بعد أشهر قليلة من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم 29 سبتمبر/أيلول 2022 أمام الكاميرات موجّها خطابه إلى الشعب الأوكراني والقوقازي مُشيدا بنضال الإمام شامل الداغستاني الذي أذاق الروس الويلات، ووقف صلبا أمام حروبهم طوال عقود، تماما كجبال القوقاز الشامخات الرواسي؛ فجلب له احترام الروس أنفسهم قبل غيرهم.

قال زيلينسكي موجّها حديثه لشعوب القوقاز والأوكران: "أنا الآن في ذلك الجزء من كييف، حيث عاش الإمام شامل، بطل داغستان والقوقاز بأسره في ستينيات القرن الـ19، وكما ترون تعرف أوكرانيا كيف تكرم أبطالكم، نحن نحافظ على ذاكرة الأماكن التي جمعت بين ثقافات شعوبنا".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أطلقوا عليه "سلطان العالم".. عندما استغاثت فرنسا بسليمان القانونيlist 2 of 2أبراهام شتيرن الصهيوني الذي أراد التحالف مع هتلر من أجل إسرائيلend of list

واستشهد زيلينسكي ببعض مقولات الإمام شامل حين كان يواجه القوات الروسية في حروب القرن الـ19، معيدا المشهد نفسه من جديد قائلا: "من يرفع سلاحا ضد الحقيقة يرفعه لهلاكه". ويبدو أن الكرملين غير مدرك لهذه الكلمات التي قالها الإمام شامل. لكن هذه الكلمات يجب "أن تُنشر في القوقاز، وأن تُسمع في سيبيريا وفي جميع الأراضي الأخرى التي يُرسل منها الناس إلى هذه الحرب" كما يقول زيلينسكي.

لم يكن استشهاد زيلينسكي بسيرة وكلمات الإمام شامل في خضم مواجهته للروس إلا أمرا مقصودا؛ ذلك أن القوقاز شهدت طوال قرون صراع الوجود والبقاء أمام الدب الروسي الذي كان يشتهي ثروات هذه المنطقة الإستراتيجية، ولكن في المقابل كان الإمام شامل الداغستاني واحدا من هؤلاء الأبطال  الذين استطاعوا بإمكانيات شبه معدومة أن يقاوم الروس بل ويُسقط منهم آلاف القتلى والخسائر طوال عقود، وأن يهزم في كثير من المعارك جيوش القيصر التي كانت قد تمكنت من هزيمة جيوش نابليون من قبل.

فمن هو الإمام شامل الداغستاني؟ وكيف ظهر على مسرح التاريخ؟ وكيف كانت إستراتيجيته في مقاومة الروس في القوقاز؟ وكيف كانت نهايته؟

المقاومة القوقازية

على عكس ما قد يعتقده البعض، لم يولد شامل في أسرة فقيرة معدمة، بحيث يمكن أن يُفهم جهاده من أجل الحرية والكرامة على أنه صراع الفقراء ضد الأغنياء؛ ففي الوقت الذي كان فيه ملايين الفلاحين الروس يعيشون تحت وطأة الاستعباد الإقطاعي في روسيا القيصرية في أواخر القرن الـ18 كان محمد بن دينغو والد الإمام شامل فلاحا حرا يملك نفسه وأرضه، بينما والدته كانت تنتمي إلى أسرة عريقة من سيدات قبيلة الآفار، وهي واحدة من أشهر قبائل الداغستان.

لقد بدأت أطماع روسيا في القوقاز مع نهاية القرن الـ15، حينما راودت مخيلة القيصر الروسي إيفان الثالث فكرة السيطرة على أراضي الشيشان، وداغستان، والشركس، وغيرها من المناطق الممتدة بين البحر الأسود وبحر قزوين. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، عقد إيفان الثالث تحالفا مع قبائل القوزاق المسيحية الموالية للدولة الروسية الناشئة، وأوكل إليهم مهمة الزحف التدريجي على أراضي المسلمين في القوقاز.

نجح القوزاق في تنفيذ المهمة، حيث أقاموا أول مخفر أمامي لهم على مقربة من نهر تِيريك، وقد تحول لاحقا إلى مدينة غروزني، العاصمة الشيشانية، ومع وصول إيفان الرابع، المعروف بـ"إيفان الرهيب"، إلى الحكم في منتصف القرن الـ16، توسع نفوذ القوزاق وبنوا سلسلة من الحصون في شمال داغستان والشيشان، كما عقدوا تحالفات مع بعض شعوب الإقليم، واستمرت هذه السياسة حتى بداية القرن الـ18، حيث توافدت آلاف الأسر القوزاقية إلى المنطقة، وامتزجت بالقبائل المحلية بالزواج والتعايش، مع حفاظهم على دينهم المسيحي ولغتهم الروسية.

روسيا الوجود الإسلامي بالقوقاز (مواقع التواصل الاجتماعي)

هذه الحقبة التاريخية، التي شهدت التوسع الروسي ومحاولات السيطرة على القوقاز، تشكل السياق الذي برز فيه الإمام شامل، وهو الذي قاد حركة مقاومة باسلة دامت عقودا، مستلهما روح الحرية والصمود في وجه الإمبراطورية الروسية.

وكانت هذه المناطق منذ أواخر القرن الـ17 قد دخلت في تحالف مع الدولة العثمانية تحت مظلة خانية القرم التترية، ولكن العثمانيين في أعقاب ذلك دخلوا في حالة من الضعف، بل وفي حرب كبيرة ضد الروس أسفرت عن هزيمة مدوية، حيث وقّعت الدولة العثمانية على "اتفاقية قينارجه" سنة 1774، التي نصت على استقلال خانية القرم في جنوبي أوكرانيا وشمالي البحر الأسود، بعد وقوعها فعليا تحت السيطرة الروسية.

وبتخلي العثمانيين عن خانية القرم وما تبع ذلك من ضعف، تمهّد الطريق أمام الروس للتوغل نحو القوقاز والبحر الأسود، فتقدمت جيوشهم شمالا ووسطا وجنوبا في القوقاز منذ سنة 1783، وقد اعتمدت الإستراتيجية الروسية على فرض الهيمنة بالقوة العسكرية الصارمة. وفي إشارة إلى هذه السياسة الوحشية، نقل الباحث قادر إسحق ناتخو عن أحد الجنرالات الروس قوله: "وحده الخوف من الأسلحة الروسية يمكنه أن يُخضع الجبليين ( الشركس)… نحن بحاجة إلى أراضيهم، لا إلى وجودهم".

وبالفعل نجح الروس في إخضاع جورجيا وأرمينيا في جنوب القوقاز، وشرعوا في استهداف بقية أراضي الشراكسة المسلمين، مستهدفين شعوب الأديغيا والشيشان والأبخاز والداغستان والقبارطين والكوبان وغيرها.

ولكن أبناء القوقاز لم يقفوا متفرجين ومستسلمين للغزو الروسي لبلادهم، فبدأت مقاومتهم لهذا الغزو بقيادة الأئمة من العلماء ورجال الصوفية، الذين لعبوا دورا محوريا في ملء الفراغ الديني والقيادي الذي خلفه انسحاب العثمانيين، فقد تم إعلان الإمام منصور الداغستاني (ت 1794) قائدا للمقاومة القوقازية منذ ثمانينيات القرن الـ18 حيث كان الإمام منصور شخصية بارزة، عالِما فقيها وصوفيا ذا نفوذ واسع بين أهالي داغستان والشيشان، واستطاع توحيدهم تحت راية الجهاد.

وقد استمرت المقاومة القوقازية تحت قيادته لمدة 8 سنوات، تبنّى خلالها الشيشانيون أسلوب حروب العصابات الذي ألحق خسائر فادحة بالروس، محوّلين غابات القوقاز إلى مقابر لجنود الاحتلال، وعلى الرغم من أسره من قبل الروس عام 1791، ظل الإمام منصور رمزا للصمود، واستمرت مقاومة القوقازيين مستلهمة من روح التضحية التي غرسها في نفوسهم.

وقد تولى بعده المقاومة الإمام غازي وهو من علماء داغستان وصديق الإمام شامل وقد بذل جهدا كبيرا في مقاومة الروس، وجاء استشهاده ليستلم الراية من بعده حمزة بك ثم بعد 3 سنوات وعقب استشهاده تولّى الإمام شامل الداغستاني (ت 1871)، وكان الإمام شامل عالما فقيها وقاضيا وشيخا صوفيا، وقاد الثورة ضد الاحتلال الروسي لمدة تقارب 30 عاما (1832-1859)، ليصبح رمزا تاريخيا للصمود القوقازي في وجه الإمبراطورية القيصرية الروسية.

الإمام شامل الداغستاني، قائد سياسي وأحد أشهر المقاومين للوجود الروسي (1797-1834م) الإمام شامل و3 عقود من المقاومة الباسلة

لقد أدرك الإمام شامل أن شعب الشيشان هم الفرسان الأقوى والشعب الأكثر صلابة في مواجهة الروس، فاختار الانتقال من داغستان، موطنه الأصلي، إلى أرض الشيشان. ورغم الهزائم التي واجهها في بداية قيادته، فقد استغل نقاط ضعفه ليحولها إلى قوة ومقاومة نافذة، كما أدرك أهمية توحيد القبائل الشركسية المتفرقة لمواجهة عدو مشترك. ومع مرور الوقت، تحول إلى قائد سياسي بارع، حيث خاض مفاوضات عديدة مع الروس خلال فترات مختلفة من النزاع.

في خريف 1838، شن الروس حملة عسكرية واسعة النطاق ضد عاصمة المقاومة الشيشانية "أخولفو"، بهدف سحق الثورة والقضاء على الإمام شامل، وقد دامت الحملة 70 يوما، دمّر خلالها الروس المدينة بالكامل، لكن الإمام شامل، مثقلا بجراحه، تمكن من الفرار بأعجوبة، ليعود أقوى وأكثر تصميما.

وكما ذكر كتاب "المقاومة الإسلامية ضد القيصر: شامل وغزو الشيشان وداغستان"، نجح شامل في العام التالي في إعادة تنظيم قواته وتدريبها، وأطلق هجوما مضادا من الشيشان، استعاد خلالها السيطرة على داغستان من قبضة الاحتلال الروسي عامي 1840-1841. وخلال السنوات اللاحقة، قادت قوات الشيشان وداغستان، بقيادة الإمام شامل سلسلة من الانتصارات الكبيرة، حيث دمرت 4 جيوش روسية بالكامل، مما أجبر الروس على تغيير إستراتيجيتهم، إذ لجؤوا إلى بناء القلاع، وإحراق الغابات، وتدمير القرى لفصل الشيشان عن داغستان ومنع التواصل بين جانبي المقاومة.

في تلك الأثناء، كان الإمام شامل يتجول في أنحاء القوقاز لكي ينشر بين الناس أهمية المقاومة، وأن الانتصار على الجيش الروسي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال جيش نظامي موحّد، وأنه إذا نظموا صفوفهم، سيكون بمقدورهم مواجهة جيوش القيصر، وكان يؤكد لهم أن هذا الصراع لن يحظ بأي دعم خارجي، وأنهم سيكونون وحدهم في هذا القتال ضد الروس، وفي فترة وجيزة، تمكن من تأسيس جيش نظامي وهيئة إدارية للدولة، وعيّن أشخاصا ذوي مكانة وخبرة في المناصب العسكرية والإدارية.

وحقق الإمام شامل انتصارا خلال فترة قصيرة جدا، وتمكن من تطهير منطقة أفارستان بالكامل من الروس وهي تقع في أقسام كبيرة من داغستان اليوم، كما استولى على 25 موقعا روسيا محصنا وتدميرها، وأسر ألفي جندي روسي، والأهم من ذلك أن القيصر الروسي نفسه شاهد بدهشة كيف استطاع مجموعة من المسلمين الذين لا يملكون أحدث الأسلحة ولا كثرة في المدافع والمعدات هزيمة الجيوش الروسية التي كانت تُعتبر غير قابلة للهزيمة.

وفي مقابل ذلك وفي محاولة لثني الإمام شامل عن استمرار مقاومته بالطرق الدبلوماسية، أرسل القيصر نيكولاي الأول رسالة إلى الإمام يعرض عليه فيها التخلي عن فكرة جمع المسلمين في القوقاز تحت راية واحدة، مقابل منحه رتبة عالية، ووضع تاجا على رأسه، ومنحه كنزا ضخما، وكان رد الإمام مليئا بالاعتزاز بنفسه ودينه وجهاده ضد الروس، ورفض مثل هذه المغريات رفضا قاطعا.

ولهذا السبب، شهدت الأسابيع التالية عديدا من المعارك الدامية، وكانت القوات الروسية تتعرض للهزيمة دائما، فعين القيصر الروسي عددا من أبرز جنرالاته لاحتلال القوقاز بأكمله. وكان الهدف الأول أسر شامل، ثم قمع المسلمين واحتلال أراضيهم، ونجد من بين هؤلاء الجنرالات فريتاغ، وسفارتس، وكلوجيناف، وأرجوتنسكي، وهم الذين سبق لهم أن هزموا نابليون بونابرت في معاركه في روسيا، وقد تكون هذا الجيش من 50 ألف عسكري، وشنّ هجمات من 4 اتجاهات مختلفة، لكن النتيجة كانت مرة أخرى هزيمة ساحقة للروس وانتصار الإمام شامل وقواته.

في كتاب مذكرات الإمام شامل، نرى تفاصيل دقيقة عن إستراتيجيات المقاومة الشيشانية والقوقازية تحت قيادته، إذ كان يعتمد بشكل كبير على حروب العصابات والمباغتة، مستفيدا من التضاريس الوعرة كالغابات والمضايق الجبلية، خاصة في غابات "شيلي" وقد أثبتت هذه الإستراتيجية فعاليتها، إذ تعرض الروس لهزيمة قاسية في تلك المنطقة خلال حرب استمرت 4 أشهر بين عامي 1849-1851.

كما نرى الإستراتيجية التي قام بها الإمام شامل في عديد من الإصلاحات والتنظيمات التي قام بها في الجيش القوقازي آنذاك، حيث اعتمد على نظام عسكري متكامل يقوم على الأساس العشري، وبدأ بالهيكل القيادي المكون من 100 نائب يمثلون أعلى الرتب العسكرية، كان يليهم "المرشدون"، وهم قادة فرق يبلغ عددهم نحو ألف، إلى جانب الحرس الخاص، أما "المريدون"، فكانوا يُشكلون القوة الرئيسية للجيش، وينقسمون إلى وحدات منظمة تضم العشرات والمئات والـ500 جندي، ولكل وحدة قائد مسؤول.

وقد تميزت المظاهر العسكرية بالزي التقليدي المعروف بـ"التشركيسكا"، الذي اتخذ اللون البني للجنود والأسود للضباط، بينما تزينت الرايات باللون الأسود، في رمز واضح للإصرار والمقاومة، وحرص الإمام شامل على الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة لتعزيز قدراته العسكرية، حيث استعان بالأسرى من الضباط الروس وكذلك من القوقازيين الذين أعلنوا توبتهم عن التعاون مع الروس ممن كانت لديهم خبرة في التكتيكات العسكرية الروسية، لتطوير جيشه بأسلوب حديث أقرب للنمط الأوروبي.

وسعى شامل أيضا إلى توسيع شبكة اتصالاته الدولية، فحاول الحصول على دعم القوى الكبرى مثل الدولة العثمانية، وإنجلترا، وفرنسا منتصف القرن الـ19، مستغلا عداء هؤلاء للروس، كما نجح شامل في الاستفادة من المدافع الأربعة التي غنمها من الروس في بعض المعارك، وشن بها هجمات مضادة على الحصون الروسية، أسفرت عن سقوط آلاف القتلى، وخلال عامين فقط استولى على 14 مدفعا إضافيا، مما عزز قوته العسكرية بشكل غير مسبوق.

ولهذا السبب قدُّرت خسائر الروس في تلك المعارك والتي استمرت لـ4 سنوات في خمسينيات القرن الـ19 بنحو 10 آلاف قتيل. وقد استخدم شامل تكتيكا مبتكرا، إذ أجبر أحد عازفي الطبول الروس ممن أسرهم على العزف، الأمر الذي كان يدفع الجنود الروس إلى التحرك نحو كمين مُحكمٍ كان قد أعدّه مقاتلوه مسبقا.

 

النهاية

مع اندلاع حرب القِرم خريف 1853 بين الدولة العثمانية المدعومة من بريطانيا وفرنسا، وروسيا القيصرية، نالت مقاومة الإمام شامل دعما رسميا من العثمانيين، وقد بادر الإمام بإرسال خطة عسكرية للسلطان عبد المجيد الأول (ت1861)، مقترحا مهاجمة تبليس، عاصمة جورجيا، لفتح جبهة جديدة تُربك الروس. لكن الظروف الاقتصادية والعسكرية الصعبة للدولة العثمانية حالت دون تقديم الدعم المطلوب، مما دفع الإمام شامل إلى تنفيذ خطته بالتركيز على جنوبي القوقاز.

وكما نرى في كتاب المؤرخ جون إف باديلي "الفتح الروسي للقوقاز"، فإن انتهاء حرب القِرم في ربيع 1856، جعلت روسيا تستعيدُ تركيزها بعد خسارتها في البحر الأسود، حيث شنّت موسكو حملة شرسة لسحق المقاومة الشيشانية والقوقازية، وقطعت روسيا الطريق أمام الدعم العثماني من الجنوب واستغلت الثورات الداخلية في البغدان (مولدوفا) والأفلاق (رومانيا) وهي ولايات عثمانية آنذاك لإشغال العثمانيين بأنفسهم، وقد استمرت الحرب 3 سنوات، نفدت فيها ذخيرة الإمام شامل، ووُجه بقوة تفوق طاقته بعد ما يقارب من 3 عقود على مقاومته الباسلة، وقد انتهت بسيطرة الروس على الشيشان وإجبار الإمام شامل على التفاوض، وأفضى الاتفاق إلى تسليم روسيا السيادة على المناطق الداخلية لداغستان والشيشان مقابل إعفاء السكان المحليين من التجنيد والضرائب، مع الاحتفاظ بشؤونهم الداخلية.

ورغم شروط الاتفاق، فإن الجنرال الروسي بايراتنسكي قبض على الإمام شامل وأسره مع أبنائه وأقرب مساعديه، ثم نقلهم إلى كييف (عاصمة أوكرانيا اليوم) وفيما بعد أرسلوا لسجن قريب من مدينة سان بطرسبورغ في أقصى الغرب الروسي، وهناك أمضى الإمام شامل في الأسر ما يقارب 10 سنوات، قبل أن يُسمح له بالانتقال إلى إسطنبول عاصمة الدولة العثمانية التي استقبله فيها السلطان عبد العزيز الأول (ت 1875) بحفاوة بالغة، وخصص له ولعائلته معاشا ثابتا.

عقب ذلك قرر الإمام شامل الاستقرار في مدينة قارص بأقصى شرقي الأناضول بالقرب من وطنه القوقاز، وفي أخريات عُمره قرر أداء فريضة الحج، ليتوفى في أثناء رجوعه في المدينة المنورة 1871، ودُفن في مقبرة البقيع بجوار المسجد النبوي الشريف.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أبعاد الدولة العثمانیة فی القوقاز کان الإمام القرن الـ19 الروس فی شامل فی

إقرأ أيضاً:

ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟

طرحت فرنسا والمملكة المتحدة فكرة إرسال قوات إلى الميدان كضمان أمني بعد اتفاق السلام. ولكن حتى الآن، يبدو أن قلة من الدول توافق على ذلك.

اعلان

خلال قمة عُقدت في لندن يوم الأحد، طرحت فرنسا والمملكة المتحدة، مقترحًا لتطوير "تحالف الراغبين"، بهدف تعزيز الدفاع عن أوكرانيا والمساهمة في أي خطة سلام مستقبلية، في إطار الجهود الغربية المستمرة لدعم كييف في مواجهة التحديات الأمنية.

ووصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التحالف بأنه مجموعة من الدول "المستعدة لدعم أوكرانيا بقوات على الأرض وبطائرات في الجو، والعمل مع الآخرين ".

لا تزال طبيعة المهمة العسكرية المحتملة للقوات الغربية في أوكرانيا غير واضحة، وسط تساؤلات استراتيجية حول نطاق وأهداف هذا التدخل. ويطرح فيليب بيرشوك، مدير "معهد البحوث الاستراتيجية" في المدرسة العسكرية في أوروبا، سلسلة من التساؤلات الجوهرية حول السيناريوهات المحتملة لنشر القوات.

ويشير بيرشوك ليورونيوز إلى أن هناك فارقًا جوهريًا بين إرسال قوات إلى غرب أوكرانيا للسماح للجيش الأوكراني بإرسال وحدات محلية للقتال على الجبهة، وبين نشر قوات لحفظ السلام، حيث يتطلب هذا الأخير تمركز قوات عند خطوط التماس لمنع استمرار القتال، وهو نهج يختلف تمامًا عن التدخل العسكري التقليدي.

Relatedأوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلةرئيس وزراء السويد السابق" يصف مفاوضات ترامب للسلام حول أوكرانيا بأنها مباحثات "هواة" ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب

ويقدر الخبراء أن تنفيذ مهمة حفظ سلام موثوقة يتطلب نشر عدة آلاف من الجنود. وفي هذا السياق، صرّح سفين بيسكوب، الباحث في "معهد إيغمونت" في بروكسل، لقناة يورونيوز قائلاً: "قد يكون من الضروري إرسال فيلق عسكري يضم 50 ألف جندي، لإيصال رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أننا جادون للغاية في هذا الأمر."

ورغم أن باريس ولندن تبديان استعدادًا لاستكشاف هذا الخيار، إلا أن المواقف الأوروبية لا تزال منقسمة بشكل كبير حيال هذه الخطوة الحساسة، إذ تتحفظ بعض الدول على التصعيد العسكري المباشر، ما يضع مستقبل هذا المقترح أمام اختبار سياسي ودبلوماسي معقد.

الدول المترددة

ويبدو أن بعض الدول الأوروبية تتجه نحو تأييد المبادرة الفرنسية-البريطانية، لكنها لم تحسم موقفها بعد بشأن مسألة نشر جنود على الأرض في أوكرانيا.

ففي البرتغال، تعهدت الحكومة بدعم الخطة التي ستضعها لندن وباريس، لكنها ترى أن الحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا في إطار عملية حفظ السلام لا يزال سابقًا لأوانه. وأكد الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا أن أي قرار يتعلق بنشر قوات برتغالية يجب أن يُعرض على المجلس الأعلى للدفاع الوطني، المقرر اجتماعه في 17 مارس للنظر في الأمر.

أما في هولندا، فقد أوضح رئيس الوزراء ديك شوف أن بلاده لم تقدم أي التزامات ملموسة بعد، لكنه أكد انضمام هولندا إلى الجهود العسكريةالفرنسية-البريطانية للمساهمة في وضع حلول ممكنة.

بدورها، قد تنضم إسبانيا إلى المبادرة في مرحلة لاحقة، إذ صرّح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد "ليس لديها مشكلة" في إرسال قوات إلى الخارج، لكنه شدد على أن التركيز الحالي بشأن أوكرانيا لا يزال سياسيًا ودبلوماسيًا بالدرجة الأولى. ومع ذلك، يبدو أن الرأي العام الإسباني يدعم هذا التوجه، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "لا سيكستا" أن 81.7% من الإسبان يؤيدون نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا.

إيطاليا وبولندا: المتشككون

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تُعد من أكثر القادة الأوروبيين تحفظًا بشأن فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، حيث وصفتها بعد اجتماع لندن بأنها "حل معقد للغاية وربما أقل حسمًا من الخيارات الأخرى". وأكدت في تصريحاتها أن إرسال قوات إيطالية لم يكن مطروحًا على جدول الأعمال في هذه المرحلة.

وترى ميلوني أن أفضل ضمان أمني لأوكرانيا يكمن في تفعيل المادة 5 من ميثاق الناتو، التي تلزم جميع أعضاء الحلف بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم. ومع ذلك، يظل تطبيق هذه المادة غير واضح في ظل عدم عضوية أوكرانيا في الحلف، مما يجعل مقترح ميلوني غير محدد المعالم في الوقت الحالي.

Relatedردًّا على ترامب وبوتين: الدنمارك تُطلق صفقة تسليح ضخمة بـ6.7 مليار يوروفون دير لاين تدعو لتسليح أوكرانيا "بسرعة" حتى لا تصبح لقمة سائغة في فم روسياقمة أوروبية تناقش تعزيز تسليح أوكرانيا والحرب في غزة

أما في بولندا، أحد أبرز داعمي أوكرانيا منذ بداية الحرب، فلا يزال الموقف حاسمًا برفض إرسال قوات بولندية إلى الأراضي الأوكرانية. وأوضح رئيس الوزراء دونالد توسك أن بلاده تحملت بالفعل عبئًا كبيرًا باستقبال نحو مليوني لاجئ أوكراني خلال الأسابيع الأولى من الحرب، مما يجعلها غير مستعدة للانخراط عسكريًا بشكلٍ مباشر.

وبينما تبدو وارسو مستعدة لتقديم الدعم اللوجستي والسياسي، إلا أنها لا تعتزم نشر قوات على الأرض، ما يعكس الانقسامات داخل أوروبا بشأن هذا الخيار العسكري الحساس.

المجر وسلوفاكيا، غير مستعدتين على الإطلاق للقيام بذلك

تتخذ كل من المجر وسلوفاكيا موقفًا أكثر انتقادًا للدعم العسكري الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، إذ تدفعان باتجاه فتح حوارٍ مع روسيا لإنهاء الحرب بدلاً من تصعيد المواجهة العسكرية.

اعلان

وهاجم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان القادة الأوروبيين المجتمعين في لندن، متهمًا إياهم بالسعي إلى "مواصلة الحرب بدلاً من اختيار السلام"، في إشارة واضحة إلى رفضه لاستراتيجية الدعم العسكري المستمر لكييف.

من جانبه، أعرب رئيس وزراء سلوفاكيا عن تحفظه الشديد تجاه مبدأ "السلام من خلال القوة"، معتبرًا أنه مجرد مبرر لاستمرار الحرب في أوكرانيا بدلًا من البحث عن حلول دبلوماسية حقيقية.

وبناءً على هذه المواقف، يُستبعد تمامًا أن تنضم بودابست وبراتيسلافا إلى أي مبادرة لنشر قوات أوروبية، إذ ترفض حكومتا البلدين بشكلٍ قاطعٍ الانخراط العسكري المباشر في النزاع الأوكراني.

موقف برلين

تتوجه الأنظار الآن إلى ألمانيا، حيث يجري تشكيل حكومة جديدة برئاسة المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس.

اعلان

وقد استبعد المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، على الرغم من أن وزير دفاعه بوريس بيستوريوس ألمح إلى إمكانية نشر قوات حفظ السلام في منطقة منزوعة السلاح، في حال وقف إطلاق النار.

إلا أن هذا الموقف قد يتغير، حتى وإن كان من الصعب إقناع الرأي العام المحلي بقرار نشر الجنود الألمان في أوكرانيا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة بعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادن ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب الغزو الروسي لأوكرانياالمملكة المتحدةالاتحاد الأوروبيقوات عسكريةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext نتنياهو: سنواجه كل من يحاول حفر ثقوب في سفينتنا الوطنية يعرض الآنNext هجوم إسرائيلي على ميناء طرطوس شمال غربي سوريا يعرض الآنNext أوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلة يعرض الآنNext بسبب تهديد غامض.. إخلاء محطة القطارات الرئيسية في فيينا يعرض الآنNext من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة اعلانالاكثر قراءة فانس ذهب في رحلة تزلج فوجد المتظاهرين له بالمرصاد بسبب ما حدث مع زيلينسكي شروط دمشق الجديدة.. هل تغير مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا؟ جنود أوكرانيون عن المشادة بين ترامب وزيلينسكي: على الطرفين تقديم تنازلات إيلون ماسك يعلن دعمه لانسحاب الولايات المتحدة من الناتو والأمم المتحدة كيف استطاعت إسبانيا التفوق على باقي أوروبا وأن تزدهر اقتصاديًا بفضل المهاجرين؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبإسرائيلالحرب في أوكرانيا سورياروسياغزةفولوديمير زيلينسكيأوكرانياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أوروباتيك توكالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • الدفاع الروسية تعلن القضاء على 270 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 93 طائرة مسيرة
  • احتفالية بالبيت الروسي بالقاهرة بمناسبة عيد الدبلوماسية الروسية
  • هههههه..مصدر حشدوي: الحشد لن يتفكك والمقاومة مستمرة بأمر من الإمام “الغايب”
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ترامب: أوروبا أنفقت على الغاز الروسي أكثر من الدفاع عن أوكرانيا
  • شولتس: إنهاء القصف الروسي على أوكرانيا نقطة بداية محتملة لمحادثات السلام
  • أوكرانيا: القوات الروسية تقصف إقليم نيكوبول 17 مرة في يوم واحد
  • مسؤول روسي: الحكم على 20 مسلحا أوكرانيا في جرائم بمنطقة كورسك الروسية
  • تحذير.. وزير الخارجية الروسي: واشنطن تريد إنهاء الصراع في أوكرانيا وأوروبا ترفض
  • تقرير: كيف تصدت أوكرانيا لأسطول الدفاع البحري الروسي الكبير؟