وسط أزمات اقتصادية خانقة يعيشها اليمنيون في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي، تصاعدت شكاوى التجار وأصحاب المحلات الصغيرة والباعة المتجولين من الجبايات المتكررة التي تفرضها الجماعة بذرائع متعددة.

هذه الجبايات التي تفرض بعضها بالقوة، باتت عبئاً يهدد القطاع التجاري، ويُسهم في انهيار الاقتصاد المحلي.  

جبايات متعددة بمسميات مختلفة  

تحدث عدد من أصحاب الصيدليات، والبقالات، والبسطات، والمطاعم، لمأرب برس بأنهم يُجبرون على دفع أموال بشكل متكرر لمكاتب تتبع مليشيات الحوثي، مثل مكتب الأشغال العامة، مكتب التجارة، ومكاتب الزكاة ، حيث تتنوع ذرائع الحوثيين بين تمويل فعاليات طائفية مثل الاحتفال بالمولد النبوي وأسبوع الشهيد، ودعم المجهود الحربي، والقوة الصاروخية، ودعم غزة ولبنان، كما يقولون.

  

أحد أطباء الأسنان في صنعاء، يمتلك عيادة صغيرة فضل عدم ذكر إسمه لاسباب أمنية قال لمأرب برس: "اضطررت لدفع 150 ألف ريال كضرائب، نصفها كان ديناً. ليس لدي إلا كرسي واحد واحصل بالكاد ما يكفي مصاريفي اليومية، لكنهم لا يرحمون." 

مالك احدى البقالات أوضح لـ"مأرب برس" أنه دفع خلال شهر واحد 100 ألف ريال لمكتب الضرائب، مضيفاً: "الحياة أصبحت مستحيلة تحت هذه الظروف."

تداعيات مدمرة

محافظة إب الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين المصنفة إرهابياً كغيرها من المحافظات التي يتعرض فيها التجار لمثل هذه الجبايات والمضايقات، حيث أُغلقت أكثر من 250 بقالة، إلى جانب مخابز، ومطاعم، ومحلات أخرى، بسبب عدم قدرة أصحابها على دفع الجبايات المتزايدة ، حتى كبار التجار في المحافظة، مثل "الخطيب" و"العواضي"، اضطروا لإغلاق محلاتهم تحت وطأة الضغوط المالية.  

الممارسات الحوثية لم تستثني ايضا المؤسسات الكبيرة؛ ففي سبتمبر الماضي، فرضت الجماعة جبايات على البنوك تحت مسمى "دعم قطاع غزة"، بقيم تتراوح بين 75 ألف و131 ألف دولار لكل بنك.  

انتهاكات تصل إلى القتل  

وفي مدينة دمت بمحافظة الضالع، قُتل المواطن "بكيل الهمام" برصاص أحد عناصر مليشيات الحوثي في مكتب الأشغال العامة بعد رفضه دفع جبايات مالية ،الحادثة أثارت موجة غضب واسعة، وكشفت حجم القمع الذي تمارسه الجماعة ضد من يعترض على سياساتها.  

اثراء خزينة المليشيات 

وفقاً لمحللين اقتصاديين، لا تهدف هذه الجبايات إلى دعم الاقتصاد المحلي أو تمويل خدمات للمواطنين، بل إلى إثراء خزينة المليشيات وتمويل أنشطتها الحربية وأجندتها الإقليمية.  

أستاذ الإقتصاد في جامعة تعز الدكتور محمد قحطان في حديثه لـ"مأرب برس" قال أن التحديات الاقتصادية الناتجة عن الجبايات والابتزاز الممنهج الذي يتعرض له التجار في مناطق سيطرة مليشيات الحوثيين تبرز في التكاليف المتزايدة الناتجة عن الجبايات غير القانونية الذي بدورها تترجم مباشرة إلى أسعار أعلى للسلع والخدمات، مما يعمق أزمة التضخم.  

وأضاف قحطان انه في ظل الحرب وآثارها الاقتصادية المدمرة، دخل الإقتصاد اليمني في حالة "الركود التضخمي" وأصبح ذلك حقيقة لا يمكن إنكارها وهذا الوضع يتسم بارتفاع الأسعار وتراجع الطلب نتيجة لتدهور القدرة الشرائية لدى المواطنين، وهو ما يؤدي إلى اختلال بين العرض والطلب.  

وأشار قحطان إلى أن هذا الوضع ينذر بعواقب وخيمة يلخصها بأربع نقاط كالتالي:  

اولا خسائر التجار حيث يعجز البعض عن الصمود أمام الأعباء المالية المرتفعة، وثانيا توقف الأعمال ما يعني خروج العديد من التجار من السوق بشكل نهائي.  

اضافة الى إرتفاع البطالة نتيجة فقدان الوظائف مع إغلاق الأعمال، فضلا عن زيادة معدلات الفقر مما يزيد من شدة الأزمة الإنسانية.  

وللتعامل مع هذه التحديات، بحسب قحطان، يجب أن يكون هناك توجه جاد نحو ضبط الممارسات المالية غير القانونية، وتحقيق استقرار اقتصادي يمنح التجار والمواطنين فرصة للتنفس والبقاء في سوق مليء بالضغوطات.

وفي ظل غياب حلول واضحة، يبقى اليمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين بين مطرقة الفقر وسندان الجبايات، فيما تتزايد المخاوف من انهيار شامل للاقتصاد المحلي، ما لم يتم وضع حد لهذه الممارسات التي تعكس سوء إدارة وسياسات تسعى لتدمير أي أمل في الإستقرار.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

قناة CNN الأمريكية تكشف موقف الإمارات والسعودية من اي عملية عسكرية برية لاقتلاع الحوثيين في اليمن ودور القوات الحكومية وتفاصيل الدعم .. عاجل

 

قالت قناة CNN الأمريكية ان الولايات المتحدة الأمريكية لن تنشر أي قوات برية، باستثناء عدد قليل من القوات الخاصة للمساعدة في توجيه الضربات الجوية

ونقلت القناة عن المحلل السياسي في معهد واشنطن، مايكل نايتس قوله إن الولايات المتحدة قد تُزوّد ​​[القوات اليمنية] "ببعض الدعم اللوجستي وبعض الذخائر الرئيسية".

 

ويضيف أن الإمارات العربية المتحدة ستُقدّم "دعمًا سريًا" كما دأبت على تزويد الحكومة في عدن.

المنظور السعودي أقل وضوحًا، إذ يعتقد نايتس أن الرياض متخوفة من رد الحوثيين بطائرات مسيرة بعيدة المدى وصواريخ تستهدف بنيتها التحتية، لكن الولايات المتحدة سرّعت تسليم أنظمة دفاعية مضادة للصواريخ إلى السعودية في الأشهر الأخيرة.

ويضيف نايتس: "سيتعين على الولايات المتحدة أن تقول للرياض: سنحميكم بنفس الطريقة التي حمينا بها إسرائيل عام 2024 من جولتي الضربات الإيرانية".

وتقول مصادر دبلوماسية إقليمية إن الاستعدادات جارية لعملية برية ستنطلق من الجنوب والشرق، وكذلك على طول الساحل، وقد يشمل الهجوم المنسق أيضًا دعمًا بحريًا سعوديًا وأمريكيًا في محاولة لاستعادة ميناء الحديدة.

وعلق ناجي لـCNN: "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه العملية قابلة للتنفيذ، حيث أظهر العقد الماضي نتائج متباينة، نجاحات في بعض المجالات وإخفاقات في مجالات أخرى".

 

مقالات مشابهة

  • لقاء الرئيس العليمي مع سفير واشنطن لدى اليمن يبحث ردع الحوثيين
  • وزير الدفاع الأمريكي: بدأنا حملة مكثفة ضد الحوثيين في اليمن
  • «القوة المميتة».. ماذا وراء حملة ترامب الجوية ضد الحوثيين في اليمن؟
  • بعد إعلان الحوثيين عن استهداف مدمرة أمريكية.. واشنطن تشن غارات على اليمن
  • قناة CNN الأمريكية تكشف موقف الإمارات والسعودية من اي عملية عسكرية برية لاقتلاع الحوثيين في اليمن ودور القوات الحكومية وتفاصيل الدعم .. عاجل
  • صحيفة أمريكية: “الضربات الأمريكية في اليمن ستعزز شرعية الحوثيين بدلاً من إضعافهم” 
  • أزمة رسوم ترامب الجمركية تدفع الأسواق العالمية إلى حافة الانهيار.. وموجة الهبوط تشمل النفط والذهب
  • تقرير: استعدادات لهجوم بري منسق ضد الحوثيين في اليمن
  • البنتاغون: فشلنا في تدمير أسلحة “الحوثيين” والإمارات تدعم حملتنا ضد اليمن
  • ترامب يجبر الحوثيين على لاعتراف بمقتل وإصابة العشرات غربي اليمن