إن الوعي هو السمة التي تميز الإنسان، وتجعله قادراً على إدراك ذاته وما حوله؛ فهو عملية إدراكية تجمع بين فهم الذات والوعي بالكون من حولنا؛ بمعنى أن يجمع الإنسان بين الوعي بأفكاره، مشاعره، ودوافعه، وبين وعيه بالعالم الخارجي بكل ما فيه من علاقات وظواهر. وهذا المفهوم هو أساس اتخاذ القرارات التي تحدد مسار الإنسان في حياته.
ومن هنا تظهر أهمية الوعي بالشرع؛ فهو المرجعية الكاملة التي تضبط مسار الإنسان وفق القيم الإلهية. يقول الله تعالى: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء: ٥٩]، ليؤكد أن المرجع عند الخلاف هو كتاب الله وسنة نبيه، لا آراء الأفراد وحدها. وفي تكامل الوعي الذاتي والوعي الشرعي ما يضمن العدل في العلاقات والمعاملات؛ فالشرع يقدم للإنسان البوصلة التي تهديه للصواب، في حين أن وعي الذات يمكنه من فهم هذه النصوص وتطبيقها بمرونة وذكاء. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية هذا التوازن بقوله: (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما: كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).
على الجانب الآخر، إذا انفصل الوعي الذاتي عن الشرعي، تحكمت الأهواء والعقول القاصرة في القرارات، مما يؤدي إلى الظلم وتدهور العلاقات الإنسانية. وفي هذا السياق قال الإمام الشافعي رحمه الله: ” كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي”؛ وهذه الحكمة تذكرنا بضرورة التواضع أمام شرع الله والاعتراف بنقص إدراكنا كأفراد. وبذلك يتضح أن بناء وعي شمولي؛ يقوم على الذات والشرع معاً، هو الأساس لضمان حياة متوازنة ومستقرة؛ فالشرع يوجه الإنسان، والوعي الذاتي يعينه على تطبيقه بوعي وإدراك. وهذا التكامل هو الضمانة لعلاقات إنسانية عادلة ومعاملات تقوم على الحق، والله تعالى يقول: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: ١٥٣].
إضاءة…
لا تقل ارتأيت؛ بل دعاني داعي الله فاستقمت مكاني.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: الوعی الذاتی
إقرأ أيضاً:
انطلاق المخيم الكشفي الثالث بالظاهرة
عبري- ناصر العبري
انطلقت فعاليات المخيم الكشفي الثالث لمحافظة الظاهرة في المجمع الشبابي بعبري، بمشاركة 15 قائداً كشفياً و85 من الكشافة الفتية. ويأتي هذا المخيم ضمن الأنشطة الكشفية التي تنظمها المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الظاهرة، ممثلة في دائرة التوجيه المهني والإرشاد الطلابي، ويستمر حتى يوم الأحد الموافق 27 أبريل 2025م.
وجرى افتتاح المخيم تحت رعاية وليد بن جميل المنظري، وبحضور حمد بن سالم الشكيلي، مدير دائرة التوجيه المهني والإرشاد الطلابي.
ويهدف المخيم إلى رفع الروح المعنوية لدى الكشافين، وتعزيز الدافع النفسي والمعنوي للاعتماد على الذات، بالإضافة إلى تقوية العلاقة بين الكشاف والبيئة المحلية. كما يسعى المخيم إلى تحقيق العلاقات الاجتماعية بين الكشافين وتنظيمها، وتنمية روح الفريق وتقسيم الأدوار، وتعزيز الانضباط وتحمل المسؤولية، فضلاً عن رفع مستوى تحدي الذات لتحقيق الأهداف الشخصية.
ويتضمن المخيم مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج والفعاليات المتعلقة بالمجالات الكشفية والإرشادية الاجتماعية والرياضية والعلمية والثقافية، والتي تهدف إلى إكساب الفتية المعارف والمهارات والاتجاهات في المجال الكشفي، وصقل مواهبهم وتنمية ميولهم واتجاهاتهم.