الحكمة في تكرار حرف الجر في قوله "آمنا بالله وباليوم الآخر"
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
القرآن الكريم، ببلاغته العميقة وأسلوبه الفريد، يزخر بالعديد من الأسرار والهدايات التي لا تنتهي. من بين هذه الأسرار، تكرار حرف الجر في قوله تعالى: "آمنا بالله وباليوم الآخر"، هذا التكرار يحمل في طياته معاني ودلالات عظيمة، تم تفسيرها من قبل العديد من العلماء والمفسرين عبر العصور.
تفسير الإمام الكرمانيفي تفسيره، يشير الإمام الكرماني إلى أن تكرار حرف الجر في الآية ليس مجرد تكرار لفظي، بل هو وسيلة للتأكيد والتوضيح، فعادةً ما يستخدم التكرار في القرآن لتوكيد المعنى، وهو أسلوب يميز الخطاب القرآني.
ويضيف الكرماني أن هذا التكرار يعكس كذلك كيفية محاكاة الخطاب المنافقين، الذين كانوا ينفون الإيمان في أنفسهم ويؤكدون كذبهم. في قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}، ينفي الله سبحانه وتعالى عنهم الإيمان، رغم ادعائهم الإيمان. ومن خلال تكرار حرف الجر، يرسخ القرآن هذه المعاني بوضوح.
الإيمان بالله واليوم الآخر: التلازم في القرآنمن خلال تتبع تكرار حرف الجر "بـ" في القرآن، نجد أن هذا التكرار يظهر في أماكن أخرى أيضًا. على سبيل المثال، في سورة النساء وفي سورة التوبة، يتكرر القول {وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، مما يبرز العلاقة الوثيقة بين الإيمان بالله واليوم الآخر. وهذا يشير إلى أن الإيمان بالله وحده لا يكفي دون الاعتراف باليوم الآخر، وهو جزء لا يتجزأ من أركان الإيمان.
تفسير ابن جماعةمن جانبه، يتناول ابن جماعة موضوع التكرار في القرآن فيقول إن تكرار حرف الجر يأتي ليكون بمثابة تأكيد للمعنى المطلوب، وفي حال الإيمان بالله واليوم الآخر، يعزز هذا التكرار التلازم بين الإيمانين بشكل لا يحتمل الشك. هذا التكرار يظهر قوة اليقين في الاعتقاد بالآخرة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حقيقة الإيمان.
إن تكرار حرف الجر في الآية "آمنا بالله وباليوم الآخر" ليس مجرد أسلوب لغوي، بل هو جزء من الحكمة القرآنية التي تهدف إلى التأكيد على ضرورة الإيمان الكامل بالله واليوم الآخر. وهذا التكرار يساهم في تأكيد هاتين العقيدتين كأساسين في الدين الإسلامي، ويعكس المعنى العميق الذي يجسد العلاقة بين الإيمان بالغيب والعمل الصالح في الدنيا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القرآن القران الكريم الله اليوم الآخر الايمان بالله واليوم الاخر الإیمان بالله بین الإیمان فی القرآن
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: حب الله ورسوله وأهل بيته من أركان الإيمان
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الله عز وجل يقول فى كتابه الكريم :{ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } وهذه هي التي لا يسامح فيها رسول الله ﷺ ، فحب الله وحب رسوله وحب أهل بيته من أركان الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : (أَحِبّوا الله لما يَغْذوكم بِهِ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبّوني لِحبّ الله وَأَحِبّوا أَهْلَ بَيْتي لِحُبّي) ، وقال ﷺ فيما أخرجه الترمذى وليس فى الستة سِوَاه يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي) ، ولم يقل {وسنتى} فالموجود فى الكتب الستة {وعترة أهل بيتى}، أما لفظ {وسنتى} أخرجه الحاكم بلفظ: (تَرَكْتُ فِيكُم شيئين لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِهما كِتَابَ الله وَسُنَّتِى) لكن {وعترتى} فى الترمذى. والترمذى مقدم على أحمد لأنه من الكتب الستة المعتمدة.
وأضاف جمعة، فى منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، أن سيدنا رسول الله ﷺ أمرنا بحب آل بيته والتمسك بهم، ووصانا بهم - عليهم السلام أجمعين - قال ﷺ: « أما بعد : ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين؛ أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ». فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال : «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي». فقال له حصين : ومن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال : ومن هم ؟ قال : هم آل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال : كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال : نعم». (مسلم)
فنحن نحب الله حبًا كبيرًا، وبحبنا لله أحببنا رسوله ﷺ الذي كان نافذة الخير التي رحم الله العالمين بها، وبحبنا لرسوله ﷺ أحببنا آل بيته الكرام الذين أوصى بهم ﷺ وعظمت فضائلهم وزادت محاسنهم.
وموقع محبة أهل بيت رسـول الله ﷺ من كل أعماق قلب المسلم، وهو مظهر حب رسول الله ﷺ فبحبه أحببتهم، كما أن محبة النبي ﷺ هي مظهر محبة الله، فبحب الله أحببت كل خير، فالكل في جهة واحدة وسائل توصل للمقصود والله يُفهمنا مراده.
وكلما زاد حب المسلم لأهل البيت ارتقى بهذا الحب في درجات الصالحين؛ لأن حب أهل البيت الكرام علامة على حب رسول الله ﷺ ، وحب رسول الله ﷺ علامة على حب الله عز وجل.
يقول الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وأرضاه :
يا آلَ بَيتِ رَسولِ اللَهِ حُبَّكُمُ * فَرضٌ مِنَ اللَهِ في القُرآنِ أَنزَلَهُ
يَكفيكُمُ مِن عَظيمِ الفَخرِ أَنَّكُمُ * مَن لَم يُصَلِّ عَلَيكُم لا صَلاةَ لَهُ