عوني الرجوب يكتب حول تكريم نسرين طافش.. أسئلة حول الرسالة والدلالة والمعنى ؟!!
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
#سواليف
كتب .. #عوني_الرجوب
في خطوة أثارت الكثير من اللغط و الجدل والتساؤلات على شبكات التواصل الاجتماعي تم #تكريم #الفنانه_نسرين_طافش من قبل مؤتمر المنتدى العالمي للتواصل الاجتماعي بجائزة ” #المحتوى_العربي الأكثر انتشاراً عبر الإنترنت”(..) ، هذه الخطوه التي قوبلت بتصفيق من البعض ، وواجهت نقدا لاذعا من شرائح اخرى اعتبرت ان التكريم يمثل حرفا للحقيقة وضياعا لبوصلة التقدير .
وفي وقتٍ يتعرض فيه #الأردن لجملةٍ من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والامنية التي تعصف بوطنٍ لا يزال يناضل من أجل البقاء في طليعة الدول الأصيلة المتماسكة، يقوم البعض بتسخير المشهد العام لتكريم شخصيات – مع تقديرنا الشديد لها – تشتغل في قطاعات غير حيوية وغير مؤثرة ، متجاهلين #المؤثرين و #المؤثرات في مختلف المجالات الحيوية والهامة ممن يساهمون فعلا في بناء الحاضر ورسم معالم المستقبل .
مقالات ذات صلة “حماس”: نطالب بالتحقيق في استخدام الاحتلال أسلحة في شمال قطاع غزة تؤدّي لتبخّر الأجساد 2024/11/30إن تكريم صانعة محتوى ترفيهي في منتدى للتواصل الاجتماعي في حقبة الابادة والمحرقة والموت الذي يعصف باشقائنا في #غزة و #فلسطين هو مؤشر خطير على #انحراف_البوصلة ، وتغليب الشكل على المضمون ، وسمو المادة على القيمة وهو امر لا يجوز ان يكون هدفا بحد ذاته .
هذا ليس وقته ..
هل يظن من خططوا لهذا التكريم أن الأردنيين منشغلون بمثل هذا الكلام الفارغ ؟ هل يدركون حجم الأوجاع التي تعيشها العائلات الأردنية وهي تكافح لأجل توفير لقمة العيش؟
في ظل الظروف الراهنة، والأزمات المتفاقمة، والأعباء الملقاة على كاهل المواطن، يبدو أن القائمين على هذا النوع من المبادرات يعيشون في عالم موازٍ، بعيد تمامًا عن نبض الشعب ومعاناته.
الأردن اليوم لا يحتاج إلى المزيد من الزيف والتلميع الفارغ، بل إلى أفعال جادة تعيد الثقة للمواطن وتنهض بالأمة.
الأردن الذي عرفناه على مر التاريخ لم يكن يومًا وطنًا يلهث خلف بريق الشهرة متخليا عن كينونته وخصوصيته ومكامن تفرده .
كيف يُعقل أن يتم تجاهل جميع صناع وصانعات المحتوى في كل القطاعات الحيوية المهمة على شبكات التواصل الاجتماعي واختيار صانعة محتوى ترفيهي لهذا التكريم ،ماذا عن المبدعين الحقيقيين الذين يسعون جاهدين لتعزيز مكانة الأردن ورفعته؟ الملاحظة لا تخص الفنانة طافش ابدا ، المشكلة قطاعية ، فلقد كان على المنظمين ان يركزوا على دلالات التكريم واهمية الاختيارات في حقبة تحتاج منا لمراجعات واعادة ضبط للاولويات.
كيف يمكن لهذا التكريم أن يكون أولوية ، ويكون عنوانا بينما شبابنا يعانون البطالة، وأسرنا ترزح تحت ضغوط الحياة الهائلة ، وهؤلاء الشباب يبحثون عن قدوات وقيادات ونماذج يمكن ان تحدث فرقا وتترك اثرا ايجابية في حاضرهم ومستقبلهم !!
ان التبرير الذي قدّمه منظمو التكريم كان “التأثير الإيجابي وبناء الذات”، وهنا دعونا نسأل: ما هو هذا التأثير؟ وهل يُقاس بناء الذات برواج الاسم على مواقع التواصل الاجتماعي؟
ما نراه اليوم ليس بناء للذات بل هو مس بالهوية والهاء عن القضايا الرئيسية ..
كيف يمكن اعتبار هذه الخطوة “ريادة”، عن اي ريادة تتحدثون ؟!!
صراع القدوات: من يستحق التكريم في هذا الزمن؟
الأردنيون يعرفون جيدًا من هم قدواتهم. هم الأمهات اللواتي يربين أجيالًا على الأخلاق والقيم، هم الأحرار الذين ضحوا من أجل كلمة حق، هم المعتقلون الذين دفعوا ثمنًا غاليًا لأنهم رفضوا الصمت على فساد أو انحراف.
لكن أن يُترك هؤلاء وينشغل المسؤولون بتكريم ما يطفو على السطح ، فهذا هو “الكيل بمكيال أعوج” وهو تحديدا ما يرهق الأردنيين ويقتل فيهم الأمل بمستقبل أفضل.
إن تنظيم مثل هذا التكريم في هذه الفترة العصيبة غير قابل للفهم ، ولا يمكن هضمه الا في سياق التورط المباشر في تزييف الوعي وضرب اعدادات المجتمع ومسطرته المعيارية ، صحيح ان هناك الكثير من التكريمات المدروسة والمخطط لها جيدا ولكن على المنظمين ان يتحملوا كامل المسؤولية عن خياراتهم جميعا ، الناس تراقب وتقيم وتحاكم بطريقتها ووفق معاييرها ..
لقد ملّ الأردنيون من الازدواجية في المعايير، لن يقبل الأردنيون أبدًا أن تتحول مؤسساتهم إلى أدوات تُستخدم لتلميع أسماء لا تعبر بشكل حقيقي وموضوعي عن اولوياتهم .
الأردن أكبر من هؤلاء
الأردن سيبقى شامخًا بقيمه، بأمهاته وآبائه، بشبابه الذين يعرفون معنى النضال من أجل الكرامة. أما هذه التكريمات الفارغة، فهي زوبعة في فنجان لن تغير شيئًا من حقيقة أن الأردن أكبر من كل هؤلاء جميعا.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف تكريم المحتوى العربي الأردن المؤثرين المؤثرات غزة فلسطين هذا التکریم
إقرأ أيضاً:
نور على نور
#نور_على_نور
د. #هاشم_غرايبه
عندما يقرأ المرء في قصة أهل الكهف قوله تعالى: “قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا”، يتساءل لماذا قال الله مسجدا مع أن الرسالة المحمدية لم تكن نزلت آنئذ، لماذا لم يقل: “كنيسة”!؟ ان كان هؤلاء المؤمنين من أتباع النصرانية.
في حقيقة الأمر لم يرد مسمى الكنيسة اطلاقا في القرآن، كما لم ترد في أي من كتب الله السابقة، كما لم يرد مسمى أتباع الرسل السابقين بنسبتهم الى رسولهم، كأن يقال ابراهيميين أو موسويين أو مسيحيين، بل بصفتهم الايمانية الموحدة (عباد الله المؤمنين)، لذا فكل ما لم يذكر في القرآن هو مستحدث من قبل البشر، وباطل ما أنزل الله به من سلطان.
المسجد لغويا هو المكان الذي تقام فيه الصلوات لله، واخذ مسماه من فعل السجود الذي هو أبرز الأركان الظاهرة الدالة على أداء المرء الصلاة.
من الخطأ الاعتقاد بأن الصلاة في شكلها الحالي هي مخصوصة بأتباع الرسالة المحمدية، فقد كانت هي وباقي الأركان الأخرى من صيام وزكاة وحج مفروضة على المؤمنين من أتباع الرسالات السابقة أيضا.
فقد قال المسيح عليه والسلام في أول نطق له وهو في المهد: “وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا” [مريم:31]، كما أمر الله تعالى ابراهيم وإسماعيل بتهيئة بيته الحرام للحج وللصلاة: “وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ” [الحج:26]، وقال: يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ” [آل عمران:43]، كما قال تعالى في وصف المؤمنين بالله من أهل الكتاب: “إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً” [الإسراء:107]، ولم يختلف الأمر في وصف عبادات أتباع الرسالة الختامية: “وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” [المائدة:55].
إن بحثنا في القرآن الكريم عن مسميات أماكن العبادة سنجد المعرّفة بمسمى المسجد ثلاثة:
الأول هو بيت الله المحرم الواقع في مكة، وهو أول بيت وضع للناس لعبادة الله، وسماه تعالى المسجد الحرام: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا” [التوبة:28]، لذلك فالله تعالى هو من وضع تسمية المسجد.
الثاني هو المسجد النبوي وهو أول مسجد بناه المسلمون في المدينة المنورة: “لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ” [التوبة:104].
الثالث هو المسجد الأقصى، وبقع في القدس، وهو ثاني مسجد بني للناس، وكان معروفا قبل الدعوة الإسلامية بمسمى بيت المقدس، والله تعالى هو من سماه بالمسجد: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا” [الإسراء:1]، ونلاحظ أن الله قد بارك في البلاد المحيطة به إكراما لمكانته عنده تعالى، لذلك فلا يمكن التشكيك في قدمه، وباطل ما يدعيه الغرب مؤسسو الكيان اللقيط من تسمية التلة المقام عليها بمسمى (جبل الهيكل) في إشارة الى المعبد الذي أقامه سليمان عليه السلام ويدّعون أن اسمه (هيكل)، لأن هذه التسمية وثنية وتعني المكان الذي يقام لعبادة الآلهة المنحوتة (الوثن)، وأبرز جزء فيه هو المذبح الذي كانت تذبح فيه القرابين من البشر أو الحيوانات تقربا من تلك الآلهة المزعومة، وبالطبع لا يمكن للنبي الذي أرسله الله أن يبني معبدا وثنيا.
ما يؤكد ذلك ان الله تعالى لم يذكر أي من المسميات لأماكن عبادته غير الثلاثة المعرّفة بمسماها الصريح المبينة آنفا، وغير تلك الواردة في قوله تعالى بصيغة التنكير: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” [الحج:40].
نستنتج أن هذه هي المسميات للأماكن الدينية عند الله، ولأن كل الرسالات السماوية دعت الى الدين ذاته الذي دعت إليه الرسالة الخاتمة، فلا تسمية غير ما جاءت في كتاب الله، ولا تتناقض قطعا مع كتبه السابقة قبل تحريفها، وذلك تفسير أن الله تعالى ذكر البناء الذي بني على فتيان الكهف بمسمى المسجد.
المستغرب أن كل أماكن العبادة الأثرية القديمة في بلادنا التي يكتشفها لنا علماء غربيون يسمونها كنيسة، مع أنه لا يوجد أي أثر مادي يدل على ذلك، ومع أن فترة انتشار النصرانية لا تتعدى ثلاثة قرون، فيما التحول الى الاسلام مضى عليه خمسة عشر قرنا.