عفوًا.. المنتخب ليس معمل تجارب
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
أحمد بن محمد السلماني
تعيش كرة القدم العُمانية واحدة من أكثر مراحلها تعقيدًا في السنوات الأخيرة، وسط تساؤلات متزايدة حول جدوى المشاريع المطروحة ومصير المنتخب الوطني الذي يبدو عالقًا بين واقع متردٍ وطموحات عالية.
ومع إعلان اتحاد الكرة تعاقده مع المدرب الوطني رشيد جابر لمدة عامين، رُفعت راية "الإحلال والتجديد"، وهو شعار يهدف إلى بناء منتخب قوي قادر على مقارعة منتخبات القارة الآسيوية الكبرى.
حاليًا، يمر المنتخب الوطني بفترة حرجة في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، حيث جمع 6 نقاط فقط من أصل 15 ممكنة، وهي نتيجة تعكس حالة من التخبط الفني والإداري.
هذا التراجع لا يقتصر على المنتخب الأول فقط، بل يمتد إلى منتخبات الفئات السنية، حيث خرج منتخبا الشباب والأولمبي مبكرًا من سباق التصفيات وتم حل أجهزتهما الفنية، وحده منتخب الناشئين نجح في التأهل بصعوبة، مما يعكس عمق الأزمة التي تعاني منها كرة القدم العُمانية.
اتحاد الكرة، الذي لم يتبقَ من عمر فترته الكثير، لم يعلن عن مشروع تطوير واضح أو خارطة طريق لبناء مستقبل مستدام لكرة القدم العُمانية. ويبدو أن قراره التعاقد مع رشيد جابر لمدة عامين كان اضطراريًا أكثر منه استراتيجيًا؛ حيث لم يُصاحب هذا التعاقد إعلان عن أهداف محددة أو برنامج واضح لتحويل كرة القدم العُمانية إلى منظومة تنافسية.
وما يعمل عليه رشيد جابر حاليًا هو خطة قصيرة المدى تهدف إلى تحسين الأداء السريع للمنتخب. قد تحقق هذه الخطة نتائج إيجابية في البطولات القريبة، لكنها تبقى غير كافية إذا لم تُدعم بمشروع شامل طويل الأمد. المشكلة هنا أن التركيز على الحلول المؤقتة يجعلنا ندور في حلقة مفرغة، لنصطدم مجددًا بنفس القدر عند مواجهة المنتخبات الآسيوية الكبرى.
ولكي نتمكن من امتلاك قدرة تنافسية عالية نحتاج إلى ما يلي:
1. إعداد مشروع للفئات السنية: عبر الكشف المبكر عن المواهب، وإنشاء أكاديميات متخصصة في مختلف المحافظات لرصد المواهب وصقلها، مشروع وطني مدعوم حكوميا ويدعم المدارس بالأندية والفرق الأعلية والأكاديميات. وكذلك التدريب والتطوير، من خلال وضع برامج تدريبية طويلة الأمد تعتمد على أفضل المناهج العالمية في تطوير الناشئين والشباب وقبل ذلك تأهيل الكوادر الفنية واختيارها وفق اعلى المعايير. وتعزيز المشاركات الدولية، وتنظيم مشاركات منتظمة للمنتخبات العمرية في بطولات ودية وقارية لاكتساب الخبرة اللازمة.
2. تطوير مسابقات الأندية: من خلال إعادة إطلاق مشروع دوري المحترفين الذي كان سيقفز بكرة القدم العُمانية لآفاق واسعة، مع ضمان استدامة اقتصادية للأندية. وتوفير الدعم المالي والفني للأندية وخاصة تلك المتعثرة والتي تعاني من أزمات إدارية ومالية تهدد وجودها.
3. استقطاب خبرات دولية: من خلال الاستفادة من النماذج الدولية كالنموذج المغربي والبلجيكي وبالتعاون مع الاتحادين القاري والدولي. وأيضًا من التعاقد مع خبير فني دولي يرسم استراتيجية طويلة الأمد بالتعاون مع مدربي المنتخبات والأندية والفنيين باتحاد الكرة والمحللين.
وكان مشروع دوري المحترفين في عُمان خطوة استراتيجية مهمة لم تُمنح حقها. المشروع كان يعد بتوفير 21 ألف وظيفة خلال سبع سنوات، إلى جانب رفع مستوى الكرة العُمانية لتكون قادرة على المنافسة قارياً ودولياً. محاربة هذا المشروع في السابق كانت خطأ فادحًا، ويجب إعادة طرحه كأحد الحلول الأساسية لإنعاش كرة القدم في البلاد.
كلمة أخيرة.. إنَّ كرة القدم العُمانية بحاجة إلى تدخل عاجل ومشروع وطني شامل يعالج التحديات الحالية ويضع الأسس لمستقبل واعد. الجمع بين خطة قصيرة المدى مثل تلك التي يعمل عليها الكابتن رشيد جابر، وخطة طويلة الأمد تُبنى على أسس علمية واضحة، هو السبيل الوحيد لضمان تحقيق الطموحات العُمانية. علينا أن ندرك أن المنتخب الوطني ليس معمل تجارب، بل هو مرآة للمنظومة الرياضية ككل، التي تحتاج إلى رؤية واستراتيجية لا مكان فيها للعشوائية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
“نيويورك تايمز” تكشف تقنية إسرائيلية في حرب غزة تثير المخاوف .. تفاصيل تجارب مرعبة
#سواليف
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن لجوء #إسرائيل إلى اختبار واسع النطاق لتقنيات #الذكاء_الاصطناعي المتطورة في قطاع #غزة.
وذكرت في تحقيق موسع أن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تستخدمها إسرائيل في #حرب_الإبادة على #غزة تشمل أنظمة لتحديد المواقع، والتعرف على الوجوه، وتحليل المحتوى العربي، وذلك خلال الحرب التي اندلعت أواخر عام 2023.
وتقول إن هذه الاختبارات شملت استخدام أدوات لم تجرب سابقا في #ساحات_القتال، ما أثار جدلا أخلاقيا واسعا في العالم.
مقالات ذات صلةووفقا لثلاثة مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين مطلعين، كانت نقطة البداية هي محاولة اغتيال القيادي في حركة حماس إبراهيم بياري، حيث فشلت الاستخبارات الإسرائيلية في تعقبه داخل شبكة أنفاق غزة. عندها، لجأت إسرائيل إلى أداة صوتية مدعومة بالذكاء الاصطناعي طورها مهندسو الوحدة 8200، سمحت بتحديد موقعه التقريبي استنادا إلى تحليلات صوتية لمكالماته.
وفي 31 أكتوبر، نفذت غارة جوية أدت إلى مقتله، لكن الهجوم أسفر أيضا عن مقتل أكثر من 125 مدنيا، بحسب منظمة “إيروورز” البريطانية المتخصصة برصد ضحايا الصراعات.
وخلال الأشهر التالية، واصلت إسرائيل تسريع دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها العسكرية. من بين التقنيات التي طورتها برامج التعرف على الوجوه المتضررة أو غير الواضحة، وأداة لاختيار أهداف الغارات الجوية تلقائيا، ونموذج لغوي ضخم باللغة العربية يُشغّل روبوت دردشة قادرًا على تحليل المنشورات والمراسلات الإلكترونية بمختلف اللهجات. كما طورت نظام مراقبة بصري متطور يستخدم على الحواجز بين شمال وجنوب غزة لمسح وجوه الفلسطينيين.
وأكد مسؤولون أن العديد من هذه الابتكارات تم تطويرها في مركز يعرف باسم “الاستوديو”، وهو بيئة مشتركة تجمع خبراء الوحدة 8200 بجنود احتياط يعملون في شركات تقنية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
مخاوف أخلاقية
رغم النجاح التقني، أثارت التجارب مخاوف أخلاقية جدية. وقال ضباط إسرائيليون إن أدوات الذكاء الاصطناعي أخطأت أحيانا في تحديد الأهداف، ما أدى إلى اعتقالات خاطئة وضحايا مدنيين. فيما حذرت هاداس لوربر، الخبيرة في الذكاء الاصطناعي والمديرة السابقة في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، من مخاطر هذه التقنيات قائلة: “لقد غيرت الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة في الميدان، لكن دون ضوابط صارمة قد يؤدي إلى عواقب وخيمة”.
وفي تعليقه، أكد أفيف شابيرا، مؤسس شركة XTEND المتخصصة بالطائرات المسيرة، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي باتت قادرة على تتبع الأشخاص والأهداف المتحركة بدقة عالية، قائلا إن “قدرات التوجيه تطورت من الاعتماد على صورة الهدف إلى التعرف على الكيان نفسه”. لكنه شدد على ضرورة الموازنة بين الفاعلية والاعتبارات الأخلاقية.
من أبرز المشاريع كان تطوير نموذج لغوي ضخم يحلل اللهجات العربية المختلفة لفهم المزاج العام في العالم العربي. وبحسب ضباط في المخابرات الإسرائيلية، ساعدت هذه التقنية في تحليل ردود الأفعال الشعبية بعد اغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله في سبتمبر 2024، من خلال تمييز التعابير المحلية في لبنان وتقييم احتمالات الرد.
لكن هذه التكنولوجيا لم تكن خالية من العيوب، إذ أخفق الروبوت أحيانا في فهم المصطلحات العامية أو أعاد صورا غير دقيقة مثل “أنابيب” بدلا من “بنادق”. ومع ذلك، وصفها الضباط بأنها وفرت وقتا ثمينا وسرعت التحليل مقارنة بالطرق التقليدية.
ورفضت كل من ميتا ومايكروسوفت التعليق على التقارير. أما غوغل فأوضحت أن موظفيها الذين يخدمون كجنود احتياط في بلدانهم “لا يؤدون مهام مرتبطة بالشركة خلال خدمتهم العسكرية”.
من جهتها، امتنعت الناطقة باسم الجيش الإسرائيلي عن التعليق على تفاصيل البرامج “نظرا لطبيعتها السرية”، مشيرة إلى أن الجيش يلتزم بالاستخدام “القانوني والمسؤول” لتكنولوجيا البيانات، وأنه يجري تحقيقا في غارة اغتيال البياري دون الكشف عن موعد انتهاءه.
وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل الصراع كحقل تجارب لتقنياتها؛ إذ سبق أن طورت أنظمة مثل القبة الحديدية وطائرات مسيرة هجومية خلال الحروب السابقة في غزة ولبنان. لكن مسؤولين غربيين شددوا على أن حجم الاستخدام المتسارع للذكاء الاصطناعي في حرب 2023-2024 لا سابق له.
وحذر مسؤولون أمريكيون وأوروبيون من أن ما يجري في غزة قد يشكل نموذجا أوليا لحروب المستقبل، التي تعتمد على خوارزميات يمكن أن تخطئ أو تساء إدارتها، ما يضع حياة المدنيين وشرعية العمليات العسكرية على المحك.