يمر الكثير منا خلال حياته بالعديد من الحوادث السيئة، إذ قد تتعرض لحادثة ما تُكسَر فيها ذراعك أو تتعرض سيارتك للضرر فى حادثة على الطريق أو تتأخرعن اللحاق برحلة الطائرة فى الموعد المحدد، فتتعطل عن سفرك، وقتها ينتابك الضيق الشديد ويبدأ عقلك فى تبرير ما حدث، بأنه إما أن يكون فلان «باصصلك فى السفرية ده» أو فلانة قريبتك زارتك مؤخراً و«عينيها وحشة» ومن ساعتها والكوارث تلاحقك.
هذه الأفكار التبريرية لما حدث لك والتى لا ينفك عقلك يبحث عن سبب حدوثها لك تُرجعها فى أغلب الأحيان إلى الحسد أو العين التى أصابتك ولم تزل تلاحقك لتصيبك بالشر وتزيل ما أنت فيه من نعمة، وربما يتحول الأمر إلى «فوبيا» لديك حتى إنك تخاف من الحسد بشكل مرضي، فلا تصرح لأصدقائك بأى نعمة أنعمها الله له خوفاً من العين والحسد وأتذكر أحد زملائى عند نشر صورة لى على الفيس مع أحد أبنائى أنه حذرني ووجهه يمتلئ جدية قائلاً: «إوعى تنشر لك أى صورة والله العين وحشة قوى أنت حر»!!!
وللحقيقة، فإن الحسد أو «العين» قديمان قدم الإنسان منذ أن خُلِق آدم عليه السلام، إذ إن أول ذنب عُصِىَ به الله كان نتيجة حسد الشيطان آدم عليه السلام عندما أمر الله الملائكة بالسجود له، لكنه رفض السجود واستكبر وكان من الكافرين، كما أن أول جريمة قتل وقعت على ظهر الأرض كانت بسبب الحسد الذى نهش قلب قابيل تجاه شقيقه هابيل.
وثمة فرق بين كل من «الحسد» و«العين»، إذ إن «الحسد» هو شعور داخلى سلبى يتولد من الغيرة والحقد على نعمة الآخرين، ورغبة فى زوالها، أما «العين» فهى طاقة سلبية غير مقصودة تنبعث من شخص معجب بشىء ما، ما يتسبب فى ضرر لصاحب هذا الشىء بقصد أو دون قصد.
والمتتبع لتاريخ الحضارات والثقافات القديمة - وأيضاً الديانات- يجد أن الحسد وقوة العين الشريرة قاسماً مشتركاً فى جميع الثقافات الإنسانية منذ الأزل باختلاف أشكالها ومكانها الجغرافى فى أنحاء المعمورة شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً، فنجد أن الإيمان بالعين والحسد يشيع بشكل قوى، حيث كان يتم استخدام التعاويذ والطلاسم والتمائم كوسيلة للحماية من العين، وساد الاعتقاد بأن هناك عدة أشخاص بإمكانهم التسبب فى الإضرار بأي إنسان بمجرد إعطائه نظرة حاقدة حادة، كما أن تأثير الحسد قد يختلف من ضحية لأخرى، ففى بعض الثقافات ربما يسبِّب المصائب والحظ السيئ فقط، أما البعض الآخر فيُعتقد بأن هذه العين قد تسبب المرض والهزال أو حتى تصيب بالوفاة.
ولا تخلو الديانة الإسلامية -شأنها شأن جميع الديانات- من مفهوم «العين» و«الحسد»، فقد وردت كلمة الحسد فى القرآن الكريم 4 مرات منها قول الله تعالى: «ومن شر حاسد إذا حسد»، كما نهى الرسول الكريم عنه قائلاً: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».
لكن، هل من الصواب أن نرجع كل ما يصيبنا من مصائب إلى «العين» أو «الحسد»، بالطبع لا، إذ إن الحسد قد يكون كغيره من الأسباب فى حقيقته «ابتلاء» من الخالق، فالمؤمن دائماً مُبتلى وأكثر المبتلين هم الأنبياء عليهم جميعاً السلام، بل إن ما نراه شراً قد يكون فى جوهره خيراً لنا، فذراعك المكسورة التى قد جعلتك تلازم البيت لفترة قد تجعلك أكثر قرباً من أسرتك والتعرف على مشاكلهم عن قرب حيث كنت دائم الانشغال عنهم لدواعى العمل التى لا تنتهى، وتلك الرحلة التى فاتتك فيها الطائرة قد نجّاك الله فيها من الموت، إذ إنها تعرضت لحادثة سقوط أسفرت عن مصرع جميع الركاب!!
وفى النهاية يجب ألا يتحول خوفك من الحسد إلى «فوبيا» تجعلك حبيسها، فتفسد حياتك وحياة مَن حولك، فدع خوفك من الحسد جانباً، فكلّ مقدر من عند الخالق ولن يصيبك إلا ما قدره لك.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حادثة على الطريق الضيق الشديد حسد الشيطان آدم عليه السلام
إقرأ أيضاً:
مدير تعليم الإسكندرية: المصريين جميعًا يشكلون نسيجًا واحدًا يجمعهم تاريخ عريق
أكد الدكتور عربي أبوزيد، مدير مديرية التربية والتعليم، أن المصريين جميعًا يشكلون نسيجًا واحدًا يجمعهم تاريخ مصر العريق وحضارتها الفريدة، فهي تمثل أم الحضارات ومهد الديانات ومهبط الرسالات، ستظل مصر رائدة بفضل الترابط والتماسك بين كافة أطياف شعبها.
وأضاف خلال تقديم التهاني للأنبا بافلي، أسقف قطاع المنتزه و عام الشباب بمناسبة عيد الميلاد المجيد للأقباط الأرثوذكس، أن أرض مصر قد تشرفت باستضافة العائلة المقدسة، حيث اختارها الله لتكون ملاذًا آمنًا للسيد المسيح عليه السلام وأمه العذراء الطاهرة، مما يجعلها منبعًا للسلام والمحبة وموطنًا للأمن والاستقرار، مضيفاً إن المسيح عليه السلام يعد رمزًا للسلام والمحبة، وهو كلمة الله التي ألقاها إلى السيدة العذراء مريم البتول، التي طهرها الله واصطفاها على نساء العالمين.
واختتم حديثه أننا ندعو الله العلي القدير أن يمنح أبناء مصر، مسلمين ومسيحيين، كل الخير والبركة، وأن يحقق لمصرنا العزيزة المزيد من التقدم والرفعة والازدهار. كما نسأل الله أن يظل يجمعنا دائمًا ويوحد صفوفنا في وجه التحديات، وأن يحفظ وطننا من كل مكروه وذنب، نأمل أن تسود بيننا قيم الأمن والسلام والمحبة، وأن نعيش في وئام وسلام.
في هذا السياق، أشار الأنبا بافلي أسقف قطاع المنتزه و عام الشباب إلى أن الزيارة تجسد روح الأخوة والتلاحم الوطني بين جميع فئات المجتمع، كما أعرب عن خالص شكره وامتنانه للدكتور عربي أبو زيد على هذه المبادرة الطيبة. بالإضافة إلى ذلك، أثنى على جهود مديرية التربية والتعليم في تعزيز الخدمة التعليمية في جميع المديريات والمدارس.