في حياة الإنسان، يواجه الكثير من التحديات والاختبارات التي تتطلب اتخاذ قرارات مصيرية قد تكون محيرة في بعض الأحيان، في مثل هذه اللحظات، يشعر المرء بحاجة ماسة إلى التوجيه والإرشاد، ويبحث عن يدٍ تمتد له من السماء، يدٍ تمنحه السلام الداخلي والطمأنينة، ومن هنا يأتي دور الدعاء، فهو الوسيلة التي من خلالها يطلب المسلم العون من الله سبحانه وتعالى في تدبير شؤونه.

مفهوم حسن التدبير في الإسلام

 

حسن التدبير يعني أن يطلب المؤمن من الله أن يهديه إلى الطريق الصحيح في كل أمور حياته، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، والتدبير في الإسلام لا يعني التحكم في كل شيء بيد الإنسان، بل هو التوكل على الله والاعتراف بأن كل الأمور بيد الله وحده، وأنه هو الذي يدبر الأمور بما هو خير لعباده.

وقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الآيات والأحاديث التي تؤكد على أهمية التوكل على الله، والاعتماد على تدبيره الحكيم. قال الله تعالى في كتابه الكريم: "وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" [الطلاق: 2-3]، وفي هذا دلالة على أن الله سبحانه وتعالى هو المدبر، وهو الذي يفتح أبواب الرزق والمخرج من الأزمات.

 

أدعية تفتح أبواب التدبير الإلهيدعاء الاستشارة (اللهم إني استخيرك)


من أدعية الاستعانة بحسن التدبير هو دعاء الاستخارة، حيث يطلب المسلم من الله أن يوجهه إلى الخيار الأنسب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا هم أحدكم بالأمر فليصلِّ ركعتين ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك واسالك من فضلك العظيم". هذا الدعاء يعين المسلم على اتخاذ القرار الصحيح ويسهل له الطريق.

دعاء التوكل على الله


بعد أن يبذل الإنسان الأسباب ويتخذ القرارات، يتوجه بالدعاء إلى الله ليكون معه في تدبير الأمور. من أبرز الأدعية في ذلك: "توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله". هذا الدعاء يعكس التوكل الكامل على الله ويعبر عن الثقة في تدبيره لكل الأمور.

دعاء التيسير


في لحظات صعوبة اتخاذ القرار أو في حال المعاناة من تعقيد الأمور، يمكن للمسلم أن يدعو بهذا الدعاء: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً". هذا الدعاء يطلب من الله تسهيل الأمور ويساعد المسلم على المرور من الأوقات الصعبة بطمأنينة.

دعاء الفرج


عندما يشعر الإنسان بتراكم الهموم والأحزان، فإن دعاء الفرج يعد من الأدعية التي تساعد في رفع هذه الكربات والتوجه إلى الله بطلب الراحة واليسر: "اللهم فرج همي ويسر أمري". هذا الدعاء يعين على تجاوز الأوقات الصعبة، ويذكر العبد بأن الفرج بيد الله وحده.

حسن التدبير وثقة المسلم في الله

الدعاء هو أحد أساليب التوجه إلى الله وطلب العون في تدبير الأمور، ولكن يجب أن يترافق ذلك مع اليقين الكامل بأن الله هو الأعلم بما هو خير لعباده. ففي الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم توكلتم على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا".

و من هنا، يتعلم المسلم أنه مهما كانت التحديات التي يواجهها، فإن التوكل على الله والتوجه إليه بالدعاء هو السبيل لإيجاد الحلول.

أهمية الثقة في تدبير الله

يتعين على المسلم أن يضع ثقته الكاملة في تدبير الله لكل أموره، إذا شعر بالضياع أو الحيرة، فإن عليه أن يتذكر أن الله قد أمره بالاستعانة به في كل شيء، وألا يستسلم للهموم والضغوط. فالله سبحانه وتعالى وعد عباده بأنه سييسر لهم ما يصعب عليهم، وأنه سيجعل لهم من كل ضيق مخرجًا.

 

الدعاء هو مفتاح الأمل والتفاؤل في الحياة، وهو السبيل الذي من خلاله يتوجه المسلم إلى الله ليطلب العون والهداية في تدبير أموره. من خلال الأدعية المأثورة والتوجه الصادق إلى الله، يستطيع المؤمن أن يجد راحته النفسية، ويحقق تطلعاته في ظل تدبير الله الحكيم. فمع كل دعاء، يقوى الإيمان، وتتفتح أبواب الرزق، ويسير الإنسان في درب الحياة بثقة وطمأنينة، معتمدًا على تدبير الله الذي لا يخيب.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التدبير أدعية دعاء الله التوکل على الله هذا الدعاء فی تدبیر إلى الله ا الدعاء من الله

إقرأ أيضاً:

لماذا يريد الله منا أن ندعوه؟!

تنقدح في الذهن مجموعة من التساؤلات الإيمانية، تبدأ كإلماعة في الذهن ولكن بمجرد البحث عن إجاباتها في القرآن الكريم، تبدأ أسرارها بالتكشف والظهور، فالقرآن الكريم يضع بين ثنايا آياته مفاتيح توصلك بعد التأمل والبحث إلى معرفة المقاصد الإلهية، وهو ما يجعلك تعبد الله على بصيرة، وتتعرف على خالقك الذي خلقت لأجل عبادته، وهذا أمر يتسق مع دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال: "تعرّف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة" ومن هذه التساؤلات: لماذا يريد الله منا أن ندعوه، أليس هو العالم بحاجاتنا، أليس هو الأعلم بما في قلوبنا قبل أن ننطق بها.

ونحن نجد أن الله تعالى يحض عباده على الدعاء في مواضع كثيرة من كتابه العزيز فهو يقول في سورة غافر: "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" ولكن نجده يربط هذا الحث على الدعاء مع إشارات نجدها في تتمة الآيات الكريمات، فهو في هذه الآية الكريمة نجده أمر بالدعاء وربطه بالاستجابة بدون فاصل، وبعد ذلك أخبرنا أن من يستكبر عن عبادته سيدخله جهنم.

فنتلمس من خلال هذه الآية أن الدعاء يربينا على التواضع، في حين أن من يستكبر عن عبادة الله ودعائه فإن له نار جهنم، فالدعاء في حقيقته ليس فقط وسيلة لنيل المطالب، بل هو أعمق من ذلك بكثير، فهو تربية للنفس، وصلة مستمرة بين العبد وربه، ومظهر من مظاهر العبودية الخالصة التي تخرج من القلب قبل اللسان، وهذا الانكسار والإلحاح في الطلب يربينا على فضيلة عظيمة بالإضافة إلى وعد الله بالاستجابه نجده يربينا على التواضع لله عز وجل، والانقطاع إليه، والتذلل بين يديه، ومن خلال هذه المعاني الإيمانية الراسخة تتبلور شخصية المسلم.

وهنالك مجموعة من المعاني التي قرنها الله مع الدعاء والتي تبينها لنا هذه الآية في سورة البقرة فالله تعالى يقول: "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ"، فالله عز وجل قريب من عباده، يستجيب لدعائهم إذا دعوه، فأمرهم بالاستجابة له ليستجيب لهم، واستجابة العبد لله عز وجل هي التقوى، بحيث يجدهم حيثما أمرهم، في مواطن الطاعة، ويفقدهم حيثما نهاهم، في مواطن المعصية، وبهذا يكونوا من الراشدين.

فكل موضع في القرآن الكريم أمرنا الله به أن نخلص له في الدعاء يقرنه بالمراشد الإيمانية، وكل هذا يعود نفعه على الإنسان، فالله لا يحتاج لدعائنا، فهو الغني المطلق، ولكننا نحن من نحتاج إليه، وكلما رفعنا أيدينا إليه، ورمينا أنفسنا بين يديه، وخرجنا من حولنا وقوتنا إلى حول الله وقوته، ازددنا يقينًا وطمأنينة بالوعد الإلهي، كما أننا نطمئن إلى اختيار الله لنا، ولو اختار لنا ما نكره، أو منعنا ما نحب، فإننا واثقون من اختياره لنا، وأفضل من عبر عن هذا المعنى الدقيق هو ابن عطاء الله السكندري في حكمه العطائية التي قال فيها: "ابن عطاء الله السكندري: "ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء".

فالله يريدنا أن ندعوه، لأنه يحب أن يسمع أصواتنا، ويحب أن يرانا نعود إليه في الرخاء كما في الشدة، يريدنا أن نعبّر له عن حاجتنا، لا لأنه يجهلها، بل لأن في هذا التعبير اعترافًا منا بأنه وحده القادر، وبأننا دونه لا نملك من أمرنا شيئًا، ويريد منا أن نتصل به في كل أحوالنا من الخير والشر والرخاء والشدة، وهذا هو مصداق لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب، فليكثر الدعاء في الرخاء"، فالدعاء أيضا تذكير دائم بأن الأمور ليست بأيدينا، حتى وإن ظننا غير ذلك، نحن نخطط ونسعى ونبذل، لكننا نعلم في قرارة أنفسنا أن التوفيق بيد الله، وأن ما نرجوه لا يأتي إلا بإذنه، والله في لطفه ورحمته، يريدنا أن نبقى على صلة به، لا أن ننتظر المصائب لنعود إليه.

كما أنه عالم بضعفنا وقلة حيلتنا ويحب بكرمه ومنه وعظمته وقدرته وملكه وأن يعين عباده، فهو يفرح بدعائهم لا لأجله بل لأجلهم هم، وصدق الشاعر الذي قال:

لا تسألن بني آدم حاجةً

وسلِ الذي أبوابهُ لا تحجبُ

الله يغضب إن تركت سؤاله

وبني آدم حين يُسألُ يَغضبُ

ومن المعاني التأملية التي تتعلق بالدعاء هو التوسل إلى الله بالعمل الصالح، فالله يريد منك أن تقرب له قربانا من ذاتك، وهو عملك الصالح، وهذا أمر مشروع وليس بدعة في الدين، بل هو أصل ثابت في السنة النبوية المطهرة، فقد جاءت قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة فأغلقت عليهم باب الغار، وهم في عزلة لا يسمع أنينهم أحد من البشر، ولم يكن لديهم ما يدفعون به الضر سوى الدعاء، لكنهم لم يدعوا الله بكلمات عامة، بل توسل كل واحد منهم إلى الله بعمل صالح فعله خالصا لوجهه، فكان الأول بارًا بوالديه، والثاني عفيفا عن الحرام رغم قدرته عليه، والثالث أمينا في ماله مع العمال، وكان كل واحد منهم صادقًا في دعائه، فاستجاب الله لهم، وانفرجت الصخرة شيئا فشيئا، حتى خرجوا سالمين، فهذه القصة التي رواها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه، يُعلمنا من خلالها أن العمل الصالح الخالص هو من أعظم وسائل استجابة الدعاء.

وليس المقصود من التوسل بالأعمال الصالحة أن يُمنّ العبد على ربه، فالله غني عن أعمال عباده، ولكن المقصد هو الاعتراف بفضل الله في التوفيق إلى تلك الأعمال، والتوسل بها إقرار ضمني بصدق النية وصحة الاتجاه، فحين يرفع الإنسان يديه بالدعاء، مستحضرًا في قلبه صدقة خفية أخرجها لفقير، أو صلاة خاشعة في جوف الليل، أو عفوًا عن من ظلمه، أو دمعة سقطت من خشية الله، فإنه يكون أقرب إلى الإجابة، لأن الدعاء في هذه الحالة يكون محمولًا على جناحين من الإيمان والعمل.

ومن الجانب النفسي، فإن استحضار الإنسان لأفضل أعماله عند الدعاء يعزز لديه الثقة والطمأنينة، ويشعره أنه لم يأتِ إلى الله خالي الوفاض، بل جاء ومعه زادٌ من الخير، مهما كان قليلاً، لكنه صادق، وهذه الثقة ترفع من مستوى التضرع والإلحاح في الدعاء، وتجعل النفس أكثر يقينًا بكرم الله، وأوسع أملًا في رحمته.

وهذا الأمر يعيد صياغة علاقتنا بالأعمال الصالحة، فبدلاً من أن تكون مجرد طقوس تؤدى، تصبح استثمارا روحيًا ممتدا، يمكن الرجوع إليه في الأوقات العصيبة، وهذا يدفع الإنسان إلى استدامة الخير، وحسن النية في كل فعل، لأنه لا يعلم أي عمل سيكون سببًا في الفرج أو إجابة الدعاء، وهذه هي مواطن الخبيئة، هذا يدعونا لمراجعة أنفسنا باستمرار، والبحث عن تلك اللحظات التي خلونا فيها بالله وقدمنا فيها عملا خالصا، بعيدًا عن أعين الناس، فربما تكون سجدة خاشعة، أو لحظة صدق مع الله، أو موقف عظيم مر عليك دون أن يشعر به أحد، لكنه عند الله عظيم، تلك الأعمال التي نُخبّئها في صدورنا، هي التي نلوذ بها يوم تضيق السبل، وهي التي نستحضرها حين نقول في دعائنا: "اللهم إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاء وجهك، ففرّج عني ما أنا فيه"،

إن هذا النوع من الدعاء يربّي في النفس معاني عظيمة، كالإخلاص والرجاء وحسن الظن بالله، ويجعل من الدعاء نفسه رحلة إيمانية، لا مجرد طلب، بل تذكير بالفضل ومحاسبة للذات وربط مباشر بين الأرض والسماء، ومن الجميل أن نُعلّم أبناءنا ومن حولنا على هذه المفاهيم الإيمانية ، ليشبوا على أن أعمالهم الصالحة ليست فقط طريقًا إلى الجنة، بل سلاحًا في الدنيا، وعونًا في الحياة، وجسرا إلى رحمة الله، فيصبح إيمانهم نابعا من قناعة وتأمل عميق، وتعرف على مقاصد العبادات.

مقالات مشابهة

  • دعاء يوم الجمعة .. ردد أدعية ساعة الاستجابة تقضي جميع الحوائج في دقائق
  • دعاء الفجر .. ردد أفضل 210 أدعية للرزق والفرج والزواج وقضاء الحوائج
  • اقتحام ونهب واعتقال.. مفوضية حقوق الإنسان تفتح النار على الحوثيين
  • لماذا يريد الله منا أن ندعوه؟!
  • دعاء صلاة الاستخارة.. طريق المؤمن لاختيار الخير
  • أذكار الصباح والمساء.. درع المسلم اليومي
  • دعاء الصباح للرزق والتوفيق.. احرص عليه قبل الخروج من المنزل
  • فضل الدعاء بعد أذان الظهر.. مستجاب وأوصى به النبي
  • دعاء الصباح اليوم الأربعاء 9 أبريل 2025.. اللهم ارزقني نور البصيرة والقلب السليم
  • دعاء الصباح مكتوب.. يجلب الرزق وييسر الأمور