لجريدة عمان:
2025-04-10@22:40:27 GMT

استعادة «ذخائر العرب» سيرتها الأولى!

تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT

استعادة «ذخائر العرب» سيرتها الأولى!

(1)

جاوزتُ السابعة والأربعين؛ وما زلت بعدُ أسعد سعادة الطفل بقطعة الشيكولاتة الصغيرة التي يشتريها له أبوه وهو عائد من عمله، بالدرجة ذاتها التي أشهد فيها إعادة طبع كتابٍ أصيل أو كنز من "ذخائرنا" الفكرية والثقافية والإنسانية على مدى قرن أو يزيد من الزمان!

دون الخوض في تفاصيل كثيرة، ربما لا تعني إلا صاحبها، فإن من دواعي السعادة الحقيقية لصاحب هذه السطور أن يكون سببًا (أو أحد الأسباب) في إعادة اكتشاف أو إعادة نشر كنزٍ من كنوزنا المعرفية، أو الإسهام في إعادة طباعة كتاب من الكتب التي لا خلاف على قيمتها بين أهل المعرفة والمتصلين بالكتاب، والمكتبة الثقافية العربية، طيلة القرنين الأخيرين، أو أن يقترح عنوانًا أو أكثر من عناوين تراثنا القريب (أو البعيد على السواء) توارى عن الأنظار -رغم أهميته وقيمته- وضرورة أن يكون متاحًا بين أيدي الأجيال المعاصرة.

كان من بين الكتب التي ألححتُ مرارًا على ضرورة طبعها ونشرها مجددًا ووضعها بين أيدي الراغبين فيها والباحثين عنها «كتاب الوزراء والكتاب» للجهشياري، وكتاب «أدب الدنيا والدين» للماوردي، وكتاب «التحدث بنعمة الله» للإمام جلال الدين السيوطي، و«فقه اللغة وسر العربية» للثعالبي.

بالإضافة إلى الكتاب الأول من السلسلة التجميعية الرائعة عن «أيام العرب في الجاهلية»، و«قصص القرآن»، و«أيام العرب في الإسلام» والتي توجت بمجموعة «قصص العرب» التي تمثل زبدة وخلاصة تراثنا السردي من الأخبار والمرويات والحكايات والقصص..

كل هذه الكتب الرائعة وغيرها كنت قد تعرفت عليها في طبعات (الذخائر) العظيمة في عهدها الذهبي، إبان كان يرأس تحريرها العالم الجليل والأستاذ المتخصص في التراث العربي وعلومه الأصيلة، الدكتور عبد الحكيم راضي، مدَّ الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية، والذي أخرج لنا خلال الفترة التي تولى فيها رئاسة تحرير (الذخائر) من 1997 وحتى 2007 أو 2008 مجموعة من أندر وأروع كتب التراث العربي والإسلامي في الأدب، واللغة، والشعر، والنثر، والتاريخ والتراجم والسير والطبقات والتصوف.. إلخ.ولكنه في الوقت ذاته كان يستلهم ويستكمل تجربة «ذخائر العرب»؛ السلسلة الأم العريقة التي صدرت في مطالع الخمسينيات من القرن الماضي، لتلعب هذا الدور باقتدار وبراعة منقطعة النظير.

(2)

وما بين «ذخائر العرب» و«الذخائر» من وشائج وصلات ظاهرة وليست في حاجة إلى إثبات أو تدليل، فلولا «ذخائر العرب» ما كانت «الذخائر».. وأغلب ما صدر في «ذخائر العرب» خلال الفترة من 1950 وحتى 1995، أعيد نشره في طبعات وطبعات من «الذخائر»!

وقد كان الدكتور عبد الحكيم راضي في سياسته التحريرية مدركا لاتصال النسب بين الأصل والفرع، بين الأم ونسلها، وبالتالي عندما حان الوقت لكي ترد «الذخائر» بعضا مما تدين به لأمها، لم يتأخر صاحب إدارتها ولا مبدع اختياراتها ولا مطور خطتها ورؤيتها عن الوفاء لـ «ذخائر العرب»، وضم كل أو معظم ما صدر في «الذخائر» من كتب رائعة في فترتها الذهبية (1997-2007)، إلى قائمة إصدارات «ذخائر العرب» في واحدة من أروع أمثلة الاتصال الثقافي والمعرفي "الخدمي" في تاريخ الثقافة العربية، بمبادرة من صاحب هذه السطور ودعم وتأييد كامل من أستاذه وصديقه الجليل الدكتور عبد الحكيم راضي.

لا بد أن أتوجه -إذن- بالشكر والعرفان وعظيم الامتنان إلى أستاذي الجليل العلامة الدكتور عبد الحكيم راضي؛ الذي شرفت بالتلمذة على يديه في سنوات الدراسة والطلب بكلية الآداب جامعة القاهرة، ولم أتوقف يومًا عن التلمذة علي يديه، والنهل من فيض علمه الغزير، وتبحره في علوم التراث العربي، وقد ورثت عنه محبته والسعي المخلص للوعي به، وإدراك دقائقه وتفاصيله ووحدته الظاهرة والخفية، والبحث عن مظانه وينابيعه النقية الأصيلة..

أتوجه بالتحية والتقدير لأستاذي الجليل، مستشار سلسلة (ذخائر العرب)، في إصدارها الجديد أو مرحلتها الجديدة بالأحرى، وصاحب الفضل الكبير على كاتب هذه السطور، فلولا تشجيعه ودعمه ومساندته الكاملة بالمشورة والنصح والإمداد، ما كان لنا أن نشرع في تحديث وتطوير سلسلة (ذخائر العرب) العريقة التي تعود في صدورها الأول إلى عام 1950، صدر منها -خلال تلك الرحلة الطويلة- 100 كتاب من عيون التراث العربي وذخائره ونوادره ودواوينه الشعرية ونصوصه النثرية..

ومن المقرر في المرحلة القادمة أن نصدر 100 أخرى من كنوز وروائع تراثنا العربي والإسلامي في جميع حقوله ومجالاته المعرفية والفكرية والعلمية والأدبية والفنية.. إلخ، على أن يكون إصدار هذا الرقم وفق رؤية واضحة وخطة محددة الملامح والاستراتيجيات والقسمات، نبرزها فيما يلي..

(3)

بفضل توجيهات ونصائح أستاذي الكريم، أعددنا خطة شاملة لتحديث سلسلة (ذخائر العرب) وتطويرها؛ تقوم على دعامتين، أو تسير في مسارين:

الأول: إعداد طبعات جديدة و"عصرية" من كتب السلسلة التي نفدت، ولم تعد متاحة بوفرة تغطي الطلب عليها في مصر والعالم العربي، ويكثر السؤال عنها والإلحاح في طلبها («رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري، و«البخلاء» للجاحظ، «ثلاث رسائل في إعجاز القرآن»، «تاريخ الطبري» في أحد عشر مجلدًا، على سبيل المثال)، وقد أعددنا قائمة كاملة بالعناوين المطلوبة، وستظهر ضمن إصداراتنا الجديدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025.

أما المسار الثاني: فيكون بإضافة عناوين "تراثية" لم تصدر في إطار السلسلة من قبل، وإن كانت صدرت منذ عقود طويلة للغاية، وبعُد العهد بين آخر طبعاتها، وبين الباحثين عنها والراغبين في اقتناء نسخة منها!

وقد كانت هذه الفكرة هي قوام الاستراتيجية الرائعة التي اتبعها أستاذي الكريم في إخراج كتب (الذخائر) التي تولى إدارة تحريرها في مرحلتها الذهبية الكبرى في الفترة من أواخر تسعينيات القرن الماضي وحتى عام 2007 (اتصل الدكتور عبد الحكيم راضي بسلسلة (الذخائر) منذ عام 1995 بتوليه مهام نائب رئيس التحرير، وكان يرأس تحريرها -آنذاك- العلَّامة الدكتور محمود فهمي حجازي، الذي لم يكن متفرغًا بالكلية لإدارة السلسلة، وبعد عامين فقط أصبح الدكتور راضي المسؤول الأول عنها ورئيس تحريرها بالكلية).

وخلال تلك الفترة الزاهرة، أصبحت (الذخائر) منصة إصدار كتب التراث المتألقة التي لا ينافسها أحد لا في مصر ولا في خارجها! وأصبحت كتبها تنفد فور صدورها، وكان ذلك علامة ودليلًا على تعطش القراء الشديد لكتب التراث في طبعات مدققة ومحققة يقوم على اختيارها وانتقائها عالم كبير ومثقف خبير، ويقدمها سائغة للطالبين!

(4)

أخرج لنا أستاذي الجليل -خلال تلك الفترة- مجموعة من أندر وأروع كتب التراث العربي في الأدب، والتاريخ، والتراجم، والسير، والطبقات.. إلخ. وسأشير إلى بعضها سريعًا لقيمتها وأهميتها أولًا، ولأنها لم تصدر في أي طبعة أخرى بعد طبعة (الذخائر) ثانيًا!

من هذه الكتب الرائعة «العقد الفريد» في سبعة مجلدات لابن عبد ربه الأندلسي، بتحقيق وتقديم أحمد أمين وأحمد الزين وإبراهيم الإبياري، و«تجريد الأغاني» لابن واصل الحموي، في ستة أجزاء، بتحقيق ومراجعة طه حسين وإبراهيم الإبياري، و«مقاتل الطالبيين» لأبي الفرج الأصفهاني في مجلدين بتحقيق السيد صقر.. وغير ذلك من الكنوز والروائع، فضلًا على مجموعات الشعر العربي لكبار أعلامه وشعرائه منذ الجاهلية، وحتى العصور المتأخرة بعد سقوط بغداد.

وقد أشار عليّ أستاذي الجليل بأهمية بل ضرورة طبع هذه الكتب بأكملها وإلحاقها بسلسلة (ذخائر العرب)، لأنها الوحيدة -الآن- المعنية بنشر كتب التراث العربي المحققة، وفق قواعد وأصول التحقيق العربي كما وضعها أشياخ هذه المهنة وفحولها الكبار...

وفي ظل هذه الرؤية، والسياسة التحريرية، صدرت الدفعة الأولى بالفعل من خطة «ذخائر العرب» في ثوبها الجديد، عشرة كتب رائعة تضاف إلى قائمة إصداراتها، وقد اعتنينا بتغيير غلافها بتصميم جديد يحافظ على روحها التراثية الأصيلة ويحمل في الوقت نفسه مسحة لونية معاصرة، وكذلك بإخراجها الفني قدر ما نستطيع، وخلال الفترة القادمة بمشيئة الله سيتم الإعلان تباعًا عن مفاجآت «ذخائر العرب» لكل محبي التراث وعشاق التراث والباحثين عن مصادره ومظانه الأصيلة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التراث العربی کتب التراث

إقرأ أيضاً:

صحيفة روسية: هل تستعد واشنطن لعملية برية في اليمن؟

تساءل تقرير نشرته صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية عن احتمالات شن واشنطن عملية برية في اليمن بعد تنفيذها ضربات جوية مكثفة على مواقع سيطرة الحوثيين خلال الفترة الماضية.

ويقول الكاتب إيغور سوبوتين إن البنتاغون زاد من الضغط العسكري على جماعة أنصار الله في الأيام الأخيرة، حيث شنت القوات الأميركية في السابع من أبريل/ نيسان الجاري سلسلة من الغارات ضد مواقع الحوثيين في مواقع مختلفة منها محيط صنعاء.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوفيغارو: لماذا توشك الصين أن تفوز في الحرب التجارية؟list 2 of 2إعلام إسرائيلي: إخفاق مطلق لنتنياهو في واشنطنend of list تصعيد أميركي

وذكر الكاتب أن التصعيد العسكري ضد الحوثيين انطلق في 15 مارس/ آذار بناء على أوامر من الرئيس ترامب، وقال مسؤولون في إدارته إن الغارات الحالية أكثر فتكا من العملية التي كان قد أعلن عنها الرئيس السابق جو بايدن في أوائل 2024 بالتعاون مع بريطانيا.

وقد صرحت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، أن هجمات منتصف مارس/آذار نجحت في استهداف كبار قادة الحوثيين، وقالت "تشير تقديرات أجهزة الاستخبارات إلى أن هذه الغارات أسفرت عن مقتل كبار قادة الحوثيين وتدمير العديد من المنشآت التي كانوا يستخدمونها لإنتاج الأسلحة التقليدية الحديثة".

من جانبها، نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين في الكونغرس قولهم إن النجاح في تدمير ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات المسيرة ومنصات الإطلاق كان محدودا.

إعلان

وبحسب مصادر "نيويورك تايمز"، أنفق البنتاغون حوالي 200 مليون دولار على الذخائر في الهجمات الأخيرة على اليمن، وتم استخدام عدد كبير من الذخائر عالية الدقة -خاصة الصواريخ بعيدة المدى- ما أثار القلق لدى عدد من الخبراء بشأن احتمال نفاد مخزون الذخائر في الأسطول البحري الأميركي بعد انتهاء العمليات.

البنتاغون أنفق حوالي 200 مليون دولار على الذخائر في الهجمات الأخيرة على اليمن (غيتي إيميجز) تدخل بري محتمل

ذكر الكاتب أن جماعة الحوثي تتهم الولايات المتحدة منذ خريف العام الماضي بالتحضير لخطة تدخل مباشر في المدن اليمنية الساحلية، وأن الحوثيين يخشون من فقدان ميناء الحديدة الاستراتيجي.

وفي العام الماضي، صرح وزير الخارجية في حكومة الحوثيين جمال عامر، أن "غزو الحديدة" من الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة من أجل إجبار اليمن على التوقف عن دعم غزة.

وأضاف الكاتب أن تقارير إعلامية تحدثت منذ مارس/ آذار من العام الماضي عن استعدادات أميركية لنقل قوات إلى اليمن، قبل أن تتجدد التوقعات بشن عملية برية بعد الضربات الجوية الأخيرة على مواقع الحوثيين.

ونقلت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن مصادر دبلوماسية شرق أوسطية قولها إن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد وافقت على شن عملية برية ضد الحوثيين، من المتوقع أن تنطلق من جنوب وشرق اليمن، ويمكن أن تتلقى دعما بحريا من المملكة العربية السعودية بهدف السيطرة على ميناء الحديدة.

لكن "سي إن إن" تستبعد أن تنقل الولايات المتحدة قوات برية إلى اليمن، مرجحة تنفيذ ضربات جوية تُستخدم فيها قوات العمليات الخاصة التي تمركزت هناك منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لمحاربة "تنظيم القاعدة".

وحسب الكاتب، فإن أحد أبرز التحديات في استهداف الحوثيين هو أن الجماعة تمتلك شبكة أنفاق معقدة أنشأتها خلال فترة حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وكانت مخصصة للأغراض العسكرية وحماية كبار المسؤولين الحكوميين.

وحسب رأيه، فإن أي عملية ضد الحوثيين هي عبارة عن تهديد غير مباشر لإيران التي من المرجح أن تدرك أن الحوثيين قد يتحولون في النهاية إلى ورقة ضغط.

ويختم سيمينوف بأن هدف الرئيس الأميركي هو تحييد إيران دون اللجوء إلى الحلول المتطرفة، مثل محاولة تغيير النظام، وهو ما ألمح إليه بعض المسؤولين في الإدارة الحالية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • 115.875 جريحًا.. حصيلة جديدة لشهداء العدوان الإسرائيلي على غزة
  • قصة جدران المجالس الطينية في حائل التي استوقفت وزير الحج ونظيره العراقي .. فيديو
  • الجيش: تفجير ذخائر في جرد الطيبة
  • الأمم المتحدة تحذر من خطر الذخائر غير المنفجرة في غزة
  • سباقات المحارب العربي في العُلا 2025 تنطلق بنسختها الأولى من تحديات التحمّل في مايو المقبل
  • صحيفة روسية: هل تستعد واشنطن لعملية برية في اليمن؟
  • الجيش: تفجير ذخائر في بلدة عبا - النبطية
  • الجيش السوداني يتحدث عن الاستيلاء على ذخائر كينية
  • "الاتحاد العربي للإعلام السياحي" يشارك في "المؤتمر الدولي للاستدامة والتنمية" بمصر
  • الجيش فجّر ذخائر في ضهر العين