سوريا تدخل خط الصراع| مواجهات بين الجيش والفصائل المسلحة.. وهذه تأثيراتها الإقليمية والدولية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
تشهد سوريا تحولًا خطيرًا في الوضع الميداني مع الهجوم الكبير الذي شنته فصائل مسلحة، في وقت يواصل فيه الجيش السوري تصديه للهجوم.
مدينة حلبمن جانبه، تحدث الدكتور أيمن الرقب المحلل السياسي، عن الأحداث التي تشهدها سوريا، قائلاً: “على مدار سنوات طويلة، تعرضت الدولة السورية لإرهاق كبير، حيث قررت الحكومة حصر سيطرتها على مناطق محددة مثل دمشق، والمناطق الموالية للعلويين مثل اللاذقية وطرطوس، وهذا التحديد الجغرافي جعل سوريا في حالة ضعف شديد، مما أثر على قدرتها على السيطرة على باقي المناطق.
وأضاف الرقب لـ صدى البلد: “النشطاء والمعارضون استغلوا هذا الضعف، بما فيهم المتمردين الذين ينتمون إلى جهات مختلفة، وتمكنوا من السيطرة على مناطق واسعة، خاصة في ريف حلب، هذا التوسع للمتمردين يحمل دلالات خطيرة على انهيار الدولة السورية.”
وأكد أن المستفيد الأكبر من هذه الأحداث هو الاحتلال الإسرائيلي، الذي يسعى من خلال إشغال سوريا بهذه الأزمات إلى إضعافها. على الرغم من أن سوريا لم تكن طرفاً في الصراع بشكل مباشر، إلا أنها تتعرض بشكل يومي للقصف من الاحتلال الإسرائيلي، دون أن تتمكن من الرد على هذه الهجمات.”
وشنت طائرات حربية غارات على أحياء مدينة حلب بعد منتصف ليل الجمعة السبت، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها هذا منذ عام 2016، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واستهدفت الغارات حي الفرقان في منطقة حلب الجديدة غرب المدينة، بينما كانت تعزيزات عسكرية كبيرة تصل إلى الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا).
وأسفرت الغارات عن مقتل 20 عنصرًا من التنظيمات المسلحة، بينما تمكنت الفصائل من التوغل في الأحياء الشرقية للمدينة، واحتلال العديد من المواقع الحكومية والسجون، ونتيجة لذلك انسحب المحافظ وقيادات الشرطة والأفرع الأمنية من وسط المدينة، فيما تراجعت قوات الجيش السوري والتعزيزات إلى منطقة السفيرة.
الدولة السوريةوفي تطور آخر، شنت طائرة حربية روسية غارة على مقر عسكري تابع للجيش الوطني الموالي لتركيا على أطراف مدينة مارع في ريف حلب الشمالي، ما أسفر عن مقتل 4 عناصر وتدمير المقر وبعض المركبات العسكرية.
وفيما يخص حصيلة القتلى، فقد بلغ عدد الضحايا من المدنيين والعسكريين في عمليات القصف المستمرة في ريفي إدلب وحلب 301 شخص منذ صباح 27 نوفمبر، كما أغلقت القوات السورية جميع الطرق المؤدية إلى مدينة حلب.
وفي حمص، دوّت انفجارات في محيط المدينة مع قصف جوي إسرائيلي على الشريط الحدودي السوري اللبناني، وعقد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، اجتماعًا لمناقشة التطورات في سوريا بعد إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، مع تأكيد المسؤولين الإسرائيليين على أهمية متابعة الوضع في سوريا عن كثب.
على الصعيد العربي، أعربت مصر عن دعمها لسوريا في الحفاظ على سيادتها واستقرارها، وذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره السوري بسام صباغ.
وفي موازاة ذلك، نفذت القوات الروسية عملية عسكرية في محافظتي إدلب وحلب بالتعاون مع الجيش السوري لمواجهة الهجمات الإرهابية.
وأوضح قائد القوات الجوية الفضائية الروسية، أوليج إجناتسيك، أن الهجوم جاء في إطار التصدي للهجمات التي شنتها جماعة جبهة النصرة ومجموعات مسلحة أخرى، مشيرًا إلى تدمير ما لا يقل عن 200 إرهابي خلال الساعات الأخيرة.
في هذا السياق، قال الجيش السوري، إن الاشتباكات مع المسلحين على جبهتي حلب وإدلب أودت بحياة العشرات من جنوده، مؤكدا أنه أعاد انتشار قواته نتيجة تعدد جبهات الاشتباك مع أعداد كبيرة من المسلحين.
وأشار الجيش السوري إلى أن إعادة انتشار قواته تهدف لتدعيم خطوط الدفاع، وأنه يستعد لشن هجوم مضاد حينما يستكمل وصول التعزيزات العسكرية، مؤكدا أن المسلحين دخلوا أجزاء واسعة من أحياء مدينة حلب دون أن يتمكنوا من تثبيت نقاط تمركز لهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سوريا إسرائيل حلب الجيش السوري مدينة حلب المزيد المزيد الجیش السوری مدینة حلب
إقرأ أيضاً:
الأحزاب والفصائل المسلحة في السويداء من اليسار الحالم إلى فوضى السلاح
السويداء- خلال فترة حكم الأسد الأب (حافظ الأسد)، كان المزاج السياسي العام في السويداء قريباً من اليسار بانفراجاته الثورية الحالمة والمشاكسة للسلطة "الديكتاتورية" المتلونة في سوريا الأسد. ومع أوائل السبعينيات ظهرت في السويداء مجموعة أحزاب عارضت السلطة الناشئة حينها، تمثلت في مفاصل بارزة منها:
الحزب الشيوعي/المكتب السياسي الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي حزب البعث الديمقراطي حزب العمال الثوري حركة الاشتراكيين العرب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطيوكانت حركة الاشتراكيين العرب أضعفَ أحزاب المعارضة في السويداء من ناحية وجودها واستقطاباتها.
في المقابل واجهت تلك المعارضة السياسية أحزابَ السلطة، فألبسها حافظ الأسد رداءً واحداً سماه الجبهة الوطنية التقدمية.
وفي السويداء استحوذ حزب البعث والحزب الشيوعي بقيادة خالد بكداش على النصيب الأكبر من القواعد الشعبية، وبعدهما تقاسمت أحزاب الاتحاد الاشتراكي والوحدوي الاشتراكي باقي التركة الموالية لحكم الأسد في حينها.
وبقي المشهد السياسي في السويداء كما في باقي سوريا عرضةً للتراخي بحسب اشتداد القبضة البوليسية لنظام الأسد، وهذا حدث في متصاعد منذ الثمانينيات، حيث بقيت الأحزاب المعارضة في السويداء، وأيضاً في سوريا، تتابع العمل السياسي السري المحدود، وظل التجمع الوطني الديمقراطي يصدر وثيقته "الموقف الديمقراطي " إلى غاية عام 2000.
إعلانوفي عام 2005 أحيت القوى السياسية المعارضة في السويداء ذكرى الثورة ضد الفرنسيين في مدينة الكفر، واجتمعت لأجل ذلك الأحزاب المعارضة بغية الاحتفال، وحينها جابههم نظام بشار الأسد بتحشيد مقابل ضد المناسبة نفسها.
ولم تحتفظ السويداء خلال العقد الأول من حكم بشار الأسد بأي اصطدام واضح مع السلطة، باستثناء الصدام المسلح مع بدو المحافظة عام 2000.
وأثناء سنوات الثورة السورية ضد الأسد عاد اليسار السياسي ليكون عنوان الحالة المعارضة في السويداء، وخاصةً من جمهور الشباب الذين أسسوا اللجنة الوطنية لدعم الثورة، التي تحولت بعد ذلك إلى تجمع القوى الوطنية في محافظة السويداء لدعم الثورة السورية، من أجل الانخراط فيها.
وصاغت مجموعة من الناشطين السياسيين تحالفات بينية، ولم تعمل الأحزاب المعارضة في السويداء وفق نسق منفصل، وتشكلت نقابات موازية لنقابات النظام، مثل: المهندسون الأحرار، والمحامون الأحرار، والفنانون الأحرار، وكانوا نواة تنظيم المظاهرات في السويداء بعد العام 2011، وهذا بتظافر جهود 16 مكونا سياسيا، ثم تشكلت في السويداء لجنة لدعم النازحين.
وخلال سنوات الثورة السورية تأسس في السويداء مجموعة من الأجسام السياسية، ولعل أهمها الهيئة الاجتماعية للعمل الوطني عام 2012، إضافة إلى:
تيار مواطنة 2011 تجمع بنا الوطن 2015 الحركة الشبابية السياسية 2022 المبادرة الوطنية لجبل العرب بقيادة كمال القنطار ونبيل شعيب ونبيل عامر.وفي عام 2018 تشكلت اللجنة الوطنية في محافظة السويداء وكانت أقل صداماً مع السلطة مقارنةً بالتجمع الوطني الديمقراطي المعارض منذ 1979.
وكانت هذه اللجنة تدعم اعتصامات محلية في السويداء مثل اعتصامات "بدنا نعيش" المطلبية، وتدعو إلى اعتصامات أخرى، وجاء أبرزها في الاعتصام الصامت كل يوم اثنين ولمدة ثلاثة أشهر، وكان آخره متصلاً بانتفاضة السويداء عام 2023.
انتفاضة السويداء
لاحقاً دفعت انتفاضة السويداء بكثير من الأجسام السياسية الحديثة، وكان أولها الهيئة السياسية للعمل الوطني، ولاحقاً ظهرت مكونات سياسية جديدة:
الكتلة الوطنية تيار الحرية والتغيير المجلس السياسي السوري في السويداء تيار سوريا الفيدراليولم تكن هذه التجمعات بأعداد كبيرة إذ تتراوح مكوناتها بين10 إلى 50 شخصاً، بعضها يحمل أهدافاً ورؤىً سياسية متقاربة، وبعضها الآخر لا.
إعلانوعموماً تراوحت الحالة السياسية في السويداء، خلال انتفاضتها، بين حاملٍ سياسي يريد سوريا واحدة، بنظام مركزي، وحامل سياسي مناوئ له يريد نظاماً سياسياً لا مركزيا، ولا يمانع من إقامة إدارة ذاتية للسويداء.
وظل المشروعان يتصارعان سياسياً من دون أن يقدر أحدهما على إنتاج تحشيد شعبي يغلّب سياسياً أحد الطرحين على الآخر، ويدفع باتجاه تبنيه واقعياً.
بعد السقوط
وبعد سقوط نظام بشار الأسد أخذت تيارات سياسية جديدة تصعد إلى السطح، وتعلن نفسها بمباركة الشيخ الهجري وهي تباعاً:
تيار سوريا العلماني تحالف القوى الوطنية في السويداء الذي ضم التجمع المهني والعديد من الأحزاب المجلس المدني من أجل سوريا المجلس العسكري في السويداء التجمع الوطني في السويداء إضافة إلى الحركة الشبابية الدرزيةوجميعها تُعتبر محدودة الانتشار والتأثير الواقعي على الأرض، و تتبنى عناوين سياسية تعيد تسويقها إعلامياً من منصاتها الناطقة باسمها.
أما الفصائل المسلحة في السويداء فظلت، منذ نشأتها محلية الطابع، انغمس بعضها في أعمال "مشبوهة"، متحالفا بذلك مع الأجهزة الأمنية للنظام السابق، وبعضها أخذ على عاتقه توجهات دفاعية عامة تخصّ السويداء، وتبنى خيار أبنائها بعدم الالتحاق بجيش نظام الأسد.
"حركة رجال الكرامة"، أسسها في عام 2013 الشيخ وحيد البلعوس، وتعدّ الفصيل المسلح الأكبرعدداً وعتاداً، يتراوح عدد مكوناتها من 5 إلى 8 آلاف مقاتل، ويعتبر الفصيل الأكثر قرباً وتنسيقاً مع حكومة دمشق منذ سقوط النظام وحتى الآن. ويقف إلى جوارها سياسياً "تجمع أحرار الجبل" بقيادة سليمان عبد الباقي القريب من دمشق وتوجهاتها، لكنه فصيل متواضع العدد والتسليح. إعلان فصيل "مضافة الكرامة" يقوده النجل الأكبر للشيخ الشهيد وحيد البلعوس، ليث البلعوس، نظّم فصيله المسلح (يتكون من قرابة 50 مقاتلا) مرَكزاً على التطوع بجهازي الأمن العام والجيش في بلدته المزرعة. "لواء الجبل" يعد الفصيل الثاني من حيث الحجم والعتاد، تشكل عام 2015، ولديه حالياً 5 آلاف مقاتل، وموقفه السياسي يبدو قريباً من موقف الشيخ الهجري. "المجلس العسكري في السويداء" الذي أُشهر رسمياً بعد سقوط النظام، ويعد أحد أكبر الفصائل المسلحة الثلاثة في السويداء، بعدد مقاتلين يقارب 5 آلاف ومعظمهم من الضباط والعناصر المسرحين من جيش الأسد السابق، وهو بميول سياسية تبدو معادية لنظام الشرع بدمشق، وُيبدي تقارباً شديداً من الشيخ الهجري. "درع التوحيد" فصيل مسلح تابع للشيخ الهجري، مسؤول عن حمايته وأمنه، يتمركز في بلدته قنوات، ويقوده طارق المغوش ولديهم نحو 300 مقاتل. إضافة إلى فصائل مسلحة أخرى من نحو 300 مقاتل، مثل "قوات شيخ الكرامة" لأمجد بالي في محيط صلخد، و"قوات العَليا" لحسام سيف ورأفت بالي، و"تجمع سرايا الجبل" لوائل أبو قنصول، و"فصيل جيش الموحدين" لأسامة الصفدي بتعداد مقاتلين لا يتجاوز 15 مقاتلاً. "قوى مكافحة الإرهاب"، أو "حزب اللواء السوري" وقد توحدت مع قوات العليا وقوات شيخ الكرامة ووائل أبو قنصول ودرع التوحيد، وأعلنوا رفضهم حكومة دمشق رفضاً قطعياً بعد خطاب الشيخ الهجري ما قبل الأخير.