وكيل «دفاع النواب»: يحمى مصر أمنياً واقتصادياً وينظم حقوق اللاجئينحقوقيون: يتعارض مع القانون الدولى فى عدم منح اللاجئين حق ممارسة العمل السياسى وعضوية النقابات!اقتصادى: يجب وضع ضوابط مزاولتهم للأنشطة التجارية والاستثمارية لضمان حقوق المصريين

عندما يوجد فى مصر أكثر من 9 ملايين لاجئ، فيما لم يتم تسجيل سوى 800 ألف لاجئ فقط لدى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين فى مصر.

. فالأمر يحتاج إلى وقفة لحماية الأمن القومى المصرى.

وعندما يسدد الاتحاد الأوروبى وحده 6 مليارات يورو لتركيا لاستضافتها 3,6 مليون لاجئ فقط، بينما لا تحصل مصر من المنظمات الأممية الخاصة باللاجئين إلا على مبالغ لا تكاد تذكر.. فإن الأمر يحتاج إلى وقفة حماية للاقتصاد الوطنى خاصة أن مصر تنفق على اللاجئين إليها 10 مليارات دولار سنوياً.

وعندما ينص القانون الخاص باللاجئين على عدم السماح للاجئين بالعمل فى مصر، بينما أغلب اللاجئين يمارسون العمل بالفعل، وبعضهم صار رجال أعمال فى مصر، فلا بد لهذا الحال أن يتغير.

محمد فايق

ولهذا كله كان إصدار قانون جديد للاجئين فى مصر ضرورة حتمية..ولكن يبقى السؤال: هل القانون الذى صدر مؤخراً يسد كل الثغرات الخاصة بتدفق اللاجئين إلى مصر، ويوفر حماية للأمن القومى المصرى؟

البحث عن إجابة لهذا السؤال أمر مهم خاصة أن قانون اللاجئين الذى صدر مؤخراً قوبل بترحيب من بعض المصريين ورفض من بعضهم وقلق شعبى عام، خشية ما سيسفر عنه، ووسط هذا كله أصدر مجلس النواب المصرى منذ أيام، أول مشروع قانون مصرى داخلى، تم تقديمه من قبل الحكومة، بعد مناقشة برلمانية امتلأت بمبررات الدفاع عن بنوده، والتى تضم 39 مادة لتنظيم شئون اللاجئين الأجانب، خاصة بعدما تعدت أعدادهم 9 ملايين لاجئ، وعدم وجود قانون يقنن أوضاعهم يحمل الدولة أعباء اقتصادية كبيرة، ويهدد أمنها القومى.

حسام الغايش

ورغم ذلك، لم يَسْلَم القانون الجديد، من اعتراض الحقوقيين والسياسيين، والذين أثاروا حالة من الجدل حول بعض بنوده والآلية التى يعتمدها لتسجيل اللاجئين وطالبى اللجوء، منتقدين عدم طرح مشروع القانون للمناقشة المجتمعية

وأوضح الدكتور حسام الغايش- خبير أسواق المال، ودراسات الجدوى الاقتصادية، إنه وفقا لبيانات حكومية وصلت أعداد اللاجئين فى مصر لأكثر من 9 ملايين من نحو 133 دولة يمثلون نسبة 8.7% من حجم سكان البلاد، وأقرت الحكومة قبل عدة أشهر إلى أن الدولة المصرية تتكلف 10 مليارات دولار سنويا لاستقبال هؤلاء اللاجئين.

وأكد «الغايش» أن زيادة أعداد اللاجئين وارتفاع تكلفة الإنفاق عليهم من أهم أسباب إقرار قانون جديد لشؤون اللاجئين فى مصر.. وقال: « تضمن القانون الجديد العديد من المزايا للاجئين، فنصت المادة 18 على أن يكون للاجئ الحق فى العمل، والحصول على الأجر المناسب لقاء عمله، كما يكون له الحق فى ممارسة المهن الحرة حال حمله لشهادة معترف بها بعد الحصول على تصريح مؤقت من السلطات المختصة بالبلاد، وذلك كـله على النحو الذى تنظمه القوانين ذات الصلة».

إبراهيم المصرى

وأضاف: المادة 14 من القانون نصت على أن يكون للاجئ الحرية فى الاعتقاد الدينى، ويكون لأصحاب الأديان السماوية منهم الـحق فى ممارسة الشعائر الدينية بدور العبادة المخصصة لذلك، وأقر القانون عدد من العقوبات والغرامات فى حالة التأخر عن الابلاغ بتواجده فى البلاد خلال 45 يومًا أو مخالفة الدستور والقانون المصرى، ولم يحدد إذا كان تواجده بشكل شرعى أم لا.

وتابع: وفقاً لقانون اللاجئين فأن الأثر الاقتصادى لتواجد اللاجئين سيتم السيطرة عليه جزئيا، ولكن يجب أن يستكمل هذا القانون ببعض المقترحات الاستثمارية فى مزاولة أنشطة تجارية أو استثمارية لضمان حقوق الدولة، وايضًا وضع اشتراطات اقتصادية كعدد العاملين المصريين ورسوم إضافية لضمان حق الدولة فى حالات التهرب الضريبى مستقبلا كما هو متبع فى العديد من الدول فى حالة الاستثمار الأجنبى المباشر.

وقال اللواء إبراهيم المصرى- وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن القانون الجديد الخاص باللاجئين فى مصر، هو أول تشريع يخص تقنين أوضاع اللاجئين الأجانب فى مصر، كما أنه يستهدف بشكل رئيسى حصر أعداد اللاجئين فى مصر، فى ظل تزايدهم بشكل كبير خلال السنوات الماضية، خاصة مع الصراعات الإقليمية التى تشهدها المنطقة وعلى رأسها الصراع السودانى، والذى على أثره استقبلت مصر مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين.

وأضاف وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى، أن الظروف الإقليمية والدولية فرضت هذا الواقع، لكن التشريع الجديد سيقنن أوضاع اللاجئين الأجانب «الشرعيين، غير الشرعيين»، ومن يرفض الانضمام للمظلة القانونية سيعرض نفسه للترحيل خارج البلاد على الفور، طبقا للقانون.

وعن كيفية حصر ومعرفة اللاجئ الأجنبى الذى دخل البلاد بطريقة غير شرعية، قال اللواء إبراهيم المصرى: «الدولة لديها أجهزتها الداخلية والخارجية التى تتولى هذا الأمر من جمع معلومات عنهم فى أقرب وقت، خاصة أن مثل كل لاجئ لابد أن يتردد على محل إقامة وأن يتعامل مع متطلباته اليومية مع المؤسسات مما يسهل معرفته، مشدداً:« مصر تتعامل مع أمنها القومى على أنه خط أحمر، ولا تسمح لأحد أن يتخطاه» مشيراً إلى القانون سيسمح لتسجيل اللاجئين الأجانب فى المفوضية السامية لشئون اللاجئين بالأمم المتحدة، وبالتالى سيجبر المجتمع الدولى للقيام بدوره فى مساعدة مصر اقتصاديا عن طريق دفع تمويلات بشأن هؤلاء اللاجئين.

وأكد النائب إبراهيم المصرى، أن إصدار القانون كان ضرورة حتمية، خاصة مع تزايد عدد اللاجئين الأجانب فى مصر وعدم تقنين أوضاعهم القانونية، وإقراره فى مثل هذه الأيام وسط صراعات إقليمية يؤكد أنه جاء فى وقته، لحماية أمن مصر القومى ووضعها الاقتصادى.

أبدى النائب البرلمانى تفهمه التام لمخاوف الرأى العام من كثرة عدد اللاجئين وتأثير ذلك على الأوضاع الاقتصادية والأمنية فى مصر، خاصة ما يتعلق بارتفاع أسعار الإيجارات، مؤكدا أن نسبة كبيرة من اللاجئين لا تستفيد من الخدمات الحكومية وتفضل المؤسسات الخاصة سواء التعليمية أو الصحية.

وأوضح اللواء أحمد العوضي- رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، أن مصر تحتل المرتبة الثالثة عالمياً فى استقبال عدد اللاجئين، مما يجعلها ملاذا للأجئين الأجانب، خاصة لاجئى الدول التى تشهد صراعات عسكرية وسياسية تهدد استقرار أمنها، مشيرا إلى سيتم البت فى جميع مسائل اللاجئين واللجوء من قبل لجنة شؤون اللاجئين الدائمة التى أُنشأت بموجب القانون وتتبع مجلس الوزراء المصرى، وستتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتفصل اللجنة فى طلبات اللجوء المقدمة لمن دخل إلى البلاد بطريق مشروع خلال 6 أشهر، وخلال سنة بحد أقصى لمن دخل البلاد بطريق غير مشروع.

وقال محمد فايق- رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان سابقا، إن أوضاع اللاجئين الأجانب بمصر، فى أمس الحاجة للتنظيم، نظرا لزيادة أعدادهم، والذى تخطى 9 ملايين لاجئ، ولا بد من وجود قانون تشريعى يحمى البلد من اللاجئين مع الحفاظ على حقوقهم.

وأضاف «فايق»، أن اللاجئين لمصر يتمتعون بأشياء ومزايا قد لا يجدونها بأوروبا، خاصة أن مصر تعاملهم «كالضيف العزيز»، فهم لا يقيمون بخيام ويتمتعون بعيشة المواطن المصرى بكل مزاياها، نافيا أن يكون أن يكون زيادة عدد اللاجئين السبب فى زيادة الأسعار.. وقال: «هم يأتون لمصر ويعملون، مما يعزز الجانب الاقتصادى المصرى».

وقالت النائبة مها عبدالناصر- نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب المصرى الديمقراطي: «الموازنة العامة للدولة تعانى العجز، وبالتأكيد الأموال المنفقة على اللاجئين ليست ضمن بنود الموازنة»، مشيرة إلى دور الدول المانحة فى هذا الخصوص، ففى مارس الماضى، تم توقيع الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبى ومصر بإجمالى 7.4 مليار يورو، يقدمها الاتحاد الأوروبى على شكل منح وقروض حتى نهاية عام 2027، وفى أول أكتوبر الماضى، أطلقت الحكومة المصرية بالتعاون مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى، برنامجًا مشتركًا للأمم المتحدة يتم تنفيذه بواسطة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، ويونيسف، ومنظمة الصحة العالمية فى إطار المنصة المشتركة للاجئين والمهاجرين، بمنحة قدرها 12.2 مليون يورو من الاتحاد الأوروبى، لتلبية الاحتياجات الأساسية فى الصحة والتعليم وتعزيز القدرة على حماية للاجئين والمهاجرين وطالبى اللجوء لمصر.

فيما أكد مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولى السفير عمرو الجويلى على دور مصر الطويل الأمد فى استضافة أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين وطالبى اللجوء. وقال: «تتبنى مصر نهجًا شاملًا يسمح بدمج المهاجرين واللاجئين فى المجتمع المصرى من خلال سياسة عدم إقامة المخيمات، وتوفير الخدمات الأساسية».

ترحيب ورفض!

وفى المقابل أصدرت 22 منظمة حقوقية بياناً أعربت فيه عن رفضها بنود التشريع الجديد، باعتباره لا يقدم حلولاً حقيقية للتحديات الأساسية التى يواجهها اللاجئون،و يتركز الرفض الحقوقى بإقصاء الشركاء الدوليين ومنظمات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجال حماية اللاجئين من المشاركة فى إعداد القانون، بجانب حرمان اللاجئين من المشاركة فى الأعمال السياسية وعضوية النقابات، مع أن القانون الدولى يقر أحقية اللاجئ فى هذه الأمور، بجانب صعوبة حصر اللجئ غير شرعى وموعد دخوله.

ورغم ترحيب عبدالجليل نورين– مدير مبادرة تنمية اللاجئين، بالقانون اللجوء لتضمنه مزايا كثيرة للاجئ- على حد قوله- لكنه فى نفس الوقت يبدى قلقه من بعض الأصوات الشعبية داخل مصر الرافضة لتلك المزايا.. وقال: من بعض مزايا التشريع الجديد، منح اللاجئ كثيرا من الحقوق على رأسها حقه فى العمل بالسوق المصرى، وقبل ذلك لم يكن مسموحاً للاجئ بالعمل، وكان يضطر إلى العمل كمتطوع أو ينتظر تلقى المساعدات».

وعن مستقبل اللاجئين بمصر عقب تمرير القانون بشكل نهائى، يتوقع «نورين» أن يكون التشريع مظلة أمان لكل لاجئ، ما سيدفع عدداً كبيراً جداً من المخالفين لتقنين أوضاعهم عبر تسجيل بياناتهم لدى الجهات المختصة، فضلا عن تحسين أوضاعهم المعيشية بعد السماح لهم بالنزول لسوق العمل، وهو ما يشكل فى الوقت نفسه إضافة للاقتصاد المصرى.

وأضاف: من المقرر أن تصدر لائحة تنفيذية خاصة بتطبيق القانون خلال 6 أشهر من بدء العمل به، وتصبح القوانين التى يقرها مجلس النواب سارية بعد الموافقة عليها من رئيس الجمهورية ونشرها فى الجريدة الرسمية.

وتعمل المفوضية الأممية على تسجيل اللاجئين فى مصر منذ عام 1954، بموجب اتفاقية مع الحكومة المصرية، وهو الحال مع العديد من الدول التى تتولى المفوضية بها عمليات تسجيل اللاجئين لحين إقرار هذه الدول لقوانين وطنية تتولى عملية تسجيل اللاجئين والتعامل مع طالبى اللجوء.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: 800 ألف لاجئ الأمم المتحدة مصر المنظمات الأممية عدم السماح الاتحاد الأوروبى اللاجئین الأجانب اللاجئین فى مصر إبراهیم المصرى تسجیل اللاجئین عدد اللاجئین خاصة أن أن یکون من بعض

إقرأ أيضاً:

يا ليل يا عين| المسرح الشعبى والفنون الغنائية مرآة التراث ووجدان المجتمع المصرى.. إسهامات المبدعى من الشيخ سلامة حجازى إلى جمالات شيحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

المسرح الشعبى والفنون الغنائية يمثلان أحد أهم روافد الثقافة المصرية الأصيلة، حيث يعكسان روح الشعب وتاريخه وتراثه عبر أجيال من الرواد الذين أثروا هذا المجال، ومن أبرز هؤلاء: الشيخ سلامة حجازى الذى حول المسرح الغنائى إلى أداة تعبير فنى قريبة من وجدان الجمهور، مقدما موضوعات تمس الحياة اليومية، ولعب زكريا الحجاوى دورا كبيرا فى إحياء المسرح الشعبى، وجمع التراث الشفهى وأدخل الأغانى الشعبية فى أعماله، وأسس فرقا مسرحية جابت القرى والمدن لتعزيز هذا الفن.

 إسهامات مبدعى المسرح الشعبى

وكذلك ترك بيرم التونسى بصمته بإضافة شعره وأزجاله اللاذعة التى عكست قضايا وهموم الطبقات الفقيرة، ولا يمكن تجاهل إسهامات شيخ الطريقة عبدالرحمن الشافعى، وأدخل على الكسار الفكاهة إلى المسرح الشعبى، مؤسسا لونا كوميديا يجمع بين المسرح التقليدى والفرجة الشعبية، إلى جانب جمالات شيحة، خضرة خضر، وغيرهم ممن أثروا المسرح الشعبى، والغناء بفنونهم وإبداعاتهم التى تعبر عن نبض المجتمع المصرى.

تشكلت ملامح هذا الفن على مر العقود، ليصبح مرآة تعكس أحلام الناس وآلامهم وأفراحهم، فهذه الأسماء لم تكن مجرد مبدعين، بل حملوا على عاتقهم مسئولية الحفاظ على الهوية الثقافية المصرية، ومزجوا بين التراث الشعبى القديم والتجديد الفنى، ليضعوا بصمتهم الخالدة فى المسرح الغنائى والفنون الشعبية.

ومن خلال المسرح الغنائى والاستعراضات الشعبية، استحضرت الحكايات والأساطير، ونقلت تجارب الشعوب عبر لغة فنية تجمع بين الغناء، الأداء، والحركة، تلك الجهود أثمرت إرثا فنيا غنيا يمثل جزءا أصيلا من الذاكرة الثقافية المصرية.

وفى السطور التالية نستعرض أبرز رواد المسرح الغنائى والفنون الغنائية في العالم العربى.

سلامة حجازى عبقرى المسرح الغنائى.. وتطور الموسيقى فى مصر

كان الشيخ سلامة حجازى فنانا متعدد المواهب، حيث برع فى مجالى الغناء والتمثيل، وبرز كأحد الشخصيات المحورية فى النهضة الفنية والمسرحية بمصر فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

حجازى ولد فى الإسكندرية عام 1852، وبدأ مشواره الفنى فى سن مبكرة، وكان من أبرز مساهماته فى المجال الفني تقديم العديد من المسرحيات الغنائية التى جمعت بين التمثيل والغناء، كما شارك فى عروض مسرحية ضخمة، وكانت أعماله من بين أولى المسرحيات التى تناولت قضايا اجتماعية وفنية.

ويعد حجازى من الرواد الذين أدخلوا أساليب موسيقية غربية إلى الساحة الفنية العربية، لكنه حافظ فى الوقت ذاته على الطابع العربى الأصيل، وقد استطاع أن يمزج بين الألحان الشرقية والتأثيرات الغربية فى أعماله، ما ساعد فى زيادة شهرته، كما كان يتمتع بصوت قوى وعذب، وأدى أدوارا درامية غنائية بمهارة عالية، مما جعل أعماله جزءا مهما من التراث المسرحى المصرى.

وانضم سلامة حجازى إلى فرقة يوسف الخياط منشدا وممثلا فيها 1885، وضمه القرداحى إلى جوقته وشارك فى العديد من عروضها المسرحية من بينها: «زنوبيا ملكة تدمر»، «عائدة»، «عفة النفوس» وغيرها من الأعمال، إلى أن قرر الاستقلال عن فرقة القرداحي، وكون فرقة مسرحية فى 1888 بالإسكندرية، وانضم لفرقة إسكندر فرح فى 1889 وقدم معها العديد من الأعمال المسرحية من بينها: «أنس الجليس»، «شهداء الغرام»، «حمدان»، «حسن العواقب»، «تليماك»، «عظة الملوك»، «البرج الهائل»، «أبى الحسن المغفل»، وغيرها من الأعمال.

الشيخ سلامة حجازي 

تميز صوت حجازى باللون الفنى للأوبريتات، وأول من لحن المارشات والسلامات الخديوية، التى كان يغنيها بصوته فى مطلع الروايات، وهو نوع من الغناء الحماسى الذى يحث على المبادئ والأخلاق والولاء للوطن.

وأشادت به الممثلة العالمية «سارة برنار» عندما شاهدته فى رواية «غادة الكاميليا»، انتقل بالأغنية من مجالس التخت إلى خشبة المسرح، وجعل منها جزءا أصيلا فى بناء العمل المسرحي، فمهد الطريق للنقلة الكبرى التى أحدثها من بعده وهو «سيد درويش»، حتى انفصل عن فرقة إسكندر فرح فى 1905، وقرر تكوين فرقته الخاصة به وقدم من خلالها مجموعة من الأعمال المسرحية من بينها «مطامع النساء»، «الجرم الخفي»، «تسبا»، «السلطان صلاح الدين الأيوبي»، وغيرها، حتى أصيب بخزل الجانب الأيسر فى 1909 واستمر يصارع هذا المرض لمدة ثلاث سنوات.

ازدهرت فرقة حجازى وبدأت موسمها الجديد فى 1913، حيث قدمت العديد من الأعمال المسرحية من بينها «الاتفاق الغريب»، «عواطف البنين»، «غانية الأندلس»، هذا وقد تم تكوين جوق جديد يجمع بين فرقتى سلامة حجازي، وجورج أبيض، وسمى جوق أبيض وحجازى وقدم مجموعة متنوعة من المسرحيات من بينها «لويس الحادى عشر»، «عايدة»، «مى وهوراس»، «السلطان صلاح الدين ومملكة أورشليم» وغيرها من الأعمال حتى انفصل حجازى واستقل بجوق جديد وقدم مجموعة مسرحيات منها «الأفريقية»، «عبرة الأبكار»، «شهداء الغرام»، إلا وانتقل حجازى إلى مساعدة الأخير وتوقف نشاط فرقته نهائيًا ولم تستكمل مسيرتها الفنية.

وعلى الرغم من مرور أكثر من قرن على وفاته، إلا أن تأثيره على الفن العربى والمصرى لا يزال قائما، كما تعد مسيرته من أبرز المحطات التى أسهمت فى تطوير المسرح الغنائى والموسيقى بمصر، ويعد أحد رواد النهضة الفنية فى البلاد.

الممثلة سارة برنار 

زكريا الحجاوى حامل لواء التراث الشعبى.. وصاحب الأوبريتات الخالدة

"ياليل يا عين".. جمع بين الأسطورة والفن الشعبى

«كل ما فيكى بيغنى يا أم الدنيا حلوة يا مصر.. ياللى عليكى ثلاث حراس الستر، وفضل الله، والنصر».. هكذا قال الفنان الراحل زكريا الحجاوى الذى يعد أشهر من جمع التراث الفنى الشعبى المصرى ومؤسس مسرح المقطم للفن الشعبى، وأول من قدم أوبريت الفن الشعبى على مسرح الأوبرا فى 1957، جمع ما يقارب 72 ملحمة شعبية، واكتشف خلالها أشهر الفنانين الشعبيين، طاف بهذا الفن داخل مصر وخارجها، وأقنع معظم الفنانين بالانضمام لفرقته أو أى فرقة غنائية، اكتشف العديد من الفنانين الشعبيين من بينهم محمد طه، محمد أبو دراع، إبراهيم خميس، محمد صبرة، فاطمة سرحان، جمالات شيحة، روضة شيحة، خضرة محمد خضر التى تزوجها فيما بعد، استطاع أن يقوم بعمل مسح جغرافى لمصر، وذلك لجمع كل كلمة ألقيت فى التراث الشعبى.

رثاه الفنان محمد طه فى أحد مواويله قائلا: «تكسب كتير فى الممات يا مربى أولادك فى العمل والفن.. الله يرحم زكريا الحجاوى ويخلى أولاده.. اسم غالى على بال النور يا زكريا يا ابن الحجاوى.. حج العلم يا زكريا.. والذكرى حلوة تآمن بيك يا زكريا.. مصر الجميلة علم أنوارها بعلم الفن لك عزوة فى الفن عالية والكرم لماك.. يا ما جيبت أدوار وقلبت أمام الحب كل لماك.. من صغر سنى بنظم فنون الفن من مات وخلد الفن على الدنيا دنيا كأنه ما مات».

عندما كلف يحيى حقى عقب ثورة يوليو 1952، بتقديم مجموعة من أعمال الفنون الشعبية، وكان هذا اللون لا يجيده، استعان بزكريا الحجاوي، وطلب منه الوقوف بجانبه من خلال تقديم مجموعة من الأعمال الفنية الشعبية للثورة، وقدموا العديد من الأعمال الناشئة للقطاع الناشئ، ثم كلفه حقى بتقديم عمل فنى كبير وضخم يتم من خلاله خدمة الفنون الشعبية، وبالفعل قدم أوبريت «يا ليل يا عين» الاستعراضى الغنائى الراقص الشعبى موسم 1956، من تأليف أحمد على باكثير وزكريا الحجاوى، وإخراج زكى طليمات، حيث ذهب برحلة طويلة فى البحث عن عازفين، ومؤدين، وملحنين لهذا الأوبريت، حتى عاد بكم كبير من الفنانين.

زكريا الحجاوي 

يا ليل ياعين

في سبتمبر من العام 1956 قدمت فرقة ياليل ياعين أول باكورة إنتاجها بأوبريت «ياليل ياعين» على خشبة مسرح دار الأوبرا الخديوية، والذي يعد أول محاولة جادة لتقديم فنوننا الشعبية بصورة علمية راقية، والنواة الحقيقية لتكوين فرقة رضا للفنون الشعبية رائدة الرقص الشعبي بالوطن العربي، هكذا أشار المخرج والناقد المسرحى الدكتور عمرو دوارة إلى ذلك فى كتابه «المسرح المصرى مئة وخمسون عاما من الإبداع» موضحا أن الهدف من تقديم هذا الأوبريت هو الارتقاء بمستوى تقديم فنوننا الشعبية وتقديم عرض غنائى راقص يكون الحوار فيه أقل ما يمكن، وذلك بالاعتماد على رابط درامى يجمع بين الفنون الشعبية بمختلف أقاليم مصر التى تتسم بهذا الثراء والتنوع.

وقد تحمل مسئولية انتاجه الأديب يحيى حقي رئيس مصلحة الفنون آنذاك أثناء فترة تولي الأديب والسياسي فتحى رضوان مسئولية وزارة الثقافة، ويعد يحيى حقي الجندى المجهول وراء نجاح هذا الأوبريت فقد قام بعمل المايسترو قائد الفرقة الموسيقية الذي جمع جميع الخيوط بين يديه، بدءا من البحث عن فكرة درامية أو خيط رفيع يجمع بين بعض فنوننا ورقصاتنا الشعبية ومرورا بموافقته وترحيبه بالاقتراح الذي تقدم به الأديب توفيق حنا باستغلال وتوظيف أسطورة «ياليل ياعين»، ثم باختيار جميع عناصر العرض من المؤلف والمخرج والشاعر والملحن وأيضا ترشيح النجوم المشاركين وتجميع مجموعة الراقصين الجامعيين لأول مرة بمعاونة الأستاذة نفيسة ،الغمراوي، وذلك بخلاف دوره الهام في عكس أو قلب تفاصيل الأسطورة.

«ياليل ياعين» أسطورة شفهية تناقلتها الأجيال واستمع إليها توفيق حنا من أحد الحلاقين بمدينة الإسكندرية، وتدور أحداثها حول «ليل » ابن ملك البحر، وعين» ست الحسن والجمال بنت السلطان أو ابنة الشهبندر على أقل تقدير، وكان «ليل» يخرج من البحر للناس في صورة فتى وسيم من البشر، وارتبط بصداقة مع أحد الصيادين واتفق معه على أن يملأ شباكه من خير البحر بشرط أن يحفظ سره، ولكن الصياد لم يستطع أن يحافظ على السر بعدما تطورت علاقة الحب بين «ليل» و«عين» وأراد طلب يدها للجواز، فكشف عن حقيقة «ليل» لأهل «عين» الذين رفضوا بالطبع هذا الارتباط خشية أن يصحب ابنتهم معه إلى قصر والده بأعماق البحر، فجاءت تلك النهاية الحزينة للأسطورة بغضب «ليل» من عالم البشر لعدم وفائهم وعدم حفاظهم على الوعد فيختفى ويرجح عودته إلى عالم البحار، وكذلك اختفت «عين» ويرجح أنها قد لحقت به، ويظل الناس منذ ذلك الحين ينادون عليهما بحسرة يا ليل يا عين»، وفي المعالجة الحديثة تم جعل « عين» هى ابنة ملك البحار، وجعل «ليل» صياد فقير من عامة الناس، وذلك لأن الوجدان الشعبي ارتبط بأن الجنية أو عروس البحر هى الأنثى، بالإضافة أن هذا التصور الأخير يقترب من الأهداف الاشتراكية لثورة يوليو وتعظيمها لدور وقيمة العمل، ومناداتها بضرورة إزالة الفوارق بين الطبقات.

وقد شارك فى تقديم هذا الأوبريت بالكتابة كل من توفيق حنا صاحب الفكرة، وبكتابة الحوار وتقديم الصياغة النهائية للأوبريت الكاتب المسرحى على أحمد باكثير، وذلك بمعاونة رائد الفن الشعبى وخبير التراث زكريا الحجاوى، والأشعار عبدالفتاح مصطفى، والحان أحمد صدقى، توزيع موسيقى عبدالحليم نويرة، أوركسترا إبراهيم حجاج، وإخراج زكي طليمات.

وشارك فى بطولته الفنانين: نعيمة عاكف فى دور «عين»، محمود رضا «ليل»، والمطربة شهرزاد، فريدة فهمى، محمود شكوكو، وفرقة «أبوالغيط الشعبية».

 أوبريت يا ليل يا عين

يعتبر الحجاوى من الرواد الذين أسهموا بشكل كبير فى انضمام الفنانين الشعبيين إلى نقابة المهن الموسيقية، وكان له دورا بارزا فى ضمان اعتمادهم بالإذاعة المصرية وتحديد أجور أساسية لهم، فقد بدأ مشواره المهنى بتقديم مقالات وتحقيقات تناولت الحرف اليدوية التراثية والسير والحكايات الشعبية، وقد حظيت أعماله، خاصة فى مجال الدراما الإذاعية، بمتابعة كبيرة، وكان أبرز أعماله هو تقديم رائعته الشهيرة «أيوب المصرى»، التى حققت نجاحا باهرا وأصبحت حدثا ينتظره الجميع عند إذاعتها، وبفضل هذه النجاحات، أصبح الحجاوى رمزا بارزا فى الأدب الشعبى، وأصبح بمثابة الأب الروحى لهذا المجال.

قدم الحجاوى العديد من المؤلفات المتنوعة فى المسرح، والمواويل، والمسلسلات، وسيناريوهات الأفلام من بينها «أيوب المصري»، «سعد اليتيم»، «ملاعيب شيحة»، «كيد النساء» بالإذاعة، «سيد درويش»، «أدهم الشرقاوى» للتليفزيون، وسيناريو «أحبك يا حسن» للسينما، «بيجماليون»، «ملك ضد الشعب» للمسرح، إلى جانب المجموعة القصصية «نهر البنفسج»، «حكاية اليهود»، موسوعة التراث الشعبى الجزء الأول، وغيرها من الأعمال الفنية المحفورة فى ذاكرة الإذاعة المصرية وفى وجدان الشعب المصري، وبفضل هذا العطاء العظيم والتراث الشعبى الأصيل كرمته الدولة بعد وفاته، ومنحت اسمه شهادة تقدير من أكاديمية الفنون، كما غيرت اسم مسرح السامر إلى مسرح زكريا الحجاوى تخليدا لذكراه، ومنحته وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى.

جمالات شيحة.. رحلة فنية تروى هموم الشعب وتراثه

جمالات شيحة اسم لامع فى عالم الفن الشعبى، وتعد واحدة من أوائل الفنانات اللواتى أسهمن فى تشكيل ملامح هذا اللون الفنى الأصيل.

ولدت جمالات فى إحدى قرى مصر، وظهرت موهبتها فى سن صغيرة، مما جعل زكريا الحجاوى، أحد أعمدة الفن الشعبى، يكتشفها ويمنحها الفرصة للانطلاق فى عالم الفن الأصيل.

ارتبط اسمها بتراث المواويل والأغانى، التى تعبر عن هموم الناس وأفراحهم بلغة بسيطة وأداء عفوى أصيل، حيث تميزت بصوت قوى وأداء يحمل روح البيئة الشعبية المصرية، ما جعلها قريبة من قلوب الناس.

قدمت جمالات أغنيات عديدة تحاكى الحياة اليومية وتعبر عن المشاعر الصادقة، ومن أشهرها: «على ورق الفل دلعنى» و«أنا شرقاوية» و«يا حلو غيرت رأيك فينا» و«أنا رايحة الحسين» و«اتدلع يا حلو» و«على بلد المحبوب» و«رسينى يا ساقية عذاب» و«ياما دقت على الراس طبول» وغيرها من الأغانى، لم تقتصر أعمالها على الغناء فقط، بل أسهمت فى نقل الثقافة الشعبية المصرية إلى الأجيال الجديدة، وكانت رمزا للأصالة والبساطة.

شاركت جمالات خلال مشوارها الفنى فى العديد من المهرجانات والاحتفالات الشعبية، حتى أصبحت نموذجا للفنانة التى تلتصق بجمهورها وتعبر عنهم، لا تزال أغانيها تردد في الأفراح والاحتفالات الشعبية، مما يؤكد مكانتها كأيقونة خالدة فى تاريخ الفن الشعبى المصرى الأصيل.

المطربة جمالات شيحة

المسرح الشعبى جسر فنى وثقافى بين الأردن وفلسطين

فرقة «المسرح الشعبى» تكونت عام 1991 فى الأردن، واحتضنت عددا كبيرا من الفنانين الفلسطينيين والأردنيين والعرب، قدمت الفرقة أعمالا مسرحية متنوعة جابت المدن الأردنية، واستضافت فرقا عربية وأجنبية، كما نظمت دورات تدريبية وندوات ثقافية، وأصدرت مجلة متخصصة فى المسرح والدراما.

وفى عام 1996، انتقلت الفرقة إلى فلسطين تحت اسم «جمعية المسرح الشعبى لفنون الأداء والتدريب»، لتواصل مسيرتها فى تقديم العروض المسرحية والفنية بمناطق السلطة الفلسطينية، ومن أبرز أعمالها: «بحلم في بكرة، سندريلا، قراقوش والموسيقى، الخوف، القفص، يا قدس، زمن الأبرياء، مونودراما لعبة الشاطر، الطائر الحزين، حفار القبور، أحلام معلقة، الدغري، الضوء الأسود، خطايا، إسرق أقل رجاء، رحلة الأحلام، بيت برناردا آلبا، حى التنك، رحلات أبو الخيزران، قصص من زمن الخيول البيضاء، هناك على الشاطئ الآخر».

أسهمت الجمعية فى العديد من المهرجانات المسرحية العربية والمؤتمرات الثقافية، وهى تنظم سنويا برامج تدريبية متخصصة فى التمثيل والفنون المسرحية وفن الحكواتى، كما تنتج برامج إذاعية وأفلاما وثائقية، وتقدم أنشطة ثقافية متنقلة لتدريب الشباب والأطفال على مختلف الفنون.

وتهدف الجمعية إلى تنمية مهارات الشباب والأطفال، وإنتاج وترويج أعمال فنية ومسرحية، وتعزيز التعاون مع المؤسسات الثقافية محليا ودوليا، ودعم الحركة الثقافية والفنية وحفظ التراث.

فرقة المسرح الشعبي 

مقالات مشابهة

  • غرامة 20 ألف جنيه للمخالفين.. ضوابط جديدة وضعها القانون لتأمين المباني.. تفاصيل
  • شعب مصر.. قال كلمته
  • دفتر أحوال وطن «٣٠٨»
  • مواصلة مشاركة المواطنين الإحتفال بالذكرى الـ73 لعيد الشرطة (صور)
  • زيارات للمستشفيات ودور المسنين.. الداخلية تشارك المواطنين احتفالات عيد الشرطة| صور
  • «الولاء والانتماء ركائز الأمن القومى».. ندوة بمركز النيل للإعلام بالوادي الجديد
  • تماسك الجبهة الداخلية حائط الصد فى مواجهة مخططات التهجير
  • رئيس الغرفة التجارية بالدقهلية: شعب مصر حائط صد خلف الرئيس السيسى فى أى قرار يمس الأمن القومى المصرى
  • يا ليل يا عين| المسرح الشعبى والفنون الغنائية مرآة التراث ووجدان المجتمع المصرى.. إسهامات المبدعى من الشيخ سلامة حجازى إلى جمالات شيحة
  • «الأزمة الاقتصادية» الباب الخلفى لمجتمع دموى