديدة لعلاج السرطان.. إنجاز طبي كبير

أعلن ميخائيل موراشكو وزير الصحة الروسي، خلال الكلمة التي ألقاها في حفل توزيع جوائز بوديم جيت، التوصل إلى تقنية جديدة لعلاج السرطان، سيتم استخدامها على نطاق واسع خلال الفترة القادمة.

وأوضح وزير الصحي الروسي أن أطباء الأورام الروس يحققون نجاحات متتالية تمثل سبقًا كبيرًا في مجال طب الأورام بصفة خاصة، ومجالات الطب بشكل عام، وآخرها تقنية جديدة لعلاج السرطان، إذ نجحوا في زراعة الأعضاء كطريقة لعلاج السرطانات الخطيرة، التي يعاني منها عدد كبير حول العالم، تنتهي بوفاة بعضهم، بحسب روسيا اليوم.

وزير الصحة الروسي يكشف عن تقنية جديدة لعلاج السرطان

زراعة الأعضاء ليست جديدة ولكن استخدامها كتقنية في علاج السرطان، يعد أمرًا بالغ الأهمية، وبالتدريج ستصبح هذه التقنية عادية، ويُقبل عليها العديد من مرضى الأورام، خاصة أن زراعة الأعضاء هي طريقة واعدة، وبدأت في الانتشار بالفترة الأخيرة، خاصة بعد تحقيقها نجاحات عديدة في مجالات أخرى بخلاف الأورام، ما يعطي فرص كبيرة لإنقاذ أروح الآلاف من المرضى.

الصحة الروسية تطبق تقنية زراعة الأعضاء في علاج الأورام

وطبقت الصحة الروسية تقنية زراعة الأعضاء في علاج الأورام بالمراكز التابعة لها، وبعد تحقيق نجاحات كبيرة، قرر الوزير زيادة استخدام هذه الطريقة في التدخلات الجراحية خلال عام 2025، إذ يمكن أن تصبح سببًا رئيسيًا في القضاء على أنواع معينة من السرطانات، التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن.

يسعى علماء الطب الروس إلى تحقيق نجاحات كبيرة

ويسعى علماء الطب الروس إلى تحقيق نجاحات كبيرة، في الأمراض المستعصية وليس السرطانات فقط، خاصة أن فرص استحداث وتطبيق منتجات الخلايا الطبية الحيوية والعقاقير المناعية الروسية، تحقق نجاحات ملموسة ويتم استخدامها على نطاق واسع، بالإضافة إلى الإكثار من التجارب السريرية للأدوية، وتطوير عقاقير أخرى.

مقالات مشابهة

  • جامعة التقنية تستقبل دفعة جديدة من الطلبة في عدة تخصصات
  • نائب رئيس الوزراء: عدم منح تراخيص جديدة للمنشآت الصناعية داخل الكتلة السكانية
  • وزير الصحة الروسي يعلن عن تقنية جديدة لعلاج السرطان.. إنجاز طبي كبير
  • وكيل الأزهر للأطباء الجدد: اسعوا للحصول على شهادة من الله بخدمة الناس ونفعهم
  • لماذا سمي شعبان شهر رسول الله؟.. لـ 9 أسباب احذر الغفلة فيه وخسارته
  • كارثة جديدة في أجواء أميركا.. كيف سقطت "طائرة الطفل المريض"؟
  • معنى الإلحاد في أسماء الله .. عالم أزهري يجيب
  • أسباب غير متوقعة وراء مرض التوحد.. دراسة جديدة تكشف التفاصيل
  • الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية الزراعية.. برامج تدريبية جديدة لوقاية النباتات
  • “شمعة جديدة” لـ ياسمين علي.. هدية خاصة من فهد زاهد