خطأ المرأة وازدواجية المعايير
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
يعثرُ الرجل بسهولة على ملايين الأعذار لرجل مثله يجنح عن جادة الصواب ويأتي بأفعال مُستهجنة غير سوية، فأخطاؤه استنادًا إلى تفسيرنا الضيق لمفهوم «الذكورية» ونتيجة للصورة الذهنية العالقة في أذهاننا لامتيازاتها «قابلة للرتق» والإصلاح بقليل من الجُهد وإن عظُمت.
تتجاوز المجتمعات المتكئة على التقاليد المتوارثة والأعراف السالبة عن أخطاء أبنائها الذكور بل وتتفاخر بها في بعض المواقف ولو كانت بصورة غير مُعلنة فالقاتل شجاع لا يهاب الموت من أجل أخذ ثأر قديم، واللص رجل ذكي استفاد من ظروف مواتية كان سيستفيد منها غيره لولا نباهته والمتغطرس صاحب شخصية قوية يصعب تكرارها والمتحايل قناص للفرص، وفاقد المروءة منفتح تخطى مرحلة التحفظ والتزمت في الوقت الذي تُحسب فيه على المرأة أصغر زلاتها وتُعاملُ نتيجة لذلك كمجرمة تستحق الطرد من رحمة الله ورأفة عباده.
تُلاحِق المرأة أخطاء الماضي التي لن تخرج بطبيعة الحال عن كونها «بشرية» وتطاردها حتى في قبرها فعند أصغر موقف تُبعث سيرتها وتُفتّح الملفات القديمة دون أدنى اعتبارات لكرامة ميت أو اتقاء لجرح حي.
وليس من الغرابة أن تنعكس نتيجة تلك الهفوات على الأجيال التي ستأتي مستقبلًا كون الذاكرة الجمعية للمجتمعات التقليدية مُحصّنة لا يأتيها النسيان من بين يديها ولا من خلفها إذ تنقُل الأجيال للأجيال التي تأتي بعدها حيثيات ما سُجل من عثرات وتضيف لها بما يتفق والموقف إلى حد أنها تتسبب في تعثر علاقات إنسانية عذبة مهيأة للولادة وقابلة للإزهار أو تسهم في تدمير ما هو قائم منها.
إن عدم الموضوعية التي تتعاطى بها بعض المجتمعات مع ماضي المرأة يثير الدهشة وهو إن دل على شيء فإنما يدل على ازدواجية المعايير التي نوظفها في الحكم على الأشخاص إذا ما اعتبرنا أن مفهوم «الخطأ» واحد وطبيعة مرتكبه البشرية واحدة وأن ما قد تقع المرأة فيه من أخطاء حتمًا سببه رجل وليس كائنا قادما من الفضاء.
ولعل الغريب في الأمر أن مستوى الوعي والتعليم والثقافة الذي قد يناله الأفراد لم يتمكن بعدُ من القضاء على الفكرة السائدة بأن خطأ المرأة صغُر أم كبُر «عار» لا يمكن غسله بينما خطأ الرجل لا يعدو أن يكون «سوء تقدير» قابل للتصويب وأن ما يمكن أن يعيبه فقط هو جيبه، ما يدعو للدهشة أننا نتجاوز حقيقة أن لدى رب البشر جميعهم تعريفا واحدا لمفهومي الخير والشر لا ثالث لهما وأنه لا يُفرق بسبب الجنس في الجزاء الذي يكون على صورة ثواب أو عقاب.
النقطة الأخيرة..
يقول دوستويفسكي:
«إذا ركبت القطار الخطأ، حاول أن تنزل في أول محطة، لأنه كلما زادت المسافة، زادت تكلفة العودة».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
مقال بنيوزويك: أعظم أخطاء بايدن هو عدم اعتقاله ترامب
قال كاتب في مقال له بمجلة نيوزويك الأميركية إن الجميع يتجاهلون، في الوقت الذي بدأ فيه الديمقراطيون يتلاومون ويفسرون خسارة كمالا هاريس بعدم تهدئة مخاوف الناخبين بشأن التضخم، كيف ارتكب الرئيس جو بايدن أكبر خطأ كلفهم فقد الرئاسة ومجلسي النواب والشيوخ.
وتساءل الكاتب روي روزنفيلد في المقال: هل كان هذا الخطأ هو إهمال الحدود؟ أم الانسحاب من أفغانستان؟ أم عدم الاستقالة من الرئاسة؟ ليؤكد أن تلك بالفعل كانت أخطاء فادحة، لكنها ليست أسوأ أخطاء بايدن.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: اعتبارات حزبية والاستيطان يمنعان نتنياهو من وقف حرب غزةlist 2 of 2صحف عالمية: حرب غزة تناسب نتنياهو ولبنان يحتاج معجزة لإعادة بنائهend of listوأوضح روزنفيلد أن أسوأ خطأ ارتكبه، والذي سيلطخ إلى الأبد ما كان يمكن أن يكون رئاسة رائعة، هو فشله في اعتقال الرئيس المنتخب دونالد ترامب يوم 21 يناير/كانون الثاني 2021.
تضاءلت في الذاكرة الجماعية
ونفى الكاتب أن تكون حجته في اعتقال ترامب هي إحياء ترشيحه والنجاح ضد الديمقراطيين، وقال إن تلك حجة معيبة أخلاقيا، قائلا إن حجته هي أن بايدن بعدم اعتقاله ترامب على الفور، سمح لخطورة أفعاله الخيانية بالتضاؤل في الذاكرة الجماعية للجمهور، مما جعل أنصار ترامب وغيرهم يعتقدون بأن انخراط ترامب في تمرد كان احتمالا فقط، وسمح لوسائل الإعلام بجعل الأمر لا يبدو حقيقة، وتجاهل أن أحد المرشحين كان مغتصبا محتملا.
وقال إنه وبعد حفل التنصيب وإصدار بعض الأوامر التنفيذية السريعة في اليوم الأول، كان ينبغي أن يبدأ اليوم الثاني لبايدن بأمر لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالذهاب واعتقال دونالد ترامب، ولكنه لم يفعل ذلك، لأنه اعتقد خطأ -حسب الكاتب- أن الجمهور سيطالب بمحاسبة ترامب على ما فعله يوم 6 يناير/كانون الثاني، وأن أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين أدانوا تصرفات ترامب في ذلك اليوم سوف يعودون إلى رشدهم ويرفضون دعمه مرة أخرى.
مشكلة نهج بايدنوالمشكلة في النهج الذي اختاره بايدن هو تصويره ترامب على أنه تهديد للأمة ذو ميول فاشية، والسماح له في نفس الوقت بالتجول بحرية واستضافة من يريد في مقره بمارالاغو.
وأضاف أن ذلك بدا وكأن إدارة بايدن تلقي القبض على العديد من الذين كانوا في الكابيتول في ذلك اليوم وتوجه لهم الاتهامات، بينما تترك زعيم العصابة، وهكذا فإن ترك ترامب حرا جعل الناس يشكون في ذنبه -كما يقول الكاتب- وإلا لماذا لم يكن جالسا في سجن فيدرالي إذا كان قد شارك حقا في انقلاب؟
وختم روزنفيلد مقاله بالقول إن خطأ بايدن كان مفهوما إلى حد ما. فقد أراد أن تتعافى الأمة وشعر أن القبض على ترامب من شأنه أن يلحق الضرر بهذه العملية ويصرف انتباه إدارته عن أمور مهمة أخرى، لكن لا شيء كان أكثر أهمية من اتخاذ موقف قوي لصالح الديمقراطية، كان ينبغي لبايدن أن يتصرف بسرعة، وسوف يحظى بدعم هائل، ومن المرجح أن يضع حدا للخطر الذي يمثله ترامب إلى الأبد، وربما يدق المسمار الأخير في نعش الترامبية.