جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-10@18:58:29 GMT

عندما تلتقي الإمبراطوريتان

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

عندما تلتقي الإمبراطوريتان

 

 

حمود بن علي الطوقي

 

تزيّنت العاصمة التركية أنقرة لاستقبال حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظم- حفظه الله ورعاه- في زيارة هي الأولى من نوعها إلى جمهورية تركيا، وهي زيارة وُصِفَت بـ"التاريخية"، علاوة على أنها تُجسِّد مسيرة العلاقات التاريخية؛ حيث المسافة المتحركة بين الإمبراطوريتين تمتد لنحو 5 عقود، وقد عُرفت عُمان بإمبراطوريتها التي عبرت سمعتها ما وراء البحار، وعرفت الإمبراطورية العثمانية بدورها التاريخي.

هذه المساحة المتحركة عادت من جديد مع الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة السلطان- حفظه الله ورعاه- وهي زيارة بالغة الأهمية؛ حيث تُجسّد الزيارة عمق العلاقات التاريخية بين البلدين وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون المشترك.

تاريخيًا.. تشير المصادر إلى أن العلاقات بين سلطنة عُمان وجمهورية تركيا تمتد إلى أكثر من خمسة قرون؛ حيث تطورت عبر التاريخ لتأخذ أشكالًا مختلفة تماشيًا مع الظروف السياسية والاقتصادية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، تعود العلاقات الرسمية بين البلدين إلى أكثر من 50 عامًا؛ إذ افتتحت السلطنة سفارتها في أنقرة عام 1985، بينما افتتحت تركيا سفارتها في مسقط عام 1986، مما أرسى دعائم التعاون الرسمي بين البلدين.

وخلال العقود الأربعة الماضية، شهدت العلاقات الثنائية تطورًا ملحوظًا؛ حيث اتفق الجانبان على تعزيز التعاون في القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن أبرزها المواقف الداعمة للقضية الفلسطينية، التي تتصدّر أجندة البلدين، ورفضهما الصارم للعدوان الصهيوني على غزة وفلسطين.

وفي سياق التطور في الجوانب الاقتصادية، يمكن أن نلاحظ ذلك من خلال الاتفاقيات المتبادلة وجاء المرسوم السلطاني السامي الصادر في مارس الماضي ليصدّق على اتفاقية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والفني والعلمي والثقافي بين البلدين، إلى جانب التصديق على 8 اتفاقيات رئيسية تشمل التعاون القانوني والقضائي، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتجنب الازدواج الضريبي، والنقل البري الدولي، والتعاون الجمركي، وحماية وتشجيع الاستثمارات، والخدمات الجوية، بالإضافة إلى الاتفاقية الإطارية للتعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي وتركيا.

اقتصاديًا.. تشهد العلاقات التجارية بين سلطنة عُمان وتركيا نموًا متسارعًا؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري أكثر من 1.3 مليار ريال عُماني منذ عام 2020 وحتى يوليو 2024. وسجلت الواردات العُمانية من تركيا 901 مليون ريال، في حين بلغت الصادرات 460.4 مليون ريال، مع إعادة تصدير بقيمة 34.2 مليون ريال. هذا الزخم التجاري يعكس عمق العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويعزز الآمال بمزيد من التعاون في المجالات الاستثمارية، خصوصًا في منطقة الدقم الاقتصادية التي تمثل منصة حيوية لجذب الاستثمارات التركية في قطاعات الصناعة والطاقة.

وعلى صعيد آخر، يمثل القطاع السياحي مجالًا واعدًا للتعاون؛ حيث إن الخطوط الجوية المفتوحة بين البلدين توفر فرصة لتعزيز التبادل السياحي. ويمكن لعُمان الاستفادة من التجربة التركية الرائدة في مجال تطوير المنتجعات السياحية، ما يسهم في تعزيز مكانتها كوجهة سياحية عالمية.

كإعلام ومتابعين نرى أن هذه الزيارة تمثل علامة فارقة، في تعميق العلاقات بين البلدين وهي فرصة كبيرة لإعادة النظر في اتفاقيات سابقة تعثرت بسبب الظروف الاقتصادية ومنها جائحة كورونا، ويجب على البلدين العمل معا لإحياء التعاون في مجالات متنوعة لتحقيق المصالح المشتركة. كما نرى أن هذه الزيارة تحمل تطلعات جديدة لرسم خارطة طريق تُمكّن البلدين من تعميق الشراكة الاقتصادية والاستثمارية، لتُضيف صفحة جديدة في سجل العلاقات بين عُمان وتركيا، وترسّخ دورهما كشريكين استراتيجيين في المنطقة.

وعندما أتحدث عن تركيا تحملني العديد من الزكريات فكانت زيارتي الأولى لتركيا في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حينها كانت تركيا بلدًا يُعاني من ظروف اقتصادية صعبة، وكانت تركيا آنذاك تعيش ظروفًا جعلت المواطن التركي يجوب العالم بحثًا عن لقمة العيش. أما تركيا اليوم، في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، فأصبحت رقمًا صعبًا بكل المقاييس، مُحقِّقَة إنجازات ضخمة ونهضة تنموية شاملة.

العالم أجمع ينظر إلى تركيا اليوم كوجهة اقتصادية وسياحية عالمية، تستقطب نحو 40 مليون سائح سنويًا، مع خطط طموحة للوصول إلى 60 مليون سائح. ومن خلال منظومة تشريعية متقدمة، جذبت المستثمرين الأجانب وحققت توازنًا اقتصاديًا قويًا. ما يجعلنا كعُمانيين ننظر إلى جمهورية تركيا كشريك اقتصادي واستراتيجي مهم، وعلى المستثمرين العُمانيين أن يستفيدوا من هذه السوق التركية الضخمة ومن التجربة التنموية الملهمة، خاصة في القطاعات الصناعية، وإنشاء المناطق الحرة، وتعزيز التعاون السياحي والثقافي والتعليمي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مايا مرسي تلتقي وزيرة العمل والصحة والتضامن الفرنسية لبحث تعزيز سبل التعاون

التقت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي كاترين فوتران وزيرة العمل والصحة والتضامن وشئون العائلة الفرنسية  والوفد المرافق لها، وذلك على هامش الزيارة الرسمية رفيعة المستوى التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر.

وشهد اللقاء بحث تعزيز سبل التعاون فى عدد من ملفات العمل المشتركة، وذلك في إطار العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين الصديقين.

واستهلت وزيرة التضامن الاجتماعي اللقاء بالترحيب بنظيرتها الفرنسية، مشيدة بالعلاقات القوية والاستراتيجية التي تجمع بين البلدين الصديقين في مختلف الأصعدة.

واستعرضت الدكتورة مايا مرسي مجالات عمل الوزارة في قطاعات الرعاية والحماية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، والخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن وتمكين المرأة والطفولة المبكرة وجهود الهلال الأحمر المصري فى الاستجابة لأزمة قطاع غزة وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للأشقاء الفلسطينيين.

وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن مصر  فى ظل القيادة السياسية حريصة  على توسيع قاعدة المستفيدين والمستفيدات فى مجال الحماية الاجتماعية وتعزيز آلية الاستهداف لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير سبل التكافل الاجتماعي.

واستعرضت الدكتورة مايا مرسي برنامج الدعم النقدى المشروط "تكافل وكرامة" الذى وصل لأكثر من 7.7 مليون أسرة منذ انطلاقه، والمشروطية التعليمية والصحية، حيث يتميز البرنامج بأنه مرن يحقق التخارج من دوائر الفقر عبر آليات التمكين الاقتصادى وأن هناك 3 ملايين أسرة تخارجت من البرنامج ودائرة العوز عقب نجاح البرنامج فى تحسين ظروفها المعيشية، وأنه يتم التوسع فى تغطية برامج الحماية الاجتماعية للفئات المستهدفة مع تطوير الخدمات التى تقدمها هذه البرامج من حيث الكم والكيف، مشيرة إلى قانون الضمان الاجتماعي، الذى  تم التصديق عليه من قبل رئيس الجمهورية عقب مناقشته في مجلس النواب يشكل نقلة نوعية في منظومة الحماية الاجتماعية في مصر.

وأشارت وزيرة التضامن الاجتماعي إلى ملف تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة والجهود المقدمة، وأنه تم استخراج مليون ونصف المليون بطاقة خدمات متكاملة للأشخاص ذوي الإعاقة ما يتيح للأشخاص ذوي الإعاقة الحصول على امتيازات وإعفاءات تضمن لهم فرصًا في العمل والتعليم والعلاج، وأن مظلة الحماية الاجتماعية تقدم لهم من خلال برنامج الدعم النقدى كرامة.

كما تناول اللقاء تمكين المرأة، حيث أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي على ما تشهده المرأة من إنجازات فى ظل الإرادة السياسية الداعمة بقوة لحقوق المرأة، مستعرضة دور المرأة فى الدفاع عن مكتسباتها وما أرسته الإرادة السياسية من أسس قوية للمساواة وتفعيل دورها وتقلدها للمناصب الوزارية،والقيادية والمشاركة الفاعلة في صناعة القرار .

كما تطرق اللقاء إلى ملف الحضانات والطفولة المبكرة لدعم خروج المرأة إلى العمل وجهود تمكينها اقتصاديا، خاصة أن الوزارة تعمل على ارتفاع نسبة الحضانات من 8% إلى 25% على مستوى الجمهورية، وذلك دعما للأمهات حتى تتمكن من الخروج لسوق العمل، مشيرة إلى افتتاح وزارة التضامن الاجتماعي لمركز استقبال أبناء العاملين والعاملات بديوان عام الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة كأول مركز يقام على النموذج الياباني بالعاصمة الإدارية الجديدة، موجهة الدعوة لنظيرتها الفرنسية للزيارة والاضطلاع على الخدمات المقدمة به.

واستعرضت الوزيرة الفرنسية التجربة الفرنسية فى مجال الحضانات ودعم الأمهات فى سوق العمل.

وأعربت الدكتورة مايا مرسي عن تطلعها للإطلاع على هذه التجربة والاستفادة منها فى دعم الجهود المقدمة بهذا الملف.

وأكد الجانبان فى نهاية اللقاء على التطلع للتعاون المثمر وأهمية الشراكة بين الجانبين والعمل على تعزيزها خلال الفترة المقبلة، في ظل العلاقة القوية والاستراتيجية التي تجمع مصر وفرنسا.

مقالات مشابهة

  • نائب وزير الخارجية يبحث مع وزير الدولة للشئون الأوروبية السلوفيني تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة
  • حمدان بن محمد يستعرض مع وزير التجارة والصناعة في الهند آفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين
  • وزراء ومسؤولون: الشراكة الاقتصادية بين الإمارات والكونغو تعزز التجارة والاستثمار بين البلدين
  • كاتبة الدولة سلمة منصوري تلتقي بنائبة وزيرة العلاقات الدولية لجنوب إفريقيا
  • العراق والإمارات يؤكدان على تعزيز التعاون بين البلدين
  • رئيس الدولة ورئيس الكونغو يشهدان توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين
  • عبدالله بن زايد يستقبل أيمن الصفدي ويبحثان العلاقات الأخوية بين البلدين
  • الجزائر وطهران على درب تعزيز العلاقات.. لقاء بين وزيري خارجية البلدين
  • الجبهة الوطنية يُشيد بزيارة ماكرون لمصر.. ويؤكد أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين
  • مايا مرسي تلتقي وزيرة العمل والصحة والتضامن الفرنسية لبحث تعزيز سبل التعاون