إسرائيل ستشق التحالفَ الغربي
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
ترجمة - قاسم مكي -
توجيهُ اتهاماتٍ لبنيامين نتنياهو ويواف غالانت بارتكاب جرائم حرب كارثةٌ لإسرائيل. لكنه أيضا مشكلة كبيرة للتحالف الغربي. الحزبان الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة يؤيدان بشدة اسرائيل في محاولتها التصدي لاتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس وزرائها ووزير دفاعها السابق. لكن من المرجح أن تحترم معظم الحكومات في بلدان الاتحاد الأوروبي وأيضا في بريطانيا وأستراليا وكندا قرارَ الاتهام.
هذا الانقسام بين الولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين سيكون صعبا جدا حتى في الأوقات العادية. لكن وقتنا الحالي أبعد من أن يكون عاديا. فدونالد ترامب الذي سيكون رئيسا اعتبارا من 20 يناير تعهد سلفا باتخاذ إجراءات تهدد بقدر كبير مصالح أصدقاء أمريكا. لقد وعد بفرض رسوم جمركية تتراوح بين 10% و20%. هذه الرسوم ستشكل ضربة للمصدرين الأوروبيين والآسيويين. الى ذلك، التزامه تجاه حلف الناتو مشكوك فيه. وخطته لعقد صفقة سلام مع روسيا يمكن أن تعرِّض أمن أوروبا للخطر.
اندلاع مواجهة مريرة أخرى عبر الأطلسي (حول إسرائيل هذه المرة) آخر شيء يحتاجه التحالف الغربي. لكن هذا هو القادم.
بعض الوزراء الإسرائيليين يتوقعون بكل سرور أن تسمح إدارة ترامب لإسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وغزة رسميا. هذا الضم يعتبره الاتحاد الأوروبي خطرا وغير قانوني.
ومن المؤكد تقريبا أن إدارة ترامب ستفرض عقوبات ضد مدَّعي وهيئة المحكمة الجنائية الدولية. كما هنالك حديث أيضا في دوائر الجمهوريين بالقضاء على المحكمة ربما بالتهديد بمعاقبة البلدان التي تمولها. اليابان وألمانيا وفرنسا وبريطانيا هي الدول الأربع الكبرى المانحة للمحكمة الجنائية الدولية.
إسرائيل ليست حريصة وأيضا الولايات المتحدة كما يبدو على مناقشة التُّهَم الفعلية الواردة في لائحة الاتهام والتي تشمل اتهاما لإسرائيل بقتل المدنيين واستخدام "التجويع كوسيلة من وسائل الحرب." بدلا عن ذلك تبنَّى اليمين الترامبي زعم نتنياهو بأن المحكمة يحركها العداء للسامية.
وحقيقة أن المحكمة وجهت الاتهام لبوتين وقادة حماس وقادة أفارقة عديدين يتم تجاهلها مع وَصْم المحكمة وداعميها الأوروبيين بكراهية اليهود.
الواقع أن معظم الحكومات الأوروبية عملت الكثير لدعم إسرائيل منذ احداث 7 أكتوبر. فبريطانيا وفرنسا شاركتا مؤخرا في أعمال عسكرية لحماية إسرائيل من الصواريخ الإيرانية. وبعض بلدان الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا ملتزمة تجاه إسرائيل الى حد أنها قد تقاطع المحكمة على الرغم من قبولها بشرعيتها. لكن معظم البلدان الأوروبية ستميل الى الجمع بين تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ودعم النظام القانوني العالمي الذي يفرض قواعد الحرب.
القضايا التي على المحك تتجاوز المسألة الراهنة حول احتمال ارتكاب جرائم حرب في غزة. فمعظم بلدان الديموقراطيات متوسطة الحجم في أوروبا وآسيا تدرك أخطار الارتداد الى عالم تتصرف فيه القوى العظمى والدول التابعة لها دون محاسبة.
بعض الانتهاكات للقانون الدولي من شاكلة عدم الامتثال لحكم صادر عن منظمة التجارة الدولية لا تبدو مخيفة جدا. لكن روسيا بيَّنت عمليا أن تحدي القانون الدولي يمكن أن يعني أيضا الاستيلاء على أراضٍ واختطاف أطفال وقتل مدنيين. مشروعية الحملة الدولية لردع روسيا ترتكز على القانون الدولي وواسطة عقدها القضية المرفوعة من المحكمة الجنائية الدولية ضد بوتين. وإذا انقلبت أمريكا الآن على المحكمة والنظام القانوني الدولي الذي تمثله بعد ترحيبها باتهام بوتين ستنحسر بشدة فرص إقناع العالم بتنفيذ العقوبات ضد روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية.
الصدام الذي يتشكّل بين الولايات المتحدة وحلفائها إزاء إسرائيل جزء من جدال أوسع نطاقا حول مستقبل النظام العالمي. يرى جون آيكِنبيري أستاذ السياسة والشؤون الدولية بجامعة برنستون أن ترامب يحوِّل الولايات المتحدة الى دولة مراجعة (تسعى الى تعديل الوضع القائم) وتتحدى كل عنصر من عناصر النظام الليبرالي الذي سبق لها أن أنشأته بما في ذلك حرية التجارة والانفتاح تجاه الهجرة وتعددية الأطراف والتحالفات الأمنية والتضامن بين البلدان الديموقراطية وحماية حقوق الإنسان.
تشكل المحكمة الجنائية الدولية إضافة حديثة نسبيا للنظام القانوني الدولي. فقد بدأت عملها في عام 2002 فقط. والولايات المتحدة وروسيا والصين والهند وإسرائيل ليست بين 124 بلدا قبلت باختصاص المحكمة. لكن القضاء عليها عمدا سيبعث برسالة خطرة في وقت يشهد تزايدا في جرأة القوى المستبدة على شن الحرب وانتهاك حقوق الإنسان.
قد تشعر أمريكا بوصفها أقوى بلد في العالم أن الاحتكام الى القانون الدولي والمؤسسات الدولية يحتاج اليه الأوروبيون الضعاف فقط. لكن حتى الولايات المتحدة القوية في حاجة الى حلفاء وقوانين دولية. فالتحالفات التي تقيمها أمريكا ضد روسيا والصين قائمة على قاعدة الاحتكام الى قانون دولي.
لقد استخدمت الولايات المتحدة مبررات قانونية لتعزيز جهودها في التصدي للصين في بحر الصين الجنوبي وروسيا في أوكرانيا. بل حتى الروس والصينيون دائما ما يحاولون الزعم بأنهم يتصرفون وفق القواعد الدولية. فهم يعلمون أن انتهاك القانون الدولي علنا يفقد البلد الحلفاء ويعرِّضه للعقوبات.
القانون الدولي يمكن أن يكون محبطا وتطبيقه يمكن أن يبدو غير مطَّرِد في كل الأحوال. لكن العالم بدون قانون يُحتكَم اليه سيكون مكانا مخيفا وخطِرا.
جيديون راكمان كبير معلقي الشؤون الخارجية بصحيفة الفاينانشال تايمز
الترجمة خاصة لـ«عمان»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الولایات المتحدة القانون الدولی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
وفدا المكسيك وناميبيا: “إسرائيل” مُلزمة بإدخال المساعدات ولا يحق لها منع الجهات الدولية من أداء مهامها داخل الأراضي الفلسطينية
الثورة / متابعات
تواصلت أمس في لاهاي، ولليوم الرابع جلسات استماع علنية لرأي استشاري بخصوص التزامات الكيان الصهيوني تجاه الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبدأت محكمة العدل الدولية، يوم الاثنين، أسبوعا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات الكيان الصهيوني الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يومًا على فرضه حصارًا شاملًا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
وهذا الأسبوع، تقدم 38 دولة مرافعاتها، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وفرنسا وروسيا والمملكة العربية السعودية، إضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي.
ووفقا لأجندة المحكمة، ستعقد جلسات الاستماع (مرافعات شفوية) خلال الفترة من 28 أبريل وحتى 2 مايو 2025، حيث إنّ 44 دولة و4 منظمات دولية أعربت عن نيتها المشاركة في المرافعات أمام المحكمة.
ويأتي هذا التحرك بناء على قرار تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر الماضي، بناء على اقتراح من النرويج، يدعو محكمة العدل الدولية لإصدار رأي استشاري يحدد التزامات الكيان الصهيوني حيال تسهيل وصول الإمدادات الإنسانية العاجلة للفلسطينيين وضمان عدم عرقلتها.
إلى ذلك أكد وفد دولة ناميبيا أمام محكمة العدل الدولية، ضرورة تعاون “إسرائيل” مع الأمم المتحدة واحترام الحصانات الممنوحة لها بموجب القوانين الدولية، مشددة على واجب “إسرائيل” في الالتزام بتلك الحصانات داخل فلسطين.
وأشارت ممثلة ناميبيا، في كلمتها أمام المحكمة أمس إلى أن الإجراءات التي اتخذتها “إسرائيل” ضد وكالة “الأونروا” غير مبررة. وأضافت أن غياب “الأونروا” سيحرم الشعب الفلسطيني من سبل البقاء على قيد الحياة.
واتهمت “إسرائيل” بانتهاك منهجي لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، مؤكدة أنه لا يحق لها منع الجهات الدولية من أداء مهامها داخل الأراضي الفلسطينية.
ولفتت إلى أن الفلسطينيين في قطاع غزة بحاجة ماسة للماء والغذاء والكهرباء والمستلزمات الطبية، ويجب على “إسرائيل” تسهيل دخول هذه المساعدات. واختتمت ممثلة ناميبيا كلمتها بمطالبة المحكمة برفض المزاعم التي تروجها “إسرائيل” بشأن وكالة “الأونروا”.
من جهته، أكد ممثل وفد المكسيك أمام المحكمة الدولية، أن “إسرائيل” مُلزمة باتفاقية جنيف التي تفرض على قوة الاحتلال الالتزام بإدخال المساعدات واحترام منظمات الإغاثة.
وقال الممثل خلال إفادته أمام محكمة العدل الدولية، في لاهاي، : إن غزة تحولت إلى منطقة قتل والمدنيون يعيشون في حلقة قتل، داعياً “إسرائيل” بالالتزام باحترام عمل منظمات الأمم المتحدة الإنسانية وعلى رأسها الأونروا.
واتهم ممثل وفد المكسيك، “إسرائيل” بقتل عدد من موظفي الدفاع المدني في غزة ودفنهم لإخفاء جريمتها، مشيراً إلى أن “إسرائيل” ملزمة بأحكام ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الخاص بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، واتفاقية جنيف التي تفرض على قوة العدو الالتزام بإدخال المساعدات واحترام منظمات الإغاثة.
وكان العدو الإسرائيلي قد استأنف فجر 18 مارس 2025، عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود الاتفاق طوال فترة التهدئة.