بين التهديد والتودد.. استراتيجية إيران مع دول المنطقة لمواجهة الضغوط
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
حينما كانت إسرائيل تستعد لتنفيذ هجوم ضد إيران في أكتوبر الماضي، أجرى وزير خارجية الأخيرة عباس عراقجي، زيارات مكوكية لعدة دول عربية، في محاولة لضمان عدم دعمها لإسرائيل في هجماتها ضد بلاده، وذلك ضمن استراتيجية تأرجحت بين التودد والتهديد.
حينها، أشارت تقارير صحفية إلى أنه بالتوازي مع تلك الزيارات، و"التقارب" مع السعودية، والتصريحات من الحكومة الجديدة في طهران عن التعاون مع دول المنطقة والبحث عن الهدوء، فإن إيران وجهت تهديدات واعتبرت أن من سيدعم إسرائيل في ضرباتها ضد إيران، "سيكون شريكا لها".
وسبق أن استهدفت إيران عبر وكيلتها في اليمن، جماعة الحوثي، أهدافا مدنية وعسكرية ونفطية في السعودية خلال السنوات الماضية، وكان للإمارات نصيب من تلك الهجمات أيضًا، قبل أن تهدأ الأمور في اليمن في ظل محاولات الوصول لاتفاق بين الحوثيين والرياض.
ومع عودة الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، واستمرار التوتر بين طهران وإسرائيل، تحدث موقع "الحرة" إلى محللين بشأن طبيعة استراتيجية إيران ومساعيها لضمان عدم انخراط دول المنطقة، وخصوصا السعودية، في أي أعمال تعتبرها معادية لها خلال الفترة المقبلة.
تهديدات و"تطمينات"قال الخبير في الشؤون الإيرانية، جعفر الهاشمي، إن هناك مؤشرات تدل على أن "استراتيجية النظام الإيراني في التعامل مع دول الجوار، وخصوصا الدول الخليجية، هي استراتيجية عكسية، فكلما اشتد عليه الخناق من الغرب سعى لخفض التصعيد وشراء ودهم، وكلما تنفس الصعداء من الضغط الغربي راح يصعد نحوهم".
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن مسؤول كبير ودبلوماسي إيرانيين، في أكتوبر، أن طهران "حذرت الرياض من أنها لا تستطيع ضمان سلامة منشآت النفط في المملكة، إذا حصلت إسرائيل على أي مساعدة بتنفيذ هجوم ضدها".
وفي هذا السياق، رأى المحلل اليمني فارس البيل، أن "مهمة الحوثيين العسكرية هي ابتزاز دول الخليج والسعودية بالتحديد، ولتحقيق الأهداف الاستراتيجية لإيران".
وأضاف في تصريحات للحرة، أن هذه "الاستراتيجية لن تتغير، حتى لو أظهرت طهران في مرحلة ما عكس ذلك".
فيما أشار الهاشمي للحرة، إلى أن إيران "تحاول أحيانا أن تجعل الدول العربية وسيطا مع الغرب لتخفيف التوتر، ولو اطمأن الغرب، تبدأ طهران بابتزاز الجيران وفرض الواقع الذي ترغب فيه".
والشهر الماضي، أعلنت السعودية أنها أجرت في بحر العرب مناورات عسكرية مشتركة مع عدة دول، من بينها إيران.
هل تقطع إيران "أذرعها" مقابل العرض السعودي؟ في خطوةٍ متقدمة على خط العلاقة المستجدة بين الرياض وطهران كشفت وكالة "بلومبيرغ" عن تفاصيل عرضٍ قدمته السعودية لإيران يقوم على معادلة من شقين، بأن تمنع الأخيرة وكلائها الإقليميين من توسيع الصراع الدائر في غزة مقابل حصولها على استثمارات اقتصادية وتجارية.وتبع ذلك زيارة من رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية، فيّاض بن حامد الرويلي، إلى إيران على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.
وحول مساعي إيران لـ"تحييد" السعودية ودول المنطقة في أي صراع مع إسرائيل أو توتر مع الدول الغربية، قال الكاتب والمحلل السعودي، سعد الحامد، إنه "لا يتفق" مع هذا التوجه.
وأوضح للحرة: "إيران تبحث حاليا عن درع لها أمام الولايات المتحدة وإسرائيل وتعوّل على علاقات السعودية وأميركا في نزع فتيل أي حرب أو ضربات ضدها، ولا يخفى ما تواجهه من وضع هش داخليا ومخاوف النظام من أي ضغوط مقبلة"، لافتا إلى أن دول المنطقة "لا ترغب في صدام مباشر بين إسرائيل وإيران على حساب الاستقرار والأمن الإقليمي".
تفادي حرب شاملةدعا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إسرائيل إلى "احترام سيادة إيران" والامتناع عن مهاجمة أراضيها، خلال كلمته في افتتاح أعمال قمة عربية إسلامية في الرياض.
بناء على التطورات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، ذكر تقرير لوكالة رويترز، أن "القلق الرئيسي بالنسبة لإيران الآن هو إمكانية تمكين ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، من ضرب المواقع النووية الإيرانية، وتنفيذ اغتيالات وإعادة فرض سياسة الضغط القصوى".
ونقلت الوكالة عن مسؤولين إيرانيين وعرب وغربيين توقعاتهم بأن يمارس ترامب "أقصى قدر من الضغط على المرشد الإيراني علي خامنئي، للاستسلام من خلال قبول اتفاق احتواء نووي، بشروط يحددها هو وإسرائيل".
وواصل الحامد حديثه للحرة، بالقول إن إيران تسعى في هذه المرحلة إلى "تغيير سياستها الخارجية في ظل مخاوفها من عودة ترامب، الذي أثر وضغط بشكل كبير عليها، ويستطيع التأثير على الداخل الإيراني نتيجة سياسة الضغط القصوى".
واعتبر أنه "لا يوجد ما يسمى تحييد للمنطقة، لأن دولها ترغب بالفعل في أن تكون حيادية بعدما أدركت الدرس جيدا، ولا ترغب في إقحام نفسها في صراع مباشر، أو إشعال حرب إقليمية".
"زيارة نادرة".. رئيس أركان الجيش السعودي إلى إيران أعلنت طهران أن رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق الركن فيّاض بن حامد الرويلي، يزور إيران اليوم الأحد، على رأس وفد عسكري رفيع المستوى.مدير مركز الدراسات العربية الإيرانية في لندن، علي نوري زاده، رأى أن "النظام الإيراني استفاد كثيرا من المصالحة مع السعودية، بينما لا تزال الحرب في اليمن قائمة.. فالحوثي يواصل أعماله في المنطقة، ناهيك عن عدم تقديم طهران لتنازلات في لبنان أو غزة".
وأوضح في تصريحات سابقة لقناة الحرة، أن "أول شيء على إيران أن تفعله لتعزيز الضمانات بعلاقاتها مع السعودية ودول المنطقة، بأن تتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية".
وكان التقارب السعودي الإيراني قد بدأ بوساطة صينية في مارس 2023، بعد 7 سنوات من القطيعة.
ترامب وإيرانكان الرئيس الأميركي المنتخب ترامب، قد أكد في أكتوبر الماضي، أن "على إسرائيل ضرب المنشآت النووية في إيران"، ردا على هجوم أطلقته الأخيرة على إسرائيل في الشهر ذاته.
لكنه في نفس الوقت، أكد بشكل متكرر أنه سيمنع الحروب في المنطقة، بوصوله إلى البيت الأبيض. كما يتضح من ترشيحات أفراد إدارته أن التوجه سيكون قويا ضد إيران.
ورأي الهاشمي في حديثه للحرة، أن "إيران تمر حاليا بمنعطف خطير، وتدرك بأنها وصلت إلى نقطة حرجة، وأن هناك خيارين أمامها أحلاهما مر، الأول هو الحفاظ على نفس مستوى مشروع توسعها، مما قد يؤدي إلى اقتلاع نظامها نتيجة عقوبات شديدة وضربات عسكرية من شأنها إضعاف قبضتها الداخلية".
أما الخيار الثاني، فهو "أن تقدم تنازلات، من بينها القبول مثلا بأن يكون حزب الله حزبا سياسيا فقط"، وفق الهاشمي.
السعودية وإيران.. صفحة جديدة أم تنافس مستمر؟ في حلقة اليوم من برنامج حديث الخليج، نتناول التقارب السعودي الإيراني بعد سنوات طويلة من القطيعة والعداء.تقارب بوساطة صينية في ظل ظروف جيوسياسية متوترة، تزامنًا مع بداية عهد إدارة أميركية جديدة تسعى لتحقيق السلام في المنطقة. لكن يبقى السؤال: كيف ستؤثر هذه الخطوة على موازين القوى؟ وأين تقف طهران في هذه المعادلة؟
وأشار أيضًا إلى أن ترامب إذا قرر "حشر إيران في زاوية ضيقة، فربما يتسبب ذلك في انهيار نظامها، وحينها ستسعى لتفعيل كل ما بوسعها، من تغيير عقيدتها المتعلقة بمشروعها النووي وتفعيل أذرعها في المنطقة، مهما كانت النتائج".
من جانبه، رأى البيل أنه "حتى لو كان هناك توافق مع دول الخليج والغرب، وتوصلت إيران إلى تسويات معهم أو حتى مع إدارة ترامب الجديدة، فإنها (طهران) ستنقلب عليها في اللحظة التي ترى أنها تخدم أهدافها".
وأوضح للحرة: "لا يمكن القول إن إيران ستتوقف عن حلمها بالتوسع والسيطرة ما لم تتغير تماما، أو القول إن الحوثيين سيصبحون مسالمين وسيتوقفون عن استهداف الخليج، إلا بتغير النظام الإيراني".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: دول المنطقة فی المنطقة إلى أن مع دول
إقرأ أيضاً:
بعد رفض استئناف إسرائيل.. هل يمكن أن تؤثر الضغوط الدولية على مذكرة اعتقال نتنياهو؟
تعيش حكومة الاحتلال الإسرائيلي أزمة دولية، بعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت، وسط محاولات مستميتة لإيقاف تلك المذكرة، ومحاولة استمالة الحكومات الدولية، فهل يمكن أن تؤثر تلك الضغوط على قرار المحكمة الجنائية؟
المحكمة لن تتأثر بالضغوط الدوليةوأعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها لن تتأثر بالضغوط السياسية والتهديدات، بعد إصدارها مذكرات اعتقال بحق نتنياهو جالانت، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم حرب خلال الصراع في غزة.
وقال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، لهيئة البث الإسرائيلية، إن قرارات المحكمة تُتخذ بشكل مستقل ووفقًا للقوانين الدولية، مشددًا على أن الضغوط أو التهديدات لن تؤثر على آلية اتخاذ القرارات.
وأشار إلى أن تشكيل إسرائيل لجنة تحقيق محلية حول الاتهامات الموجهة لنتنياهو وجالانت لن يعفيهما من المثول أمام المحكمة الجنائية، وفق ما نشر بموقع سكاي نيوز البريطانية.
حالة واحدة لإلغاء قرار المحكمة الجنائيةوأوضح العبدالله أن الاتهامات قد تُلغى فقط إذا قدّم نتنياهو وجالانت أدلة مقنعة تُبرر هجمات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 44 ألف فلسطيني على مدى 13 شهرًا.
«الجنائية» ترفض استئناف نتنياهويأتي هذا في الوقت الذي رفضت في المحكمة الجنائية استنئاف دولة الاحتلال للرد على مذكرات الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو وجالانت، حيث طالب كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برفض الاستئناف، لأنه لا يستوفي معايير الاستئناف المباشر وفقا لاتفاقية روما.
تؤكد المحكمة الجنائية الدولية التزامها بالمعايير القانونية الدولية في مواجهة التهديدات والضغوط السياسية، بينما تعتزم إسرائيل الطعن في القرارات التي تُعد تصعيدًا غير مسبوق على المستوى الدولي، على حد قولها.