قبل أيام، صدرت مذكرات المستشارة الألمانية السابقة «أنجيلا ميركل» التى حملت عنوان «الحرية: مذكرات ١٩٥٤ - ٢٠٢١». 

بابتسامة مشرقة مفعمة بالأمل تنظر إلى المستقبل، وبثوب أزرق أنيق يتناسب مع عينيها الصافيتين فى صورة الغلاف، قدمت «ميركل» صورتها التى تحب أن يتذكرها العالم بها بعد ما يقرب من ثلاثة أعوام من رحيلها عن السلطة وضجيجها: سيدة حملت مشعل الحرية لمن يسعى إليها حول العالم، و«وجه ودود» (وهو عنوان أحد فصول مذكراتها) يستقبل من يطرق على باب ألمانيا لاجئاً أو هارباً من حرب أو من قمع، بوعود بغد أفضل، قائم على التعاون والتفاهم والمشاركة، والحوار والاستماع للآخر، والحفاظ على صوت العقل وسط الأحداث التى عصفت بالعالم خلال فترة توليها السلطة فى بلادها، ورئاسة الاتحاد الأوروبى والتى شهدت أزمة مالية عالمية، ومفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، والأهم: انقلاب المشهد السياسى العالمى مع حرب الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» ضد أوكرانيا، وفرضه أمراً واقعاً جديداً على أوروبا والعالم من بعدها.

المذكرات لـ«ميركل».. والبطولة لـ«بوتين» وحربه.. وكلبته!

لم يكن غريباً إذن أن يكون أكثر ما ينتظره الناس من المستشارة الألمانية السابقة فى مذكراتها هو شهادتها عن الرئيس الروسى الحالى (وفى كل فتراته الرئاسية السابقة)، لفهم توازنات الصراع وتفاصيل الشد والجذب الذى سبق الحرب الروسية- الأوكرانية، وهل كان أحد من زعماء أوروبا «يتوقع» ما أقدم عليه «بوتين»؟ والأهم: هل كان بإمكان «ميركل»، التى كانت تمثل الثقل الفعلى لأوروبا بوصفها المسئولة الأهم فى ألمانيا، أن توقف طموح «بوتين» قبل أن تصل المواجهة إلى هذا الحد؟

كان أمام المستشارة الألمانية السابقة الكثير لتدافع عنه، أو توضحه، لمعارضيها ومهاجميها وحتى لأنصارها، الذين رأوا أنها لم تضغط بالشكل الكافى، ولم تقف بصلابتها المعهودة فى مواقف أخرى، أمام الرئيس الروسى خلال حربه على أوكرانيا، وأنها على العكس، أشعرت العالم بأن ألمانيا وأوروبا فى موقف ضعف أمام الرئيس «بوتين»، بسبب اعتمادها فى احتياجاتها من الطاقة على الغاز الروسى، ورفضها وقف العمل بخط الغار «نوردستريم» الذى يربط بين روسيا وألمانيا، وكذلك، وهو الأهم، رفضها انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسى «الناتو»، والذى كان كفيلاً بقلب موازين القوى لصالح دولة «مفترى عليها» فى أورويا، دفاعاً عن «الحرية» التى تنصب «ميركل» نفسها، حتى هذه اللحظة، حامية لها.

المذكرات إذن لـ«ميركل»، لكن البطولة الفعلية فيها لـ«بوتين».

قد تشعر خلال قراءتك لمذكرات المستشارة الألمانية السابقة أنها تميل أحياناً لتصوير الرئيس الروسى كما يريده المشاهدون فى أوروبا، على أنه «شرير الفيلم» أو «عدو البطل» الذى لا يمثل قيم الغرب فى حرية التعبير والديمقراطية وغيرهما. لكن «ميركل» تعود فى أحيان أخرى لترتدى ثوبها السياسى الأنيق الهادئ (كالذى ظهرت به على غلاف الكتاب)، وتحاول أن تقدم رؤية أخرى متوازنة للرئيس الروسى، فى لغة تقوم على «تصالح المصالح»، واحترامها لقوة «المنافس»، الذى كان يتحول كثيراً لـ«حليف»، وسيظل دائماً جزءاً لا يتجزأ من حسابات وتوازنات القوة فى القارة العجوز.

لكن كانت المفاجأة أن من خطف الأنظار فعلياً منذ اللحظة التى صدرت فيها المذكرات، كانت كلبة «بوتين»!

نصف قرن تقريباً من السياسة والذكريات والكفاح العلمى والإنجاز الأكاديمى والقرارات المؤثرة فى الاتحاد الأوروبى وحلف «الناتو» وحزب الاتحاد الديمقراطى المسيحى الذى حكمت «ميركل» ألمانيا تحت رايته، وجولات ولقاءات مع زعماء العالم شرقاً وغرباً (منهم أربعة رؤساء أمريكان)، وقرارات مصيرية اتخذتها «ميركل» فى قضايا الهجرة واستقبال أوروبا للاجئين، غيّرت شكل الخريطة السكانية والأوضاع الداخلية فى ألمانيا، وقفزت بأحزاب يمينية متطرفة إلى قلب الساحة السياسية فيها، وشهادات عن حروب، وأزمات اقتصادية، وثورات أوروبا الملونة من أجل «الديمقراطية»، ووباء «كورونا» الذى ضرب العالم وغيَّر شكل الحياة فيه، كلها أمور تملأ مئات الصفحات من مذكرات «ميركل».

ثم تقفز «كونى»، كلبة «بوتين» السوداء، فى الصورة لينشغل العالم بالحديث عنها ويترك باقى المذكرات!

هى فقرات شغلت بضع صفحات من مذكرات المستشارة الألمانية السابقة، تحكى فيها كواليس صورة شهيرة، جمعتها مع الرئيس الروسى عندما كانت فى عامها الثانى من الحكم، تُظهرها وهى تجلس محاولة أن تُخفى توترها على الكرسى، بينما يجلس «بوتين» مستريحاً، مبتسماً وراضياً و«متمكناً» من الكرسى الذى يجلس عليه بجوارها.

 كان يعرف أنها تخاف من الكلاب فأدخل كلبته «كونى» عليها قبل التقاط الصور 

وأمامهما ترى كلبة «بوتين» الأليفة سوداء اللون، والتى أطلق عليها اسم «كونى»، تقوم بدورها فى إضفاء لمسة غير رسمية، وربما أيضاً مرحة ولطيفة وودودة كعادة الكلاب، على صورة تجمع اثنين من أقوى زعماء أوروبا فى العصر الحديث.

«بوتين» يحب الكلاب. لكن «ميركل» تخاف منها. وكانت هذه هى الرسالة الصامتة الخفية التى تلقاها كل من رأى الصورة وقتها: أن «بوتين» مستريح تماماً فى اللعب مع «الخطر» الذى تخاف «ميركل» منه.

  طلبوا من «بوتين» ألا يأتى بكلبته عند لقاء «ميركل» فأحضر لها «كلب لعبة» وقال لها «إنه لا يعض!» 

لم تنسَ المستشارة الألمانية السابقة هذا الموقف لرئيس جهاز المخابرات الروسية السابق والعتيد الذى أصبح فيما بعد أقوى رؤساء روسيا، فقالت فى مذكراتها: «منذ زيارتى الأولى لموسكو عام ٢٠٠٦، والرئيس «فلاديمير بوتين» يعرف أننى أخاف من الكلاب منذ أن تعرضت لعضة كلب بالقرب من منزلى عام ١٩٩٥. قام مستشارى الخاص لشئون الأمن والسياسة الخارجية «كريستوف هوزجين» بإبلاغ نظيره الروسى «سيرجى بريخودكو» بهذا الأمر، وطلب منه ألا يُحضر «بوتين» كلبته معه. فى موسكو عام ٢٠٠٦، احترم «بوتين» هذا المطلب، ولكنه لم يترك المسألة تمر مرور الكرام: قدَّم لى وقتها هدية عبارة عن كلب «لعبة» محشو كبير الحجم، قائلاً لى «إنه لا يعض!». كل ما كان بإمكانى فعله هو أن أبتسم وأتحمل الأمر، ومررت «الكلب اللعبة» إلى مستشارى الخاص بشئون الأمن والسياسة الخارجية، الذى ظل يحمله فيما بدا لى كأنه دهر كامل، قبل أن يمكننا العثور على ضابط مراسم روسى تولى حمل الكلب اللعبة نيابة عنه».

لكن الكلب «اللعبة» الذى جاء به «بوتين» للمستشارة الألمانية السابقة، انقلب إلى «جد» فى العام التالى مباشرة.

تواصل «ميركل»: «إلا أنه خلال وجودى فى مدينة «سوتشى» الروسية (على البحر الأسود) بعدها عام ٢٠٠٧، دخلت «كونى»، كلبة «بوتين» من فصيلة «لابرادور»، إلى المشهد بشحمها ولحمها. حدث ذلك عندما كنت أنا و«بوتين» نجلس معاً أمام أطقم المصورين والكاميرات الذين يلتقطون صورنا فى بداية اجتماعنا. حاولت أن أتجاهل الكلبة، على الرغم من أنها كادت تكون ملاصقة لى. كان يمكننى أن أرى، من خلال تعبيرات وجه «بوتين» أنه كان مستمتعاً بالموقف».

وبدأت «ميركل» هنا تُحمل لحظة دخول الكلبة الأليفة أبعاداً سياسية ونفسية عميقة، تحاول بها أن تفهم ما يدور فى ذهن رئيس إحدى أكبر القوى النووية فى العالم، فتتساءل: هل كان «بوتين» يريد فقط أن يرى كيف يتصرف أحدهم تحت الضغط؟ هل كان هذا استعراضاً بسيطاً للقوة؟. ظللت أردد لنفسى: «حافظى على هدوئك، ودعى تركيزك ينصب على المصورين. لن يستمر الأمر طويلاً». وعندما انتهى الأمر أخيراً، لم أوجه كلمة واحدة لـ«بوتين»، وظللت متمسكة، كما كنت أفعل عادة طيلة عمرى، بالشعار البريطانى المرتبط بالعائلة المالكة: «لا تشرح شيئاً.. ولا تشكُ من شىء».

كلمات «ميركل» فى مذكراتها أعادت «كونى» (التى يقال إنها تنحدر من سلالة كلاب كان يملكها رئيس الاتحاد السوفيتى الأسبق «ليونيد بريجينيف») للأضواء مرة أخرى على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، تصاحبها تحليلات وتساؤلات من عيّنة «هل كان «بوتين» يمارس ألاعيب القوة على غيره من زعماء العالم؟»، فى إشارة لاستغلاله لخوف «ميركل» من الكلاب. وبالطبع، أراد الرئيس الروسى أن يبرئ ساحة كلبته الأثيرة التى رحلت عن عالمنا عام ٢٠١٤، بعد أن أهداها له وزير دفاعه «سيرجى شويجو» عام ٢٠٠٠، وكانت من أقرب حيواناته الأليفة إلى قلبه. فظهر الرئيس الروسى بنفسه يوم الخميس الماضى، بعد صدور المذكرات، ليعتذر لـ«ميركل» عن هذا الموقف، مؤكداً لوسائل الإعلام أنه لم يكن يعلم وقتها أنها تخاف من الكلاب، وأنه أراد فقط إضفاء جو حميم ومرح على اللقطة الرسمية، وأنه لم يكن ليترك كلبته تدخل إلى الغرفة التى تجلس فيها المستشارة الألمانية لو علم أنها ستتسبب لها فى كل هذا القدر من عدم الارتياح.

وعلى العالم أن يصدق طبعاً أن الرئيس الروسى، الذى كان من قبل رئيساً لجهاز المخابرات الروسية، وشغل من قبله منصب مدير مكتب المخابرات السوفيتية «كى.جى.بى» فى ألمانيا تحديداً، لم يكن يعرف أن السيدة التى تحكم ألمانيا تخاف من الكلاب!

لكنها كانت حركة ذكية، جعلت من يتابعون مذكرات «ميركل» وانشغلوا بحديثها عن كلبة «بوتين»، ينشغلون بعدها باعتذار «بوتين» نفسه عما بدر من كلبته. وعادت المذكرات التى تحمل اسم «أنجيلا ميركل» تدور من جديد حول «فلاديمير بوتين»!.

هل كانت «ميركل» تعرف أن ذلك سوف يحدث عندما اختارت للفصل الذى يحكى عن بداية تعاملها مع الرئيس الروسى عنوان: «فى انتظار فلاديمير بوتين»؟ هل كانت تعرف أن العالم ينتظر ما سوف تقوله عنه، فصار اسم «بوتين» هو أكثر اسم مسئول أجنبى ورد فى مذكراتها؟

لعبة «الانتظار».. لعبة الترقب التى تجعل الكل ينتظر ما الذى سوف يفعله الرئيس الروسى فى اللحظة القادمة.. لعبة الضغط على الأعصاب وأحياناً سياسة «عض الأصابع» لاختبار قوة وتحمُّل مَن حوله ومَن أمامه. هل بدأها «بوتين» مع «ميركل» وغيرها من زعماء العالم مبكراً، منذ الشهور الأولى لتعاملهما معاً؟

تحكى «ميركل» عن موقف حدث «فى انتظار فلاديمير بوتين» خلال استضافة ألمانيا لقمة مجموعة دول الثمانى عام ٢٠٠٧. تقول: «قبل تناول العشاء، أردت أن أجتمع بقادة الدول السبع الصناعية الكبرى الأخرى (الولايات المتحدة وروسيا واليابان وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا) لتناول مشروب أو مقبلات خفيفة. كان الجو لطيفاً وأردنا الجلوس خارجاً، وكان الصحفيون حريصين على التقاط صور تنقل الجو العام السائد بين الحاضرين، وعلى تصويرنا خلال حديثنا. لكن، كان هناك شخص واحد ناقصاً: فلاديمير بوتين. انتظرنا وانتظرنا. الواقع أنه إذا كان هناك أمر ما لا أتحمله من الآخرين فهو التأخر. لماذا كان «بوتين» يفعل هذا؟ ما الأمر الذى كان يريد إثباته ولمن كان يريد إثباته؟ أم أنه كانت لديه مشكلة حقيقة؟».

وتتابع: «كنت أُجرى نقاشاً هادئاً مع الآخرين، لكنى كنت فى حالة غليان من داخلى. كان من المؤسف أن يتم تأجيل كل فعاليات الأمسية. كنت على وشك أن أقول إننا سنبدأ العشاء من دون «بوتين» وسنجهز لجلسة تصوير أخرى فيما بعد، عندما ظهر الرئيس الروسى متأخراً خمسًا وأربعين دقيقة على الأقل. سألته: ما الذى حدث؟، فقال لى: الذنب ذنبكم.. أو ذنب «غادبرغر» لو أردنا الدقة».

«بوتين» ترك «ميركل» و«بوش» ينتظرانه ٤٥ دقيقة فى قمة مجموعة دول الثمانى والسبب.. زجاجة بيرة

و«غادبرغر» هذه هى واحدة من أشهر ماركات البيرة الألمانية فى العالم.

تواصل «ميركل» روايتها عن حادثة البيرة قائلة: «قبل عقد القمة، كان «بوتين» قد طلب صندوقاً من بيرة «غادبرغر» المفضلة لديه فى غرفته. كان يعرفها من أيام عمله كضابط للمخابرات السوفيتية (كى.جى.بى) فى مدينة «دريسدن» الألمانية فى الثمانينات، ولبينا له طلبه. والآن يقول لى مبتسماً إنه لم يكن يملك خياراً آخر غير أن يشربها. بدا الأمر وكأنه يستمتع بكونه مركز الاهتمام بمثل هذه التصرفات، ووصل الأمر إلى ذروته عندما جعل الرئيس الأمريكى (جورج بوش الابن وقتها) ينتظره أيضاً».

«ميركل» حاولت أن تفتح معه ملف المنظمات غير الحكومية فى روسيا و«بوتين» رفض مجرد المناقشة

فى أبريل ٢٠٠٦، كان هناك عشاء آخر جمع بين «بوتين» و«ميركل» خلال زيارتها إلى «سيبيريا» الروسية، أظهر لها فيه طريقة تفكيره فى أمور أخرى أكثر إثارة للأعصاب. تقول: «دعانى «فلاديمير بوتين» على العشاء فى حديقة على أطراف المدينة. جلسنا حول الطاولة ومعنا مستشارو السياسة الخارجية. وجلس المترجمون حول طاولة مجاورة لنا فى حال احتياجنا لهم. لكن «بوتين» كان يتحدث الألمانية، وكانت إجادته للألمانية أفضل من إجادتى للروسية. كان من الواضح أن كلينا يحمل وجهة نظر مختلفة للمسار الذى تتخذه روسيا فى هذه المرحلة. أعربت له عن قلقى من أن الحريات الديمقراطية تتعرض لمزيد من القيود فى روسيا، خاصة مع دخول قانون جديد يزيد من صعوبات عمل المنظمات غير الحكومية فيها إلى حيز التنفيذ. لكن «بوتين» رفض هذا الكلام».

كلام «ميركل» عن الديمقراطية وعمل المنظمات غير الحكومية فى روسيا، الذى رفضه «بوتين» بلا مناقشة، كان يدور فى نفس الوقت الذى ينعقد فيه منتدى لممثلى مجتمع الأعمال الروس والألمان لمناقشة جوانب التعاون الفعلى بين روسيا وألمانيا، والتى صار لها فيما بعد دور حاسم فى توازنات القوى فى أوروبا بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

تقول «ميركل»: «إن مناقشات ممثلى مجتمع الأعمال الروس والألمان خلال هذه الزيارة كانت تتضمن بناء خط أنابيب غاز «نوردستريم ١»، والتعاون فى قطاعات السيارات والماكينات الزراعية، ومفاوضات روسيا للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وركزت المفاوضات بكثافة على تعاون البلدين فى ملف الطاقة. والواقع أنه فى عام ٢٠٠٥، كانت روسيا تقوم بتوفير ٤١٪ من احتياجات ألمانيا من الغاز الطبيعى و٣٢٪ من احتياجاتها من واردات النفط الخام».

إدراك «بوتين» لهذه «الحقائق» ربما جعله أكثر وضوحاً وجرأة فى كلامه مع المستشارة الألمانية السابقة عن «الديمقراطية»، وهو يوصلها إلى المطار بسيارته بعد انتهاء زيارتها هى ووفد الأعمال المرافق لها إلى روسيا.

تقول «ميركل»: فى الطريق إلى المطار، أشار «بوتين» إلى بعض المناطق التى تضم منازل روسية تقليدية من الخشب قائلاً لى: «إن الناس الذين يعيشون فى هذه البيوت لا يملكون كثيراً من المال، وبالتالى فمن السهل جداً تضليلهم». وقال إنه «فى أوكرانيا، هؤلاء هم بالضبط نوعية الناس الذين تم تشجيعهم على المشاركة فى الثورة البرتقالية فى خريف ٢٠٠٤ بواسطة أموال منحتها لهم حكومة الولايات المتحدة الأمريكية».

و«الثورة البرتقالية» هى أشهر حلقة فى سلسلة الثورات التى عُرفت باسم «الثورات الملونة» فى جمهوريات الاتحاد السوفيتى السابق، والتى شهدت نزول متظاهرين إلى شوارع العاصمة «كييف» احتجاجاً على نتائج انتخابات رئاسية أظهرت فوز رئيس الوزراء الأوكرانى «فيكتور يانوكوفيتش» بنتائج الانتخابات على حساب معارضه «فيكتور يوتشيشينكو»، واعتبرها المتظاهرون نتائج مزورة.

فى هذه الاحتجاجات، نصَب المتظاهرون الأوكرانيون خياماً فى الميادين الرئيسية وتسببوا فى حالة من الشلل للحياة السياسية والاقتصادية، قبل أن تقرر المحكمة إعادة الاقتراع الذى أظهر فوز مرشح المتظاهرين «يوتشينكو» فيما اعتُبر انتصاراً للثورة البرتقالية وقتها.

هذه الثورات الملونة عُرفت تاريخياً فيما بعد على أنها كانت محاولة لفرض نظام الديمقراطية والليبرالية الغربى فى دول الاتحاد السوفيتى السابق مثل جورجيا ويوغوسلافيا وأوكرانيا، ولعبت فيها منظمات المجتمع المدنى، أو المنظمات غير الحكومية، دوراً بارزاً، واعتبرها كثير من المراقبين «الإلهام» أو النموذج الذى حاول البعض تكراره فى المنطقة العربية فى أحداث ٢٠١١ التى عُرفت فيما بعد باسم «الربيع العربى».

ومن هنا نفهم سبب تركيز «ميركل» فى كلامها مع «بوتين» على ضرورة رفع القيود عن عمل المنظمات غير الحكومية فى روسيا، وسرعة بديهة ورد الرئيس الروسى عليها بالإشارة إلى ما حدث فى أوكرانيا.

ووفقاً لرواية «ميركل» فى مذكراتها، فإن «بوتين» قال لها بعد أن حدَّثها عن فقر الناس والتلاعب بهم ودفعهم للثورة بواسطة الأموال الأمريكية: «لن أسمح أبداً بأن يحدث مثل هذا الأمر فى روسيا».

وتواصل «ميركل»: ثم قال لى بوتين بعدها: «هل أخبرك عن فارق مهم بين الدستور الروسى والدستور الأمريكى؟». لم تكن لدىَّ فكرة إلى أين يريد الوصول بهذا السؤال، لكنه تابع قائلاً: «فى كلا الدستورين، فإن مدة الرئاسة تكون محكومة بفترتين رئاسيتين. فى الولايات المتحدة، ليس من المسموح إعادة انتخاب رئيس قضى فترتيه الرئاسيتين حتى بعد فترة انقطاع عن الرئاسة. لكن من الممكن أن يُعاد انتخاب رئيس روسى قضى فترتيه الرئاسيتين، ما دام قد أخذ فترة توقف بعدهما».

وتحكى «ميركل»: كانت الرسالة التى وجهها «بوتين» إلىَّ من خلال تلك الكلمات القليلة فى ربيع ٢٠٠٦ تقول: «لا تظنى أننى راحل، حتى لو سلمت منصبى إلى خليفتى خلال عامين بعد انتهاء حكمى لفترتين رئاسيتين كما يقتضى الدستور. سوف أعود.. أنا فقط آخذ فترة راحة».

وعندما عاد «بوتين» للظهور فى مذكرات «ميركل» على الأقل، كان ذلك بتاريخ ٢٤ فبراير ٢٠٢٢. وهو يوم وصفته المستشارة الألمانية السابقة فى مذكراتها بأنه «سوف يذكره التاريخ الأوروبى على أنه اليوم الذى انتهت فيه حقبة ما بعد الحرب الباردة. كان هناك خطر يزداد وضوحاً وحضوراً على امتداد أشهر ثم أسابيع فأيام، قبل أن يصبح أمراً واقعاً: أصدر الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» أوامره للقوات الروسية باجتياح أوكرانيا براً وبحراً وجواً فيما أُطلق عليه اسم «العملية الخاصة». هاجم «بوتين» دولة كانت تطمح للانضمام إلى حلف شمال الأطلسى «الناتو»، كدول أخرى مثل بولندا والتشيك والمجر وأستونيا ولاتفيا وليتوانيا ورومانيا وبلغاريا وسلوفينيا وسلوفاكيا. وفى ٢٠٠٨، خلال قمة حلف «الناتو» فى العاصمة الرومانية «بوخاريست»، كانت أوكرانيا تأمل فى الانضمام إلى خطة عمل عضوية «الناتو»، كخطوة تمهيدية للانضمام بشكل كامل إلى الحلف، إلا أن كلاً من فرنسا التى كان يمثلها الرئيس الفرنسى السابق «نيكولا ساركوزى»، وألمانيا التى كنت أمثلها أنا، رفضتا قبول طلب أوكرانيا».

وبهذه الكلمات، كانت «ميركل» تمهد للحديث عن أكثر الملفات تشابكاً وتعقيداً وسخونة خلال فترة حكمها، وتستعد لمواجهة سيل الهجوم الذى تعرضت له بسبب رفضها لانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، وتحاول أن تجيب عن السؤال الذى يشغل بال الجميع منذ أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية والتى غيّرت كل شىء: من الذى خرج منتصرًا من هذه المواجهة؟ هل يخرج «بوتين» من هذه الحرب أكثر ضعفاً، أم أن أوروبا كلها قد ذهبت فى رحلة بلا رجعة إلى الوراء؟ هل هناك رئيس أمريكى يقدر على الوقوف فى وجه الرئيس الروسى؟

هى محطة غيَّرت وجه الحسابات السياسية وموازين القوة فى العالم بأكمله، وليس فى الغرب وحسب. مرحلة كان الرئيس الروسى يعد لها منذ وقت طويل، ويحسب حساب كل خطواتها، ويتأهب لكل الاحتمالات فيها، ولها جذور ضاربة فى قلب تكوينه الاستراتيجى بعمق أكثر مما يظن الكل.

لكن هذه قصة أخرى.

ترجمة يسرا زهران

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أنجيلا ميركل فلاديمير بوتين المنظمات غیر الحکومیة فلادیمیر بوتین الرئیس الروسى فى مذکرات من الکلاب فى روسیا فیما بعد الذى کان کان هناک تخاف من ما بعد لم یکن قبل أن هل کان

إقرأ أيضاً:

عادل حمودة يكتب: ترامب يشكل حكومة حرب ضد أمريكا

سيقف ضده موظفو العدل والصحة والدفاع والاستخبارات والجنرالاتلن يستسلم ٢٠ مليون مهاجر غير شرعى للترحيل دون إحداث فوضى

عاد «ترامب» لينتقم.

تراكمت فى صدره أوجاع سوداء أصابته وهو فى البيت الأبيض وأصابته وهو خارجه.

حاولوا إقالته من الرئاسة مرتين. وحاولوا أن يقضى ما تبقى من حياته فى السجن متهما بستين جناية شخصية وسياسية ومالية. بل حاولوا اغتياله ثلاث مرات.

سعوا جاهدين للتخلص منه حتى لا يعود إلى الرئاسة مرة أخرى.

ضمير الغائب هنا يعود إلى المؤسسات البيروقراطية التقليدية التى تحكم الولايات المتحدة والتى يطلق عليها «الدولة العميقة».

لكن «ترامب» عاد إلى الرئاسة بأصوات حاسمة كاسحة فاجأ الجميع بالحصول عليها.

فى الوقت نفسه حصد حزبه الجمهورى مقاعد الأغلبية فى مجلس الشيوخ مما يعنى أن «ترامب» جاء مسلحا بقوة السلطتين التنفيذية والتشريعية معا ولن ترفض قراراته أو ترشيحاته فى الكونجرس.

بتلك القوة الاستثنائية قرر «ترامب» الانتقام.

بدت الحكومة الجديدة التى يشكلها وكأنها حكومة حرب.

لكنها حرب ليست ضد الصين أو روسيا أو إيران وإنما ضد الولايات المتحدة.

ما يحدث هناك يلخصه الجميع بكلمة واحدة «صدمة» أو «كارثة» أو «زلزال».

على شبكة «سى. إن. إن» الإخبارية الأمريكية الشهيرة قال «مايك جونسون» رئيس مجلس النواب الذى احتفظ بمنصبه بعد تأييد «ترامب»:

ــ يجب أن نشكل فريقًا يقوم بهز النظام من الداخل.

وعلى شبكة «الحرة» أضاف:

ــ التغيير القادم صادم.

وعلى موقع «إكس» كتب «ترامب» الابن:

ــ نحن هذه المرة أكثر خبرة من المرة السابقة.

فى الرئاسة السابقة استعان ترامب بسياسيين من النظام الذين وصفوه بالفساد فنجحوا فى خنقه ولكنه هذه المرة اختار شخصيات معادية للنظام.

على منصة «إكس» أضاف «بارون» ابن «ترامب» الأصغر:

ــ يجب أن نحيط والدى بمجموعة من الأوفياء. فات زمن أن نأتى بشخصيات غير منتخبة يصفهم أبى برموز الدولة العميقة.

بدا أن «ترامب» يختار حكومته من خارج النظام بل يكرهون النظام وفى الوقت نفسه يدينون بالولاء له وحده.

جاءت اختيارات «ترامب» مثيرة للجدل.

كتب «بيتر بيكر» كبير مراسلى البيت الأبيض فى صحيفة «نيويورك تايمز»:

ــ إن ترامب باختياراته يريد الانقلاب على المؤسسات الأمريكية.

وكتب «ديفيد إجناسيوس» فى صحيفة «واشنطن بوست»:

ــ إن الشعب الأمريكى أعطى فوزًا كبيرًا لترامب ولكنه لم يعطه وسائل تدمير المؤسسات المهمة فى البلاد.

لكن هل ستتركه هذه المؤسسات يفعل بها ما يشاء دون أن تتحد فى مواجهته للتخلص منه؟

هل سترفع الراية البيضاء أم أنها ستؤجر من يتخلص منه حفاظا على سطوتها ومصالحها التى لا يستهان بها؟

بدأت الترشيحات بمنصب المدعى العام.

اختار النائب عن ولاية فلوريدا «مات جينز» للمنصب الذى يشغله «الفين براج» الذى وجه إلى ترامب اتهامات تودى به إلى السجن مدى الحياة.

قطعا سيقدم «ألفين براج» استقالته قبل أن يحلف ترامب اليمين وسيحذو حذوه «جاك سميث» المستشار الخاص الذى رفع دعوى قضائية ضد ترامب تتهمه بالاحتفاظ بوثائق سرية بشكل غير قانونى.

لكن «مات جينز» أثار الجدل بعد أن فتحت ملفاته ونشرت اتهامات نسبت إليه منها تعاطى المخدرات ومنها الاتجار بالجنس واغتصاب القاصرات ومنها قبول هدايا غير مسموح بها.

غضب الجمهوريون فى مجلس النواب من اختياره واتهمه اليهود بأنه وثيق الصلة بالجماعات التى تنكر المحرقة أو الهولوكوست.

وسيطر القلق على ١١٥ ألف موظف تابعين له بعد أن أعلن أنهم لا يستحقون رواتبهم.

وقبل أن يفيق الأمريكيون من صدمة «مات جينز» تلقوا صدمة «بيت هيجيسيت» مرشحا لوزارة الدفاع التى يتبعها مليون و٤٠٠ ألف ضابط وجندى.

كان «بيت هيجيسيت» مذيعا فى قناة «فوكس نيوز» وكل خبرته فى الشئون العسكرية أنه خدم وهو ضابط صغير فى جوانتانامو والعراق وأفغانستان وألف كتابا بعنوان «الحرب على المحاربين» كشف فيه عن معاناة الجنود فى الحروب التى تتورط فيها الولايات المتحدة.

لكن ترامب يريد الاستفادة من ضعف خبرته فى تنفيذ فكرة «مجلس المحاربين» الذى يتكون من قدماء العسكريين الذين سيمنحهم ترامب سلطة إقالة جنرالات الجيش الذين يغضب عليهم أو الذين لا يدينون له بالولاء.

كيف سيواجه ترامب هذه المؤسسة القوية المنظمة المنضبطة؟

هل ستستسلم له أم ستسعى إلى توريطه فى أمور تضعف منه؟

وعلى منصة إكس أكد بارون أن والده اختار روبرت كيندى جونيور لوزارة الصحة.

اختار شخصا ضد وزارة الصحة وضد شركات الأغذية والأدوية.

يعتبر اللقاحات نوعا من الاحتيال وطالب بإلغاء قسم التغذية التابعة لإدارة الغذاء والدواء وحذر موظفى الوزارة بالتسريح فى قطاع صحى يصل إلى ١٦مليون شخص.

أكثر من ذلك سيعيد النظر فى نظام «الميد كير» للرعاية الصحية الذى يستفيد منه ٧٢ مليون مواطن أمريكى محدود الدخل.

باختصار سيحرض «روبرت كيندي» الصغير نحو ٨٨ مليون مواطن ضد ترامب فهل سيتحمل إضافتهم إلى خصومه وأعدائه؟

ولا تتوقف الجبهات التى يفتحها ترامب ضد مؤسسات تقليدية مسيطرة على الولايات المتحدة منذ عقود وعقود.

إن الاستخبارات الوطنية قوة لا يستهان بها. قوة يحسب لها الرئيس ألف حساب. قوة تساهم فى صناعة القرار بما تقدم من معلومات.

والأهم أنها الفلتر الذى ينقى الشخصيات المرشحة لتولى المناصب العليا الحساسة.

لكن رغم هذه الأهمية فإن ترامب اختار للمنصب «تولسى جايارد» التى تعرف الرئيس الروسى «بوتين» عن قرب.

لكن ليست المشكلة فى أنها تعرف بوتين ولكن المشكلة أن معرفتها به أثرت فى رؤيتها للحرب فى أوكرانيا.

فى نهاية فبراير ٢٠٢٢ كتبت فى حسابها على منصة إكس:

«كان من الممكن تجنب هذه الحرب بسهولة لو أن الرئيس بايدن اعترف بالمخاوف الأمنية المشروعة لروسيا.

ووجهت اللوم إلى حلف الناتو للسبب نفسه.

وفى ١٦ أغسطس ٢٠٢٠ قالت:

ــ إن عقوبات بايدن على روسيا فشلت والسبب أن عائدات الطاقة الروسية أصبحت أعلى مما كانت عليه قبل غزو أوكرانيا.

ورفضت أن يتحمل الشعب الأمريكى العبء الضريبى لدعم أوكرانيا ولكنها لم تذكر العبء الذى يتحمله لدعم إسرائيل.

ويتكرر السؤال:

هل سيحتمل مجتمع الاستخبارات مديرا بهذه الشخصية؟

هل سينضم إلى خصوم ترامب فى حرب لا مفر منها؟

هل سينضم مجتمع الاستخبارات إلى أفراد المؤسسة العسكرية وموظفى وزارات العدل والصحة فى مواجهة ترامب؟

والسؤال الأهم: هل اكتفى ترامب بهم أم أضاف إليهم أعداء آخرين؟

لم يكتف ترامب بهم.

أضاف إليهم مجتمع المثليين الذين أعلن أنه ضدهم.

هناك بالقطع جماعات محافظة تشكل نسبة مؤثرة فى المجتمع ضد المثليين ولكن المشكلة أن المثليين حصلوا على حقوق قانونية يصعب التراجع عنها كما أن كثيرًا من التنظيمات والمؤسسات تساندهم مثل هوليوود والجمعيات الأهلية وتيارات سياسية ليبرالية.

لن يسكت هؤلاء إذا ما شن الحرب عليهم.

سينضمون إلى باقى خصوم ترامب وسيقفون مع باقى أعدائه.

وسينضم إليهم فى مواجهة ترامب أنصار البيئة وأحزاب الخضر والمؤمنون بتغير المناخ الذى يعتبره ترامب خدعة لم تنطل عليه وجعلته ينسحب من اتفاقية باريس فى ولايته الأولى.

وحسب ما تعهد به ترامب فإنه سيأمر قوات إنفاذ القانون بترحيل ما بين ١٠ و٢٠ مليون لاجئ مهاجر غير شرعى.

رقم ضخم جدا.

رقم سيؤثر فى اقتصادات البلاد.

السبب أن هؤلاء البشر يعملون فى وظائف دنيا بأحور زهيدة مثل النظافة والبستنة والسباكة والحراسة ورعاية الأطفال والكلاب.

وسيعنى ترحيلهم فراغًا فى مئات الوظائف البسيطة والحيوية ولو وجدت من يشغلها فإنه سيتقاضى أضعاف أضعاف ما كان يتقاضاه المهاجرون غير الشرعيين مما يؤثر على تكاليف المعيشة.

يضاف إلى ذلك أن ترحيلهم لن يكون سهلا.

لنتخيل كيف سيقبضون على عشرة أو عشرين مليونا؟ وكيف سيحملونهم إلى خارج الحدود؟ وهل سيسكت كل هؤلاء؟ هل سيقبلون بترحيلهم طواعية دون غضب أو مقاومة أو إثارة الشغب أو تحطيم وتخريب كل ما يصلون إليه؟

لقد سبق أن عالجت الدول الأوروبية هذه المشكلة بتوفيق أوضاع المهاجرين غير الشرعيين ثم قيدت منح تأشيرات الدخول.

لكن المشكلة أن ترحيل غير الشرعيين كان أهم وعد انتخابى يقطعه ترامب على نفسه فكيف سيتراجع عنه؟

لقد انتقد ترامب الهجرة غير الشرعية قائلا:

ــ إنها حولت أمريكا إلى سلة مهملات العالم.

وألمح إلى استخدام الجيش فى الترحيل الجماعى لغير المقيمين إقامة قانونية.

ولكن لا أحد مهما سرح خياله سيصدق أن ترامب سيقدر على ترحيل كل هذه الملايين مرة واحدة.

لا أحد مهما كان متفائلا يتصور أن القوة ستلقى بهم خارج الحدود وهم مبتسمون مستسلمون.

قطعا سيكون رد فعلهم حادًا.

وسيكون ذلك عبئا على ترامب فى الحرب التى يشنها على الجميع.

إن من حق ترامب أن يختار من يشاء ليكونوا مسئولين فى حكومته.

ومن حقه أن ينتقم من الذين أساءوا إليه ودفعوا به إلى القضاء ليبدو السجن قريبا منه.

لكن مشكلة ترامب أنه فتح جبهات كثيرة عديدة ضده فى وقت واحد.

تصور أنه بالحرب على الدولة العميقة سيغير النظام السياسى الأمريكى.

لكن السؤال هو:

هل حشد أسلحة مناسبة ليكسب الحرب ضد كل هذه المؤسسات البيروقراطية العميقة المدربة على البقاء مهما تغيرت الظروف؟

سؤال صعب.

لا أحد يقدر على الإجابة عنه.

أما السؤال السهل فهو:

ترى من سيدفع ثمن هذه الحرب؟

والإجابة: الولايات المتحدة نفسها.

مقالات مشابهة

  • ٩٠ سنة فيروز.. زهرة وسط الدمار
  • عادل حمودة يكتب: ترامب يشكل حكومة حرب ضد أمريكا
  • محمد مسعود يكتب: إرادة الرئيس.. والدواء المُر
  • أنجيلا ميركل تكشف عن شخصين تركيين أسعداها كثيرًا.. ما علاقة كورونا؟
  • بوتين لميركل: سامحيني لم أكن أعلم أنك تخافين الكلاب
  • بوتين يعتذر من ميركل: أنجيلا... سامحيني لم أتعمد إخافتك بالكلب
  • بوتين يعتذر من أنجيلا ميركل: سامحيني رجاء
  • بعد 17 عاماً.. بوتين يعتذر لميركل عن "حادثة الكلب"
  • تايمز: 10 أشياء يمكن استخلاصها من مذكرات ميركل