حكم قضاء الصلوات الفائتة في أوقات الكراهة
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز شرعًا قضاء الصلوات الفائتة من الفرائض في جميع الأوقات بما في ذلك أوقات الكراهة التي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الصلاة فيها، وذلك من غير كراهة على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
المقصود بأوقات الكراهةوأوضحت الإفتاء المقصود بأوقاتِ الكراهة، وهى الأوقاتُ التي يُكرَه فيها الصلاة، وهي خمسة أوقات على خلافٍ بين الفقهاء في عَدِّها، ما بَعَدَ صلاة الصبح حتى تَطْلُع الشمس، وعند طُلُوعِها حتى تَتَكامل وترتفع قَدْر رُمْحٍ، وإذا استوت الشمس حتى تَزول، وبعد صلاة العصر حتى تغْرُب الشمس، وعند الغروب حتى يتكامل غروبها.
حكم قضاء الصلاة الفائتة في أوقات الكراهة
واختلف الفقهاءُ في حكمِ قضاء الصلاة الفائتة في هذه الأوقات على قولين: فذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ ذلك يجوز من غير كراهةٍ.
قال العلامة الشيخ الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 263-264، ط. دار الفكر): [قضاءُ الفَوَائت.. (وَجَبَ) فورًا (قضاء) صلاةٍ (فائتةٍ) على نحو ما فاتَتْهُ من سَفَرِيَّةٍ وحَضَرِيَّةٍ وسريَّةٍ وجهريةٍ.. (مُطلقًا) ولو وَقتَ طلوع شمسٍ وغروبها وخطبة جمعةٍ سفرًا وحضرًا صحةً ومرضًا] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي مُحشِّيًا على قوله: (مطلقًا): [(قوله مطلقًا) مرتبطٌ في المعنى بقوله: قضاءً، وبقوله: فائتةٍ؛ فهو حالٌ من أحدهما ومحذوفٌ مِثْلُهُ من الآخَر، والمعنى: حالةَ كون القضاء مطلقًا؛ أي: في جميع الأوقات ولو وقتَ طلوع الشمس، ووقت غروبها، ووقت خطبة الجمعة، وزَمَنَ السفر والحضر والصحة والمرض، وحالة كون الفائتة فاتَت مُطلقًا؛ أي: عمدًا أو سهوًا تحقيقًا أو ظنًّا أو شَكًّا لا وهمًا] اهـ.
وقال الإمام النوويّ في "الروضة" (1/ 192-193، ط. المكتب الإسلامي) بعد ذِكْرِه أوقات النهي: [النهيُ والكراهة في هذه الأوقات إنما هو في صلاة ليس لها سَبَبٌ، فأمَّا ما لها سببٌ فلا كراهة، والمراد بقولهم: صلاةٌ لها سبب، أي: سبب مُتَقدِّمٌ على هذه الأوقات، أو مُقَارِنٌ لها، والتي لا سببَ لها هي التي ليس لها سببٌ مُتقدمٌ ولا مُقارِنٌ، وقد يُفَسَّرُ قولهم: لا سبب لها، بأنَّ الشارع لم يَخُصَّهَا بوضعٍ وشَرْعِيَّةٍ، بل هي التي يأتي بها الإنسان ابتداءً، فمن ذَواتِ الأسبابِ الفائتةُ، فإنه يجوز في هذه الأوقات قضاء الفرائض والسنن والنوافل التي اتخذَها الإنسان وِرْدًا له، وتجوز صلاة الجنازة وسجود التلاوة وسجود الشكر وركعتا الطواف وصلاة الكسوف، ولو تَطَهَّرَ في هذه الأوقات صلى ركعتين، ولا تُكره صلاة الاستسقاء فيها على الأصح] اهـ.
وقال العلّامة ابن قدامة في "المغني" (2/ 80، ط. مكتبة القاهرة): [(وَيَقْضِي الفوائتَ من الصلوات الفرضِ)، وجُمْلتُه: أنه يجوز قضاءُ الفرائض الفائتة في جميع أوقات النهي وغيرها] اهـ.
ويرى الحنفية أَنَّ قضاءَ الصلوات الفوائت لا يجوز في أوقات الكراهة؛ قال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (1/ 246، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائطُ جواز القضاء فجميعُ ما ذكرنا أنه شرطُ جواز الأداء فهو شرطُ جواز القضاء إلا الوقتَ؛ فإنه ليس للقضاء وقتٌ معينٌ، بل جميعُ الأوقات وقتٌ له إلا ثلاثةً، وقتَ طُلوعِ الشمس ووقتَ الزَّوَال ووقتَ الغروب؛ فإنه لا يجوز القضاء في هذه الأوقات؛ لما مَرَّ أنَّ من شأْنِ القضاء أن يكون مثلَ الفائت، والصلاة في هذه الأوقات تَقعُ ناقصةً، والواجب في ذِمَّتِهِ كاملٌ، فلا يَنُوبُ الناقص عنه، وهذا عندنا] اهـ.
والذي نفتي به هو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أَنَّ صلاة الفوائت في جميع أوقات الكراهة جائزٌ بلا كراهة؛ لما جاء من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ، أَوْ غَفَلَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»، فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةِ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14]. رواه مسلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكم قضاء الصلاة الفائتة دار الإفتاء الإفتاء الصلوات الفائتة الصلاة الفائتة فی هذه الأوقات أوقات الکراهة الفائتة فی فی جمیع
إقرأ أيضاً:
هل يجوز صيام النصف الأول من شعبان كاملا.. الإفتاء توضح
أكدت دار الإفتاء أن الصيام في النصف الأول من شهر شعبان جائز دون أي حرج، ولكن مع بلوغ منتصف الشهر، يُفضل التوقف عن الصيام حتى يكون هناك استعداد بدني ونفسي لاستقبال شهر رمضان.
وأوضحت الدار أن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصيام بعد منتصف شعبان، إلا في حالات محددة، مثل من اعتاد صيام أيام الاثنين والخميس، أو من يصوم كفارة أو نذراً أو قضاءً عن أيام سابقة.
واستدلت بحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلا تَصُومُوا»، وهو ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، مشيرة إلى أن هذا النهي لا يشمل من لديه عادة في الصيام.
كما لفتت دار الإفتاء إلى أن شهر شعبان يُعد فرصة للتحضير لرمضان، داعيةً المسلمين إلى اغتنامه بالصيام والصدقات، خاصة أنه شهر يغفل عنه كثير من الناس.
وذكّرت أن شهر شعبان شهد تحوُّل القبلة، وهو حدث عظيم في تاريخ الأمة الإسلامية.
حكم التوسل بالنبي في الدعاء وهل بدعة محرمة؟ دار الإفتاء تجيبدار الإفتاء توضح أماكن لا يجوز فيها الصلاة وأسباب المنع الشرعيوفيما يتعلق بآراء الفقهاء حول صيام النصف الثاني من شعبان، أشارت دار الإفتاء إلى وجود أربعة أقوال رئيسية، منها من يجيز الصيام مطلقًا، ومن يمنعه إلا لمن وصله بصيام النصف الأول، ومن يحرم فقط صيام يوم الشك، فيما ذهب كثير من العلماء إلى أن الأفضل هو التوقف عن الصيام لمن لم تكن له عادة فيه.
واستشهدت الدار بعدة أحاديث نبوية لدعم هذا الرأي، منها حديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلا يَوْمَيْنِ إِلا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ» الذي أخرجه البخاري ومسلم، وكذلك حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- الذي ذكرت فيه أن النبي كان يكثر من الصيام في شعبان.
كما تطرقت الدار إلى حديث الترمذي الذي ينص على النهي عن الصيام بعد منتصف شعبان، وأشارت إلى أن جمهور العلماء اعتبروا هذا الحديث ضعيفًا، بينما رأى بعض المحدثين أنه منكر.
ونقلت عن الإمام أحمد وابن معين عدم تصحيح هذا الحديث، معتبرين أنه لا يمكن الاستدلال به على تحريم الصيام في النصف الثاني من الشهر.
وفي ختام بيانها، أوضحت دار الإفتاء أن الجمع بين هذه الأدلة ممكن، بحيث يُحمل النهي على من لم يكن له عادة في الصيام، بينما يجوز لمن اعتاد الصيام أن يستمر فيه، حفاظًا على عادته في الطاعة والعبادة.