تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

رأت صحيفة "سوث تشينا مورننج بوست" الصينية، أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، تتزايد أهمية كوريا الجنوبية كحليف رئيسي إذا حدثت حرب سيبرانية إقليمية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوريا الجنوبية أصبحت جزءًا محوريًا في التعاون الأمني السيبراني بين الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك مشاركتها الأخيرة في تدريب "أبيكس" السيبراني في سول، الذي جمع أكثر من 20 دولة من حلف شمال الأطلسي (الناتو) ودول منطقة الهند والمحيط الهادئ لمناقشة سيناريوهات تهديدات الحرب السيبرانية.


وخلال تدريب "أبيكس"، الذي جرى في العاصمة سول، تم محاكاة هجمات على البنية التحتية الحيوية لحلفاء مختلفين، حيث كان المشاركون يتشاركون المعلومات ويتحققون منها لوضع استراتيجيات دفاعية، وتعد هذه الفعالية جزء من سلسلة من التدريبات متعددة الجنسيات التي شاركت فيها كوريا الجنوبية، كما كانت جزءًا من قمة "سايبر شاميبون" السنوية في سيدني بأستراليا، والتي يدعمها حلف الناتو وستستضيفها كوريا الجنوبية العام المقبل أيضًا.
وبالإضافة إلى ذلك، شاركت كوريا الجنوبية في تمرين "لوكت شيلدز" للدفاع السيبراني مع دول الناتو في أبريل، ما يعكس توجيهًا متزايدًا نحو تعزيز التعاون في هذا المجال.
وبينما لم تشارك الصين في أي من هذه الفعاليات، يشير العديد من الخبراء الصينيين إلى أن التعاون المتزايد بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في مجال الأمن السيبراني يهدف بشكل غيرمباشر إلى مواجهة التوسع الصيني في الفضاء السيبراني. 
وأكد المراقب العسكري الصيني ليانج يونجتشون أن هذا التعاون يشكل تهديدًا كبيرًا على الأمن الإقليمي في شرق آسيا، مشيرًا إلى أن كوريا الجنوبية قد تكون "رأس جسر استراتيجي" لناتو في حرب سيبرانية ضد الصين.
وأضاف ليانج، أن هذا التوجه قد يعادل التهديدات الأمنية التي تسببت بها نشرات سابقة مثل نشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي "ثاد" في كوريا الجنوبية عام 2017، الذي أدى إلى توتر العلاقات بين سول وبكين.
وتلعب كوريا الجنوبية دورًا استراتيجيًا في مجال الأمن السيبراني بفضل موقعها كمركز رئيسي للبنية التحتية الإقليمية للاتصالات، فهي تربط كابلات الألياف البحرية العابرة للمحيط الهادئ بالقارة الآسيوية، بما في ذلك الكابلات التي تصل إلى الصين. 
وأضاف ليانج أن استضافة كوريا الجنوبية لحدث "أبيكس" هو مؤشر واضح على نوايا الولايات المتحدة تجاه الصين، لا سيما مع مشاركة دول مثل اليابان والفلبين وسنغافورة في هذه التدريبات.
ويسلط التعاون المتزايد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في مجال الأمن السيبراني الضوء على التحديات الأمنية المتزايدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يراه بعض الخبراء تهديدًا استراتيجيًا وعسكريًا متزايدًا للصين. 
وأشار زاو مينجهاو، نائب مدير مركز الدراسات الأمريكية في جامعة فودان بالصين، إلى أن هذه التدريبات جزء من "الردع المتكامل" الذي تهدف الولايات المتحدة إلى تعزيزه ضد الصين وخصومها الآخرين.
ويرى الخبراء، أن هذه الجهود تؤشر إلى صراع متصاعد بين الكتل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يزيد من تعقيد الأمن الإقليمي ويضع الصين في مواجهة تحديات كبيرة في مجال السيبراني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الولايات المتحدة الأمريكية والصين كوريا الجنوبية بین الولایات المتحدة کوریا الجنوبیة فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الصين وأميركا في 2025.. حرب وشيكة أم دبلوماسية ستغير شكل العالم؟

كثيرا ما يُقال "إن التاريخ يعيد نفسه" وإن ثمة تشابها بالغا بين قصص صعود وهبوط الإمبراطوريات الكبرى والدول العظمى عبر التاريخ، ويدرك الإستراتيجيون الأميركيون ذلك، ولذا غالبا ما يحذرون من أن الصين قد تحاكي نفس قصة صعود بلادهم، حيث يمكن حينها أن يبدأ التاريخ دورة كونية جديدة لا تكون فيها الولايات المتحدة متفردة على قمة العالم.

ففي بدايات القرن الـ19 لم تكن الولايات المتحدة قد صارت بعد قوة عظمى، لكنها اكتفت ببناء قوتها الداخلية وإزالة التهديدات في محيطها الإقليمي، ومن ثم حجّمت نفوذ القوى العظمى آنذاك (بريطانيا وفرنسا) على الأميركيتين وأحكمت سيطرتها على بحر الكاريبي، والتزمت لاحقا الحياد في الحرب العالمية الأولى واكتفت بالاستفادة من مبيعات السلاح، حتى حانت اللحظة المناسبة في منتصف سنوات الحرب العالمية الثانية لتصعد الولايات المتحدة إلى مسرح القوى العالمية التي كانت قد أنهكتها جميعا سنواتُ الحروب، لتعيد القوة الفتية الصاعدة صياغة العالم وبناء أسس جديدة للنظام العالمي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ترويض الشبح.. هل تهدد "جيه-20" الصينية السماوات الأمريكية؟list 2 of 2بسور الصين المائي العظيم والثالوث النووي تتهيأ بكين لزعامة العالمend of list

ويعتقد المنظّرون الأميركيون أن إنكار الصين لطموحاتها العالمية خلال العقود الماضية لا يعدو محاولة لإعادة القصة التاريخية المكررة، ولذا تعْمَد الإستراتيجية الأميركية إلى قطع الطريق مبكرا على صعود الصين، ومنعها ابتداءً من أن تصبح قوة إقليمية في جنوب شرق آسيا، فضلا عن منع سيطرتها على بحر جنوب الصين (الذي يسميه الأميركيون بالكاريبي الصيني).

إعلان

ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى أوائل القرن الـ20، اعتمدت الولايات المتحدة تجاه الصين إستراتيجية المشاركة والدمج، فبينما تحافظ واشنطن على وضعها العسكري المهيمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي للتحوط ضد صعود الصين، انتهجت سياسة طويلة الأجل لإشراك بكين في بنية النظام العالمي ومحاولة تطويعها سلميا.

ولكن بدءا من عام 2011 رأت الولايات المتحدة أن سياستها لم تأت بالنتائج المرجوة، وإن حققت نجاحا جزئيا على مدى عقود، وخاصة مع صعود الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2008 والذي بدا خطابه مختلفا عن أسلافه ومعبرا عن طموح واسع للصين، فوضعت إستراتيجية المحور الآسيوي والذي يهدف لتعميق علاقات الولايات المتحدة مع مجموعة من الحلفاء الآسيويين بغية محاصرة نفوذ الصين واحتواء صعودها.

وفي عام 2017؛ اتخذت إدارة دونالد ترامب الأولى خطوات أكثر جدية تجاه الصين، فصنفتها باعتبارها "منافس إستراتيجي" للولايات المتحدة وأنها "قوة مراجعة" أي أنها تسعى لإعادة ترتيب هيكل القوة العالمي مما سيضعها يوما في مواجهة حتمية مع الولايات المتحدة. ومن ثمّ؛ أصدرت إدارة ترامب سلسلة من الوثائق الإستراتيجية تشرح هذه السياسة الجديدة تجاه الصين، أهمها "إستراتيجية الأمن القومي لعام 2017″ و"إستراتيجية الدفاع الوطني الأميركية لعام 2018".

ورغم أن إدارة "بايدن" قد ورثت هذا الخط الإستراتيجي واستمرت في تبنيه؛ إلا أن ثمة فروقا جوهرية بين إدارة بايدن التي يغلب عليها العقلية الأمنية الكلاسيكية وإدارة ترامب التي يغلب عليها العقلية التجارية من جانب وعقيدة "أميركا أولا" من جانب آخر.. فماذا يمكن أن تضيف ولاية ترامب الثانية وخاصة في عامها الأول 2025 للتنافس الأميركي – الصيني؟ وماذا يمكن أن تُكتب من فصول جديدة خلال هذا العام لقصة الحرب الباردة بين الطرفين؟

إعلان

ومع تقدم سنوات التنافس بين البلدين وتصاعد النمو الاقتصادي الصيني وتزايد نشاطها في الساحة الدولية، تعقدت خطوط التماس بين القوتين الكبيرتين، إلا أنه لا يزال أهمها: أولا الحرب التجارية وقضية فرض التعريفات الجمركية على الصادرات الصينية للولايات المتحدة، وثانيا التنافس الجيوسياسي في جنوب شرق آسيا أو ما بات يُعرف في الأدبيات الأميركية بمنطقة "الإندوباسيفيك". وفي السطور التالية نقف على الوضعية الإستراتيجية لهذين الملفين مع استشراف أهم ملامح تطوراتهما المحتملة في 2025.

رجل التعريفات الجمركية.. ماذا سيفعل؟

كانت إحدى أبرز وعود الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خلال حملته الانتخابية هي زيادة التعريفات الجمركية على جميع السلع الواردة من الصين بنسبة تصل إلى 60% بشكل تدريجي تبدأ بـ10% يوم تنصيبه.

ويُطلق ترامب على نفسه "رجل التعريفات" ويعتبر التعريفات الجمركية أداته المفضلة لتقليل العجز التجاري الأميركي ومنع المزيد من تآكل قاعدة التصنيع في أميركا من جهة، وتهديد خصومه وابتزازهم من جهة أخرى، كما أنه يزعم دائما أن "الحروب التجارية جيدة والفوز بها سهل".

وخلال ولايته السابقة؛ فرض ترامب مجموعة من الرسوم الجمركية، ففي عام 2018 فرض رسوما على ما يمثل حوالي 13% من إجمالي قيمة واردات الولايات المتحدة من الصين. كما فرض عقوبات ثانوية كان أبرزها على شركة هواوي الصينية، الرائدة في مجال الاتصالات في الصين، وأطلق مبادرة الشبكة النظيفة لإزالة الأجهزة والبرمجيات الصينية من البنية التحتية في الولايات المتحدة والدول الصديقة في دائرة واشنطن الدبلوماسية.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب (يمين) والرئيس الصيني شي جين بينغ (الجزيرة)

وبعد عام ونصف من الحرب التجارية، وقّعت الصين في يناير/كانون الثاني 2020 المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية مع الولايات المتحدة، وبموجبها ألغت واشنطن قرابة نصف الرسوم المفروضة على الواردات الصينية مقابل تعهد الأخيرة بأن تشتري بضائع أميركية بقيمة 200 مليار دولار خلال مرحلة تمتد إلى عامين.

إعلان

روّج ترامب للاتفاقية بوصفها أحد أهم إنجازاته في حماية مصالح الأميركيين، بيْد أن تداعيات فيروس كوفيد-19 (كورونا) التي تفاقمت خلال أسابيع لم تترك الفرصة للاتفاقية أن تُؤتي ثمارها، وتسببت في إحداث ضرر بالغ للاقتصاد الأميركي دفع ترامب ثمنه شخصيا بتراجع حظوظه الانتخابية وخروجه من البيت الأبيض.

واختتم ترامب ولايته بانتقادات حادة للرئيس الصيني، ففي مايو/أيار عام 2020، على سبيل المثال، قال "لا أريد التحدث معه"، موجها اللوم إلى الصين على عدم وقف انتشار الجائحة خارج حدودها، وزعم أن الولايات المتحدة يمكن أن "تقطع العلاقة مع الصين بالكامل".

ويُرجح تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن إدارة ترامب القادمة سوف تتبنى أجندة عدائية تجاه الصين، وسيكون دافعها الأول هو رغبة ترامب في "جعل الصين تدفع ثمن الفوضى التي أحدثها فيروس كورونا في الولايات المتحدة".

ويقول التقرير إن ترامب في حين كان متفائلا بشأن مستقبل العلاقات الاقتصادية الأميركية الصينية عندما أعلن عن المرحلة من اتفاق التجارة في 15 يناير/كانون الثاني 2020، إلا أن مزاجه قد تدهور بشكل كبير بحلول الصيف، عندما كان الفيروس قد انتشر بشكل واسع في جميع أنحاء العالم. ونقل التقرير عنه قوله آنذاك لمستشاريه "يمكنني إبرام 100 صفقة تجارية مع الصين، ولكنها لن تعوض عن الضرر الذي ألحقته الجائحة باقتصادنا".

لكنّ الحرب الحرب التجارية التي ينوي ترامب شنّها على الصين ستترك آثارا جانبية على الاقتصاد الأميركي، فبحسب تحليل نشرته مجلة فورين بوليسي، من المرجح أن تؤدي الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات الصينية، تزامنا مع رسوم أخرى بقيمة تتراوح من 10 إلى 20% ينوي ترامب فرضها على صادرات باقي الدول، إلى ارتفاع حاد في نسب التضخم نتيجة الحرمان المفاجئ للسوق من سلع عديدة قد لا تجد خطوط الإمداد الأميركية بدائل مباشرة لها.

إعلان

ولذا؛ توقع التقرير الاستشرافي السنوي لمركز ستراتفور أن الولايات المتحدة ستستخدم التعريفات الجمركية الكبيرة على سبيل التهديد لدفع الدول إلى تقديم تنازلات مثل الوعود بشراء المزيد من السلع الأميركية أو تقييد صادرات سلع معينة إلى الولايات المتحدة، لكنها لن تلجأ في الأغلب إلى إقرارها على نطاق واسع، لكن الأمر يختلف بالنسبة للصين، فمن المرجح أن تفرض بالفعل نسب تدريجية من هذه الرسوم الموعود بها.

ونتيجة لذلك، ستؤدي أي تعريفات كبيرة إلى اتخاذ تدابير انتقامية من جانب تستهدف الصادرات الأميركية، حيث ستتحمل المنتجات الزراعية والسلع المصنعة في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون العبء الأكبر من أي انتقام محتمل. وفي المقابل؛ من المرجح أيضا أن تتسبب التعريفات الكبيرة على الصين في دفع بعض البلدان الأخرى إلى فرض تعريفاتها الجمركية الخاصة على بعض السلع الصينية كذلك لحماية أسواقها من هجوم من السلع الصينية الرخيصة التي كانت تُباع سابقا إلى الولايات المتحدة.

ولكن؛ من المرجح أن تكون بكين هذه المرة أكثر ثقة بنفسها وأشد جرأة على اتخاذ إجراءات انتقامية في مواجهة الحرب التجارية من تلك التي كانت 2018 و2019، حيث تستعد منذ وقت طويل لخوض هذه الحرب المتوقعة، من خلال زيادة استثماراتها في جنوب شرق آسيا، سعيا إلى تنويع سلاسل التوريد وحماية اقتصادها من الصدمات التجارية.

ولتعزيز موقفها، كثفت بكين التدابير المضادة ضد الشركات الأميركية، وتحولت من إطلاق طلقات تحذيرية إلى توجيه ضربات ملموسة، بحسب وصف فورين بوليسي.

فعلى سبيل المثال؛ تواجه شركة سكاي ديو، أكبر شركة أميركية لتصنيع الطائرات المسيّرة، اضطرابات حرجة في سلسلة التوريد بعد أن فرضت عليها الصين عقوبات بسبب مبيعاتها إلى وكالة الإطفاء الوطنية في تايوان، وهذا أجبر الشركة على تقنين صادراتها.

كما تخضع شركة إنتل للتدقيق حيث تضغط جمعية الأمن السيبراني في الصين من أجل التحقيق في العيوب الأمنية المزعومة، وهذا يهدد سيطرة إنتل في سوق تمثل ما يقرب من ربع إيراداتها. وتكشف هذه العقوبات والتحقيقات عن أن ترسانة بكين للانتقام ستكون أقوى بكثير مما كانت عليه خلال فترة ولاية ترامب الأولى.

وفي المقابل؛ يتوقع ستراتفور أن تبدأ المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ولكن من غير المُرجح أن تتقدم بشكل كبير في عام 2025. وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تعمل الصين على توسيع التحفيز المالي تدريجيا بما يتناسب مع التعريفات الجمركية الأميركية، وإصدار تريليونات من عملتها اليوان في الديون السيادية لدعم المصدرين، وتثبيت مخاطر الديون، وتمويل الاستثمارات (مثل البنية التحتية للمياه) والاستهلاك (على سبيل المثال، برامج مقايضة السلع).

إعلان الإندوباسيفيك.. خط التماس الجيوسياسي الأكثر خطورة!

في السنوات الماضية؛ ارتفعت الأهمية الجيوسياسية لمنطقة المحيطين الهندي والهادي (إندوباسيفيك) ارتفاعا هائلا، على وقع أصداء التنافس الأميركي- الصيني في المنطقة، حتى باتت دول جزرية صغيرة، لا تتعدى مساحتها بضعة كيلومترات ولا يتعدى عدد سكانها مئات الآلاف، تحظى بأولوية كبرى في خريطة تحالفات البلدين لأهميتها من جهة انتشار القوات وتأمين الخطوط الدفاعية واللوجستية.

سفن أميركية وفليبينية في تدريبات عسكرية مشتركة ببحر جنوب الصين (الجزيرة)

وقد أصدرت إدارة ترامب الأولى وثيقة "الإطار الإستراتيجي لمنطقة الإندوباسيفيك"، بينما صدرت أحدث الإستراتيجيات الأميركية تجاه المنطقة في عهد جو بايدن في فبراير/شباط 2022، بعنوان "إستراتيجية الولايات المتحدة لمنطقـة المحيـط الهنــدي والمحيـط الهـادي"، وذلـك بعـد يـوم مــن اجتماع وزراء خارجية الحـوار الأمني الرباعي (كواد QUAD) في أستراليا، الذي يضم إلى جانب الولايات المتحدة كلا من الهند وأستراليا واليابان. ويرجع إحياء هذه الرباعية إلى فترة ترامب الأولى من خلال مسؤولين كبار من الدول الأربعة، ثم ارتفع التمثيل فيها لمستوى قادة الدول في عهد بايدن.

وعلى الرغم من أن هذه الرباعية باتت أهم نقاط الارتكاز الأميركية لاحتواء النفوذ الصيني ومحاصرته في المنطقة، إلا أن العقلية التجارية لترامب قد تدفعه لتقييم جدوى هذه التحالفات بشكل مختلف، حيث يشير دائما إلى أن حلفاء الولايات المتحدة وشركاءها قد استغلوها ماليا، وربما بتكلفة أكبر من تكلفة تنافسها مع الخصوم.

فبحسب مجموعة الأزمات الدولية؛ سُئل ترامب عام 2019 عما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة الخروج من معاهدتها الدفاعية طويلة الأمد مع اليابان، فأجاب بأن هناك ما يدفع للتفكير في ذلك، كما أنه ضغط على كوريا الجنوبية لدفع زيادة بقيمة 400% في عام 2020 على تكلفة نشر القوات الأميركية في البلاد.

إعلان

كما سبق أن وصف منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بأنها "عتيقة" وادعى في تجمع انتخابي في فبراير/شباط الماضي أنه أثناء فترة ولايته، أخبر زعيم دولة "كبيرة" في الناتو بأنه سيخبر روسيا بأن تفعل "ما تريده" إذا كانت تلك الدولة متخلفة عن سداد "فواتيرها" في المنظمة، كما يُعتقد على نطاق واسع بأن ترامب يفكر في إعادة هيكلة حلف الناتو على مرحلتين، حيث سيقوم بتقليص العلاقات الأمنية بشكل حاد مع الدول الأعضاء التي لا تنفق على الأقل 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع والتسليح.

وفي هذا السياق؛ فإن خطط ترامب ووعوده بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا؛ تثير قلق الإستراتيجيين الصينيين، بسبب أن احتمالية التفاهم الأميركي-الروسي قد تضعف تعمق التحالف الصيني-الروسي، ومع أن بكين طوال مدة الحرب الأوكرانية حرصت على ترك مسافة بينها وبين موسكو، إلا أنها قدمت دعما غير مباشر لها، ومن المؤكد أن انشغال الولايات المتحدة والغرب في حرب طويلة مع روسيا كان يعطي بكين شعورا بالارتياح بسبب تشتت جهود الغرب.

عقدة تايوان.. ماذا تنتظر؟

لعل أكثر نقاط الإندوباسيفيك سخونة هي جزيرة تايوان التي باتت العنوان الأبرز لصراع الإرادات الأميركي-الصيني. وخلال حملته، ألقى ترامب مرارا وتكرارا بظلال من الشك على مدى الدعم الأميركي الموجه لتايوان في المستقبل، وطبق نهجه التجاري المعتاد على الجزيرة التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات أمنية عميقة، حيث قال -ترامب- في مقابلة أجريت معه في يوليو/تموز مع بلومبيرغ بيزنس ويك: "يجب على تايوان أن تدفع لنا مقابل الدفاع.. كما تعلمون، نحن لا نختلف عن شركة تأمين… تايوان لا تعطينا أي شيء".

وبحسب فورين بوليسي؛ دفعت مثل هذه التصريحات بعض خبراء الصين إلى الاعتقاد بأن ترامب سوف يسعى إلى إبرام صفقة مع تايوان في مقابل المزيد من الدعم الدفاعي الأميركي. ويبلغ الإنفاق العسكري في تايوان حوالي 2.6% من ناتجها المحلي الإجمالي، وقد يطلب ترامب من الجزيرة زيادة هذا الرقم، كما اقترح ذلك مستشار الأمن القومي السابق لترامب روبرت أوبراين ومسؤول الدفاع إلبريدغ كولبي.

إعلان

وفي حين قد يحاول ترامب إبرام صفقة صعبة أثناء محاولته الضغط على تايوان، فمن غير المرجح أن يتخلى فعليا عن دعمها نظرا لاعتبارها خط دفاع أمامي متقدم في مواجهة الصين. وفي كل الأحوال ستظل تايوان نقطة توتر رئيسة بين البلدين، ومجالا مستمرا للمناورات العسكرية الصينية، خاصة في ظل الرئيس الحالي للجزيرة، لاي تشينغ تي، الذي يتبنى خطابا انفصاليا غير معهود على الساسة التايوانيين.

وفي غضون ذلك؛ ستستمر محاولات كلا البلدين لزيادة التأثير والنفوذ على الدول الجزرية الصغيرة في المحيط الهادي، فكما اعترفت الولايات المتحدة رسميا في سبتمبر/أيلول 2023 بجزر "كوك" و"نييوي" كدولتين مستقلتين تتمتعان بالسيادة، وأقامت معهما علاقات دبلوماسية في سياق مواجهة نفوذ الصين، استطاعت الصين من جانبها إبرام اتفاقية أمنية ذات بنود واسعة مع دولة "جزر سليمان" في أبريل/نيسان 2022، ووقعت اتفاقية دفاعية مع "جزر المالديف" في مارس/آذار 2024، وسوف تظل تسعى لتكرار هذا النموذج بغية كسر الطوق الذي تفرضه عليها الولايات المتحدة عبر الوجود العسكري في سلسلة من الجزر في بحر جنوب الصين.

وكذلك يُتوقع أن تستثمر الصين في مزيد من العلاقات في المجال الجيوسياسي التنافسي المتمثل في الدول الصغيرة والمتوسطة الواقعة بينها وبين الهند، وذلك على الرغم من توقيع بكين ونيودلهي في أكتوبر/تشرين الأول اتفاقا ينهي خلافا تاريخيا على الحدود بينهما، في حين بدا خلال السنوات الأخيرة أن الولايات المتحدة باتت تراهن على الهند كأداة لاحتواء وعرقلة صعود الصين.

وسيتجلى ذلك بصورة أساسية في مزيد من دعم الصين للسلطة الجديدة في بنغلاديش، التي تتهم الهند بدعم رئيسة الحكومة المخلوعة حسينة واجد، كما ستستمر الصين في دعم المجلس العسكري في ميانمار، فضلا عن احتمالية نشوب تطورات أخرى في المنطقة التي تتسم بقدر كبير من الهشاشة السياسية والأمنية.

إعلان

وفي صورة أوسع؛ فإن التحولات الجارية منذ سنوات في هيكل توزيع القوى في العالم، لا تزال بعيدة عن إنتاج شكلها النهائي، ولا تزال مجموعة من التفاعلات والتغيرات في إطار حالة من الغموض وعدم اليقين وستكون هي السمة الغالبة على السنوات القادمة.

مقالات مشابهة

  • كوريا الجنوبية.. محققو مكافحة الفساد يصلون مقر إقامة الرئيس لاعتقاله
  • شرطة كوريا الجنوبية تداهم مطار موان ضمن التحقيقات في أكبر كارثة جوية
  • الولايات المتحدة ليست مستعدة اقتصاديا لحرب بين الصين وتايوان
  • الولايات المتحدة قدمت مساعدات عسكرية لإسرائيل بـ 22 مليار دولار!
  • ترقية استراتيجية العولمة مرة أخرى: أصبحت BYDFi عضوًا مهمًا في تحالف CODE VASP في كوريا الجنوبية
  • كاتب أمريكي: الولايات المتحدة شريكة في إبادة الفلسطينيين.. ويجب إصدار أمر باعتقال بايدن
  • الصين وأميركا في 2025.. حرب وشيكة أم دبلوماسية ستغير شكل العالم؟
  • كوريا الجنوبية ترسل الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة إلى الولايات المتحدة
  • كوريا الجنوبية: سنرسل الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة إلى الولايات المتحدة لتحليله
  • يون سوك يول.. رئيس كوريا الجنوبية الذي أعلن الأحكام العرفية فعزله البرلمان