بوابة الفجر:
2025-03-04@22:01:49 GMT

محمد مسعود يكتب: إرادة الرئيس.. والدواء المُر

تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT

جلس «سلامة» يائسا، كيف له أن يصرف على ثلاث بنات رزقه الله بهن، طلبت منه زوجته «سيدة» بأن ينزل للعمل، رد بأنه ينزل يوميا ولا جديد، فمهنة بائع الروبابيكيا، لم تعد تدر أى عائد، ومثلما يذهب، يعود خالى الوفاض، طلبت «سيدة» وألحت بأن ينزل والرزق على الله، وافق وهو يمسح دمعة تكونت فى عينيه، لكن بشرط، ألا تخبر الفتيات بأنه سيخرج للعمل، لأن طلباتهن لا تنتهى، وعندما لا يستطيع أن يوفِّيها، يرى فى أعينهن حزنًا كبيرًا «عارفة يا سيدة أصعب حاجة فى الدنيا لما تشوفى حتة من لحمك بتطلب حاجة وأنتى مش قادرة توفِّيها.

. أنا بشوف فى عنيهم بصة.. بتموتنى».

قال لى الفنان محمود الجندى وهو من أدى دور «سلامة» فى مسلسلى «مذكرات سيئة السمعة»، الذى عرض عام ٢٠١٠، كيف كتبت هذا المشهد من دون أن تتزوج أو يكون لك ابن أو ابنة -وقتها كنت فى مرحلة الخطوبة- قلت له ربما «الإحساس بالمسئولية»، كان كفيلا بأن يولد لدى ما أكتبه على لسان «سلامة» الأب الذى هزمته الدنيا ودفعه الفقر فى النهاية إلى أن يتخلص من بناته وزوجته بأن يدس لهن ولنفسه السم ليشعروا جميعا بالراحة من قسوة الدنيا، ولسخرية القدر ماتت الأم والفتيات، لكنه لم يمت، عاش ليموت فى اليوم ألف مرة، من عذاب ضميره، لأنه لم تكن لديه إرادة للبقاء والنجاة، لم يكتف بحكم الزمن عليهم بالفقر، بينما نفذ فيهن حكم الإعدام خشية إملاق.

ما كتبته فى مسلسل «مذكرات سيئة السمعة»، كان فى عصر غير العصر، كتب فى الفترة من ٢٠٠٨ إلى ٢٠٠٩، وعرض بعدها بعام، كان مسلسلا كاشفا للمجتمع، عوراته وفساد الحزب الحاكم، وحالة الفقر التى أصابت المصريين، لم تكن هناك برامج حماية اجتماعية، ولا إعادة بناء إنسان أو مساكن تليق بهذا الإنسان، كانت هناك محاصيل مسرطنة، وتزوير انتخابات وفساد يزكم الأنوف، يمكنك أن تمر بفسادك إذا لم يعلم الرجل الكبير، أما إذا علم وخرجت الأمور عن السيطرة فيمكنك الهرب للخارج بأموالك وقروضك وأسرتك، وكان «سلامة» هو مثال المواطن الميت على قيد الحياة، الذى آثر أن يترك الدنيا بما فيها وأن يأخذ أسرته معه فى رحلة إلى عالم الموت، عله يقابل أرحم الراحمين رب العالمين، ويسامحه على ما فعله.

فى هذا العصر لم تكن دائرة من النار قد أحاطت بمصر، لم يكن هناك كم المؤامرات وحروب الجيل الرابع التى نعيشها، ورغم ذلك مات كثيرون بفيروس «سى» وبتأثير المنتجات المسرطنة، عاش المجتمع فى بنية تحتية منهارة، ودولة ذات اقتصاد منهار، وحلم كاذب يدعى لجنة السياسات بالحزب الوطنى، خرجنا من ذلك السواد إلى سواد أعظم، سنة سوداء قاحلة قضاها الإخوان فى سدة الحكم، وكان هناك بدلا من سلامة ألف سلامة ماتوا بالقهر والفقر والفاشية والإرهاب، وهناك من ماتوا حزنا وكمدا على ذويهم.. وهناك من تحمل وحارب على البقاء، وعمل على مصلحة الوطن حتى لو على حساب نفسه.. ولمَ لا؟، وقد أصبح أبا وكبيرا ورئيسا لشعب عظيم ودولة عظيمة.

لم يخلق الله البشر بنفس السمات والقدرات، وكلف كل نفس وسعها، وهو أعلى وأعلم بخلقه، لكن.. فكرة البقاء فى حد ذاتها قد تجعل تصرفات الآباء تبدو قاسية فى أعين أبنائهم، هذا هو الواقع، والحقيقة فأنا لم أنس أبدا ذلك اليوم، يوم تعرض ابنى آخر العنقود لقىء شديد، جعل الدواء لا يستقر فى معدته، هنا أمر الطبيب بحقنة لوقف القيء، كان خائفا، مرتعبا، صارخا، كان علىّ أن أمسكه وأحكم إمساكه، ليعطيه الطبيب الحقنة، بكى بحرقة ليس من وجعها لكن لأننى أحكمت إمساكه، كان صغيرا لدرجة أنه لن يستوعب أن ما فعلته كان لمصلحته، إننى لم أكن أريد له الألم، بل سعيت لأهب له الشفاء، ولم أشعر سوى بسخونة دمعة سالت من عينى، وسؤال ابنتى الكبرى «بتعيط؟»، لا أعرف وقتها أكان الدمع خوفا عليه أم حزنا من تأثير نظرة العتاب والخذلان التى رأيتها فى عينيه.

لكننى اكتشفت وقتها أن أجل الدموع وأعظمها هى دموع رجل يراه الجميع كبيرا قويا نافذا مؤثرا يوزع إرادته على الجميع، كل من حوله يستمدون القوة والثقة من قوته وإرادته، يحسبونه «آلى» وهو فى الأصل إنسان، يشعر ويحزن وينفق ويبذل من عمره وصحته عليهم، يخاف لحد الموت على من يحبهم، يحبهم حتى وهم يلومونه على قسوة مرارة الدواء، أتصور أن هذا هو شعور الرئيس، فالدموع التى غلبته، هى دموع قوة، دموع محب يُلام على نبله وبطولته وحسن نواياه، فلا يوجد رئيس لا يريد أن يعيش شعبه فى حال من السعة واليسر، خاصة الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لم يتهرب يوما من المسئولية، فى أحلك الظروف والأحوال التى مرت على هذا الوطن.

أعتقد أنها دموع المسئولية، والإرادة، سنكمل رغم الألم، لن نوقف الدواء حتى الشفاء التام والنهائى من أوجاع مصر، ونحن معه حتى النهاية، نستمد منه الإراده ونعينه على مسئولياته التى اختاره الله لها ولو كره الكارهون، ويومًا ما سيأتى وقت الحصاد، وسينصف التاريخ إخلاص الرئيس الذى جاء فى أخطر مرحلة من عمر مصر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: محمد مسعود إرادة الرئيس الدواء الم ر سلامة محمود الجندي الفقر المجتمع المصري فساد الحزب الحاكم فيروس سي البنية التحتية حزب الوطني الإخوان القهر الفاشية الارهاب الاسرة المسؤولية دموع الرئيس عبدالفتاح السيسي أوجاع مصر الحصاد التاريخ

إقرأ أيضاً:

كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد.. اعتراف إسرائيلي بالفشل

لطالما حاولت “إسرائيل” قمع المقاومة الفلسطينية، إلا أن الواقع يثبت يومًا بعد يوم فشلها الذريع في القضاء على إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر.

في اعتراف نادر، قالت قناة تلفزيونية إسرائيلية: “كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد”، هذه الجملة ليست مجرد تصريح إعلامي، بل تعكس حقيقةً مفادها بأن المقاومة متجذرة في وجدان الفلسطينيين، وأن الاحتلال الإسرائيلي عاجز عن وقف المد الثوري المتواصل عبر الأجيال، وفي هذا السياق، تتجلى أهمية الدور الذي تلعبه المقاومة في تشكيل مستقبل الصراع، وخاصة مع محاولات “إسرائيل” المستمرة للقضاء على قياداتها.

“إسرائيل” في مأزق… اعتراف بالهزيمة أمام المقاومة

لم يكن الاعتراف الإسرائيلي بأن “كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد” وليد الصدفة، بل جاء كنتيجة حتمية لفشل “إسرائيل” في كسر شوكة المقاومة، فتقارير الإعلام العبري تُظهر حجم القلق الإسرائيلي من الأسرى الفلسطينيين المحررين، حيث تعترف بأن الكثير منهم يعودون إلى العمل المقاوم فور إطلاق سراحهم، وتشير البيانات إلى أن 82% من الأسرى المحررين يستأنفون نشاطهم المقاوم، ما يعكس عمق الانتماء الوطني لديهم وإصرارهم على مواصلة الكفاح حتى تحرير أرضهم.

“إسرائيل”، التي تراهن دائمًا على ضرب البنية التحتية للمقاومة، تجد نفسها اليوم أمام حقيقة لا يمكن إنكارها كل محاولة للقضاء على رموز المقاومة تقابلها ولادة جيل جديد أكثر صلابة وأكثر استعدادًا لمواجهة الاحتلال.

السنوار رمز يتكرر… المقاومة كحالة مستمرة

إذا أصبح كل فلسطيني سنوارًا، فهذا ليس مفاجئًا، بل هو نتيجة طبيعية لواقع الاحتلال والمقاومة، الشعب الفلسطيني الذي حُرم من حقوقه لأكثر من 70 عامًا، استطاع أن يحافظ على جذوة النضال مشتعلة في قلوب أبنائه، جيلًا بعد جيل، وإن استمرارية المقاومة ليست خيارًا بل ضرورة، فرضها الاحتلال نفسه بسياساته القمعية والتمييزية.

المقاومة ليست مجرد أفراد، بل هي حالة متجددة، ينمو معها القادة ويتطورون ليقفوا في وجه الاحتلال، في كل مرة تغتال “إسرائيل” قائدًا، يولد مكانه العشرات ممن يحملون ذات الفكر والعزيمة، هذه الحقيقة تضع “إسرائيل” في مأزق استراتيجي عميق، حيث إن رهانها على القوة العسكرية وحدها لم ينجح في إخماد روح النضال لدى الفلسطينيين.

اغتيالات بلا جدوى.. الاحتلال يفشل في كسر إرادة الشعب الفلسطيني

خلال السنوات الماضية، نفذت “إسرائيل” العديد من عمليات الاغتيال ضد قادة المقاومة، لكن ذلك لم يؤدِ إلى إنهاء المشروع المقاوم، على العكس، زادت هذه العمليات من إصرار الفلسطينيين على النضال، حيث يعتبرون أن دماء القادة هي وقود جديد للحركة الوطنية.

تجربة علي قاضي، القائد العسكري في كتائب القسام، مثال واضح على ذلك، فبعد إطلاق سراحه ضمن صفقة شاليط، عاد ليقود عمليات نوعية ضد الاحتلال، ما دفع “إسرائيل” إلى تصفيته بعد اندلاع الحرب الأخيرة، ومع ذلك، فإن استشهاده لم يوقف مسيرة المقاومة، بل منحها زخمًا جديدًا.

المقاومة الفلسطينية… إرادة لا تُقهَر

المقاومة الفلسطينية ليست مجرد رد فعل على الاحتلال، بل هي تعبير عن إرادة شعبية راسخة ترفض الخضوع للظلم والاستبداد، فالشعب الفلسطيني، الذي عانى لعقود من التهجير والقتل والتدمير، أثبت أن روح النضال لا يمكن إخمادها بسهولة، الاعتراف الإسرائيلي بأن “كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد” ليس مجرد كلمات، بل هو إقرار بحقيقة أن المقاومة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية.

فكل جيل فلسطيني يولد في ظل الاحتلال يجد نفسه مضطرًا لمواصلة المسيرة النضالية، ليس فقط من أجل تحرير الأرض، بل أيضًا من أجل الحفاظ على الكرامة والإنسانية، هذه الإرادة المتجددة تجعل من المقاومة حالة مستمرة، حيث يظهر قادة جدد في كل مرة يتم فيها اغتيال قائد سابق، وهذا ما يجعل “إسرائيل” في مأزق استراتيجي، حيث إن قوتها العسكرية الهائلة لا تستطيع كسر إرادة شعب يؤمن بحقه في الحرية.

إن المقاومة الفلسطينية ليست مجرد عمليات عسكرية، بل هي أيضًا مقاومة ثقافية واجتماعية، فالشعب الفلسطيني يحافظ على هويته من خلال التعليم والفنون والتراث، ما يجعل من المقاومة نهرًا جاريًا لا يمكن إيقافه، وإن انتصار المقاومة ليس مسألة وقت فحسب، بل هو مسألة إرادة وإيمان بعدالة القضية.

“إسرائيل” والمأزق الأخلاقي.. فشل سياسة القوة

“إسرائيل”، التي تعتمد بشكل أساسي على القوة العسكرية لفرض هيمنتها، تواجه اليوم مأزقًا أخلاقيًا واستراتيجيًا، فعلى الرغم من امتلاكها لقوة عسكرية وتكنولوجية، إلا أنها فشلت في تحقيق أهدافها المتمثلة في كسر إرادة الشعب الفلسطيني، فالاعتراف الإسرائيلي بأن “كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد” يعكس هذا الفشل الذريع، حيث إن سياسة الاغتيالات والقمع لم تؤدِ إلا إلى تعزيز روح المقاومة.

فبدلًا من أن تضعف المقاومة الفلسطينية بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية، نجد أنها تزداد قوة وصلابة، كل قائد يتم اغتياله يتحول إلى رمز يُلهب حماس المقاتلين الجدد، وكل عملية قمع تزيد من إصرار الشعب الفلسطيني على مواصلة النضال، هذا الواقع يجعل “إسرائيل” في موقف صعب، حيث إن الاعتماد على القوة العسكرية وحدها لم يعد كافيًا لتحقيق الأمن والاستقرار.

“إسرائيل” بحاجة إلى إعادة تقييم سياستها، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل أيضًا من الناحية الأخلاقية، فاستمرار سياسة القمع والتمييز لن يؤدي إلا إلى مزيد من الكراهية والعنف، وفي النهاية، فإن الحل الوحيد يكمن في الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني والعمل على تحقيق سلام عادل وشامل

المقاومة نهر جارٍ في قلب التاريخ

ما يحدث اليوم ليس مجرد صراع مسلح، بل هو امتداد لحركة تحرر وطني تأبى أن تخمد، الشعب الفلسطيني أثبت، رغم كل التحديات، أنه قادر على تجاوز محاولات الإبادة السياسية والثقافية، وأن المقاومة ليست خيارًا فرديًا، بل هوية جمعية متوارثة، وإذا كان الاحتلال يراهن على أن الزمن سيطفئ جذوة المقاومة، فإنه يرتكب خطأً استراتيجيًا، لأن كل محاولة للقمع تقابلها ولادة جديدة للنضال.

إن السنوار ليس فردًا، بل فكرة، والأفكار لا تموت… الاحتلال الإسرائيلي قد ينجح في تصفية القادة، لكنه لن يستطيع إيقاف التاريخ أو وقف نهر المقاومة المتدفق الذي سيظل جاريًا حتى تحقيق الحرية الكاملة.

 

مقالات مشابهة

  • د. محمد مختار جمعة يكتب: ثقافة البناء لا الهدم
  • كل مقاتل فلسطيني هو سنوار جديد.. اعتراف إسرائيلي بالفشل
  • أ.د محمد حسن الزعبي يكتب .. فصل الشتاء و فصل الكهرباء
  • بعد حادثة التمثال.. من يمول الدكتور زاهي حواس وبعثته؟ ولماذا تصمت وزارة السياحة والآثار؟!
  • جواد ظريف نائب الرئيس الإيراني يُقدم استقالته
  • محمد كركوتي يكتب: الإمارات.. نمو قوي متعدد التنوع
  • ترند زمان.. أنا ضحية جبروت امرأة .. اعترافات المذيع إيهاب صلاح بقتل زوجته
  • محمد حامد جمعة يكتب: شكرا مصر
  • محمد أبو زيد كروم يكتب: رمضان شهر الجهاد، وبل الجنجويد
  • “الغذاء والدواء” بالتعاون مع “البلديات والإسكان” تطلق حملة رقابية مكثفة لضمان سلامة المنتجات الغذائية خلال شهر رمضان