منظمة المطبخ المركزي العالمي تعلن تعليق عملياتها في غزة
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
أعلنت منظمة المطبخ المركزي العالمي تعليق عملياتها في غزة بعد استشهاد موظفين في غارة جوية إسرائيلية، حسبما أفادت قناة القاهرة الإخبارية، في نبأ عاجل.
وقال بشير جبر مراسل القاهرة الإخبارية من مدينة خان يونس بقطاع غزة، إن طائرات الاحتلال الإسرائيلي هاجمت صباح اليوم سيارة تابعة لمنظمة المطبخ المركزي العالمي بمدينة خان يونس بقطاع غزة، موضحًا أن هذا القصف أدى لاستشهاد 3 من العاملين في المنظمة، بالإضافة إلى 2 من المارة في شارع صلاح الدين بخان يونس.
وأضاف «جبر» خلال رسالة على الهواء أن هذا التفجير الذي استهدف سيارة «المطبخ المركزي الدولي» خلف العديد من الجرحى، الذين تم علاجهم وإسعافهم بمجمع ناصر الطبي بخانيونس وتشرف المنظمة على عدد من المطابخ الخيرية في قطاع غزة، وتقوم بتوزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين.
وردا على تكثيف العمليات العسكرية في قطاع غزة، قصفت طائرات الاحتلال الحربية عدة منازل في منطقة الرمال وسط مدينة غزة، في الساعات الأولى من صباح اليوم، ما أدى إلى استشهاد ثمانية شهداء وإصابة عدد من الفلسطينيين استشهد شهداء في القصف الإسرائيلي على منطقة الشيخ رضوان.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: منظمة المطبخ المركزي العالمي المطبخ المركزي العالمي غزة المطبخ المرکزی
إقرأ أيضاً:
الإبادة العاديّة.. لماذا يتفنن الإسرائيليون في إبادة الفلسطينيين؟!
أكثر الأسئلة التي تظهر محتارة بخصوص الممارسة الإبادية التي انتهجها الإسرائيليون بخصوص الفلسطينيين في قطاع غزّة؛ لا يمكن الإجابة عليها. فقط الإسرائيلي يمكنه الإجابة عليها، وليس من الممكن لأيّ أحد أن يجمع خياله وقواه العصبية والذهنية ليضع نفسه مكان الإسرائيلي متصوّرا ذاته تمارس تلك الأنواع التي لا تبدو متناهية من الإبادة على الفلسطينيين، وعلى الأرجح ولا حتى الإسرائيلي يمكنه الإجابة، لأنّه من حيث الأصل لا يرى ما يقتضي السؤال ليكون ثمّة إجابة، أي هو لا يرى ما يفعله مستنكرا ليبحث في الدافع بقصد الفهم أو بقصد التسويغ، فما هو عادي وطبيعي لا يُسأل عادة عن سببه، والفعل الإبادي بتنويعاته الهائلة كيفا وكمّا يبدو شيئا طبيعيّا بالنسبة للإسرائيليين، حتى أنه لن يخطر على بال أكثرهم السؤال: لماذا نفعل كلّ هذا بالفلسطينيين؟!
مثلا.. لماذا تُتْرَك جثث الشهداء الفلسطينيين في العراء تنهشها الكلاب؟! أيّ حاجة أمنية أو عسكرية أو حتى ثأرية لفعل كهذا؟! الدولة المدججة بكلّ شيء من أدوات الأمن والرقابة والضبط والسيطرة؛ تقدر على السماح لسيارات الإسعاف بالوصول إلى جثث الشهداء لأخذها ثمّ دفنها، لكن كيف يسمح الإسرائيلي بذلك وهو يقصف أحيانا سيارات الإسعاف ويقتل من فيها، كما يقصف سيارات الدفاع المدني، ويقصف لجان الإغاثة وتوصيل المساعدات، تماما كما عمل بنحو ممنهج على قصف المستشفيات والمرافق الصحية، وقتل الأطباء والعاملين في المنظومة الصحية، واعتقال بعضهم، وقتلهم في السجن. حينما لا يجد الإسرائيلي وجاهة في السؤال الذي يُطرح عليه: "لماذا لا يكتفي بهذا الحدّ من القتل والتدمير والتجويع وملاحقة الناس بالبرد والنار في الوقت نفسه؟!"؛ فذلك يعني أنّه يمارس طبيعيته، عاديّته، أي يُعبّر عن نفسه بنحو طبيعي وتلقائيالأمر في تنويعاته تلك يفوق الحاجة إلى أدوات لدفع الفلسطينيين للهجرة، أو تحويل قطاع غزّة إلى جحيم لا يمكن للحياة أن تستمر فيه. حينما سألني المذيع في قناة الجزيرة عن تفسيرٍ لترك الجنود الإسرائيليين جثث الشهداء الفلسطينيين لتنهشها الكلاب، أجبته: "من هذا الذي يملك تفسيرا لفعل كهذا"؟!
الأمر في حقيقته على وحشيته ولا معقوليته، يبقى أخفّ وطأة من إبادة الأطفال. لماذا يقرّر الإسرائيلي إبادة عائلة كاملة؛ وطائراته تغطي سماء قطاع غزّة بالكامل، و"الكواد كابتر" ترافق من تشاء فوق رأسه، ويمكنها أن تتسلل إلى ما بقي من بيوت، أو إلى خيام النازحين ومدارس إيوائهم؟! يمكن للإسرائيلي أن يقتل من يشاء بدقة، فلماذا ينتظر هدفا حتى يدخل بيته فيقتله مع زوجه وأطفاله؟! لا يمكن تفسير فعل كهذا بالحاجة الأمنية. هو يريد إبادة هذه العائلة وفقط. لماذا؟ لا تدري. حتى هو لا يدري، وهو لا يهتمّ أصلا أن يعرض السؤال على نفسه، أو بنحو أدقّ لا يمكن أن يخطر على باله سؤال كهذا. فكلّ ما فعله في قطاع غزّة كاف لتحقيق أغراضه الثأرية والانتقامية ولتحويل القطاع إلى مكان غير قابل لاستمرار الحياة فيه، وبعد 14 شهرا من الإبادة المروّعة المتسمة بأعلى درجات العنف والإزاحة السكانية ينبغي أن تكون غريزة الثأر والانتقام قد هدأت، لا سيما والحديث ليس عن إمبراطورية مترامية الأطراف يمكنها استيعاب كلّ هذا الهول من جحيم النار الإسرائيلية، بل عن مساحة لا تزيد على حارة في أي مدينة كبيرة في هذا العالم. قارن فلسطين كلّها لا قطاع غزّة فحسب، بأيّ محافظة في بلد عربي كبير، فكيف بقطاع غزّة؟!
لكن حينما لا يجد الإسرائيلي وجاهة في السؤال الذي يُطرح عليه: "لماذا لا يكتفي بهذا الحدّ من القتل والتدمير والتجويع وملاحقة الناس بالبرد والنار في الوقت نفسه؟!"؛ فذلك يعني أنّه يمارس طبيعيته، عاديّته، أي يُعبّر عن نفسه بنحو طبيعي وتلقائي، وهو ما يُذكّر بشرح جابوتنسكي، الأب الروحي لبنيامين نتنياهو، لأخلاقية الحركة الصهيونية، بقوله: "إنه ليس علنا أن نتساءل إذا كانت الحركة الصهيونية أخلاقية، فطالما رضينا أن نكون صهاينة فهذا يعني أنّها أخلاقية". وهو ما يعني أنّ القيمة الأخلاقية تُستخلص من الفعل الإسرائيلي، وأنّ هذا الفعل لا يستمد أخلاقيته من قيم أخلاقية متعالية أو مشتركة بين البشر، فحينما يصف الإسرائيليون جيشهم بأنه "الأكثر أخلاقية في العالم" فإنّهم يعنون هذا تماما، فأيّ شيء مستغرب في الفعل الإسرائيلي إذا كان الكيان الإسرائيلي كلّه قام على سياسة التطهير العرقي المدفوع بالمجازر المروعة؟! اقتلاع شعب من أرضه بالكامل وإحلال مجموعات بشرية أخرى مستقدمة من أصقاع العالم كلّه مكانه، وتحويلها بدورها إلى شعب يملك سردية متخيلة تسوّغ له فعله!
في بداية الحرب على غزّة كان الإسرائيليون يسألون باستهجان حقيقيّ وصادق يُعبّر عنهم تماما: "لماذا لا يستقبل العرب سكان غزّة جميعهم؟!"، التفسير الإسرائيلي لذلك هو أنّ العرب يكرهون الفلسطينيين. قد تكون هذه حقيقة، ولكن ليس لأنّ العرب لم يقبلوا بتغريبة فلسطينية جديدة تحطّ في بلادهم، ولكن لأنّهم سمحوا بإبادة الفلسطينيين في هذه الحارة الصغيرة التي تُدعى قطاع غزّة. لم يكن الإسرائيليون وحدهم الذين يسألون باستغراب عن السبب الذي يحول دون استقبال العرب لسكان قطاع غزّة، فقد صار هذا السؤال يوميّا في جميع البرامج الإخبارية الغربية، ولا معنى لهذا السؤال إلا: "إمّا أن نقتلهم جميعا، أو تستقبلوهم جميعا". الإسرائيلي وشريكه الغربي في الإبادة؛ لا يرى انحطاطا أخلاقيّا في هذا السؤال، لأنّ الأخلاق تنبثق عن الفعل الإسرائيلي. الفعل الإسرائيلي هو مرجعية أخلاقية، حتى لو كان فعل إبادة وتهجير وقتل للأطفال ورمي للجثث لتأكلها الكلاب! جابوتنسكي في تفسيره لعقيدة التهجير قال: "اليهود ليس لهم إلا هذه الأرض الصغيرة (فلسطين)، وأمّا العرب فبلادهم كبيرة واسعة، فتهجير عرب فلسطين إلى البلاد العربية الأخرى فعل أخلاقيّ بامتياز".
قد يُعبّر التهجير عن حاجة، حاجة غير أخلاقية وغير مبررة، ولكنها حاجة لتهويد فلسطين بالكامل بشرا وحجرا وشجرا. ولكن أيّ حاجة للزيادة في أنواع الإبادة ونزع الكرامة الآدمية عن الفلسطينيين، حتى عن جثثهم؟!
الغفلة عن هذه الحقيقة، أي عقيدة الإبادة، واعتيادها إسرائيليّا، لا تنجم عنها تصوّرات خاطئة فحسب في تقييم حرب الإبادة الجارية، كالتبرئة الضمنية لـ"إسرائيل" بجعل ممارستها الإبادية في حربها على غزّة مجرّد ردّ فعل على "خطأ فلسطيني" (أي عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر)، ولكنّها تَحول دون الفهم الحقيقي للخطر الإسرائيلي على المنطقة وشعوبها
إذا قلنا إنّ الإسرائيلي لا يرى وجاهة في هذا السؤال، وقلنا إنّ هذا يعني عادية وطبيعية الممارسة الإبادية، فذلك يعني أنّه يكشف عن عقيدة ضمنية، منبثقة عن وعي جماعي وموقف نفسي تأسيسيّ من السكان الأصليين للبلاد، ومتبلور في أصله من استيعاب التاريخ المتخيل للإسرائيليين وفق ذاكرتهم القومية المصطنعة عن تاريخ "شعب إسرائيل" في العصور القديمة، سواء جرى التعامل مع النصوص التاريخية بوصفها نصوصا دينية مقدسة، إم إرثا قوميّا وذاكرة جماعية لتاريخ "إسرائيل القديم"، وهو المشبّع بالإبادة المقدسة دعوة وتأصيلا وممارسة.
الاعتياد الإبادي؛ يحوّل الإبادة إلى فعل متجاوز للسكان الأصليين للبلاد، لأنّه يصير سمة شخصية، ومكوّنا للهوية، واستحقاقا إسرائيليّا، وهو ما رأيناه في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، التي اتسمت بقصدية إبادة واضحة، وإن دنت في الدرجة عن الإبادة في غزّة لكوابح سياسية، إذ إرادة الإسرائيلي ليست حتمية النفاذ وقدرته ليست مطلقة، وهذا الذي جرى في غزّة ولبنان قابل للاستئناف في أيّ بلد عربي مجاور، كما أنّه قد يكون المصير الذي ينتظر بقية الفلسطينيين في عموم جغرافيا فلسطين، وفي الطليعة من ذلك الضفّة الغربية.
إنّ الغفلة عن هذه الحقيقة، أي عقيدة الإبادة، واعتيادها إسرائيليّا، لا تنجم عنها تصوّرات خاطئة فحسب في تقييم حرب الإبادة الجارية، كالتبرئة الضمنية لـ"إسرائيل" بجعل ممارستها الإبادية في حربها على غزّة مجرّد ردّ فعل على "خطأ فلسطيني" (أي عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر)، ولكنّها تَحول دون الفهم الحقيقي للخطر الإسرائيلي على المنطقة وشعوبها، لا بأبعاده السياسية والإستراتيجية فحسب، بل وبالمعنى المادي المباشر المتعلق بتعمّد الجريمة ضد إنسان المنطقة، بمعناها القانوني الصريح.
x.com/sariorabi