تمكّنت فصائل المعارضة السورية المسلحة خلال 48 ساعة من السيطرة على مناطق وسط حلب وأخرى في ريف إدلب شمال غرب البلاد، في هجوم هو الأول من نوعه منذ 5 سنوات. فلماذا جاء الهجوم الآن بعد سنوات من الهدوء النسبي؟ ومن هي القوى الفاعلة فيه؟ وهل يشكل تهديدا للجيش السوري؟

شنّت هيئة تحرير الشام التي عرفت سابقا بجبهة النصرة، وهي تنظيم جهادي كان مرتبطا بالقاعدة، إضافة الى فصائل أخرى معارضة متحالفة معها، هجوما على مناطق تسيطر عليها الحكومة السورية في محافظتي حلب (شمال) وإدلب المحاذية لها (شمال غرب).

وأقر الجيش السوري بدخول الفصائل المعارضة المسلحة الى "أجزاء واسعة" من مدينة حلب، ومقتل العشرات من عناصره في اشتباكات ممتدة على جبهة بطول نحو 100 كيلومتر.

وأسفرت المعارك عن مقتل 311 شخصا غالبيتهم مقاتلون من طرفي النزاع، ومن بينهم مدنيون قضى معظمهم في قصف من طائرات روسية تدعم الجيش السوري في المعركة.

وتقول الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية، دارين خليفة، إن تلك الفصائل كانت تعدّ للهجوم منذ أشهر.

وتوضح أنهم قاموا بتصوير الهجوم على أنه خطوة دفاعية ضدّ تصعيد كان يريد الرئيس بشار الأسد القيام به، مع تكثيف الحكومة السورية وحليفتها روسيا غاراتها على المنطقة قبيل الهجوم.

وتضيف خليفة أن هيئة تحرير الشام وحلفاءها "تنظر أيضا إلى التغيرات الأكبر على المستويين الإقليمي والجيواستراتيجي".

وشنّت الفصائل التي تنسّق عملياتها ضمن غرفة عمليات مشتركة، الهجوم في يوم سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بين إسرائيل وحزب الله بعد نزاع بين الطرفين امتد 13 شهرا على خلفية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

وخلال تلك الفترة، كثّفت اسرائيل غاراتها في سوريا على مجموعات موالية لإيران الداعمة للأسد، ومنها حزب الله الذي ساند بشكل مباشر القوات الحكومية السورية في النزاع الداخلي خلال الأعوام الماضية.

وتعتبر روسيا كذلك حليفا بارزا للأسد، وساهم تدخّلها العسكري المباشر اعتبارا من العام 2015، في قلب ميزان القوى الميداني لصالح دمشق.

وتقول خليفة "يعتقدون أن هذا وقت يكون فيه الإيرانيون ضعفاء، والحكومة السورية محاصرة، وتركيا (الداعمة لبعض الفصائل المسلحة في شمال سوريا) أكثر جرأة إزاء روسيا".

من هي القوى الفاعلة؟

وامتنعت القوى الداعمة لكلّ من الطرفين حتى الآن عن الإدلاء بأي تعليق تصعيدي.

واعتبر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الوضع في حلب "انتهاك لسيادة سوريا". وأعرب عن دعم بلاده "للحكومة السورية في استعادة النظام في المنطقة وإعادة النظام الدستوري".

ودعت تركيا إلى "وقف الهجمات" على مدينة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة المسلّحة في شمال غرب البلاد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية عبر منصة إكس إنّ الاشتباكات الأخيرة "أدت إلى تصعيد غير مرغوب فيه للتوترات في المنطقة الحدودية".

وجددت طهران الجمعة دعمها الحازم لحليفتها سوريا، وجاء في بيان للخارجية الإيرانية إن الوزير عباس عراقجي "شدد على دعم إيران المستمر لحكومة سوريا وأمتها وجيشها في كفاحها ضد الإرهاب"، في اتصال هاتفي أجراه مع نظيره السوري بسام الصباغ.

وتقول خليفة لوكالة الصحافة الفرنسية "في الأيام القليلة المقبلة، إذا تمكّنت (الفصائل) من المحافظة على مكاسبها، فسيكون ذلك اختبارا إزاء ما إذا كانت تركيا سوف تتدخل أو لا".

ويأتي هذا الهجوم المباغت والكبير في وقت تعثّرت فيه جهود التقارب بين سوريا وتركيا خلال العامين الماضيين.

ودفعت روسيا وإيران نحو خفض للتصعيد بين سوريا وتركيا، لكن دمشق تؤكّد أنه ينبغي على أنقرة سحب قواتها من أراضيها قبل أي تطبيع للعلاقات.

ودعمت أنقرة إسقاط الأسد بعيد اندلاع النزاع في العام 2011، لكن تركيا خفّضت من حدّة موقفها تجاه دمشق مع استعادة القوات السورية السيطرة تدريجيا على مناطق في البلاد.

وتقول كارولاين روز من معهد "نيو لاينز" في واشنطن إن ردّة الفعل الضعيفة لحلفاء سوريا قد تكون وسيلة "لإرغام النظام على التفاوض من موقع ضعيف، في ظلّ غياب أي مؤشر للدعم من إيران وروسيا".

هل يشكل تهديدا للنظام؟

عانت الحكومة السورية هذا الأسبوع من أكبر خسارة ميدانية منذ أعوام. وتعتبر خليفة أن "خطوط النظام انهارت بوتيرة مذهلة أدهشت الجميع".

وقطعت الفصائل طريق دمشق حلب الدولي، وسيطرت على تقاطع مهم بين طريقين يصلان حلب بكلّ من دمشق واللاذقية.

واعتمدت دمشق إلى حدّ كبير على القوة الجوية الروسية وعلى حزب الله في الميدان لاستعادة مناطق واسعة خسرتها خلال الحرب لصالح فصائل معارضة.

لكن الهجوم الراهن يأتي في وقت تنشغل روسيا بحربها في أوكرانيا، وحزب الله بالضربات التي تلقّاها خلال المواجهة الطويلة والقاسية مع إسرائيل.

ويشرح رئيس معهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي آرون شتاين أن "وجود روسيا (في سوريا) تقلّص بشكل كبير، والغارات الجوية السريعة أصبحت فائدتها محدودة".

ويرى أن التقدم السريع للفصائل المسلحة "يذكّر بمدى ضعف النظام وربما اطمئنانه المفرط خلال الأعوام القليلة الماضية مع تراجع حدة المعارك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

من قائد "تنظيم إرهابي" إلى رئيس انتقالي.. احتفالات في دمشق بعد تعيين الشرع رئيساً لسوريا

شهدت شوارع دمشق احتفالات واسعة عقب الإعلان عن تعيين أحمد الشرع رئيسا مؤقتا لسوريا، في خطوة جاءت بعد اختيار الفصائل التي أسهمت في الإطاحة بالرئيس بشار الأسد الشهر الماضي له لقيادة المرحلة الانتقالية.

اعلان

وقد تم الإعلان عن تعيين الشرع رئيسًا لسوريا خلال اجتماع الفصائل المسلحة في العاصمة السورية يوم الأربعاء. كما قررت الفصائل إلغاء الدستور السوري المعتمد في عهد الأسد، مشيرة إلى أن هناك خطة لصياغة دستور جديد في المستقبل القريب.

كان الشرع يُعرف سابقًا باسم "أبو محمد الجولاني" وهو قائد هيئة تحرير الشام، التي قادت الهجوم السريع الذي أطاح بالأسد في ديسمبر الماضي. ورغم ارتباط المجموعة في الماضي بتنظيم القاعدة، إلا أنها أعلنت عن قطع علاقتها بهذا التنظيم بعد ذلك.

وتجمع السوريون في شوارع دمشق وفي مدن أخرى للاحتفال بالإعلان، حيث انطلقت الأبواق من السيارات، وأطلق البعض الرصاص في الهواء تعبيرًا عن فرحتهم. وأبدى الكثيرون دعمهم للشرع، مؤكدين أنه يمثل الخيار الأنسب للمرحلة المقبلة.

وقال محمود عمار، أحد سكان دمشق: "لقد وجدناه يولي اهتمامًا كبيرًا بمشاكل المواطن، حيث بدأ يتحدث عن رغيف الخبز، وعن اسطوانة الغاز، وعن زيادة الرواتب".

Relatedفي تحول جديد.. الاتحاد الأوروبي يناقش تخفيف العقوبات على سوريا واستثمارات محتملة بمليارات الدولاراتالاتحاد الأوروبي نحو "تعليق" العقوبات عن سوريا.. وكايا تؤكد: "خطوة تتبعها خطوة"سوريا: الحكومة الانتقالية تدرب الشرطة وفق الشريعة الإسلامية وسط جدل داخلي وتحفظات دولية سوريا: تنصيب أحمد الشرع "الجولاني" رئيساً للمرحلة الانتقالية وحل الجيش وحزب البعث وإلغاء الدستور

من جهتها، أضافت نورا كاجك، إحدى سكان دمشق: "هانينا، لقد أردنا أن يكون أحمد الشرع رئيسًا للجمهورية منذ البداية. من الواضح لنا كيف سيكون شكله في المستقبل، وكيف سيدير البلاد ويحمينا وما إلى ذلك".

على مدار السنوات الماضية، سعى الشرع إلى تقديم نفسه كمدافع عن التعددية والتسامح، ووعد بحماية حقوق المرأة والأقليات الدينية.

وكانت الولايات المتحدة قد وضعت مكافأة قدرها 10 مليون دولار على رأس الشرع، لكنها ألغتها الشهر الماضي بعد زيارة وفد أمريكي إلى دمشق ولقائه معه.

وفي هذا السياق، أشارت باربرا ليف، الدبلوماسية الأمريكية العليا لشؤون الشرق الأوسط، بعد الاجتماع مع الشرع، إلى أنه بدا "براغماتيًا".

المصادر الإضافية • أب

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سبقت هيئة تحرير الشام إلى دمشق وزعيمها يفوق الشرع طموحًا.. ما مصير الفصائل الجنوبية في سوريا؟ من دافوس.. وزير الخارجية السوري يدعو لرفع العقوبات ويؤكد طموح سوريا لأن تصبح نموذجاً للسلام والتنمية قوات سوريا الديمقراطية ترفض تسليم إدارة السجون لحكام دمشق الجدد والسبب.. عناصر داعش سوريابشار الأسدرئيستنصيبأبو محمد الجولاني اعلاناخترنا لكيعرض الآنNext الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل يهود وبن غفير يصف المشهد بالفشل المطلق يعرض الآنNextعاجل. الرئيس السوري أحمد الشرع يخاطب السوريين الليلة ودمشق تستقبل أمير قطر يعرض الآنNext شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمها للصليب الأحمر في خان يونس يعرض الآنNext سرطان البروستاتا يتصدر القائمة.. الأكثر تشخيصًا في بريطانيا بارتفاع 25% خلال 4 سنوات يعرض الآنNext الإمارات تتسلم أول دفعة من مقاتلات "رافال" الفرنسية في صفقة بلغت 16.6 مليار يورو اعلانالاكثر قراءة في رد صارم على مخطط ترامب لنقل سكان القطاع .. الأردن ومصر: "تهجير الفلسطينيين سيضر بجهود التطبيع" كارثة على ضفاف الأنهار المقدّسة: عشرات القتلى والجرحى أثناء تجمع 150 مليون هندوسي في الهند لطي صفحات الماضي وتجاوز "الأخطاء".. الشرع يطالب موسكو بتسليم بشار الأسد بالصور.. كل ما تحتاج معرفته عن عام الثعبان: رأس السنة الصينية 2025 ترامب: تحدثت مع الرئيس المصري وسيوافق كما سيوافق ملك الأردن على استقبال الفلسطينيين.. والسيسي ينفي اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومدونالد ترامبغزةحركة حماسإسرائيلالصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذكاء الاصطناعيوسائل التواصل الاجتماعي قطاع غزةسورياضحايابشار الأسدأسرىالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • كيف ستعيد روسيا ترتيب أوراقها مع إدارة الشرع في سوريا؟
  • مجلس الأمن الدولي يدين الهجمات المكثفة على مدينة الفاشر بشمال دارفور من قبل قوات الدعم السريع
  • بعد التقدم الكبير في محور أمبدة والي الخرطوم يقف على إجلاء مئات الاسر من أمبدة
  • انهيار النظام السوري: وثائق استخباراتية تكشف ضعف الجيش وتداعيات الهجوم المفاجئ
  • كيف تعاملت مخابرات الأسد مع انهيار النظام السريع؟.. وثائق تكشف تفاصيل مثيرة
  • للمرة الأولى بعد انتصار الثورة وسقوط النظام… الفرقة السيمفونية السورية تعزف لشهداء سوريا ولمجدها
  • رسالة تهئنة من الرئيس الإماراتي ونائبيه إلى أحمد الشرع
  • وثائق للمخابرات السورية توثّق انهيار النظام ومحاولات لإنقاذه.. هذا ما نعرفه
  • أردوغان لـ الشرع: نقف بجانب الشعب السوري والارتقاء بالعلاقات الثنائية
  • من قائد "تنظيم إرهابي" إلى رئيس انتقالي.. احتفالات في دمشق بعد تعيين الشرع رئيساً لسوريا