حراك محموم داخل اليمين الإسرائيلي لإعادة الاستيطان في غزة
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
القدس المحتلة – تتنافس أحزاب اليمين الإسرائيلي والحركات الاستيطانية فيما بينها لتحريك مخططات ومشاريع إعادة الاستيطان في قطاع غزة، حيث أنجزت إلى الآن 6 مخططات هندسية لبناء 6 بؤر استيطانية في شمال القطاع، في حين بادر حزب "عظمة يهودية" لتقديم مشروع قانون يقضي بإلغاء خطة "فك الارتباط" لعام 2005 وإعادة بناء المستوطنات التي أخليت من "غوش قطيف" في جنوب القطاع.
وتحت عنوان "نضيء غزة"، تتحضر الجمعيات الاستيطانية لإحياء ما سمته "سلسلة جذور الاستيطان في القطاع"، عند السياج الحدودي مع غزة، وذلك خلال عيد الأنوار "حانوكا" الذي يصادف الأسبوع الأخير من شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وتتناغم خطط إعادة الاستيطان في قطاع غزة مع خطة "الجنرالات" التي أعدها الجنرال السابق بالجيش الإسرائيلي غيورا آيلاند، وقدمها لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وشرع جيش الاحتلال بتنفيذها عبر عملية عسكرية مستمرة للأسبوع التاسع على التوالي، وتهدف لارتكاب المجازر لتهجير سكان شمال القطاع قسرا، وذلك بفرض حصار كامل على المنطقة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إليها.
وفي حين أنكر نتنياهو للإدارة الأميركية تنفيذ خطة "الجنرالات" والدفع نحو إعادة الاستيطان في القطاع، تقدم وزير الإسكان الإسرائيلي يتسحاق غولدكنوبف، قادة المستوطنين بجولة ميدانية عند محور "نتساريم" في وسط القطاع، رفقة رئيسة حركة "نِحالا" الاستيطانية، دانييلا فايس، حيث عاينوا المكان، واستعرضوا خريطة ومخططا هندسيا للاستيطان في القطاع.
وتضاف زيارة الوزير الإسرائيلي وقادة المستوطنين لمحور "نتساريم" الذي يحتله الجيش الإسرائيلي، إلى سلسلة خطوات وإجراءات وتصريحات لوزراء بالحكومة تدفع نحو بناء المستوطنات والبؤر الاستيطانية في شمال وجنوب القطاع، وإعادة بناء كتلة "غوش قطيف" التي ضمت 21 مستوطنة بجنوب القطاع وقطنها نحو 9 آلاف مستوطن حتى بدء تنفيذ خطة "فك الارتباط" في أغسطس/آب 2005.
كانت جولة عرابة الاستيطان فايس رفقة وزير الإسكان الإسرائيلي إلى شمال القطاع هي الأولى رسميا، لكن سبقها عدة زيارات وجولات ميدانية سرية وتحت جنح الظلام، وكانت تتم برفقة جنود وضباط من الجيش الإسرائيلي محسوبين على حزبي "عظمة يهودية" و"الصهيونية الدينية"، بحسب ما كشفت القناة الإسرائيلية الرسمية "كان 11".
وفي التفاصيل، رافقت سيارة جيب عسكرية رئيسة حركة "نحالا"، بمساعدة مسؤولين عسكريين، واقتادتها إلى منطقة عسكرية مغلقة في شمال قطاع غزة، حيث يمنع دخول المدنيين إليها، وجرى كل هذا، دون علم رئيس هيئة أركان الجيش هرتسي هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان.
ووفقا للتفاصيل، فإن فايس وفريقها الاستيطاني من المهندسين والمخططين، الذين يروجون بقوة هذه الأيام للتحرك نحو إعادة الاستيطان اليهودي في قطاع غزة، قاموا بالفعل بإعداد مخطط هندسي لـ6 بؤر استيطانية تضم مئات العائلات، وقاموا خلال فترة الحرب بدوريات وجولات ميدانية على حدود غزة وتجولوا برفقة عسكريين في شمال القطاع.
ونقلت القناة الإسرائيلية الرسمية عن فايس قولها إن "من أهداف الجولة الميدانية فحص الأماكن التي سيتمكن المستوطنون من دخولها ووضع البيوت المتنقلة والكرفانات فيها"، مشيرة إلى وجود 40 كرفانا مجهزا بكل المعدات والمستلزمات إضافة إلى مولدات الكهرباء، حيث يتم انتظار اللحظة المناسبة من أجل إدخالها ونصبها في شمال القطاع.
في البداية، وبحسب الخطة التي استعرضتها رئيس الحركة "ستدخل العائلات اليهودية شمال القطاع وتقيم البؤر الاستيطانية، وسترتبط بشكل غير رسمي بالقواعد العسكرية للجيش الإسرائيلي والبنية التحتية في القطاع، ومن ثم ستحول إلى كتل استيطانية رسمية ومعترف بها".
وبحسب فايس، فقد تم جلب قوافل من المنازل المتنقلة والكرفانات إلى منطقة "غلاف غزة" خصيصا للعائلات التي ستنتقل للعيش في قطاع غزة لحظة صدور الأمر، كما تم جمع تبرعات بملايين الدولارات من الجاليات اليهودية حول العالم خصيصا لمجموعات المستوطنين الذين سيدخلون القطاع.
ورغم رفضها تحديد وقت لإقامة المستوطنات، فقد عبرت عرابة الاستيطان عن اعتقادها بأنه "في غضون بضعة أشهر ستكون هناك تغييرات على الأرض، وستقام أولى البؤر الاستيطانية بالقطاع".
وتناغما مع المخططات الهندسية الاستيطانية التي حضرتها حركة "نِحالا"، تطالب الأحزاب المشاركة بالائتلاف الحكومي بالاستيطان في القطاع وبعضها باحتلاله وفرض الحكم العسكري عليه، وهو الموقف الذي عبر عنه رئيس حزب "الصهيونية الدينية" ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، خلال مؤتمر عقده مجلس المستوطنات، حيث دعا إلى احتلال قطاع غزة وتهجير نصف سكانه والسيطرة عليه عسكريا.
وسعيا منه لموطئ قدم لإعادة بناء التكتل الاستيطاني "غوش قطيف"، تمهيدا لفرض السيادة الاحتلالية على قطاع غزة، يضغط سموتريتش على نتنياهو لقبول فكرة نقل توزيع المساعدات الإنسانية في غزة إلى الجيش الإسرائيلي، وهي خطوة ستؤدي إلى فرض حكم عسكري في القطاع، سيكلف إسرائيل سنويا 20 مليار شيكل سنويا (5.5 مليارات دولار)، حسب ما أفادت صحيفة "دي ماركر".
وتأخذ فكرة إعادة الاستيطان في القطاع التي تأتي تحت اسم "غزة لنا إلى الأبد"، زخما على أرض الواقع، حيث دشن المئات من المستوطنين مؤخرا مشروع "العودة الوشيكة إلى غزة" ببناء خيام بالمنطقة القريبة من السياج الحدودي مع غزة، وذلك على الرغم من أنها منطقة عسكرية، بمشاركة أعضاء كنيست ووزراء.
أما على المستوى السياسي الرسمي، فترجمت فكرة الاستيطان في القطاع، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، من خلال إقامة لوبي برلماني جديد في الكنيست تحت اسم "تجديد الاستيطان اليهودي في قطاع غزة"، بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست من مختلف الأحزاب وأفراد أمنيين وقانونيين وغيرهم.
وقالت رئيسة اللوبي الاستيطاني عضو الكنيست ليمور سون هار مليخ من حزب "عظمة يهودية" للقناة 14 الإسرائيلية إن "هدف اللوبي هو إعادة مشروع الاستيطان اليهودي إلى قطاع غزة" وزعمت أن "النصر الحقيقي في الحرب لا يتحقق إلا من خلال الاستيطان اليهودي في جميع أنحاء أرض إسرائيل، بما في ذلك قطاع غزة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاستیطان فی القطاع إعادة الاستیطان فی الاستیطان الیهودی الجیش الإسرائیلی فی شمال القطاع فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسوي رفح بالأرض
القاهرة - رويترز
قال سكان إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة فيما يخشون أن يكون جزءا من خطة لمحاصرة الفلسطينيين في معسكر ضخم على الأرض القاحلة.
ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع.
واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في منتصف مارس آذار، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها "مناطق عازلة" حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها والتي تشكل نحو 20 بالمئة من مساحة القطاع.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (كان) يوم السبت أن الجيش بصدد إنشاء "منطقة إنسانية" جديدة في رفح حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي حماس من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات.
لم يعلق الجيش الإسرائيلي على التقرير بعد، ولم يستجب حتى الآن لطلب رويترز للتعقيب.
وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمرة التي كان يقطنها سابقا 300 ألف نسمة.
وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالا لرويترز عبر رسالة نصية "الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوتا في رفح، رفح انمسحت".
وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات.
وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، لرويترز عبر رسالة نصية "إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم".
وتقول إسرائيل، التي تفرض حصارا مطبقا على غزة منذ الثاني من مارس آذار، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن يستغلها مقاتلو حماس.
وتقول وكالات الأمم المتحدة إن سكان غزة على شفا تفش واسع للمجاعة والمرض، وأن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما هاجم مقاتلو حماس تجمعات سكنية إسرائيلية.
وأعلن مسؤولو الصحة في غزة اليوم الاثنين مقتل 23 شخصا على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع.
وقُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب ستة آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى.
* يأكلون العشب والسلاحف
لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت حماس خلاله سراح 38 رهينة فيما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين.
ولا يزال 59 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول حماس إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة.
وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري أمس السبت إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يفرض على القطاع على الإطلاق.
وجاب بعض السكان الشوارع بحثا عن الأعشاب التي تنمو طبيعيا على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها.
وقالت امرأة من مدينة غزة لرويترز طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام "المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعميهم فيهم".
وأضافت "باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة".
واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين أدت إلى مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.