فروا إلى الله: طريقك للنجاة والسعادة الحقيقية
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
في وقتٍ تعصف فيه التحديات والنزاعات بالأرواح، تأتي دعوة القرآن الكريم التي أضاء بها قلوب المسلمين، "فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ"، تلك الكلمة التي دعانا فيها الله سبحانه وتعالى للرجوع إليه والفرار من كل ما يعكر صفو الحياة، ليضعنا على الطريق الصحيح نحو الاستقرار النفسي والسعادة الحقيقية.
الرجوع إلى الله سبيل للرحمة والطمأنينةيقول الدكتور جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الله سبحانه وتعالى دعا عباده بالفرار إليه ليدخلوا في رحمته التي وسعت كل شيء، "وإن رحمة الله بركة، سعادة واستقرار"، واصفًا فرارنا إلى الله كما لو أننا نلجأ إلى حضنه العظيم الذي يزيل عنّا كل هم وغم.
ويؤكد جمعة أن "فروا إلى الله" تعني التوبة الصادقة والرجوع إليه بقلوبٍ نقية، كقول ابن عباس رضي الله عنه: "فروا إليه بالتوبة، اتركوا ذنوبكم وتوجهوا بقلوبكم نحو طاعته". ويضيف الدكتور جمعة بأن التوبة لا تعني فقط التخلي عن المعاصي، بل تعني أيضًا العودة إلى الله في كل لحظة من حياتنا، والعمل على رضا الله باتباع أوامره وترك نواهيه.
فروا من الشرور إلى رحمة اللهوفي تأملاته حول معنى هذه الدعوة القرآنية، يوضح جمعة أن الفرار إلى الله يعني النجاة من جميع مصادر الشر والضلال. كما كان يقول الإمام الجنيد: "الشيطان داعي إلى الباطل، ففروا إلى الله"، معتبرًا أن الرجوع إلى الله هو الهروب من الشيطان وأهوائه. ويضيف: "فروا من الجهل إلى العلم، ومن الفقر إلى الغنى بالله، ومن النفس الأمارة بالسوء إلى طاعة الرحمن".
فروا إلى الله بكل لحظة وقرارويتساءل جمعة: متى يمكن للمسلم أن يفر إلى الله؟ ويجيب: "تستطيع أن تفر إلى الله بسهولة ويسر في كل لحظة، خاصة حينما تقول: 'بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ'، لأنها بداية جمال، ونهاية رحمة". ويعتبر الدكتور علي جمعة أن التوجه إلى الله في كل بداية، بتذكره باسم الله، يعزز من قدرة الإنسان على السعي نحو الطمأنينة في ظل رعاية الله.
فروا إلى الله... وابدأوا من جديدويختتم جمعة حديثه قائلًا: "فروا إلى الله الجميل الذي يحميكم ويستر عيوبكم، ويغفر ذنوبكم، ففي كل لحظة من حياتنا، علينا أن نعود إلى الله بكل إخلاص وثقة". مشيرًا إلى أن الفرار إلى الله ليس فقط في أوقات الشدة، بل في كل لحظة من حياتنا، لأن ذلك هو الطريق الوحيد الذي يضمن لنا السعادة والاستقرار في الدنيا والآخرة.
الفرار إلى الله هو دعوة مستمرة للنجاة، دعوة للعودة إلى الذات السليمة والتخلص من كافة الملوثات التي يمكن أن تضر بها. إن الفرار إلى الله هو العودة إلى النقاء، إلى صفاء القلب والعقل، لتحقيق الاستقرار الداخلي وتحقيق أسمى غاية في الحياة، وهي رضا الله سبحانه وتعالى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الله ف ف ر وا إ ل ى الل ه القران الكريم قلوب المسلمين فروا إلى الله فروا إلى الله فی کل لحظة
إقرأ أيضاً:
جمعة رجب
غداً هي أول جمعة من شهر رجب الأصب، وهذه الجمعة المباركة الميمونة خلدها أبناء شعبنا منذ القدم، لا لشيء إلا لأنها كانت المحطة الأولى التي دخلوا فيها إلى الإسلام، والقصة كما نعرف مشهورة، وهي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعث إلى اليمن الصحابي خالد بن الوليد فظل ستة شهور يتنقل في عدة مناطق ولم يتوصل إلى شيء، ما اضطر الرسول الأعظم أن يوفد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الذي ما إن وصل إلى صنعاء حتى دعا كل أقيال ووجهاء اليمن للاجتماع في الحلقة بصنعاء وهو السوق الذي سُمي بهذا الاسم حتى اليوم، وبمجرد أن ألقى عليهم رسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ارتفعت الأصوات تُشهر الدخول في الإسلام، ولذلك خلد اليمنيين هذا اليوم وأعطاه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام طقوساً خاصة بأن جعله محطة إيمانية اجتماعية للتآلف بين الأُسر وبث المحبة بين اليمنيون، ولإسلام اليمنيون مكانة خاصة عند الكثيرين كونها كانت النقلة النوعية التي ارتقت بالإسلام إلى مرحلة جديدة تهلل معها وجه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالبُشر .
وقد تطرق إلى هذه المحطة الكثيرون ومنهم العلامة الأستاذ المرحوم عبدالرحمن الشرقاوي صاحب كتاب (علي إمام المتقين)، جاء ذلك في مقال له نشره في مجلة روز اليوسف المصرية التي رأس تحريرها مدة من الزمن، فأكد أن الواقعة تستند إلى أدلة ثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ومنها قوله تعالى ( مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) صدق الله العظيم، وقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم (جاء المدد جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة )، أو كما قال، إضافة إلى آيات وأحاديث أخرى جعلت الرسول صلى الله عليه وآله سلم يخر ساجداً شكراً لله وقرأ سورة “النصر”.
ويضيف الأستاذ الشرقاوي “لذلك يعظم أهل اليمن هذا الحدث في المكان والزمان فالمكان صنعاء أعرق وأقدم المدن في الجزيرة العربية على الإطلاق، والزمان أول جمعة من شهر رجب الأصب الذي أصبح من الأيام المقدسة يحتفي به اليمنيون من باب التعظيم والثناء والشكر للخالق سبحانه وتعالى وإجلال صاحب الرسالة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ومن حمل رسالته وجمع أقيال ووجهاء اليمن في صعيد واحد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام”.
أكتفي بما أوردت من مقال الأستاذ الشرقاوي، وأعتقد أنه يُمثل إجابة واضحة على الذين يتقولون بأحاديث غير منطقية وهدفها الكيد فقط، كأن يقولوا إن الحوثي ابتدع عيداً جديداً بحسب وصفهم، والمشكلة أن كثيراً منهم عاشوا المناسبة في العقود الماضية حيث ظل اليمنيون يحتفلون بهذه الجمعة حتى بعد الثورة بسنوات إلى أن جاء المد الوهابي عن طريق الإخوان المسلمين أولاً وبعد ذلك تبناه النظام وحاول أن يُلغي كل شيء جميل في حياتنا يتعلق بالدين أو الهوية اليمنية ويبدله بخزعبلات وأشياء لا تفيد الإسلام ولا اليمنيين، وهذه هي المعضلة التي حاول أتباع الوهابية أن يسيئوا إلى الدين وإلى معالمه الحقيقية بإشاعة مبدأ التكفير والتفسيق والابتداع، فكل شيء لديهم لا يوافق أفكارهم بدعة وضلالة، كما قال أحد العلماء رحمه الله إنهم هم البدعة وهم الضلالة وهم من جعلوا الآخرين يستهدفون الدين بأدواته ومن خلال أبنائه، إذ لا تزال آثار مشاكلهم قائمة حتى اليوم في عدد من الدول الإسلامية، وبات الإسلام في الغرب بالذات موضع تهوين ورفض، وهذه هي الجرائم الكبيرة التي ارتكبها محمد بن عبدالوهاب وسار على نهجه الحُكام من آل سعود حتى اليوم .
أما نحن في اليمن فسنظل نحتفي بهذا اليوم ونرفع قدره لأننا بذلك نرفع قدر الإسلام ونُعلي مكانته، كما أشار إلى ذلك العلامة الشرقاوي، أهنئ كل أبناء شعبنا وقيادة المسيرة بهذه المناسبة العظيمة، ومن نصر إلى نصر إن شاء الله، والله من وراء القصد ..